في ظل حكم بايدن.. هل ستعود العلاقات التركية السعودية إلى قوتها؟
التغيير لم تكن كل من تركيا و المملكة ترغبان في نجاح مرشح الحزب الديمقراطي، جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وإزاحة الرئيس دونالد ترامب، لأسباب عدة، أبرزها الاتفاقيات العديدة التي وقعها البلدان مع واشنطن خلال فترة حكمه.
وتأخرت تركيا و المملكة في تهنئة الرئيس المنتخب، بخلاف العديد من دول العالم وقادة وزعماء الخليج الذين سارعوا إلى إرسال برقيات تهنئة إلى بايدن، وهو ما يعد مؤشراً على عدم رضى الدولتين على هذه النتائج.
وبعد أكثر من يوم على تأكيد فوز بايدن، بعث الملك سلمان بن عبد العزيز، ونجله محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهنئة إلى المرشح الديمقراطي بمناسبة فوزه بالانتخابات.
وقد تكون حالة التوتر المشتركة بين تركيا و المملكة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، سبباً لعودة العلاقة إلى شكلها الطبيعي بين الرياض وأنقرة، وإنهاء التوتر بينهما خلال المرحلة الأخيرة.
المملكة وبايدن
عرف بايدن بمواقفه المنددة بسياسة المملكة ، إذ أكد أكثر من مرة خلال خطاباته في التجمعات الانتخابية والمقابلات التلفزيونية، أنه سيعمل على تغيير سياسة الولايات المتحدة مع المملكة، عند وصوله إلى منصب الرئاسة.
واستخدم بايدن في تعليق له جريمة اغتيال الصحفي ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية عام 2018، من خلال قوله: "اغتياله لن يذهب سدى"، إضافة إلى أنه سيعاقب المملكة.
كما استحضر بايدن حرب اليمن التي تقودها المملكة خلال حملته الانتخابية، من خلال تأكيده أن الأولوية عنده هي التزام الولايات المتحدة بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان حتى مع أقرب الشركاء الأمنيين.
بايدن تعهد أيضاً بالدفاع عن حق النشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين حول العالم في التعبير عن آرائهم بِحرية ودون خوف من الاضطهاد والعنف، ومن ضمنها المملكة التي ينشط نواب أمريكيون في انتقاد حرية الرأي والتعبير والدفاع عن سجناء الرأي فيها.
بايدن وتركيا
لم يكن فوز بايدن مفضلاً لتركيا أيضاً، إذ يؤكد الخبير في الشأن السياسي التركي، سعيد الحاج، أن أنقرة كانت تفضل بقاء ترامب في البيت الأبيض، خاصة في ظل العلاقة الشخصية التي جمعته بالرئيس التركي أردوغان.
وساهمت العلاقة بين أردوغان وترامب، وفق حديث الحاج لـ"التغيير"، إلى منع توقيع الولايات المتحدة عقوبات على أنقرة ضمن قانون كاتسا (معاقبة أعداء أمريكا عبر العقوبات) بسبب منظومة S-400، مقابل المواقف السلبية لبايدن من تركيا وأردوغان.
ويعرف عن بايدن، حسب الحاج، بأنه مقرب من اليونان مع دعمه لموقفها، إضافة إلى اتخاذه مواقف متواترة ضد أردوغان وتركيا، حيث انتقد إعادة آيا صوفيا مسجداً، مع وجود تصريحات سابقة له ضد الرئيس التركي ووصفه بـ"المستبد"، مع دعوته للمعارضة بالإطاحة به.
وخلال الفترة القادمة، ستمر العلاقات التركية الأمريكية، كما يوضح الحاج، بأزمة كبيرة، مع توقعات بفرض الإدارة الجديدة عقوبات على أنقرة بسبب منظومة S-400، خاصة أن الكونغرس في أغلبيته مع هذا التوجه الذي جمده ترامب.
ولدى تركيا، وفق الخبير في الشأن السياسي التركي، عدد من الأوراق التي يمكن استخدامها في التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، إضافة إلى الأوراق التقليدية المتمثلة بمنظومة المصالح والمهددات المشتركة، وتاريخية العلاقات بين الجانبين.
ويشير في ذات السياق إلى أن "العلاقات الأمريكية في عهد ترامب ستكون مختلفة مع بايدن، ولدى المملكة استشعار حول ذلك، وهو ما دفعها إلى إعادة بعض الحسابات، ونجد بعض الإشارات الإيجابية في إعلام آل سعود لتخفيف حدة الخلاف مع تركيا".
وحرصت تركيا، وفق الحاج، أن "لا تذهب العلاقة مع المملكة إلى القطيعة، لذا أتوقع أن تكون هناك انفراجة نسبية في العلاقة التركية مع المملكة خلال الفترة القادمة، وهو ما سيحدث".
كذلك، يوضح أنه "بدأت نبرة مختلفة نوعاً ما من بعض الأطراف الإقليمية المناوئة لأنقرة تجاهها خلال الأيام الماضية بعد ظهور النتائج، وهو ما يعني أن تلك الأطراف تستشعر صعوبة الاستمرار بنفس العداء لتركيا في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة".
العلاقات التركية مع المملكةخلال الفترة الماضية مرت العلاقات التركية مع المملكة في أسوأ مراحلها، حيث شهدت حملات شعبية للمطالبة بمقاطعة المنتجات التركية، ولكن على الصعيد الرسمي لم يكن هناك أي توترات ظاهرة.
وبدأت العلاقات التركية مع آل سعود في عام 1932، بعد إنشاء المملكة الجديدة، ولكنها تدهورت في التسعينيات عندما انحازت الرياض إلى جانب سوريا في العديد من النزاعات مع أنقرة المجاورة.
وكانت أفضل أحوال تلك العلاقات حين زار الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، تركيا في 8 أغسطس 2006، وهو ما شكل نقطة تحول مهمة في تاريخ العلاقات، حيث شهد خلالها توقيع 6 اتفاقات بين أنقرة والرياض.
وبحلول عام 2015، زار الرئيس التركي أردوغان الرياض، ووقع البلدان اتفاقية التعاون الاستراتيجي، وبعدها في أبريل 2016 زار الملك سلمان بن عبد العزيز تركيا، ووقع البلدان معاهدة لتأسيس مجلس التنسيق التركي مع المملكة، وعقد المجلس اجتماعه الأول برئاسة وزيري خارجية البلدين، في أنقرة.
وعقب زلزال أزمير، الذي وقع في 30 أكتوبر الماضي، قبالة ساحل منطقة "سفري حصار"، وأدى لمقتل 114 شخصاً وجرح المئات، وتدمير كثير من المباني السكنية جزئياً أو كلياً، سارعت المملكة إلى إرسال مساعدات إلى تركيا، وهو ما يعطي مؤشراً على حرص الرياض على إيجاد خط رجعة مع المملكة.
ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "واس"، في 6 نوفمبر 2020، فقد وجه الملك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لإرسال "المساعدات الطبية والإنسانية والإيوائية العاجلة للمتضررين من الأشقاء في تركيا جراء الزلزال الذي ضرب بحر إيجه".
وأضافت الوكالة أن الأمر جاء انطلاقاً من حرص الملك على "الوقوف إلى جانب الشعب التركي الشقيق، والتخفيف من آثار الزلزال الذي تسبب في خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات".
ارسال التعليق