المشكلة الكبرى التي تواجه مشاريع ابن سلمان
بقلم: إليوت براون...
حتى تحقق أحلامها الطموحة، تحتاج المملكة أن تنفق أكثر بكثير من تريليون دولار (القيمة الإجمالية لصندوق الاستثمارات العامة في السعودية
باتت مدينة نيوم المستقبلية ذات المشاريع العملاقة تشكل صداعاً للسعودية. حيث التكاليف عالية وجدولة الأعمال متأخرة. ومؤخراً، وبعد ست سنوات، تم استبدال الرئيس التنفيذي لأكبر مشروع بناء في العالم.
ويبدو لائحاً في الأفق أن الدولة الأكبر تصديراً للنفط في العالم بدأت ترى المال شحيحاً في يديها.
على الرغم من سمعتها في الثراء، لن تستطيع السعودية تحمل نفقات القائمة الطويلة من المشاريع البراقة والمبادرات الاقتصادية المتعلقة برؤية 2030 التي هي جزء من خطة محمد بن سلمان لتنويع مصادر الدخل.
مجلس إدارة نيوم لم يقدم أي سبب للاستبدال المفاجئ لرئيسها التنفيذي نظمي النصر. والموظفون السابقون في نيوم أشاروا إلى أن النصر اصطدم بصورة متكررة مع صندوق الاستثمارات العامة (المالك لنيوم) بخصوص تزايد الحاجة للإنفاق. حيث ضخت مليارات الدولارات التي أُنفقت على إنشاء هذه المدينة الضخمة والنائية.
في نفس السياق، لم يردّ على الصحيفة أيٌ من ممثلي الصندوق أو ممثلي نيوم على تساؤلاتنا الصحفية .
ناقدون من داخل مشروع نيوم أشاروا إلى الهدر المالي على أمور غير أساسية في المراحل الأولى من المشروع. في لاين— حيث هناك برجان من ناطحات السحاب الممتدة على طول ما بين مدينتي نيويورك وفيلادلفيا — حفر المقاولون قرابة المائة كيلو متر في الصحراء. بالرغم من أنّ المرحلة الأولى اكتفت بحوالي ١٦ كيلو متراً، ثم تقلّصت لاحقاً إلى أقل من ثلاثة كيلومترات.
نيوم ليست الوحيدة، حيث المشاريع الأخرى حول المملكة تواجه نفس المصير، في حين أن المقاولين محتاجون لإنفاق هائل في مراحل بناء المشروع.
أعلن ولي العهد عن رؤية 2030 في عام 2016 في محاولة سريعة لإعادة بناء اقتصاد المملكة في 14 سنة. صُبّت الأموال بغزارة على الرياضة، وألعاب الفيديو ، وتصنيع السيارات الكهربائية. دفعت الدولة القوة العمالية تجاه القطاع الخاص، والذي غطّى 45% من الناتج المحلي في 2023، بعد أن كان 40% في 2016.
. تشكّل نيوم الجزء الأكبر من هذه المشاريع، حيث التزم المسؤولون بإنشاء مدينةٍ عمودية خالية من السيارات في الصحراء بمجموع سكان مليون إنسان بحلول عام 2030–وبهدف 9 ملايين نسمة في السنوات التالية. قيمة هذا المشروع الأساسية كانت 500 مليار دولار، وقد عبّر تنفيذيون سابقون عن أن التكلفة الواقعية تتجاوز تريليونات الدولارات.
في مكان آخر ، العمل على قدمٍ وساق على منطقة ترفيهية عملاقة قرب الرياض تحتوي على مدن ترفهية متعددة ، وعلى أكبر مدينة ملاهي مائية في المنطقة ، وعلى أعلى قطارات ملاهي في العالم. على البحر الأحمر ، هناك ايضاً ما يفوق قيمته 30$ مليار دولار من المنتجعات بالإضافة إلى مشروع تطوير العاصمة العملاق ممثلاً في المربع، وهو مكعب ضخمٍ يبلغ طوله ربع ميل في السماء.
ما تزال قائمة النفقات في الازدياد. في الأشهر الإثني عشر الماضية ، أعلنت الحكومة السعودية عن مبادرة للإلكترونيات المتطورة بقيمة 100 مليار دولار ، وعبّرت عن رغبتها في الاستثمار في الذكاء الصناعي ، بالإضافة إلى التزامها ببناء 11 ملعب كرة في منافستها على استضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2034، أحد هذه الملاعب يعلو ناطحة سحاب في نيوم.
مجموع تكاليف هذه المشاريع يقدّر بتريليونات الدولارات على افتراض بنائها كما هو مخطط ، وهذا يتجاوز قيمة صندوق الاستثمارات العامة المتمثلة في تريليون واحد.
في حين أنّ المملكة حققت من الدخل ما يغطي قيمة الخدمات اليومية وخفضت معدل الدين العام إلى مستويات منخفضة ، ما زال سعر النفط مهماً لرأب الصدع في قدرة المملكة على توفير المال. مبيعات النفط تشكل نصف ميزانية السعودية، والإشكال أنّ سعر خام برنت متدنٍ إلى 72$ للبرميل في حين أن صندوق النقد الدولي يقدّر حاجة السعودية لبيع البرميل بقيمة 96$ حتى تستقر ميزانيتها. وزارة المالية السعودية مؤخراً تنبأت بعجز مالي يمتد لسنوات، مغيرةً تنبؤات سابقة بفائض في الميزانية.
صرح مسؤولون سعوديون بأن القطاع الخاص سوف يتحمل تكاليف هذه المشاريع.
بلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر 26$ مليار دولار في السنة الماضية، ولا يوجد لأي مؤشر لتحقيق مستهدف الرؤية المالي البالغ 100$ مليار في السنة من الاستثمار الأجنبي. عبّر المستثمرون عن صدودهم وتجنبهم للاستثمار في السعودية نظراً لطبيعة المشاريع المعقّدة مثل نيوم، بالإضافة إلى عدم ثقتهم في النظام القانوني في السعودية. يجدر بالذكر أن الحكومة السعودية قد بدأت في تغيير هذا النظام ليصبح أكثر قبولاً في أعين المستثمرين الغربيين.
ما زالت السعودية تمتلك ما يفوق 400$ مليار دولار في احتياطي العملة لتحافظ على ربط الريال بالدولار الأمريكي. لكن هذا الاحتياطي قد تقلّص في السنوات الأخيرة حتى تجاوز 7% بين شهري أغسطس وأكتوبر الفائتين.
كارين يونغ، وهي باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، قالت أن هناك إدراك تامّ في دوائر الحكومة السعودية بأن قائمة المشاريع المتزايدة لن تتمّ بالكامل. من البداية، تقول يونغ، كان المسؤولون السعوديون واضحون في أن تحقيقهم لنصف ما طرحوه من وعود يُعتبر نجاحاً في نظرهم.
"نحن الآن في مرحلة تقليص التوقعات،" تكمل يونغ، هذا لن يُحدث في تقديرها أيّ ردة فعل سلبية من الشعب كونهم متعودين على التغيرات السريعة والمفاجئة في القرارات الحكومية.
في بودكاست سعودي هذه السنة، ظهر محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، مشيراً إلى أنّ الحكومة السعودية قد درست كل مشاريعها المقترحة ووجدت أنّ الحاجة المالية لهذه المشاريع يفوق ما هو متاح. وعلى ذلك ، قررت الحكومة إلغاء المشاريع التي لم تعلن عنها بعد وأن تقلّص من حجم تلك التي أعلنت عنها.
ارسال التعليق