العلاقات الأمريكية السعودية: على صفيح ساخن
بعد ساعات من تأكيد المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن التواصل مع محمد بن سلمان ونفيها لما تم تداول حول زيارة محتملة له “للسعودية” في الربيع.
وفيما يبدو كرد فعل لحفظ ماء الوجه، زعمت مصادر “سعودية” وإماراتية بأن قادة الرياض وأبو ظبي رفضوا استقبال اتصال هاتفي من “بايدن” لمناقشة الأزمة الأوكرانية وأزمة أسعار النفط.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مسؤولين ادعاءهم، إن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد رفضا طلبات الولايات المتحدة للتحدث إلى بايدن، حيث أصبح المسؤولون “السعوديون” والإماراتيون أكثر صراحة في الأسابيع الأخيرة في انتقادهم للسياسة الأميركية في الخليج، وفقا للصحيفة. وبحسب مسؤول أميركي، كان هناك توقعات بمكالمة هاتفية بين محمد بن سلمان وبايدن، لكنها لم تحدث.
وأشار المسؤول إلى أن المكالمة كانت ستتم من أجل رفع إنتاج النفط. وأشار “السعوديون” إلى أن علاقتهم مع واشنطن قد تدهورت في ظل إدارة بايدن، وأنهم يريدون المزيد من الدعم لحربهم على اليمن، والمساعدة في برنامجهم النووي “المدني” مع تقدم إيران، وحصانة قانونية للولي الشاب محمد، إذ إنه يواجه عدة دعاوى قضائية فيها، بما في ذلك قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في العام 2018.
وأضاف مسؤولون، إن الإماراتيين يشاركون “السعودية” مخاوفها بشأن الرد الأميركي المقيد على الضربات الأخيرة التي شنتها جماعة “أنصار الله” في اليمن على الإمارات و”السعودية”. حيث تشعر الحكومتان بالقلق أيضاً بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني، الذي لا يعالج المخاوف الأمنية الأخرى الخاصة بهما، بعد أن دخل المراحل النهائية من المفاوضات في الأسابيع الأخيرة.
وفي السياق، ذكّرت الصحيفة الأميركية بزيارة منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط “بريت ماكغورك”، ومبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة “عاموس هوشستين”، إلى الرياض أواخر الشهر الماضي، في محاولة لإصلاح العلاقات مع المسؤولين “السعوديين”.
كما التقى ماكغورك محمد بن زايد في أبو ظبي في محاولة لمعالجة الإحباط الإماراتي بشأن رد الولايات المتحدة على هجمات الحوثيين. وتنقل الصحيفة عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله، “إن إدارة بايدن عملت بجد لتعزيز الدفاعات الصاروخية “السعودية” والإماراتية، وإن الولايات المتحدة ستبذل المزيد في الأشهر المقبلة لمساعدة الدولتين الخليجيتين على حماية أنفسهما”.
لافتاً إلى أنه قد لا يكون هذا كل ما تريده الدولتان، لكن الولايات المتحدة تحاول معالجة مخاوفهما الأمنية. وعلى الرغم من ذلك، تلفت الصحيفة إلى امتناع “السعوديين” والإماراتيين عن ضخ المزيد من النفط بزعم التزامهم خطة إنتاج تمت الموافقة عليها بين منظمة الدول المصدرة للنفط ومجموعة من المنتجين الآخرين بقيادة روسيا. حيث عزز تحالف الطاقة مع روسيا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، قوة منظمة “أوبك” في حين جعل “السعوديين” والإماراتيين أقرب إلى موسكو، من وجهة نظر الصحيفة الأميركية.
الأزمة الأوكرانية إلى ذلك، تلقى كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد مكالمات هاتفية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، بعد رفضهما المفترض للتحدث مع بايدن. وتحدث كلاهما في وقت لاحق مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقال مسؤول “سعودي”، إن الولايات المتحدة طلبت من محمد بن سلمان التوسط في الصراع، الذي قال إن بلاده تشرع فيه.
وتعتبر صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن “السعودية” والإمارات أقامتا علاقات عميقة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي وقف إلى جانبهما في نزاع إقليمي مع قطر، وسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني الذي عارضوه، وقام بأول رحلة خارجية له إلى الرياض عام 2017، ووقف إلى جانب محمد بن سلمان بعد قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي. لكن قرار ترمب عدم الرد على هجوم إيراني بطائرة من دون طيار وصواريخ على مواقع النفط “السعودية” الرئيسة في عام 2019 أثار قلق الشركاء “الخليجيين” الذين اعتمدوا لعقود على الوعد بالحماية الأمنية الأميركية.
علاقات متوترة ومنذ تولي بايدن السلطة في يناير/كانون الثاني 2021، تعرضت العلاقة الاستراتيجية القائمة منذ فترة طويلة بين “السعودية”، أكبر مصدر للنفط في العالم، وواشنطن لضغوط بسبب الحرب على اليمن ومقتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018. وانتقد بايدن علناً “السعودية” بسبب حربها على اليمن وقطع تدفق بعض الأسلحة التي يمكن أن تستخدمها الرياض لاستهداف الحوثيين.
كما تراجع عن خطوة اتخذها سلفه بوضع الجماعة على القائمة الأميركية الرسمية للجماعات الإرهابية العالمية، وهي خطوة اعتبرها النظام السعودي، إنها شجعت الجماعة وأحبطت جهود التوسط لوقف إطلاق النار.
وفي مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” قال ابن سلمان، إنه “ببساطة لا يهتم”، وذلك رداً على سؤال عما إذا كان بايدن يسيء فهم أمور تخصه، وأضاف أنه يتعين على بايدن التركيز على مصالح أميركا. مضيفاً “الولايات المتحدة تعي ما ينبغي فعله من أجل تنمية مصالحها السياسية والاقتصادية معنا”.
مؤكداً “كما لدينا فرصة في تعزيز مصالحنا مع واشنطن، لدينا فرصة في خفضها”.
وأشار محمد بن سلمان في تصريحات منفصلة نقلتها وكالة الأنباء الرسمية في “السعودية” إلى أن بلاده قد تختار تقليص استثماراتها في الولايات المتحدة. وأضاف أنه ينبغي للبلدين ألا يتدخلا في الشؤون الداخلية لبعضهما.
وأضاف، “ليس لنا الحق في أن نعطيكم محاضرات في أميركا… ونفس الشيء بالنسبة لكم”. وفي وقت سابق، أقر أحد المسؤولين الأميركيين بأن محمد بن سلمان يمثل صانع القرار “السعودي” الرئيس، وأنه سيتعين على إدارة بايدن إيجاد طرق للعمل مع ابن سلمان في كل شيء من سياسة الطاقة إلى إقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني.
والأسبوع الماضي، قال السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة، إن العلاقات بين البلدين متوترة. ولفت خلال مؤتمر حول صناعة الدفاع والتكنولوجيا والأمن في أبو ظبي، “علاقتنا مع الولايات المتحدة مثل أي علاقة أخرى. في أيام (..) تكون علاقة صحية، وفي أيام تكون محل تساؤل”.
وأضاف: “اليوم، نمر بمرحلة اختبار جهد، لكنني واثق من أننا سنخرج منها، وسنكون في موقع أفضل”.
ارسال التعليق