سلطات الاجرام السعودي يعدم الشاب محمد آل جوهر
في تكذيب من النظام السعودي لنفسه، تستمر أعداد الإعدامات في الارتفاع. ومع إعدام النظام يوم أمس لمحمد آل جوهر يكون ارتفع عداد الاعدامات في "السعودية" إلى 70 منذ بداية 2024.
الشهيد محمد نبيل آل جوهر، من أهالي القطيف بلدة العوامية أعدمته السلطات السعودية تحت الحجج الواهية عينها التي تتبع بها أي إعدام لأبناء القطيف، التهمة جاهزة: "إقدامه على ارتكاب جريمة مهددة للأمن الوطني تمثلت في انضمامه لتنظيم إرهابي يستهدف قتل رجال الأمن، وإطلاق النار على مراكز الشرط والنقاط والدوريات الأمنية، وقيامه بأدوار مع عناصر هذا التنظيم لتنفيذ تلك الأعمال الإرهابية" وفقا لبيان وزارة الموت (الداخلية).
جريمة الإعدام بحق محمد آل جوهر المُعتقل منذ عام 2019، هي الثانية خلال شهر أيار، بعد أن أقدمت على إعدام معتقل الرأي حسن بن حمد آل ناصر -ابن القطيف- الذي غاب اسمه عن لوائح المعتقلين المنظمات الحقوقية.
أخفى بيان وزارة الداخلية السعودية عمداً نوع الحكم في حين يُرجّح أنه من الأحكام التعزيرية التي سبق لمحمد بن سلمان أن وعد بالحد منها، وهي عقوبات تقع على الجاني في الجرائم التي هي دون الحدود والقصاص، وترك للقاضي حق تقديرها حسب اجتهاده، وأحكام القتل الصادرة بموجبها تعتمد على تفسير متشدد ونادر لا تتبعه معظم المدارس الإسلامية.
ووفقا للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان فإن الأخبار من السجون تتحدّث عن بدء فصل السجناء والتحضير لإعدامات قادمة.
رغم مزاعم النظام، يبدو أن لا إعدام القاصرين ولا أحكام القتل تعزيرا يمكن أن تتراجع، ما يعيد ويؤكد أن كل ما يصدر عن محمد بن سلمان شخصيا أو أي دائرة رسمية هو محض كذب، فلا يكترث بالتصرف عكسا لها.
لاقى خبر إعدام آل جوهر استنكار الحقوقيين والمنظمات الحقوقية. كتب الحقوقي عادل السعيد في حسابه على منصة "إكس" تعليقا على الإعدام الثاني خلال الشهر: السعودية مارقة على قوانينها، جاءت عن تعاليم الإسلام، لكن تصرٌّ على استخدام الآيات القرآنية لتبرير إعدام المتظاهرة محمد نبيل آل جوهر من أبناء مقاطعة القطيف ، وغيره من اعترفت بإعدامات، لإيهام المغفلين أنها تطبق الشريعة، تماما كما لم تفعل داعش وأخواتها من التنظيمات".
عضو الهيئة القيادية في “لقاء” المعارضة عباس الصادق: اعتبر أن جرائم الإعدام العبثية هذه تؤكد مشروعية معارضة هذا النظام المتوحش. فلم يكد يمر أسبوع على جريمة الاعدام التي ارتكبها النظام السعودي بحق الشهيد حسن الناصر حتى أعلن اليوم عن إعدام الشهيد محمد نبيل آل جوهر، المعتقل منذ 2 يناير 2019.
وكون حجج إعدامات معتقلي الرأي من أبناء القطيف تأتي معلّبة جاهزة، سيق أن علّق الناشط الحقوقي عيسى الجيزاني عليها إثر الإعلان عن إعدام الناصر متسائلاً ” ما هي الأدلة؟ من حق الناس أن تستعرضوا أمامهم أدلة الاتهام التي استبحتم بها سفك الدماء بالجملة. فقد كانت العهود السابقة تبث اعترافاتهم من أفواههم صوتا وصورة. ورغما أنها اعتراف مصورة لكنها لم تكن تكفي لأنها سُحبت تحت التعذيب.
فكيف يتم الاكتفاء بإصدار بيانات جوفاء تحوي اتهامات مرسلة بلا أدنى أدلة؟ من حق الناس والمتهم أن تُنشر الأدلة وأن يُسمع دفاع المتهم علناً أي ينبغي أن تكون المحاكمات علنية لكن لا يستطيع نظام جائر معتدي دموي ميال لسفك الدماء أن يجري محاكمات علنية لكيلا يفتضح قضاؤه الفاسد الذي يشاركه جرمه ويعمل كأداة قتل في يده. الواثق من عدالته لا يخشى المحاكمات العلنية”.
سبق أن شككت المنظمة الأوروبية السعودية بجدّية الوعود والمعلومات التي وصلت إليها وأفادت بأن أحد أعضاء في مجلس الشورى رفع توصية بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع العقوبات التعزيرية والاكتفاء بعقوبات الحدود، بما يتناسب مع “الشريعة الإسلامية” وتفسيراتها المتبعة في السعودية. هذا النقاش، جاء بعد أسبوعين من إعلان السعودية إيقاف عقوبة الجلد التعزيرية في 24 أبريل 2020 بعد دراسة مقدمة من قِبل الهيئة العامة للمحكمة العليا والاكتفاء بعقوبتي السجن أو الغرامة أو بهما معًا، أو عقوبات بديلة “بحسب ما يصدره ولي الأمر من أنظمة وقرارات بالشأن ذاته”.
كما سبق أن أبدت المنظمة، منذ عام 2020، عدم تأملها بتطبيق السعودية مزاعمها، حيث أنها رصدت عدم التزام السعودية بقانون الأحداث الذي صدر عام 2018، حيث كانت النيابة العامة والقضاء والديوان الملكي والجهات التنفيذية السعودية قد استمروا بتنفيذ وإصدار أحكام القتل بحق القاصرين.
ولفتت المنظمة إلى “التصريحات الرسمية السعودية التي وعدت بتقليص استخدام عقوبة الإعدام قد ركزت على القضايا التعزيرية، حيث قال محمد بن سلمان في مارس 2022، في مقابلة مع صحيفة ذا اتلنتيك: أن عقوبة الإعدام باتت تقتصر على الحالات التي يقتل فيها أحد شخص آخر، وبالتالي فإن عائلة الضحية لها الحق في الذهاب إلى المحكمة أو العفو عنه”. وتوضح المنظمة أن بن سلمان اعتبر أن “السعودية” تخلصت من عقوبة الإعدام إلا في القصاص والحدود، وهو ما تثبت عكسه الأيام.
ابن القطيف حسن آل ناصر الذي أعدمته السلطات خلال هذا الشهر، لم يكن اسمه موجودا على لوائح المعتقلين لدى المنظمات الحقوقية، وأُعلن عن إعدامه في جو من الصدمة.
ما كشف عن أسلوب جديد تتبعه السلطات الدموية مع أهالي معتقلي الرأي على وجه الخصوص. حيث رجح المراقبون على أن تكون السلطات قد توجهت إلى أهل الضحية بالتهديد إذا ما تكلمت الأخيرة إلى منظمات حقوقية حول اعتقال ابنها وحتى الحكم عليه بالإعدام. ورغم تمكّنها من دب الرعب في نفس العائلة إلا أنها عادت وأعدمته في تحدّ مستفز لمشاعر أبناء البلد.
ومع توثيق المنظمة الأوروبية السعودية لعمليات الإعدام منذ بداية 2024، أظهرت أن عددها قد ارتفع خلال الثلث الأول من هذا العام بنسبة 189% بالمقارنة مع العام الفائت، الأمر الذي يُظهر بشكل واضح توجه الحكومة السعودية إلى الاستمرار بتنفيذ وإصدار أحكام القتل، وأن الوعود التي أطلقت خلال السنوات الماضية باتت سرابا.
كما رأت أن إخفاء نوع الحكم في البيانات الرسمية حول الإعدامات التي من المرجح أنها تعزيرية، وهو ما تكرر مع بيان وزارة الداخلية حول إعدام الناصر، هو أسلوب جديد تتبعه الحكومة السعودية للتملص من وعودها والتنكر لها، وتحايل لاخفاء الحقيقة بدل من إلغاء عالعقوبة.
واعتبرت المنظمة أن الاستمرار بتنفيذ أحكام القتل في تهم لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي هو استخفاف صارخ بهذا القانون وتجاهل تام للالتزامات الدولية. وباعتقال الناصر يكون عدد شهداء القطيف والأحساء قد ارتفع إلى 197. وكانت الأوروبية السعودية قد أثبتت أن ما نسبته 41% من مجمل الإعدامات المنفذة في “السعودية” منذ بداية يناير/كانون ثاني 2016 حتى نهاية فبراير/شباط 2024، طال أفرادا من القطيف، على خلفية الأحداث التي شهدتها المحافظة. وبحسب الهيئة العامة للإحصاء، بلغ عدد سكان السعودية حتى نهاية 2023، 32 مليون و175 ألفا، منهم 552 ألفا هم من سكان القطيف، أي ما نسبته 1.7% تقريبا.
وقالت المنظمة الحقوقية أنه “منذ 13 عاما، تدفع محافظة القطيف في السعودية، ضريبة التحركات المشروعة التي نادت فيها بحقوق مدنية وسياسية وإجتماعية، وذلك في سياق تحركات متنوعة في عموم البلاد، تزامنت مع الربيع العربي”. حيث تنوعت الانتهاكات التي تعرض لها العديد من سكان المحافظة، من الاعتقالات التعسفية إلى التعذيب وسوء المعاملة والتضييق، وصولا إلى القتل خارج نطاق القضاء، وبموجب أحكام إعدام.
ارسال التعليق