هل يكسر #حقل_الدرة (جرّة) التوافق السعودي- الإيراني
برزت مؤخرا مشكلة ترسيم الحدود البحرية بين الكويت و"السعودية" من جهة وإيران من جهة أخرى بغرض الاستفادة من حقل غاز "الدرة"، في لحظة قد تهدد مسار التسوية المعمول به بين طهران والرياض.
ولاحت بوادر الانتكاسة، مع إعلان الرياض مساء الثلاثاء (4 يوليو/تموز)، أن "السعودية والكويت فقط" تملكان حق استغلال الثروات الطبيعية في حقل غاز "الدرة"، وذلك ردا على إعلان طهران استعدادها لبدء التنقيب في الحقل الواقع في مياه الخليج.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية، نقلا عن مصدر في وزارة الخارجية، يوم الثلاثاء الماضي، تأكيده أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل "الدرّة" بكامله هي "ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط".
وأضاف المصدر أن "السعودية والكويت لهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".
من جهته، أعلن وزير النفط الكويتي، سعد البراك، رفض بلاده «جملة وتفصيلاً الادعاءات والإجراءات الإيرانية المزمع إقامتها حول حقل الدرّة»، قائلاً إن «حقل الدرّة ثروة طبيعية كويتية _ سعودية، وليس لأي طرف آخر أي حقوق فيه حتى حسم ترسيم الحدود البحرية». ثمّ أصدرت الخارجية الكويتية بياناً دعت فيه إيران إلى التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية مع الكويت والسعودية، بوصف الأخيرتَين طرفاً تفاوضياً واحداً.
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية، في أبريل/نيسان 2022، عن النائب السابق لوزير النفط للشؤون الدولية الإيرانية سيد مهدي حسيني، تأكيده "ضرورة المشاركة والتعاون بين إيران والكويت والسعودية في الاستثمار في حقل (آرش)/ الدرة، المشترك للغاز".
وأعلن المدير التنفيذي لـ “شركة النفط الوطنية الايرانية”، محسن خجستة مهر، عن البدء بمرحلة جديدة من التعاون بين طهران والرياض، مؤكداً أنَّه “لا يوجد حقل نفط مشترك مع السعودية لم يُحدَّد وضعه بعد”.
ونقلت وكالة “مهر” الإيرانية للأنباء عن خجسته مهر قوله: “تم تحديد خطة لتطوير جميع حقول النفط المشتركة بين إيران والسعودية، وتم الحصول على الموافقات اللازمة لتنفيذ عمليات مختلفة، بما في ذلك زيادة الإنتاج وصيانة الإنتاج والتطوير الجديد”.
وفي 26 مارس/آذار 2022، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاتفاق بين السعودية والكويت لتطوير حقل "آرش/ الدرة" للغاز خطوة "غير قانونية"، مؤكدة احتفاظ إيران بحق الاستثمار في الحقل المشترك بين الدول الثلاث.
وأشارت إلى أن هنالك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت، داعية إلى دخول الدول الثلاث في مفاوضات حول كيفية استثمار الحقل المشترك.
خلاف كويتي سعودي:
إزاء ما تقدم، ليس مستغربا أن تقف الرياض إلى جانب الكويت. إذ حتى لو كانت الأولى حريصة على عدم "تعكير" صفو العلاقات المزعوم بين الجانبين، إلا أنها أيضا ليست بوارد إستثارة الجانب الكويتي، الذي لطالما زجّ به في خلافات آل سعود الخارجية. إلا أن الأمر لم يقف عند ذلك، بل وصل حدود التراشق الكويتي _ السعودي، في العالم الافتراضي، بالاتهامات حول مَن دعم الآخر أكثر خلال الأزمات التاريخية التي عاشها كلّ من البلدين، ومن له فضل أكبر على الآخر. فيقول "السعوديون" إنه لولا "الملك" فهد لما كانت الكويت موجودة على الخريطة اليوم، ويردّ الكويتيون بأن مبارك الكبير استضاف عبد العزيز آل سعود عشر سنوات بين عامَي 1892و1902 حتى تمكّن من احتلال الرياض من إمارة آل الرشيد، وإلا لما كانت "السعودية" موجودة اليوم.
يذكر أن الكويت و"السعودية" بالكاد أنهتا خلافاً على الإنتاج في المنطقة المقسومة في الخفجي على الحدود بينهما، أي على مرمى حجر من حقل الدرّة، باتفاق وقّعتاه عام 2019، بعد خمس سنوات من توقيف شركة "شيفرون السعودية" الإنتاج من جانب واحد لأسباب اُدّعي أنها بيئية في ذلك الوقت، وأثارت انزعاج الجانب الكويتي. وذاك لم يكن الاتفاق الأول ولن يكون الأخير على الأرجح، ضمن هذا الخلاف الحدودي الممتدّ منذ قيام الكيانين.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن سبب الأزمة يكمن في كون المسافة بين شاطئي "السعودية" وإيران أقل من 400 ميل بحري، ما يمنع تقاسم المياه إلا باتفاق ثنائي بينهما، في إطار القوانين الدولية، التي حددت 400 ميل بحري حدا أقصى لسيادة الدول على المياه التجارية والجرف القاري.
أهمية استراتيجية:
بحسب بيان سابق صادر عن مؤسسة البترول الكويتية، فمن المتوقع أن ينتج حقل الدرة مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، و84 ألف برميل من المكثفات في اليوم، وحوالي 300 مليون برميل من النفط والمكثفات النفطية. وتعتبر هذه الكميات إضافة نوعية جدا إذا ما قورنت بواقع احتياطيات الكويت من الغاز الطبيعي، والتي لا تتجاوز الـ35 ترليون قدم مكعبة فقط. ومنذ تاريخ استكشافه في الستينات، لم يتم الانتاج منه بسبب الخلاف الحدودي.
هجوم الذباب الإلكتروني:
وفي سياق متصل، لم يغب الحدث عن رواد مواقع التواصل الاجتماعي و"الذباب" السعودي، فصب محمد أحمد الملا غضبه من ما أسماه التعجرف الإيراني قائلا " إيران ترفض «الترسيم» قبل الإقرار بـ «حقها» في «الدرة»و حصتها من «الدرة» تزيد على 40 في المئة، ولن تتراجع عن حقها لأي سبب كان. مادام هذا الرد الايراني المتعجرف حان الوقت للبدء باجراءات الحفر والتصدير ووضع نقاط حراسة عسكرية مشتركة بين الكويت والسعودية ونطبق سياسة الأمر الواقع ان الحقل سعودي كويتي".
أما كاتب البلاط السعودي إبراهيم السليمان هلل للموقف السعودي مغردا " "بكامله" إعلان سعودي صريح أن ليس لإيران ولا غيرها أي حقوق في حقل الدرة.. هذه الكلمة لوحدها بألف بيان .."
وعن مطالب إيران المحقة تساءل السليمان "هل صدقت ايران في يوم ..!! إيران تتهرب من ترسيم الحدود البحرية مع الكويت وهذا واضح في البيانين السعودي والكويتي".
أما أحمد الشهري، الذي يحتار في تعريف نفسه من كثرة المناصب، قال أن "حقل درة أكتشف في ستينيات القرن العشرين في المنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة العربية السعودية والكويت -21مارس عام 2022م وقعت اتفاقية بين الكويت والسعودية لتطوير الحقل واستغلاله إقتصادياً -تم ترسيم الحدود السعودية الكويتية عام 2000م -لم يتم ترسيم الحدود الكويتية الإيرانية -يحتوي هذا الحقل على حوالي 11تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي! حساب المياه الإقليمية والإقتصادية الإيرانية والجرف القاري لا يجعل ايران شريك في هذا الحقل. لماذا يعلو الصوت الإيراني عند أي محاولة سعودية كويتية لإستغلال الحقل وتشغيله؟ -أسباب سياسية لتسجيل حضور وأهمية في الخليج! -محاولات دائمة من طهران للإبتزاز السياسي لدول المنطقة والعالم! تُعد استجابة طهران لدعوة السعودية والكويت بالتزام الهدوء والجلوس للتفاوض أول إختبار حقيقي لصدق نوايا ايران تجاه المنطقة بعد عودة العلاقات السعودية الإيرانية! فهل ستنجح طهران في هذا الإختبار؟ هل يمكن أن يكون التحكيم الدولي هو الحل؟".
عسّاف، تداعى لمهمة الدفاع عن سياسة آل سعود التاريخية والقائمة على سلب الحق بالقول "مواقف السعودية وقراراتها وسياستها الخارجية لم ولن تكون يوم من الأيام "ردة فعل".. بل هي الفعل و "الفعل المؤثر والوازن" في كل قضية.. البيان السعودي الصادر اليوم حول حقل الدرة وموضوع ترسيم الحدود جاء فقط للتأكيد على موقف السعودية الثابت تاريخيًا تجاه القضية والذي يعود إلى قبل أكثر من 20 عامًا ويتلخص فيما يلي: _ ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين السعودية والكويت فقط. _ دعوة الجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة. ـ المملكة والكويت طرفٍ تفاوضيٍ واحد مقابل الجانب الإيراني. ويتضح هنا أن موقف السعودية من دعوة إيران إلى ترسيم الحدود واحد، وهو ذاته قبل المصالحة وبعدها.. بل وقبل 23 عامًا."
أما عبد الله غانم القحطاني فأسهب في تحليل السياسة الإيرانية و"تنوير" القرّاء إذ قال "موقف وزارتي الخارجية السعودية والكويتية الواضح جداً والسريع من حقل الدرة هدفه إفهام طهران بأن الحقل شأن سعودي كويتي، وليس لإيران حتى حق النقاش حوله. لقد أدركت الوزارتين أن أقل ماتريده السياسة الإيرانية هو الدخول في حوار واجتماعات لها بداية وليس له نهاية لغرض عرقلة المشروع وتوقف العمل الذي يتم بالحقل لإستخراج الغاز وغيره"
وتابع" المشكلة أن الجيران بطهران لا زالوا يعتقدون بأن للإبتزاز مكان وخاصة مع المملكة، وأن دول مجلس التعاون الخليجي ليست موحدة المواقف أكثر من أي وقت مضى تجاه التهديد أو الأطماع الخارجية والإرهاب. إيران لم تستوعب بعد أن كل شيء بالمنطقة يتغير إلاّ هي لا تزال في نسق مسيرها التقليدي المعهود وعدم تخليها عن أوهام أن الخليج بمياهه وثرواته وسواحله وأرض العراق بأكمله ملك تاريخي لها وضمن إمبراطورية فارس ممثلة بجمهورية الخميني، هذا يجب أن لا يغفل عنه أصغر موظف بوزارات الخارجية الخليجية".
وأضاف "على العرب فهم تعقيد الشخصية الإيرانية وقراءة موقف كل مسؤول إيراني على حدة ثم ربط كل تلك المواقف بسياسة الثورة الخارجية التي تعطي لكل وزارة ولكل مسؤول بمفرده دور معين تجاه القضايا الخارجية وقد تبدو متناقضة بينما هو توزيع للأدوار، وتكنيك عندهم وسلوك معروف عنهم".
وأكد بنقمة أن "الحرس الثوري منظمة كبيرة جداً تدير إيران من الخفاء، وهو المسيطر على معظم الإقتصاد الإيراني وهو من يشرف ويدير مباشرة الموانىء الإيرانية المدنية والعسكرية، هذا الحرس بطبعه جامح وجشع ولا يخضع للحكومة بل يتبع مباشرة للمرشد، وهو المعني بإختلاق المشاكل مع العالم في منطقة الخليج وخارجها، وليس هناك شك بأنه من يضع عينه على حقل الدرة وهو من أثار الزوبعة الإيرانية حيال حق إيران المزعوم فيه. أعتقد أن الإيرانيين سيُواجهون بحزم ولن يجدو كالسابق منافذ مظلمة يسلكونها للإلتفاف والمشاغبة والمماطلة وافتعال الخلافات من لا شيء ثم تجييرها لمصلحتهم ولو بالحوار الطويل والمساومات بقضايا أخرى ليس لها صلة بحقل الدرة. هكذا هم".
ارسال التعليق