منتدى حوكمة الإنترنت في السعودية: ماذا عن انتهاك البلاد للحقوق الرقمية
تبعاً لاستضافة "السعودية" لفعاليات "منتدى الأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت" المُرتقب في الفترة بين 15 إلى 19 حزيران القادم، نشرت منظمة أميركيون لأجل الديموقراطية تقريرا تنتقد فيه النفاق الكامن في استضافة "السعودية" لهذا الحدث إنطلاقا من الوقائع التي تناقض أحقيتها بهذه الاستضافة، وهي البلاد التي تشتهر بعدم احترامها لحقوق الإنسان الدولية الأساسية، حيث حصلت على تقيم 8 من 100 في تقرير فريدم هاوس لعام 2023.
اعتبرت المنظمة أن نظام "السعودية" الملكي المطلق يقيد كافة الحقوق السياسية والحريات المدنية تقريبا، علاوة على ذلك، فإن مشاريع رؤية 2030 التي ارتكزت عليها البلاد في استجلاب هذا المنتدى هي نفسها تعرّضت لانتقادات شديدة، وخضعت مشاريع مثل نيوم للتدقيق بسبب الغسل الأخضر، كما تم النظر إليها أيضًا على أنها "وهمية". لذلك، فإن اثنين على الأقل من أصل أربعة مواضيع رئيسية لمنتدى حوكمة الإنترنت يتعارضان مع واقع السعودية، كونها دولة لا تعمل على تعزيز حقوق الإنسان والشمول، ولا تساهم في السلام والاستدامة؛ وتقدّم مثالا حقيقيا للتبييض من خلال استضافة المنتدى.
انتقاد استضافة البلاد لهذا الحدث ينطلق بشكل أساسي من حقيقة أن "السعودية" تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وبشكل مفضوح لمراقبة الآراء السياسية ومهاجمة المعارضين وحتى المنتقدين لتقمع الأصوات المؤثرة. تقوم بهذه المراقبة عبر احتفاظها بأنظمة مراقبة واسعة النظاق، وعبر استخدامها المكثّف لمنصة "إكس" التي تحشد عليها شبكات الإنترنت من الروبوتات والحسابات التي تنشر رسائل مؤيدة للحكومة وتستهدف الحسابات المعارضة، وهو ما بات يُعرف بـ"الذباب السعودي" ذائع السمعة.
ومن خلال تتبع الحكومة "السعودية" لأصوات المعارضة، خلقت الرقابة الذاتية مع إفشائها مناخا من الخوف من التعبير عن النفس.
منظمة أميركيون لأجل الديموقراطية أكدت أن النقص العام في الحقوق الرقمية يجعل "المملكة" مضيفًا غير مناسب لمنتدى إدارة الإنترنت، الذي يعتمد على الحوار المفتوح وحرية التعبير لمعالجة قضايا حوكمة الإنترنت العالمية بشكل فعال.
ليس حرمان الأفراد من حق استخدام الوسائل الرقمية هو الانتهاك الوحيد الذي ترتكبه هذه السلطات بما يتعارض مع مبدأ منتدى حوكمة الأنترنت، ولكن إضافة إليها استثمار "السعودية" في مشاريع تكنولوجية لا تؤدي إلّا إلى زيادة فرصها في إساءة استخدام المزيد من الرقابة وجمع ومراقبة البيانات.
مشروع نيوم وخاصة مدينة "ذا لاين"، يثير مخاوف كبيرة بشأن الحقوق الرقمية وانتهاك الخصوصية بسبب بنيته التحتية الواسعة للمراقبة، والتي تتضمن مراقبة في كل مكان من خلال الكاميرات وأجهزة الاستشعار وجمع البيانات البيومترية، مما يؤدي إلى التتبع المستمر للمقيمين والزوار دون موافقتهم. حيث يقوم المشروع بجمع كميات هائلة من البيانات الشخصية والمالية والصحية، تزامنا مع افتقاره إلى قوانين قوية لحماية البيانات ولوائح واضحة بشأن إدارة البيانات، مما يشكل مخاطر سوء الاستخدام والوصول غير المصرح به.
إضافة إلى ذلك، تتزايد المخاوف التعاون بين شركات التكنولوجيا القوية والأنظمة الاستبدادية مثل السعودية بما يسهّل فرصة لمزيد من القمع الرقمي الوطني. فقد قامت شركة غوغل العملاقة للتكنولوجيا بتثبيت منطقة سحابية جديدة في السعودية، حيث تعمل خدمات Google Cloud على تسهيل عمليات الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، لذلك لا يتعين عليهم امتلاك مراكز بيانات وخوادم خاصة بهم. هذا المشروع هو مشروع مشترك مع شركة أرامكو، وهي شركة نفط سعودية مملوكة للدولة، الأمر الذي يثير القلق لأنه يسمح للدولة بالوصول إلى كميات أكبر من البيانات الشخصية.
المنظمة أكدت في انتقادها استضافة منتدى إدارة الإنترنت أنه يُعدّ مثالاً حقيقياً على التبييض، وهو ما يوضح النفاق الخالص المتمثل في تجاهل البلاد الصارخ للحقوق الرقمية، ناهيك عن حقوق الإنسان الأساسية، إلى جانب واجهتها المضللة المتمثلة في حماية حقوق الإنسان والحقوق الرقمية وتعزيز السلام.
ارسال التعليق