
الأنظمة الخليجية والدور التنفيذي لقولبة "صفقة القرن" الصهيوأمريكية
[حسن العمري]
* حسن العمري
تقبل وتتبنى الأنظمة الخليجية بيان وقرارات وإملاءات الرئيس الأمريكي من الألف الى الياء فيما يخص غزة والعدوان الدموي الإجرامي الكوني الشرس عليها، ليس بأمر جديد على شعوبنا الواعية خاصة وإن هذه الأنظمة الديكتاتورية القمعية الإرهابية ومن لف لفها من حكام مصر والمغرب والأردن و... في سباق حميمي ومساعي حثيثة منذ عقود خاصة بعد طرح عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود ما تسمى بـ "المبادرة العربية للسلام" والتي تعني بحل الدولتين عام خلال قمة بيروت العربية عام 2002، والتأكيد عليها بين الحين والآخر، تحقيقاً لوعد عبد العزيز آل سعود للضابط البريطاني “بيرسي كوكس” سنة 1915”.
"السعودية أبلغتنا أنه لا ترى إمكانية المضي في أي خطوات تطبيعية قبل "تحقيق هزيمة كاملة" لحركة حماس في قطاع غزة.."- صحيفة "يسرائيل اليوم" العبرية عن لسان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي "رون ديرمر"، وذلك خلال إتصالات جرت بين مكتب "ديرمر" والمستشارين المقربين من ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، تضمنت توضيحاً للموقف الموحد بين الطرفين لمرحلة ما بعد الحرب على غزة.. بيان الدول الثمانية العربية والإسلامية (تركيا والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان والسعودية وقطر ومصر) التي اجتمعت مع ترامب قبل ايام مرحبةً بـ"الجهود الصادقة!!" التي يبذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة الفلسطيني؛ يؤكد النوايا الخبيثة مرة اخرى ضد قضية الأمة المركزية دون جدل أو أدنى شكوك، خاصة وأن مثلث الشوم والنفاق والارهاب الخليجي (السعودية والامارات وقطر) أخذ على عاتقه العبئ المالي لخطة "ترامب" باحتلال صهيوامريكي لغزة وتملكها بشكل رسمي دون منازع.
الصورة المزيفة لمثلث الشوم الخليجي وفي مقدمته النظام السعودي في زيف تشدقه بالدفاع عن القضية الفلسطينية والمطالبة بأقل الحلول لها وهو "حل الدولتين"، كشف النقاب عنه مراراً وتكراراً على لسان كبار قادة الكيان الاسرائيلي، حتى بلغ بهم المطاف الضغط بكل وجهة على الجانب الفلسطيني ومقاومته الحقه لتسليم السلاح والاستسلام دون قيد أو شرط لرغبة المحتل الصهيوني الإجرامي.. وأجواء المنظومة الخليجية باتت مستباحة من قبل تل أبيب متى تشاء وستفعل ما تحب بهذه الأنظمة متى تنزعج من أحدهم، حيث بات هذا الأمر وبعد استباحة دولة قطر أسهل لها من قنص الطيور؛ والتطبيع معها اليوم له معنى واحد فقط وهو أن هذه الأنظمة الدخيلة على الجزيرة العربية باتت عارية بعد أن ظن شعوبها والكثير من الأمة الإسلامية والعربية انها مستورة بفعل ما يستحلبها راعي البقر الأمريكي من أموال واتفاقيات استيراد معدات الأسلحة الخردة منه.
وعد عبد العزيز جاء وبعجالة بمنح فلسطين على طبق ذهبي وحتى قبل "وعد بلفور" المشؤوم، إكراماً لمساعدة الاحتلال البريطاني الخبيث في سيطرة آل سعود في الجثم على أرض الجزيرة العربية بعد أنهار من الدماء، بقتل وترهيب ووعود خاوية وبطش بأرواح الأبرياء بمساعدة "دواعش" ذلك الزمان "أخوان من طاعة الله" ؛ فما كان من آل سعود إلا أن وجهوا طعن حماتهم ومساعديهم هولاء بخنجر مسموم في الخاصر، فكان طلبهم الوحيد من الراعي الأمريكي وابناء العم بني صهيون، ومنذ بداية العهد السلماني القائم على رقابنا في بلاد الحرمين الشريفين هو القضاء على المقاومة الاسلامية الفلسطينية "حماس" في داخل فلسطين المحتلة أو خارحها وقدموا ما بإمكانهم من إمكانات في تحقيق ذلك، وما الضربة العسكرية الاسرائيلية التي وجهت لقطر راعية المفاوضات لانهاء الحرب في غزة عبر سماء السعودية، سوى نموذج صغير في هذا المجال.
المراقبون للشأن العربي يشددون أنه لا دور عربي فاعل في حل العدوان على غزة ولا في كل القضية الفلسطينية، وما ورد ضمن "خطة ترامب" تؤكد أن البلدان التي رحبت بها موظفة القيام بأدوار تنفيذية للرؤية الأميركية - الإسرائيلية، ليس أكثر والمطلوب منها الضغط على "حماس" فقط وفقط ودفعها للإستسلام؛ بعد أن غابوا عامدين ومتعمدين لعقود طويلة عن القضية الفلسطينية بشكل فاعل، واتخذوا خطوات تراجعية، وأندفعوا مهرولين أكثر نحو الخضوع والخنوع والركون وفقدان دورهم الحقيقي الذي يجب أن يكونوا فيه بدعمهم الحقيقي للفلسطينيين وليس العكس..
"خطة ترامب"لانهاء العدوان على غزة ماهي إلا حيلة ماكرة نحو "فاتحة السلام" المزعوم كما يروجون لها، بقدر ما هو تبني كامل لمطالب الكيان الاسرائيلي ومشروعه التوسعي، وفق ما صرح به "نتن ياهو" في مقابلة مع قناة "آي 24" إنه يشعر بأنه في "مهمة تاريخية وروحية" وأنه "مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى".
"الدول العربية الخليجية بما فيها قطر والسعودية والامارات والبحرين والكويت وحتى الأردن مصر، ليست دولاً حليفة لأمريكا بل هي أنظمة تابعة لها ليس أكثر وما الضربة التي تعرضت لها الدوحة والتي كانت بضوء أخضر من إدارة ترامب بعد أمره اغلاق المنظومات الدفاعية والرادارات المنصوبة في تلك البلدان التي ابتاعتها من الولايات المتحدة باثمان باهضة جداً.. سوى دليل على عدم استقلالية هذه البلدان، وإنها ملزمة بتنفيذ الأوامر طرف لا يمكن الوثوق به.. هذه البلدان ليست حليفة بل تابعة وهي تعي انها اذا أغضبت أمريكا فأن الأخيرة قادرة على انهاء وجودها .. انها الحقيقة التي تحكم العلاقة بين أمريكا والشرق الأوسط ، كل من تطلق عليهم واشنطن حلفاء انهم ليسوا حلفاء لأنها ستخونهم متى تشاء وقد خانتهم بالفعل.. انهم ضعفاء لا يمكنهم الفكاك من هذا الواقع، هم منغمسون بعمق في المنظومة الامريكية مالياً وأمنياً.. لأن الحليف الحقيقي لا يمكن معاملته هكذا.. امريكا ليست حليفاً لأحد في العالم وعلى الجميع استخلاص هذه الحقيقة..عليك ان تعرف انه عندما تتعامل مع امريكي انك مجرد اداة لها ليس إلا.." - سكوت ريتر- المفتش السابق لأسلحة الدمار الشامل.
واقع مخزي ومؤلم تمر به شعوب الجزيرة العربية، قطر التي أهتزت عاصمتها وقتل أبنائها وتدمرت بعض منازلها تفتخر عبر وزارة خارجيتها بأنها حصلت أعتذار رسمي من نتن ياهو، وأخذت ترقص طرباً وفرحاً وترنماً بأن العدو طمأنها بعدم تكرار مثل هذا الهجوم في المستقبل!!".. فيما المبعوث الأميركي الى لبنان وسوريا "توم باراك"، يوضح وبكل صراحة خلال حديثه مع «ذا ناشونال نيوز»، أنه لا مجال لردع "اسرائيل" مما تنوي القيام به، فهي لا تعترف بمبدأ الحدود الدولية التي رسمتها اتفاق "سايكس بيكو"، أو الحقوق، أو حتى احترام القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية؛ هي رسالة واضحة المعالم لمحمد بن سلمان ولي عهد آل سعود الذي لا يزال ينتظر دوره لاعلانه التطبيع مع الكيان الاسرائيلي.
الوجه الحقيقي للأنظمة العربية الخليجي بات تتضح أكثر من السابق بخصوص فلسطين قضية الأمة ومركزيتها.. النظام السعودي في مقدمة ذبح وانهاء هذه القضية منذ أكثر من قرن من الزمن، والصحفي الاسرائيلي المقرب من المؤسسة الأمنية والعسكرية "روتم سيلع" يكشف النقاب عن هذه الحقيقة في مقال له تحت عنوان لافت: "السعودية جيدة جدا، بل هي أكثر من جيدة جدا"، نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.. كشف فيه عن جوانب خفية من التقارب القديم بين آل سعود والكيان الاسرائيلي، مشيرا الى أن "السعودية تبدو كأنها تدافع عن الفلسطينيين، لكنها في الحقيقة تقاتل معنا، ولن تبخل بدعمنا حتى تسليحياً".. مشيراً الى أن لقاءاً سريا كان من المقرر عقده في أحد فنادق تل أبيب خلال أكتوبر 2023، بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين كبار، من بينهم مدير الصندوق السيادي السعودي، لكن هجمات 7 أكتوبر أجلت تلك الخطط، دون أن تُنهي المسار.. التحالف قائم عملياً بين الرياض وتل أبيب، وأن الطرفان يتقاتلان سوية ضد نفس الخصوم بوسائل مختلفة.. أن ولي العهد محمد بن سلمان أبلغ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن سابقا أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية بالنسبة له شخصياً.. خرائط جديدة تُرسم في الخفاء، تحت مسمى “المصلحة”، حيث تختلط السياسة بالتطبيع، وتُقدَّم الاعتبارات الاستراتيجية على حساب دماء الفلسطينيين ومعاناة الغزيين".
ارسال التعليق