مقررون أمميون يدينون تفاقم إعدام الأجانب في السعودية
رفع خبراء في الأمم المتحدة الصوت تنديدا بوجه تمادي " السلطات السعودية" في عمليات الإعدام ضد شعبها والأجانب على حدّ سواء، وسيّما بتهم المخدرات التي لا تُعدّ من الجرائم الأشدّ خطورة، والتي رفعت " السعودية" نسبة إعداماتها فيها إلى 174% خلال العام الجاري.
قال الخبراء الأمميون: " يبدو أن السعودية رفعت في عام 2021 حظراً غير رسمي أعلنته سابقاً على استخدام عقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات في البلاد، ويبدو أن عمليات إعدام الأجانب تتم بشكل متزايد دون إخطار مسبق للسجناء المحكوم عليهم بالإعدام أو عائلاتهم أو ممثليهم القانونيين" .
تابع المقررون الخاصون إن " المواطنين الأجانب غالبا ما يكونون في وضع سيء، ويحتاجون إلى اتخاذ تدابير محددة لضمان حصولهم على الضمانات القانونية الخاصة بهم منذ لحظة الاعتقال، وأثناء الاستجواب، وخلال الإجراءات القضائية، بما في ذلك الوصول إلى المساعدة القنصلية" .
كما أعربوا عن قلقهم إزاء " التطبيق التمييزي الواضح لعقوبة الإعدام ضد الأجانب، الذين يشكلون حتى الآن 75 في المائة من جميع عمليات الإعدام لجرائم المخدرات في " السعودية" في عام 2024. والأفراد الذين تم إعدامهم مؤخرا هم جزء من 33 مواطناً مصرياً حُكم عليهم بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالمخدرات في محاكمات لا تفي على ما يبدو بالمعايير الدولية للعدالة والإجراءات القانونية الواجبة" .
كلٌّ من المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء والمقررة الخاصة المعنية بالتعذيب، أكّدوا أنّ السلطات السعودية مارست " إعدام الأشخاص المحكوم عليهم الذين لم تثبت إدانتهم بما لا يدع مجالاً للشك يشكّل حرماناً تعسفياً من الحياة" .
ومع تنفيذ 304 أحكام إعدام في " السعودية" حتى الآن خلال العام الجاري، حثّ الخبراء السلطات على إجراء مراجعة للأحكام القضائية الصادرة ضد الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام حاليًا بهدف تخفيف أحكامهم، بما يتوافق مع متطلبات المحاكمة العادلة ومبادئ التناسب والإنصاف والعدالة في إصدار الأحكام. كما دعوا الحكومة السعودية إلى تبني التدابير التشريعية اللازمة دون تأخير لإلغاء فرض عقوبة الإعدام على الجرائم التي لا تنطوي على القتل العمد. وقالوا: " في كل الأحوال، لا يوجد دليل على أن عقوبة الإعدام فعالة في ردع الجريمة" .
وكان الخبراء قد أعربوا، في وقت سابق، مباشرة إلى الحكومة السعودية، عن مخاوفهم بشأن هذه الحالات طالبين من السلطات تقديم معلومات عن التدابير المؤقتة التي اتخذتها لحماية الحق في الحياة لهؤلاء الأجانب.
قضية المعتقلين المتواجدين في سجن تبوك سبق أن أثارتها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، حين أكدت تواجد أكثر من 34 مصريا إلى جانب سوريين وأردنيين آخرين، بعدد إجمالي يقارب 50 معتقلا، في عنبر واحد ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام المفاجئ بحقهم والمنافي للقوانين الدولية.
ووثقت المنظمة الأوروبية السعودية، في وقت سابق من هذا العام، انتهاكات مشتركة، تعرض لها العديد من المحكومين بالقتل في قضايا مخدرات من الجنسية المصرية في سجن تبوك، من بين ذلك انعدام أي دور للقنصلية أو السفارة المصرية في القضايا، إلى جانب عدم حصولهم على حقهم في الدفاع الكافي عن النفس، وعدم تعيين محام لهم، وعدم التعامل بجدية مع مرافعاتهم أمام المحكمة، إضافة إلى تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وقد شهدت الإعدامات بتهم المخدرات تسارعاً هائلا هذا العام بالمقارنة مع العام الفائت، ففي حين وصلت أعدادهم إلى 31 حالة خلال 2024، سجلت عام 2023 ثلاث حالات، ما يعني ارتفاعا بنسبة 174%، في ظل غياب أي أرقام دقيقة أو رسمية عن مجمل عدد المحكومين بالإعدام في البلاد.
يذكر أنه من خلال الانضمام إلى المعاهدات الدولية، تتحمل الدول التزامات وواجبات بموجب القانون الدولي فيما يتعلق باحترام وحماية وتطبيق حقوق الإنسان.
ولم توافق وتصادق السعودية إلا على 6 من 16 منها. وعلى الرغم ادعاءاتها المتواصلة أمام مجلس حقوق الإنسان بأنها تتعاون بشكل تام مع الآليات، فإن عدم المصادقة على العديد من المعاهدات يُظهر عكس ذلك.
ولطالما تجاهلت السعودية مسؤولياتها بموجب هذه المعاهدات حيث لم تكن تقدم التقارير الدورية ولا ترد على مساءلات المنظمات والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية. وخلال السنوات الأخيرة، غيّرت “السعودية” التعامل مع هذه الآليات، وباتت تُرسل التقارير في مواعيدها، إلا أن تتبع المعلومات التي توردها يُظهر تلاعبا مقصودا، وغسيلا لصورة الحكومة بدلا من تقديم معلومات واقعية. يأتي ذلك في ظل محاصرة إضافية للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ما يحدّ بشكل كبير من توافر المعلومات من الداخل.
ارسال التعليق