أعنف أزمة بين السعودية وواشنطن.. هل توجد فرص لتجاوزها
أعدت وكالة “بلومبيرغ“، تقريراً مفصّلاً استعرضت فيه الفرص الممكنة والمتاحة من أجل تجاوز الأزمة بين السعودية وواشنطن.
الصحيفة قالت، إن الأزمة المفاجئة في العلاقات الأمريكية السعودية هي واحدة من أسوأ الأزمات لكنها غير ضرورية، في شراكة استمرت قرابة 80 عامًا.
وأضافت أن الأمريكيين غاضبون من قرار مجموعة أوبك بلس التي تقودها السعودية بخفض إنتاج البترول ودعم الأسعار، وفشل كلا الجانبين في فهم وجهات نظر بعضهما البعض.
وبالنظر إلى خفض الإنتاج، تشعر واشنطن بالخيانة، حيث اعتقدت إدارة الرئيس جو بايدن أن لديها تأكيدات بأن السعودية لن ترفع الأسعار، خاصة وأن أوروبا تواجه شتاء باردًا ونقصًا في الغاز الطبيعي الروسي.
وسبق أن حثّت واشنطن، السعودية والإمارات على عدم اتخاذ هذه الخطوة، لكن دون جدوى.
تصور الولايات المتحدة أن السعودية انحازت بدلاً من ذلك إلى موسكو، بالنظر إلى أن أسعار النفط المرتفعة ستقوي الاقتصاد الروسي ضد العقوبات.
كما تعثّر السعوديون في السياسة الداخلية للولايات المتحدة، ولدى الديمقراطيين بشكل عام نظرة سلبية للمملكة العربية السعودية، والتي عبّر عنها بصراحة جو بايدن وقت أن كان مرشّحاً رئاسياً في عام 2019 بمعاملة البلاد على أنها “منبوذة”.
الآن، يهدّد الديمقراطيون في الكونجرس، المملكة العربية السعودية بعمليات انتقامية قاسية ويريدون التقليل من شأن العلاقة مع ما يرون أنه حليف غير مؤمن.
هذا الموقف متجذّر جزئيًا في تصور أن السعوديين متحالفون مع الجمهوريين، وخاصة الرئيس السابق دونالد ترامب، ويفترضون أن الرياض تحاول وضع إبهامها على الميزان، لمساعدة الجمهوريين في انتخابات الكونجرس الشهر المقبل وحتى تمهيد الطريق لعودة ترامب.
السعوديون لديهم وجهة نظر مختلفة جداً، فالخط الرسمي هو أنه “مجرد قرار اقتصادي” لكنه أكثر من ذلك، فهي خطوة إستراتيجية بالمعنى الواسع، لكنها ليست موجهة ضد واشنطن ولا حتى تجاه موسكو.
تحاول السعودية إجراء تحوّل اجتماعي اقتصادي تاريخي في وقت قصير، وأمامها بضعة عقود لاستخدام عائداتها النفطية المتبقية، لإعادة تشكيل نفسها في مجتمع يمكنه العمل دون الاعتماد على صادرات البترول.
والمملكة كان لديها سياسة طويلة الأمد بالسعي إلى إبقاء النفط عند 100 دولار للبرميل، وهو ما كانت واشنطن مرتاحة له لفترة طويلة.
وفي الأشهر الأخيرة، كان سعر البرميل ينخفض بشكل مطّرد، وتم تصميم تحرّك (أوبك+) للحفاظ على 80 دولارًا للبرميل كحد أدنى، ويأمل السعوديون أن يحافظوا عليه عند 90 دولارًا للبرميل، بما يتوافق مع خططهم التنموية.
لم يكن السعوديون يفكرون في أوكرانيا مثل كثير من الناس في آسيا وإفريقيا، كونهم مؤيدين أو معاديين لروسيا، على الرغم من أن ذلك كان بالتأكيد قصير النظر.
ويقول التقرير: “من النرجسي بصراحة أن يتخيل الديمقراطيون أن السعوديين يعدلون إستراتيجيتهم الوطنية الكبرى حول الاقتراع النصفى القادم، بمجرد أن رفضت إدارة ترامب الرد على الهجمات الإيرانية المدمرة بالطائرات بدون طيار والصواريخ على منشآت أرامكو السعودية في سبتمبر 2019، فقد تلاشى أي شعور باقٍ بأن الجمهوريين هم الحل للمخاوف السعودية”.
ويشعر الأمريكيون بالصدمة، لأنهم توقعوا أن تكون المملكة العربية السعودية أكثرَ انسجاماً مع ضرورات الولايات المتحدة.
ويتابع: “إنها ليست مجرد تصورات غير متوافقة في العمل. هناك نقص أساسي في الثقة. تريد الولايات المتحدة وتتوقع تعاونًا سعوديًا، وخاصة فيما يتعلق بتسعير الطاقة. وتريد السعودية وتتوقع دعمًا أمنيًا أمريكيًا، لكنها تشعر أن حاميها يحول انتباهها إلى أوروبا وخاصة الصين”.
لكن الدولتين لا تزالان بحاجة إلى بعضهما البعض، ويمكن للولايات المتحدة وحدَها أن توفّر للمملكة العربية السعودية الأمن الذي تتطلبه.
وبرأي التقرير، فإن السعوديين هم الشريك الإقليمي الوحيد المعقول للهيمنة الأمريكية، التي لا تزال ذات أهمية إستراتيجية في الممرات المائية للخليج الفارسي، والتي تشكّل أحد أقوى أشكال النفوذ لواشنطن على المنافسين، مثل: الصين.
ارسال التعليق