مشاريع ابن سلمان تفرغ جيوب السعودية
رغم أن ابن سلمان استثمر في مشاريع طموحة في مختلف مجالات البناء؛ والعقارات؛ والطرق؛ بهدف تسهيل عملية النقل وإنشاء المدن السياحية وصولا إلى الوصول بالسلطات السعودية إلى دولة متطورة في المستقبل؛ لكن في هذه الأثناء، يرى الخبراء أن الفشل في إدارة الموارد المالية وإنفاق مبالغ ضخمة على الترفيه مثل كرة القدم والموسيقا قد يسبب مشاكل لاقتصاد البلاد. وتظهر إحصاءات وزارة المالية السعودية أن عجز ميزانية الدولة في الربع الثاني من عام 2023 ارتفع بنسبة 80% ليصل إلى 1.4 مليار دولار (5.3 مليارات ريال سعودي) بسبب زيادة النفقات المتعلقة بالمشاريع الاستثمارية والمنافع الاجتماعية.
وسيتباطأ اقتصاد المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ هذا العام، مقارنة بمعدل نمو 8.7% العام الماضي، بسبب خفض إنتاج النفط الذي تم تنفيذه تماشيا مع اتفاق أوبك + لتحقيق الاستقرار في سوق النفط، وفي تحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي، تظهر توقعات النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية أكبر تراجع بين الاقتصادات الكبرى، ولكن هذا ليس كل شيء، ومؤخرا، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال أيضا تقريرا عن الآثار السلبية المحتملة للنفقات الضخمة لخطط ابن سلمان الطموحة، فضلا عن إقامة المهرجانات الكبيرة، وحذرت من هدر الأموال.
وفي الوقت نفسه، تنفذ السعودية مشاريع واسعة النطاق مثل مشروع "نيوم" الذي يتم بناؤه على مساحة تزيد على 26 ألف كيلومتر، ويمتد هذا المشروع الضخم من ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية إلى ساحل البحر الأحمر في مصر ويربط خليج العقبة بالأردن بتكلفة 500 مليار دولار.
وسيتكون مشروع نيوم العملاق من 10 أقسام، تم الإعلان عن أربعة منها حتى الآن، بما في ذلك مدينة بطول 170 كيلومترًا تسمى "ذا لاين"، أما الأقسام الثلاثة الأخرى فهي مدينة ساحلية بها ثمانية مربعات تسمى "أوكساجون"، ومنتجع للتزلج يسمى "تروخينا" ومنتجع جزيرة يسمى "سندالا"، والشركات المعمارية العاملة في هذا المشروع هي الشركة الأمريكية morphosis، والشركة الإنجليزية chap، والشركة الدنماركية big، والشركة الإنجليزية zaha hadid Architects، والشركة الهولندية mecanoo and unstudio، والشركة الأمريكية aedas، الشركة الألمانية lapa and ومكتب الشركة الاسترالية بروبرتس.
وهناك مشروع آخر للتطوير العقاري بقيمة 48 مليار دولار، وهو بناء شركة طيران عالمية إلى جانب استثمار 100 مليار دولار في الرقائق والإلكترونيات، وقال صندوق الثروة السيادية السعودي، المسؤول عن تنفيذ الخطط، الشهر الماضي، إن مستوى السيولة لديه انخفض بنحو ثلاثة أرباع إلى نحو 15 مليار دولار حتى سبتمبر/أيلول، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، عندما بدأ الصندوق العمل، كما كتبت بلومبرج عن ذلك في مقال لها أن نفقات صندوق الاستثمارات العامة في المملكة وصلت إلى 31.5 مليار دولار في عام 2023، ما جعله أحد أنشط صناديق الاستثمار الحكومية العام الماضي، وتقدر التكلفة الإجمالية للأموال الحكومية في العالم هذا العام بنحو 123.8 مليار دولار.
لقد اضطرت السعودية إلى الاقتراض لمواصلة الاستثمارات الكبيرة وعدم إدارة الموارد المالية؛ بحيث ارتفع سعر الفائدة عالمياً وتم تعديل سعر النفط، ووفقا لبعض المصادر الاخبارية، في يناير/كانون الثاني 2023، طلبت البلاد طائرات بقيمة 35 مليار دولار من شركة بوينغ، نصفها استخدم لشركات طيران جديدة، في حين أنفقت أيضا بشكل كبير على ضم لاعبي كرة قدم بارزين للدوري، وينقل هذا التقرير عن "تيم كولن"، أحد الباحثين في معهد الدول العربية للخليج الفارسي في واشنطن، قوله إن الحكومة السعودية قد تحتاج إلى 270 مليار دولار أخرى من صناديق الاستثمار العامة بحلول عام 2030.
ويعتقد كولن أن ذلك سيتطلب تحمل المزيد من المخاطر المالية، إما من خلال إضافة الديون أو تخفيض الاحتياطيات التي تبقي الريال السعودي مرتبطا بالدولار، وسبق أن قالت الحكومة السعودية إنه من المتوقع أن يصل حجم الدين العام إلى 26% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنهاية عام 2024، ولتعويض هذه الفجوة، بدأت السعودية العام الجديد بالديون، وأعلن المركز الوطني لإدارة الدين السعودي، يوم الثلاثاء الماضي، عن إنجاز أول إصدار لسندات دولية في 2024 بقيمة 12 مليار دولار، وأعلن أن هذه السندات ستقسم إلى ثلاثة أجزاء.
وتتكون الشريحة الأولى من 3.25 مليارات دولار سندات لأجل 6 سنوات تستحق في 2030، والشريحة الثانية بمبلغ 4 مليارات دولار سندات لأجل 10 سنوات تستحق في 2034، والشريحة الثالثة بمبلغ 4.75 مليارات دولار سندات لأجل 30 عاما تستحق في عام 2054، وتوجهت العائلة المالكة إلى أسواق الدين لإصدار سندات بقيمة 10 مليارات دولار على ثلاث شرائح في يناير/كانون الثاني 2023، تليها صكوك بقيمة 6 مليارات دولار في مايو/أيار، وتجدر الإشارة إلى أن الصكوك تستخدم في الدول العربية للتحويلات المالية والالتزامات المالية، ويشير إصدار هذه الصكوك إلى أن المركز الوطني لإدارة الدين السعودي يواصل استكشاف أنشطة تمويل إضافية على المستوى المحلي أو الدولي وفقا لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة.
ويقال إن الرياض تخطط لبيع واحد بالمئة من شركة النفط المملوكة للدولة أرامكو لمستثمري سوق الأسهم، وقد يجلب هذا الإجراء نحو 20 مليار دولار، ويصدر حقل أرامكو النفطي السعودي سندات لأجل 50 عاما لأول مرة في تاريخه، وقد تبيع أرامكو سندات هذا العام مع تحسن الأسواق المالية وسعي الشركة لسداد ديونها طويلة الأجل، وفقًا للمدير المالي لشركة النفط الحكومية، ويرى محللون اقتصاديون أن استمرار السعودية في إجراءات تعزيز أسعار النفط عبر خفض الإنتاج أدى إلى نمو سلبي لاقتصاد البلاد ويتهمون الرياض بأسوأ أداء اقتصادي.
ارسال التعليق