المستطيل الأخضر.. ساحة جديدة للتنافس السعودي القطري الإماراتي
كانت كرة القدم موضوعا بارزا في الخلاف المستمر منذ سنوات بين قطر والتحالف المنافس لها المكون من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، رغم أن العديد من صانعي السياسة في الولايات المتحدة قد لا يكونون على دراية بذلك.
وتعود الأصول التاريخية لهذه التوترات إلى عقود، وربما قرون، ويُزعم أن اختيار الدوحة عام 2010 لاستضافة مونديال كرة القدم لعام 2022 كان أحد العوامل التي أشعلت الخلاف الأخير بين الجانبين. ومما أثار استياء جيرانها، أن هذا القرار يرفع مكانة قطر، وهي دولة صغيرة بدأت لتوها في الظهور كمُصدر رائد للغاز الطبيعي، على المسرح الدولي الأوسع.
وأدت التوترات المتزايدة في النهاية إلى مقاطعة دبلوماسية كاملة استمرت من عام 2017 وحتى أوائل هذا العام، ويرجع ذلك ظاهريا إلى دعم الدوحة لجماعة "الإخوان المسلمين" وعلاقاتها بإيران.
وإضافة إلى إعاقة تشييد الملاعب القطرية ودعم المنشآت اللازمة لكأس العالم، يبدو أن الخلاف، الذي دام أربع سنوات، حفز الجهود التي تقودها السعودية لإضعاف سيطرة الدوحة على برامج كرة القدم التليفزيونية ذات الشعبية الكبيرة.
وسابقا، اشترت شبكة "بي إن" سبورتس القطرية حقوق البث المباشر للمباريات الأوروبية، لكن شركة "بي آوت كيو " السعودية قامت في النهاية بقرصنة إشارة بث الشبكة القطرية؛ ما مكن المشتركين من تجنب الدفع لقطر مقابل البث.
ومع ذلك، ربما تكون خطوتان سعوديتان أخيرتان قد غيّرتا الصورة. أولا، حلت الرياض خلافها مع "بي إن" لتجنب المزيد من الإجراءات القانونية؛ حيث ورد أن المحكمين توسطوا في اتفاق يدفع السعوديون بموجبه لقطر مليار دولار لتسوية القضية. ثانيا، أكملت الرياض مؤخرا خطوتها التي طال انتظارها لشراء نادي " نيوكاسل يونايتد" الإنجليزي لكرة القدم في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ويُعتقد أن سعر بيع "نيوكاسل" يزيد على 400 مليون دولار، وهو أعلى من العرض السعودي الذي تم رفضه صيف 2020. وتم الشراء عبر "صندوق الاستثمارات العامة" (الصندوق السيادي السعودي)، الذي يقود اتحاد الملاك الجدد للنادي الإنجليزي. ولتبديد الجدل بشأن الصفقة، زعم الدوري الإنجليزي الممتاز ( البريميرليج) بشكل لا يصدق أن صندوق الاستثمارات العامة ليس جزءا من الدولة السعودية، رغم أن ولي العهد "محمد بن سلمان" هو رئيس مجلس إدارة الصندوق.
وعلى أية حال، فإن حصة ملكية "صندوق الاستثمارات العامة" من أسهم النادي ستكون 80%، فيما ذهبت بقية الأسهم لمستثمرين بريطانيين.
وبالتالي، فإن تشكيلة كرة القدم الجديدة في منطقة الخليج ستكون على النحو التالي:
يمكن للرياض الآن التباهي بامتلاك نادٍ في البريميرليج، رغم أن "نيوكاسل" يقبع حاليا في منطقة الهبوط؛ حيث لم يحقق أي فوز حتى الآن هذا الموسم. وعلى النقيض من ذلك، يحتل "مانشستر سيتي"- المملوك لشقيق الحاكم الفعلي للإمارات "محمد بن زايد"- المركز الثالث في الترتيب، بفارق نقطتين عن المتصدر. وهناك ناد آخر مرتبط بالإمارات هو "أرسنال"، الذي ترعى شركة طيران الإمارات ملعبه، ويقبع في منتصف جدول الترتيب. فيما تمتلك قطر حصة في مشهد كرة القدم الأوروبية أيضا؛ حيث اشترى الأمير "تميم بن حمد" فريق "باريس سان جيرمان" الفرنسي عام 2011 عبر صندوق استثماري حكومي.
ورغم موسم "نيوكاسل" البائس، لا شك أن الملاك السعوديين الجدد باتوا مدعومين بقاعدة الجماهير الإنجليزية الكبيرة والمتحمسة للنادي. وإضافة إلى الترحيب برحيل المالك السابق للنادي المُزدَرى، والذي خفض من استثماراته فيه، يبدو أن معظم الأنصار غير مهتمين بسجل المملكة السيئ في مجال حقوق الإنسان؛ ما دفع بعض وسائل الإعلام المحلية إلى وصف عملية الشراء بـ"التبييض الرياضي". وصرح أحد المساهمين البريطانيين الجدد في ملكية النادي أن الأمر سيستغرق 5 سنوات لتبديل وضع "نيوكاسل" من حيث تحسين مرافقه وتحويله إلى فريق ينافس على البطولات.
ومع ذلك، يمكن أن تكون الفوائد التي تعود على الرياض أسرع من ذلك، لا سيما في تعزيز صورة البيئة الاجتماعية المتغيرة داخل المملكة، وهي جزء أساسي من خطة "رؤية 2030" لولي العهد. وبالتالي، ليس هناك شك في أن "بن سلمان" سيولي اهتماما كبيرا بهذا الاستثمار.
ارسال التعليق