شعب حائر مع استمرار تغير الخطوط الحمر
يشعر السعوديون بالحيرة مع استمرار تغير “الخطوط الحمر” بشأن التعبير علناً عن الآراء في ظل تناقض رد السلطات في قضايا مشابهة. ومثال على ذلك، يعبر سعوديان عن رأيهما علناً، فيتم اعتقال أحدهما، ويطلق سراح الآخر بدعوى حرية التعبير.
أيضاً مسائل الدين والسياسة كانت من المحرمات كجزء من مدونة سلوك اجتماعية غير مكتوبة لكنها معروفة، وذلك من أجل البقاء بعيداً عن المشاكل. لكن مع الإصلاحات الاجتماعية السريعة بالدولة النفطية وصعود المد الوطني بقوة، فإن رد السلطات غير المتسق بمواجهة ما تعتبره انتهاكات يؤدي لارتباك الرأي العام الذي يحاول معرفة حدود تحركه.
وقامت محكمة بمدينة جدة الساحلية هذا الشهر بتبرئة مواطن من تهمة نشر مقاطع تسيء للمجتمع عبر مواقع التواصل مؤكدة أن خطوته كانت “من قبيل النقد وحرية التعبير” بحسب ما أوردت وسائل إعلام سعودية. ولقي هذا الحكم ترحيباً وأثار الدهشة بالمملكة، حيث تعتقل السلطات منتقدين ونشطاء حقوق الإنسان. وكتبت صحيفة عكاظ أن “حرية التعبير مكفولة”.
لكن، يبدو الأمر مختلفاً في قضية المحاضر الجامعي أنس المزروع الذي يقول ناشطون حقوقيون إنه اعتقل الشهر الماضي بعد أن أعرب عن تضامنه مع الناشطات المعتقلات خلال ندوة في معرض الكتاب في الرياض.
في فبراير الماضي، استدعت النيابة العامة فناناً كوميديا وأجبرته على الاعتذار بعد أن سخر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) التي تقلصت صلاحياتها إلى حد كبير. ولكن يقول مراقبون إن كوميديين آخرين سخروا من الهيئة من دون أي رد فعل يذكر.
وأغلقت السلطات مقهى في جدة مؤخراً بسبب الاختلاط بين الجنسين. وقد أثار ذلك حيرة المسؤولين عن أماكن أخرى، مع السماح للجنسين بالاختلاط في السنوات الأخيرة.
كما اعتقلت السلطات العام الماضي موظفاً بأحد الفنادق بعد ظهوره في شريط فيديو وهو يتناول الفطور مع زميلته. وكتب نوح الغامدي في تغريدة على تويتر “النظام عندنا متناقض” مؤكداً “من الممكن أن تقوم بأمر عفوي ولا يعجب توجهات مسؤول معين ويبطش بك”.
ونشر فنان الكاريكاتير السعودي عبد الله جابر في سبتمبر الماضي رسماً حول الخط الأحمر يظهر فيه مواطن يشعر بالارتباك وهو عالق وسط أحجية من الخطوط الحمر بينما يستجوبه مسؤول. وأثارت هذه التناقضات أسئلة كثيرة عن السلوك المقبول اجتماعياً مع سلسلة من الإصلاحات.
وتبدو حملة القمع ضد ناشطات - وسط حملة الإصلاحات التي تقوم بها السلطات- أمراً يثير الحيرة. ويشعر كثيرون بالخوف بعد حملات القمع التي طالت نشطاء بارزين، خصوصاً مع توجه السعوديين إلى التشدد. ودفع الخوف والارتباك بشأن الخطوط الحمر بالعديد من النشطاء الليبراليين إلى إغلاق حساباتهم على موقع تويتر. وتواجه بعض الناشطات المعتقلات تهماً تتعلق بالحديث مع وسائل الإعلام الأجنبية.
وقالت كريستين ديوان - من معهد دول الخليج العربية بواشنطن- إن هذا قد يأتي بنتائج عكسية، وأضافت أن هناك خطراً في إثارة الشكوك حيال الأجانب في وقت تسعى فيه الرياض إلى فتح البلاد أمام المزيد من الاستثمارات الأجنبية والسياحية.
ارسال التعليق