نقل المعتقلون المنسيون من سجن الدمام إلى أحد سجون الرياض
قامت السلطات السعودية بنقل عدد من المعتقلين (الملقبون بالمنسيين) من سجن المباحث العامة في الدمام إلى الرياض. يشار أنّهم معتقلون منذ أكثر من ٢٥ عاماً دون محاكمة أو توجيه تهم.
يعتبر المعتقل السيد عبد الكريم النمر عميد المعتقلين المنسيين في السجون السعودية، ويشاركه عدد من المتهمين زورا في انفجار الخُبر، وهم: علي المرهون، مصطفى القصّاب، مصطفى المعلم، صالح الرمضان، حسين آل مغيص، هاني الصايغ، عبد الله الجرّاش وفاضل العلوي.
المعتقل عبد الكريم حسين النمر اعتقل بسن 43 عام. لديه زوجتين و 9 أبناء. كان صائغ ذهب، اعتقل عدّة مرات، إحداها عام 1996 لعدّة أشهر، ثم أطلق سراحه لتتم معاودة اعتقاله عام 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1999 وما زال قيد الاعتقال حتى الآن.
عاد النمر إلى “السعودية” عام 1994 من المنفى بعدما توصل الملك فهد إلى اتفاق مع المعارضة الشيعية السياسية بالخارج قضى بإطلاق سراح السجناء السياسيين وإعادة حقوق السفر إليهم ومنع الممارسات التمييزية من قبل المسؤولين إلا أنه على الرغم من هذه الضمانات فإن السلطات اعتقلت النمر لدى عودته من المنفى وأجرت معه “تحقيقاً مستفيضاً” استغرق سبعة أشهر، وفق تصريحات أدلى بها حينذاك شقيقه لـمنظمة “هيومن رايتس ووتش”. وتركز الاستجواب على دوره في نشاط حزب الله بالحجاز، وهو في الخارج.
بعد إطلاق سراحه أمضى السيد النمر حياته في هدوء إلى أن تم اعتقاله في 1999، أي بعد ثلاثة أعوام من تفجيرات الخبر، بحسب قول شقيقه.
عُرف الشاب علي المرهون بنشاطه في المجال الاجتماعي والديني في بلدته الجارودي في القطيف وكذلك في الجامعة، رغم المنع الذي تفرضه السلطات السعودية على النشطاء وذوي الرأي في البلاد، ثم اقتادته اتهامات جائرة إلى السجن لم تُعرف أسبابها وتفاصيلها حتى وقع انفجار الخبر ووجدت به الرياض تهمةً مناسبة لإبقائه في السجن.
اعتقلعلي أحمد المرهونفي 7 أبريل/ 1996 وسط حملة أمنيّة شملت عشرات الشبّان من بلدته ومن بينهم أخوه الأصغر. عقب اعتقاله، مارس الجهاز الأمني السعودي أشدّ أنواع التعذيب حياله في سجن الحائر في الرياض، ومنع أهله من رؤيته عشرات الشهور، ولم يُسمح له برؤية أيويه إلا بعد أن زالت عن جسده آثار التعذيب.
بعد 4 سنوات من اعتقاله، أبلغت وزارة الداخلية “الإف بي آي”، مشاركة علي المرهون في انفجار الخُبر، مع العلم أن الانفجار وقع في 25 يونيو/ ححزيران أي بعد اعتقال علي بثمانين يوماً. ولا يزال ابن بلدة الجارودية يقضي أيامه في السجن بتهمةٍ كاذبة صدّقها الأمريكي لأسباب سياسية بحتة. ولسان حال علي يقول: “لقد مضى على دخولي الزنازين المظلمة ما يقارب 26 عاماً، بتهم واهية من أجل مصالح آل سعود السياسية”.
أما السيد مصطفى القصاب، فقد اعتقل في أعقاب تفجيرات الخبر في الدمام مع العلم أنه في تلك الفترة كان مقيماً في العاصمة اللبنانية بيروت ومع ذلك اقتادته السلطات السعودية إلى السجن واتهمته بالمشاركة في التفجير دون دليل. السيد مصطفى القصاب، كان يبلغ من العمر 36 عاماً عند اعتقاله عام 1996، هو من أهالي محافظة القطيف، مياس، متزوّج وأب لطفلٍ واحد. اختطف السيد مصطفى في لبنان على يد المخابرات السورية عام 1996 وبعد تحقيقات وتعذيب مبرح تم تسليمه إلى النظام السعودي في العام 1997. تلقى السيد مصطفى أشدّ صنوف التعذيب الجسدي في سجن الحائر أولاً ثم سجن الدمام. علماً أن ملفات الأمن اللبناني وعشرات الشهود من الجيران تؤكد أنه كان موجوداً في بيروت، في منطقة حي السلم تحديداً، في أثناء الإنفجار، وقد بقي يمارس حياته الطبيعية في الفترة التالية للحدث، إلا أن النظام السعودي أجبره على الإقرار بوجوده ضمن المشاركين في تنفيذ انفجار الخبر فأبقاه في السجن لأكثر من 25 عاماً ليصبح واحد من أقدم السجناء السياسيين في العالم.وفي السياق نفسه، تفاجأ الشاب مصطفى المعلم بالهجوم الكاسح من عساكر الداخلية على بلدته واستخدام العنف في التعامل مع الأهالي. اعتقلت المباحث العامة الشاب المعلم من دون أي مسوّغ قانوني لاعتقاله. منذ 6 أبريل/ نيسان 1996، تاريخ اعتقال ابن بلدة الجارودية في القطيف، بقي تحت سياط الجلّادين التي تجبر المعتقل البريء على الاعتراف بتهم لم يرتكبها. وفي وقتٍ لاحق، أعلن وزير العدل الأميركي أن مصطفى أحد المشاركين في تفجير الخبر الذي أدى إلى مقتل 19 طياراً أمريكياً، بينما مصطفى لم يسمع بذلك لأن الخبر الأمريكي صدر عام 2001 أي في الوقت الذي كان فيه مصطفى مقطوعاً عن كل ما هو خارج السجن بالكامل.
لم يتراجع النظام السعودي بالتواطؤ مع واشنطن لإلصاق التهمة بالمعلم رغم وجود ما فيها من أدلة دامغة تنفيها وعلى رأسها أن اعتقاله سبق انفجار المقر الأمريكي بثمانين يوماً. وبعد ما يقارب العقدين من الزمن أبلغ النظام السعودي مصطفى أنه عليه قضاء بقية حياته في السجن، دون عرضه على قاض أو السماح له بالدفاع عن نفسه والاستماع إلى أدلة نافية للإتهامات.
صالح الرمضان، واحد من المعتقلين التسعة المنسيين في السجون السعودية، اتهمته سلطات الرياض زوراً بالمشاركة في تفجيرات الخُبر مع العلم أنه اعتقل قبل وقوع هذا الحدث بفترة. ورغم قوّة هذا الدليل الدامغ على براءته إلا أنه لم يشفع له للخروج من السجن حتى مضت 25 عاماً لا زال يُحاكم فيها على فعلٍ لم يرتكبه. كان صالح يبلغ من العمر 26 عاماً فقط حين اعتقاله، وقد اعتقل مع أصدقائه وأقربائه في 7 أبريل/ نيسان 1996 من بلدته الجارودية في القطيف. عانى المعتقل تعسفيّاً من التعذيب الوحشي في سجني الحائر والدمّام، ثم تفاقم وضعه بعدما أعلنت الولايات المتحدة أن آل سعود أخبروا الإدارة الأمريكية أن لرمضان دور في الهجوم الذي تعرّضت له الثكنة الأمريكية في الخُبر أي في 25 يونيو/ حزيران 1996 علماً أن صالح اعتقل قبل التفجير بعدّة شهور. بعد مرور أكثر من 17 عام أبلغ المعتقل تعسفياً صدور حكم السجن المؤبّد بحقّه، على خلفية التهمة التي نفاها بشدّة ولم يعترف عليه أحد بالمشاركة. ولا يزال صالح يقضي محكوميته حالياً في سجن الدمّام وسط تساؤلاتٍ عن أسباب وخلفيات كل ما جرى عليه.
الأمر نفسه تكرر مع المعتقل حسين أحمد آل مغيص، ابن بلدة القطيف، قرية البحاري، كان عمره عند الاعتقال 24 سنة، عندما اعتقلته السلطات السعودية في أبريل/ نيسان عام 1996. اعتقل آل مغيص بطريقةٍ بوليسيّة حيث صبّ عناصر المباحث غضبهم على البيت، واقتلعوا بعض أبواب الغرف ودورات المياه. لم يسمح لذويه معرفة أخباره أو زيارته لمدّة طويلة، فبقي لسنوات طوال تتناوب على جسده النحيل وسائل التعذيب المبرح في سجون الحائر في الرياض والحائر في الدمام. في أعقاب ذلك، عُرض الشاب حسين على قاضٍ عيّنه وزير الداخلية حينها نايف بن عبد العزيز ليثبت عليه تهمة المشاركة في انفجار الخُبر، دون الاستماع إلى أدلة النفي الواضحة التي يمتلكها حسين المغيص، والكافية لتبرئته من أي دور في الهجوم. وبعد 17 عاماً من الاعتقال تم إبلاغه بأنه قد صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد يقضيه اليوم في سجن الدمّام.إلى ذلك، لم يكن يعرف السيد هاني الصايغ أن طلب اللجوء السياسي الذي قدّمه إلى كندا سيقوده إلى خلف القضبان، ليمكث في السجن 25 عاماً ولا يزال حتى الآن معتقلاً دون أدلة تدينه بالتهم التي وُجّهت إليه. تقدّم الصايغ لطلب اللجوء بشكلٍ طبيعي كحال سائر مواطني الدول الديكتاتورية، وعند وصوله إلى كندا، جرى اعتقاله بصورة ملتبسة شاركت بها دولاً كبرى، في أبرز انتهاكٍ للقوانين والتشريعات الدولية من دولٍ تنصّب نفسها راعية لحقوق الإنسان في العالم.
ولد ونشأ هاني الصايغ في مدينة سيهات بمحافظة القطيف، لاحقاً وبصفته ناشطاً سياسياً، ذهب في أغسطس/ آب 1996 إلى كندا وقدّم طلب لجوء سياس بعدما اعتقلت السعودية أخاه محمد ومنعت زوجته وأطفاله من السفر،إلا أن التعاون والفبركات بين الأنظمة الاستبدادية ساقت تبريرات غير منطقية من أجل اعتقال الصايغ الذي اتهمته الرياض بأنه على علاقة بتفجيرات الخبر.
عبد الله الجرّاش، ابن حي القلعة في القطيف، هو أحد المعتقلين التسعة المنسيين في السجون السعودية بالتهمة نفسها. كان له من الأطفال ولد عمره عامين ونصف العام وابنة تبلغ شهوراً من العمر، عندما أحاط رجال المباحث مدرسة “الحاكم” في الدمام التي يعمل فيها عام 1996 واقتادوه لمكانٍ مجهول. عامين ونصف العام لا تعرف عائلته شيئاً عنه رغم مراجعتها لكل مراكز الشرطة والمديريات الأمنية، إلا أنها لم تتلقّ جوابا.
فاضل العلوي، ابنبلدة الجاروديّة، هو واحد من المعتقلين التسعة المنسيين في القطيف. اعتقلته السلطات السعودية في عمر 21 عاماً، بتاريخ 29 مارس/ آذار، عام 1996، ليمضي على اعتقاله حتى الآن أكثر من 25 عام. في بداية اعتقاله، بقي مجهول المصير هو ورفاقه الثمانية إلى أن صدر بحقهم حكماً بالسجن المؤبد بعد ٢٠ عاماً في الزنزانة وبلا محاكمة معلنة.
ارسال التعليق