النظامان السعودي السوري بين تحديات المقاطعة ودوافع العودة
نشر مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، تقدير موقف يتناول تطورات العلاقات بين النظامان السعودي والسوري في ظل تحديات المقاطعة ودوافع العودة.
وذكر التحليل أنه عقب الزَّلْزال الذي ضرب تركيا وسوريا فجر 6 فبراير/شباط 2023 بادر كثير من الدول لتقديم المساعدة العاجلة للبلدين، وكان من الدول التي قدمت مساعدات لسوريا المملكة.
وقد أسهم تقديم هذه المساعدات في كسر حالة العزلة المفروضة على النظام السوري، كما أنه حمل في طياته إمكانية التقريب بين السعودية والنظام السوري.
يبحث تقدير الموقف في دوافع التقارب بين النظام السعودي والنظام السوري، وما هي التحديات التي تواجهه، بالإضافة إلى تركيزه على السيناريوهات الممكنة لحدوث مثل هذا التقارب.
أولًا: مؤشرات التقارب:
على الرغم من الأضرار التي تحملها الكوارث، فإن لها القدرة على تحفيز جملة من التغييرات التي ربما لم تكن لتتحقق أو ستأخذ وقتاً طويلاً لو لم تقع كارثة.
وهكذا جاء الزلزال ليمهد لمسألة التقارب بين السعودية والنظام السوري، خصوصاً أن هناك تحركات سابقة نحو استعادة العلاقات وإن كانت بشكل جزئي، ومن أبرز المؤشرات التي تؤكد وجود هذه الرغبة:
التصريحات الرسمية:
خلال عقد القمة السعودية-الصينية في 20 يناير/كانون الثاني 2022 صرح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، برغبة الرياض في البحث عن طريقة للتواصل مع حكومة النظام السوري.
كما أن رفع علم النظام السوري في القمة السعودية-الصينية، وما أعقبه من رفع للحظر عن البضائع السعودية من قبل دمشق، ربما أثار عدداً من التساؤلات عن إمكانية عودة العلاقة.
وفي 19 يناير/كانون الثاني 2023، قبل حدوث الزلزال، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في تصريحات على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إن الرياض تعمل مع شركائها لإيجاد طريقة للتواصل مع الحكومة في دمشق، على نحو يؤدي إلى تحركات ملموسة باتجاه حل سياسي.
وعلى هامش مؤتمر ميونخ للأمن، الذي عقد في 19 فبراير/شباط 2023، أشار وزير الخارجية السعودي إلى وجود إجماع “بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل سوريا، وأن الحوار مع دمشق مطلوب في مرحلة ما حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين”.
الجهود الدبلوماسية:
وضمن جهود التقارب شهدت الدبلوماسية السعودية حراكاً مكثفاً تجاه الملف السوري، منها لقاء وزير الخارجية السعودي مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غيربيدرسن، إضافة إلى لقاء وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، مع مبعوثة فرنسا الخاصة إلى سوريا، بريجيت كورمي، وقد بحث اللقاءان المستجدات على الساحة السورية.
وأعلنت لجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية المصرية، التي عُقدت بالرياض في 12 يناير/كانون الثاني 2023، دعم البلدين لـ “الحل السياسي في سوريا وفق القرار 2254.
وكان من الاتفاقات التي خرجت بها اللجنة ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، ومكافحة الإرهاب، وعودة اللاجئين والنازحين، والتوصل لحل سياسي للأزمة القائمة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254“.
ثانياً: دوافع التقارب:
ترتبط هذه المؤشرات بوجود دوافع محركة للطرفين في إحداث تقارب بينهما، وتتجلى هذه الدوافع في النقاط التالية:
الدوافع السعودية:
رغم وجود تصريحات وجهود دبلوماسية لإحداث تقارب بين السعودية وبين النظام السوري، لم تتخذ السعودية خطوة واضحة إلا عقب الزلزال، وذلك من خلال إطلاقها لمنصة “ساهم”، في 8 فبراير/شباط 2023، وهي منصة عنيت بجمع التبرعات لضحايا زلزالي تركيا وسوريا.
هذه التبرعات وإن كان أغلبها ذهب لمناطق المعارضة فإن بعضها الآخر ذهب إلى مطارات حلب، بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري، وهي خطوة لها دلالاتها السياسية، ومؤشر على إمكانية التقارب المدفوع بعدد من المعطيات، أبرزها:
– تخفيف التوتر في المنطقة:
إذ تعيش المنطقة عموماً وعلى مدار عقد حالة من الفوضى والاحتراب الداخلي الذي جعلها عرضة بشكل أكبر لانتشار الجماعات المتطرفة، وللتدخل الخارجي.
وبشكل خاص تكررت حالات الاستفزاز والتوتر بين الكيان الإسرائيلي من جهة، وإيران وميليشياتها من جهة أخرى، على الأرض السورية، وفي حال استمرت فقد تؤدي إلى حدوث اشتباكات موسعة قد تتحول لحرب إقليمية ليست في مصلحة المنطقة.
ويمكن حلها عن طريق استعادة الأمن في سوريا، وإخراج القوات الأجنبية والميليشيات منها، وهو أمر يصب في مصلحة المنطقة عموماً والرياض خصوصاً.
– تحجيم الدور الإيراني في سوريا:
ويعد هذا أحد الدوافع الرئيسية التي تحرك السعودية للتقارب مع النظام السوري، الذي أصبح مستلباً بالكامل لإيران وروسيا، لتصبح في الوضع الحالي رهينة لاعتبارات إقليمية ودولية لا تراعي بالأساس المصلحة السورية بقدر ما تراعي مصالح الأطراف المتدخلة.
ومن خلال تقاربها مع دمشق تحاول الرياض مواصلة نهجها الجديد في مساومة إيران عبر تطبيع العلاقات مع حلفائها في المنطقة.
– التفاعل مع المتغيرات الإقليمية:
شهدت المنطقة تغيرات جمة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها وجود مساعٍ لإعادة العلاقات التركية السورية نتيجة ضغط ملف اللاجئين على السياسة الداخلية التركية.
ففي 28 يناير/كانون الثاني 2022، وبعد قطيعة دامت 11 عاماً، اجتمع في موسكو وزيرا الدفاع التركي والسوري بحضور ومشاركة نظيرهما الروسي. وقالت المصادر إن الوزراء اتفقوا على تأسيس لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والمخابرات في الفترة المقبلة ستبدأ في موسكو، تعقبها اجتماعات في أنقرة ودمشق.
وهي خطوات تأتي ضمن اتفاقات استراتيجية تجمع بين هذه الأطراف. هذه التحركات تعزز الدوافع السعودية نحو تفعيل دورها والتعاطي مع التغيرات الإقليمية القائمة من أجل حماية مصالحها.
– إعادة ترتيب البيت العربي:
من الواضح أن الزلزال منح غطاء لتسريع خطوات ترميم العلاقة بين دول عربية ودمشق. حيث زار أعضاء البرلمان العربي دمشق، كما زار وزير الخارجية المصري دمشق ضمن المساعي المصرية الحثيثة لإعادة دمشق للجامعة العربية، وقبل ذلك استعادت الإمارات علاقتها بالنظام السوري منذ 2018.
مثل هذه الخطوات قد تسهم في إحداث تقارب جزئي مع النظام السوري، كما أن لها دلالاتها السياسية المتمثلة في رفع الحرج عن السعودية في حال أقدمت على تبني مقاربة جزئية مع النظام السوري.
ومن هنا تأتي جهود السعودية ربما ضمن رغبتها في استعادة توازن المنطقة وتفعيل دورها الإقليمي وإعادة النظام السوري ضمن اشتراطاتها السابقة التي لا تغفل حقوق اللاجئين وضرورة أخذ ملف المعارضة السورية في الحسبان.
دوافع النظام السوري:
على مدار عقد عانى النظام السوري من عزلة خانقة أثرت في مختلف مناحي الحياة، ويمثل الزلزال فرصة سانحة لتحقيق جملة من الأهداف، أبرزها إمكانية تقاربه مع المملكة العربية السعودية، ومن أبرز الدوافع المحركة لهذا التقارب:
– كسر العزلة الإقليمية وتسريع عملية التطبيع للعودة إلى جامعة الدول العربية:
يعاني نظام الأسد من عزلة دولية لا تقتصر على محيطه العربي بل تشمل دولاً كبرى ومختلف المؤسسات الدولية، هذه العزلة حجَّمت قدرته على التأثير في محيطه، فضلاً عن قدرته على حماية نفسه من ضربات الكيان الإسرائيلي أو التدخلات الخارجية.
وهو أمر لطالما مثل هاجساً ودفع النظام السوري إلى المحاولة جاهداً لتطبيع علاقته مع دول العالم، واستعادة مقعده في الجامعة العربية؛ من أجل تحسين اقتصاده والحصول على دعم عربي، خصوصاً مع تأثير العقوبات عليه وعلى داعمتيه روسيا وإيران.
ويحرص النظام على تقاربه مع السعودية لأنها تمثل جسراً يمكن أن يحسن علاقته بالدول العربية، خصوصاً أن كثيراً من الدول العربية قطعت علاقتها بدمشق بعد تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية منذ 2012. من جهة أخرى يمكن أن يكون للسعودية دور مهم في عودة النظام السوري إلى المنظمات والمحافل الدولية.
– استعادة شرعيته في مناطق المعارضة:
تلقف النظام السوري الفرصة التي خلقها الزلزال ليحسن صورته أمام العالم، إذ رغم حصره مسألة إيصال المساعدات في الحكومة، صرح بموافقته على تسهيل إيصال المساعدات إلى جميع المناطق، ومن ضمنها تلك التي تقع خارج سيطرته.
ورغم وجود قطيعة دولية وعربية، وقائمة من العقوبات الاقتصادية والمساءلات والتقارير والاتهامات ضد مؤسسات وشخصيات سورية، قد تسهم الاتصالات والزيارات الرسمية العربية مع النظام السوري في إضفاء مرونة للتقريب بينه وبين السعودية وتركيا وبعض الدول التي نسق معها لإيصال المساعدات. هذه المرونة قد تسهل في وقت لاحق دور السعودية لإحداث تقريب بينه وبين الفصائل المعارضة السورية.
– تحييد الدور السعودي الداعم للمعارضة:
عقب انتفاضة الشعب السوري في 2011 سارعت السعودية إلى طرد السفير السوري في 2012، وعملت على دعم المعارضة بشكل كبير، ورغم ابتعادها عن الملف السوري بعد اندلاع حرب اليمن، فإنها لم تتخذ أي خطوات داعمة للنظام السوري.
بل على العكس؛ استمرت في دعم المعارضة السورية سياسياً، ولكن بشكل أقل، خصوصاً مع التغيرات الدولية وتدخُّل روسيا عسكرياً لمصلحة النظام السوري، وهو ما حقق له تقدماً عسكرياً على حساب الفصائل المحسوبة على الثورة.
ومن خلال تقارب دمشق مع الرياض تحاول تحييد دور السعودية، وهو أمر يعزز من قوة النظام السوري ويقلل من إمكانيات مواجهته ولو في المستقبل.
ثالثاً: تحديات التقارب:
على الرغم من تعدد الدوافع المحركة للتقارب بين البلدين بسبب الضغوط التي تفرضها التغيرات الدولية والإقليمية، فإن مسألة عودة العلاقات بين البلدين تواجه مجموعة من التحديات، منها:
اختلاف طبيعة النظامين ووجود عداءات قديمة:
الخلاف بين البلدين ليس مرده إلى قطع العلاقات منذ 2012، بل له جذوره التاريخية النابعة من اختلاف طبيعة النظامين ابتداءً، وأسلوب تعاملهما مع مختلف ملفات المنطقة، وخارطة التحالفات التي يتحرك من خلالها النظامان في مجاليهما الحيويين، بالإضافة إلى وجود تنافس استراتيجي يعزز من صعوبة تقريب وجهات النظر والتوصل إلى حلول استراتيجية مشتركة.
النفوذ الإيراني الروسي في سوريا:
من أكبر التحديات التي قد تعيق أي عملية تقارب وجود نفوذ إيراني وروسي عميق فيها، وهذا يعني أنه ليس من السهولة فصل النظام السوري عن إيران، لأن التحالف بينهما أصبح استراتيجياً، خصوصاً أنها انخرطت في الحرب الأوكرانية إلى جانب روسيا الداعم العسكري للنظام السوري.
ولذا حتى وإن تقاربت السعودية مع النظام السوري فسيكون من الصعب الوصول إلى تفاهمات حول ملف النفوذ الإيراني في سوريا، ولكن قد يؤجل نقاشه إلى وقت لاحق.
الاشتراطات الأمريكية والعقوبات الدولية:
العقوبات المفروضة على دمشق ذات بعد دولي، بمعنى ليس من السهولة تجاوزها من قبل الدول العربية وعلى رأسها السعودية.
إذ ترتبط العقوبات المتعلقة بقانون قيصر- المدعوم أوروبياً- بالانتهاكات الجسيمة التي مارسها النظام السوري ضد الشعب السوري، وتوجد كذلك عقوبات فرضت على النظام السوري نتيجة تقاربه مع إيران وروسيا اللتين تعانيان من وطأة العقوبات الدولية نتيجة الملف النووي بالنسبة لإيران، وغزو أوكرانيا بالنسبة لروسيا.
والحديث عن أي تقارب بين الرياض ودمشق لا يمكن أن يكون إلا وفق الخطوط الحمراء التي تتضمنها العقوبات، والتي قد لا يقبل بها النظام السوري، إذ إن من أبرز دوافعه من التقارب مع السعودية كسر عزلته الدولية بالأساس.
رابعاً: مستقبل العلاقة:
أمام ضغط التحديات القائمة يتراوح الحديث عن مسألة التقارب بين البلدين بين ثلاثة سيناريوهات أساسية:
سيناريو العودة الجزئية:
يشير كثير من التقديرات إلى أن المؤشرات الحالية الذاهبة نحو التقارب قد تتطور مستقبلاً لتشمل ملفات أخرى.
ويعد هذا السيناريو الأكثر ترجيحاً؛ لأنه حتى إن وجدت عوامل أكثر للتقريب بين وجهة نظر النظام السوري والسعودية لا يمكن أن تتحقق العودة الشاملة للعلاقة بين البلدين، بسبب طبيعة الخلافات القائمة بين البلدين من جهة، ولأن العودة الجزئية تعطي مساحة أوسع للمناورة لكلا الطرفين، من جهة أخرى.
يعزز من إمكانية تحقق هذا السيناريو:
– مسارعة السعودية إلى إرسال مساعدات لسوريا للمنكوبين، سواء للمناطق الواقعة في مناطق المعارضة، أو مناطق النظام السوري.
– تفاعل واستجابة النظام السوري لمختلف الجهات التي هبت للمساعدة في تجاوز أثر الكارثة، وتبنيه خطاب “الأشقاء العرب” في محاولة لتمرير رسائل تمهد لإمكانية خلق مساحات اتفاق أوسع بينه وبين الدول العربية، ومن ضمنها السعودية.
يضعف من إمكانية تحقق هذا السيناريو:
– اعتبار الزلزال بمنزلة ضوء أخضر للسعودية لتمرر المساعدات الإنسانية رغم وجود عقوبات دولية مفروضة على النظام السوري، لكن لا أحد يجزم بإمكانية أن تستمر هذه العودة.
– تمسك السعودية باشتراطاتها القديمة المتمثلة في ضرورة تطبيق حل سياسي يشمل التعامل مع المعارضة السورية بالإضافة إلى ملف اللاجئين.
– ارتهان النظام السوري للنفوذ الإيراني والروسي يجعل من الصعب رفع سقف العودة الجزئية للعلاقات بين السعودية والنظام السوري دون الأخذ في الحسبان مصالح واشتراطات هذه الدول، وهو أمر يصعب من مسألة استمرار العودة الجزئية للعلاقات بين الطرفين.
سيناريو استمرار القطيعة:
يرجح هذا السيناريو استمرار القطيعة بين السعودية والنظام السوري، ويعتبر أن المساعدات الإنسانية هي مجرد حدث طارئ يتوافق مع طبيعة التحدي الذي فرضه الزلزال.
يعزز من إمكانية تحقق هذا السيناريو:
– تمسك السعودية باشتراطاتها السابقة، وهو أمر يتضح من خلال تصريحاتها الرسمية، وفي حال لم تستجب دمشق لتلك الشروط – وهو أمر وارد- يمكن أن تعود السعودية لحالة القطيعة السابقة.
– تمكن النظام السوري من البقاء طيلة عقد من القطيعة، وتعميقه لعلاقته بإيران وروسيا كحلفاء استراتيجيين يجعله غير قادر على تجاوز مصالحهما.
يضعف من إمكانية تحقق هذا السيناريو:
– أثيرت مسألة تطبيع العلاقة بين الرياض ودمشق حتى قبل الزلزال من خلال التصريحات الرسمية السعودية، بالإضافة إلى وجود تحركات عربية مهدت لظهور مثل تلك التصريحات ابتداءً، وإمكانية تحولها إلى جهود على أرض الواقع في وقت لاحق، ومن ثم لا يمكن الحديث عن استمرار قطيعة بعد تلك التصريحات.
– وجود دوافع إقليمية تستدعي التقارب مع النظام السوري، للتخفيف من حدة النفوذ الإيراني في المنطقة. وهناك كذلك جهود روسية مستمرة وحثيثة لإحداث مثل هذا التقارب؛ من أجل تخفيف حدة العقوبات على حليفها السوري، خصوصاً أن روسيا منهمكة في حربها مع أوكرانيا.
سيناريو العودة الشاملة:
يفترض هذا السيناريو إمكانية أن تسهم التصريحات الرسمية، والجهود المبذولة في الجانب الإنساني حالياً، في التقريب بشكل كبير بين السعودية والنظام السوري، تقارب يمكن من خلاله تجاوز كثير من الاشتراطات السابقة، لتجاوز التحديات التي تفرضها التغيرات الإقليمية والدولية.
يعزز من إمكانية تحقق هذا السيناريو:
– اتخاذ دول عربية كثيرة خطوات فعلية في التطبيع مع النظام السوري، وفي حال تأخرت السعودية عن اتخاذ خطوات مماثلة فقد يختل تأثيرها في بعض ملفات المنطقة.
– حاجة النظام السوري إلى الدعم السعودي ليخفف من معاناته الاقتصادية، وليتمكن من حسم مسألة عودته لجامعة الدول العربية.
– رغبة السعودية في تخفيف النفوذ الإيراني في المنطقة عموماً، وفي سوريا خاصة.
يضعف من إمكانية تحقق هذا السيناريو:
– العودة الشاملة للعلاقات بين البلدين تتعارض مع كثير من بنود العقوبات الموجهة ضد دمشق، ولا يمكن للسعودية المجازفة بتعميق علاقتها بدولة تشترك معها في منافسة وخصومة استراتيجية.
– لا يمكن أن توافق إيران على خسارة مكتسباتها في المنطقة، خصوصاً في سوريا، ومسألة عودة العلاقات الشاملة بين النظام السوري والسعودية لا يصب البتة في مصلحتها، ومن ثم يمكنها أن تستخدم نفوذها لتحد من إمكانية الوصول إلى مثل هذا التقارب.
خاتمة: التغيرات الإقليمية واستمرار حالة الفوضى في كثير من الدول العربية تجعل من الضرورة بمكان محاولة تقريب وجهات النظر، وتخفيف حدة الخلافات البينية من أجل تجنب مزيد من الصراعات، التي قد تفضي إلى مزيد من التدخلات الخارجية.
تقارب السعودية مع النظام السوري أصبح ربما ملحاً أكثر من أي وقت، خصوصاً أن دولاً أخرى كالإمارات وسلطنة عمان والأردن ومصر اتخذت هذه الخطوة.
لكن موقف السعودية يختلف عن هذه الدول بسبب مكانتها الإقليمية وإمكانياتها في التأثير على الأوساط العربية، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى تخوفها من تبعات تبني خطوة تطبيع العلاقة تماماً مع عدم وجود ضامن لتحقق اشتراطاتها السابقة.
ولذا يبقى من الوارد الحديث عن وجود مساعٍ للتقارب بين البلدين قد تؤدي مستقبلاً للتقارب الجزئي، لكن من المبكر توقع مساحاته وتأثيراته.
ارسال التعليق