ابن سلمان وحديثه الأخير لقناة السي بي أس الأمريكية
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكيكما كان متوقعاً، وكما جرت العادة أيضاً، بالنسبة للإعلام السعودي ونظيره الأجير بشقيه العربي والأجنبي، فهذا الأعلام طبل لحديث بن سلمان الأخير مع القناة الإخبارية الأمريكية السي بي أس في يوم 2 أكتوبر الجاري والذي استغرق ساعة كاملة، فهذا الإعلام اجتهد كثيراً في اجتراح الأبعاد والرسائل التي ادعى أن بن سلمان أراد إيصالها إلى من يهمه الأمر! وذهب بعيداً في تحميل هذا الحديث ما لم يتحمله من ادعاءات ومزاعم يبدو أنها كانت في ذهن بن سلمان اصلاً، ذلك في محاولة لتضليل الرأي العام، وإخفاء الحقائق، ومنها المآزق المتراكمة والمتتالية التي تعاني منها السلطة السعودية اليوم، ويعاني منها بن سلمان نفسه، حيث تكشفت هذه المعاناة بوضوح في حديثه للقناة التلفزيونية الأمريكية المشار إليها، فبينما أتسمت أحاديث بن سلمان العام الماضي لهذه القناة ولبقية بعض الأوساط الإعلامية الأمريكية بالغطرسة وبعلو نبرة التهديد، وبالإيحاء بأنه الشخص الذي يمكن أن تراهن عليه أمريكا والغرب وعلى بلاده، والشخص القادر على صنع المستحيلات وتحقيقها ومنها عملية التسوية مع الكيان الصهيوني، ونقل المعركة إلى الأرض الإيرانية في إشارة إلى احتدام الصراع مع طهران.. الخ.. بينما بدأ بن سلمان في أحاديثه السابقة كذلك أطل علينا بعد سنة من تلك الأحاديث بنبرة وحال لا يحسد عليه، يشع منه الهوان والانكسار، وذلك لأسباب وتطورات استراتيجية شهدتا المملكة السعودية والمنطقة والعالم، تطورات وتغييرات تركت بصماتها الواضحة على بن سلمان وعلى النظام السعودي كمنظومة سياسية وأمنية في المنطقة، عمقت الإحباط واليأس عند هذا الطائش الذي قاد مملكة آل سعود، وما يزال الى المهالك واحتمالات السقوط المحتوم أن هو ظل سائراً على تلك السياسات ومن تلك التطورات التي تعتبر أساسية ومفصلية في قراءة معاناة بن سلمان، وما حاول إخفائه في حديثه مع تلك القناة منها ما يلي: 1ـ تعرض النظام السعودي إلى عدة هزات زلزالية، زلزلت مكانته وهيبته أمام الرأي العام في المملكة وفي الساحتين الإقليمية والدولية ولعل أهمها الزلزالان اللذان وقعا في الأسابيع الأخيرة، وهما هجوم أرامكو وعملية " نصر من الله " الحوثية.. ففي الهجوم الأول، بدأ النظام السعودي ضعيفاً عاجزاً غير قادر على حماية منشآته النفطية، وبات مصدر وعصب اقتصادي الأساسي مهدداً بجدية لم تستطع الأسلحة الأمريكية ومنها منظومات باتريوت، وبقية الدفاعات الأرضية للأهداف الجوية، حماية هذا العصب الحساس، فالهجوم الذي قامت به جماعة الحوثي أوقف إنتاج السعودية بمعدل 5/5 ملايين برميل يومياً، وحينما حاول النظام السعودي التقليل من أهمية وأبعاد الهجوم وإخفاء التحول الاستراتيجي في وتيرة الحرب لصالح الحوثيين، وقع في فخ آخر كشف فيه ضعفه وهزيمته الساحقة أمام اليمنيين وأمام إيران، حيث اتهم الأخيرة بأنها وراء هجمات أرامكو، وهذا الاتهام، يحتم عليه الرد العسكري، لكنه لم يرد ورمى بالكرة على أمريكا وعلى الدول الغربية طالباً منها الرد على إيران، بينما رفضت الدول الغربية ذلك، وكذلك رفض ترامب الرئيس الأمريكي ذلك وقال أنا لا أذهب الى الحرب مع إيران من أجل السعودية، لأن نفطها لم يكن بالمستوى السابق من الأهمية الاستراتيجية لنا بفضل إنتاجنا الداخلي الذي بات يؤمن حاجاتنا الذاتية تقريباً.. وذلك ما جعل بن سلمان مادة للتندر للمتابعين والمعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي، فلسان حالهم وتعليقاتهم تقول، أين هي عنتريات " بن سلمان التي هدد بها، وهي نقل المعركة إلى الساحة الإيرانية، فيما يتحول اليوم إلى "أرنب أليف" بعد قصفه، وقصف منشآته النفطية من قبل ايران بحسب ادعاءاته ومزاعمه!؟ بل حتى أن الصحف الغربية والأمريكية أطلقت العنان لتحليلاتها وتعليقاتها حول الضعف السعودي والفشل في حماية نفسها من ضربات جماعة الحوثي الموجعة، وما زالت هذه الأوساط الصحفية بل ولا سياسية أيضاً تتحدث عن هذا الهوان، وعن أن تلك الضربات التي باتت تهدد النظام السعودي نفسه !
أما الزلزال الثاني، أي عمليات المسماة "نصر من الله" في محور نجران، فقد شكلت ضربة قاصمة للنظام ولقواته المدججة بأحدث الأسلحة الغربية منها والأمريكية الخاصة والكندية، حيث حققت جماعة الحوثي انتصاراً استراتيجياً فيها، بتحرير أكثر من 500 كم، وأصبحوا على مشارف مدينة نجران وقضوا على ثلاثة ألوية سعودية مدرعة، وتم خلالها أسُر منها200 عسكري، وقتل وجرح قرابة الألف، حيث وصل عدد القتلى إلى 500، قتل أكثرهم بالقصف الجوي السعودي، هذا في ما غنم الحوثيون أكثر من 350 آلية عسكرية بين دبابة ومصفحة وناقلة جند وعربة دفع رباعي عسكرية لدرجة أن الحكومة الكندية أو أوساط منها تهكمت على النظام السعودي بالقول إن أسلحتنا أصبحت بيد الحفاة من اليمنيين، فيما النظام السعودي لم يسدد بعد ثمنها!! هذه العملية قلبت موازين الحرب، ورسخت مفهوم أن النظام السعودي وحلفائه لم يعد بإمكانهم تحقيق أي انتصار بالحرب مطلقا بل على العكس من ذلك، كرس هذا التحول الاستراتيجي في تطورات الحرب، مفهوم أن استمرارها سوف يؤدي إلى تآكل النظام السعودي وسقوطه، فالحديث اليوم في الصحف وفي المنابر السياسية محتد حول، ضعف الجيش السعودي وحول فشل قيادة النظام السعودي وعدم حنكتها وجهلها بكل شيء رغم امتلاكها لخزائن "قارون"، ورغم شرائها لأحدث الأسلحة الأمريكية وأكثرها تطوراً في العالم، بمليارات الدولارات، وبات مصطلح أو وصف السعودية (نمر من ورق) يتردد بكثرة في التغطيات الإعلامية للصحف الغربية وللقنوات الإعلامية، بل حتى من جانب الأوساط الإعلامية الصهيونية المتسعودة المتعاطفة مع النظام السعودي.. وفي المقابل هناك إشادة واعتراف ببأس وشجاعة جماعة الحوثي.. لاحظ ما تقوله الأوساط الأمريكية بهذا الشأن بعد عملية "نصر من الله".. ففي هذا السياق نقل المراسل مارك بيري في تقرير نشره موقع "ذا أمريكان كونزر فيتف" في 26 أيلول الماضي، عن ضابط أمريكي كبير في الجيش الأمريكي قوله "لم نتوقع غزو السعودية لليمن وشعرنا بالصدمة وكنا واضحين وقلنا لهم: لن تنتصروا وستقودون بلدكم للإفلاس وتدخلون مستنفعاً وكنا محقين" وأشار هذا المراسل الى انسياق بن سلمان مع رغبة الإدارة الأمريكية في عملية شن العدوان على اليمن وكانت النتيجة كما توقع. وقال مارك "لقد رنت مشاكل السعودية أجراس الإنذار في واشنطن وبدأ فريق الأمن القومي اجتماعات مع خبراء الشرق الأوسط لاستكشاف طرق لإخراج السعوديين من مأزقهم في اليمن" وأضاف مارك انه في أعقاب هذه المشاورات التي أجراها البيت الأبيض اخبره أي اخبر مارك أحد كبار المسؤولين في البنتاغون، أن إدارة ترامب توصلت إلى استنتاج مفاده أن كل شيء ليس جيداً في بيت آل سعود، وان على الولايات المتحدة أن تفتح محادثات مع الحوثيين.
أما المحلل العسكري الأمريكي رونالد جيمي، فقد قال بعد هذه العمليات الكبيرة في أرامكو وفي نجران "أن الحوثيين والجيش التابع لهم يمتلكون شجاعة أسطورية حيرت واشنطن وجعلتها تعترف بأنهم يستحقون الإعجاب والتقدير" ويشير جيمي إلى الدعم اللوجستي الأمريكي الهائل للعدوان، وتوظيف ما توصلت إليه آخر التكنولوجيا العسكرية الأمريكية وتكنولوجيا المعلومات من أقمار اصطناعية ومن استخبارات ووضعها في خدمة التحالف السعودي، وبعد كل هذا الدعم الضخم والمنقطع النظير يضيف هذا الخبير قائلاً "إن أمريكا، وبعد مضي الشهر الأول من الضربات الجوية لليمن، اتضح أن الجيش اليمني والحوثيين أقوى جيش، ويمتلكون شجاعة أسطورية حيرتنا وجعلتنا نعترف في أعماق أنفسنا أنهم يستحقون الإعجاب والتقدير" ولفت هذا الخبير إلى أن أمريكا نجحت بغزو العراق خلال أسابيع، وأرغمت يوغسلافيا على الاستسلام في أسابيع، لكنها في اليمن وجدت (الحوثيين) والجيش التابع لهم قوة أسطورية خارقة..
واستطراداً اتفق أكثر الخبراء العرب مع نظرائهم الأميركان والغربيين في هذا الاتجاه من التحليل.. فالأكاديمي والبروفسور والمفكر العماني حيدر اللواتي قال إن السنن الإلهية والنواميس تصدع في اليمن في نصرة المظلومين على الظالمين واتفق معه الكاتب الإعلامي في قناة المنار محمد قازان، وكان هذا رأي الدكتور حسن مرهج- خبير الشؤون السورية والشرقية بالقول إن تلك المشاهد- مشاهد عملية (نصر من الله) التي عرضتها قناة الحوثيين (المسيرة)- تظهر عدالة الله عند ما ينصر عباده المظلومين.. ومن وجهة النظر العسكرية قال الجنرال اللبناني السابق والخبير والمحلل السياسي الدكتور أمين حطيط.." ان عملية (نصر من الله) التي نفذتها القوى الوطنية في اليمن أنزلت بمعسكر العدوان كارثة عسكرية فاقمت زلزال آرامكو بقيق، ووضعت السعودية أمام خيارين: عقلاني انقاذي، شهواني غرائزي انتحاري العقلاني هو الاكتفاء بما حصل، واعتماد سياسة تحديد الخسائر ووقف العدوان على اليمن. والغرائزي الشهواني الانتحاري، هو المتابعة العدوانية الميؤوس من نتائجها، وقتل الذات معنوياً وبشرياً واقتصادياً ودولياً..". وكتب الإعلامي اللبناني خليل نصر الله قائلاً في بعض مما جاء في كتاباته " نحن أمام انهيار جبهة بالكامل، حيث نقاط الضعف السعودي مئات الأسرى بينهم سعوديون وأجانب، ومئات القتلى، وتدمير ثلاثة ألوية " رئيس معهد الخليج الديمقراطية وحقوق الإنسان يحيى الحديد تحدث بدوره في عدة تغريدات حول العملية العسكرية اليمنية (نصر من الله) حيث قال إن على السعودية أن تعترف بخسائرها وتذهب للتفاوض، لإعادة جنودها بدلا من المكابرة..إيقاف الحرب على اليمن أصبح اليوم ضرورة سعودية بعد أن تصدعها يظهر للعلن في المنظومة الأمنية والعسكرية، وانكشاف خاصرتها الرخوة (المنشآت النفطية).
كل ذلك شكل ضغطاً نفسياً، وانكساراً واضحاً على ملامحه وعلى أحاديثه كما سنرى بعد قليل.
2ـ التطور الآخر الذي زاد من طين هزائم بن سلمان العسكرية والإعلامية، بّل هو الإثارة الصاخبة لجريمة بن سلمان بقتل جمال خاشقجي بشكل مروع، بمناسبة حلول الذكرى الأولى لهذه الجريمة، فكما أوضحنا في مقالنا السابق أن هذه الإثارة المتواصلة لهذه الجريمة من قبل الأوساط الإعلامية وبعض الأوساط السياسية في أمريكا و دول الغرب، كشفت عقم وفشل محاولات بن سلمان لطمس القضية ونسيانها، رغم كل هذه الأموال الطائلة التي صرفها وما يزال في هذا الاتجاه، لدرجة أن هذه الجريمة باتت تهدد وتشوه سمعة هذا الدكتاتور الصغير في كل مكان، كما تقول المحققة الأممية بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي أغينيس كالامارد، التي أضافت في حوار مع موقع دوتيشه فيله الألماني يوم 2/10/2019 قائلة: إن " سمعة بن سلمان شوهت إلى انه سيكون من الصعب جداً على ولي العهد تجاوز آثار ما حاول فعله خلف الأبواب المغلقة ". وفي إشارة إلى محاولات بن سلمان تلميع وجهه بعد هذه الجريمة البشعة قالت هذه المحققة الأممية " الملك قام ببعض الإجراءات لكنه يقف عارياً في نهاية الأمر.. الملابس التي يرتديها شفافة للغاية، وهناك القليل جداً خلفها.. الإمبراطور صار مكشوفاً والخدم سيشرعون في الكلام واحداً تلو الآخر". وأشارت الى أنها في تقريرها حمّلت بن سلمان المسؤولية عن عملية اغتيال خاشقجي وتقطيع جثته.
التطور الآخر الخطير، والذي فاقم مآزق بن سلمان ومملكة سلمان، هو خذلان الحليف الأمريكي، فخلافاً لتوقعات و رهانات بن سلمان بأن أمريكا سوف ترد على إيران، وسوف تدافع عن السعودية، فأجابت الإدارة الأمريكية السعوديين وحتى أشقائهم الصهاينة بإدارة الظهر وقالت لهم كما قال اليهود لموسى عليه السلام، إذهب أنت وربك وقاتلا، إنا هاهنا قاعدون!!، فترامب أعلن صراحة انه لا يحارب من أجل السعودية، مع إيران، وانه ليس بحاجة إلى نفط الشرق الأوسط، أكثر من ذلك هرعت كل أو أغلب الأوساط الأمريكية المؤثرة، خصوصاً في وزارة الدفاع، تحذر ترامب من الحرب مع إيران من أجل السعودية، لأنها تهدد المصالح الأمريكية وتهدد الكيان الصهيوني ووجوده.. ولذلك لم يجرأ ترامب على مهاجمة إيران، حتى بعد إسقاط إيران للطائرة الأمريكية المسيرة المتطورة في مياه الخليج.. ففي هذا السياق قال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أشتون كارتر في حديث له مع قناة السي أن أن الأمريكية يوم 2/10/2019.. قال " انه من الجميل أن يكون السعوديون أصدقاء وحلفاء للولايات المتحدة لكن المملكة لم تنجح لتكن بمستوى الشراكة بين البلدين ".. وأضاف كارتر موضحاً ان الولايات المتحدة ليست معنية بالدفاع عن السعودية رغم أن ترامب قام بحلب البقرة مئات المليارات من الدولارات لقاء الحماية الأمريكية!، حيث قال كارتر: " نعم يقول السعوديون على الدوام، كم هو رائع أن يكونوا أصدقاء وحلفاء، لكن أولاً : وقبل كل شيء، النفط لم يعد ما كان عليه سابقاً، ثانياً: أقدر أنهم يشترون أسلحتنا، ولكن واقعياً ليس أي خيار آخر، هم يدفعون ونحن نعطيهم إياها، إنها عملية تجارية متساوية وليس خدمة لنا ". وهناك الكثير من التصريحات في هذا الاتجاه، من مسؤولين أمريكيين آخرين. كما اقترن مع إعلان هذا الموقف، سحب الولايات المتحدة الأمريكية بوارجها الحربية وسفنها المقاتلة، التي كان قد جاءت للخليج في ذروة التصعيد مع إيران، لاستعراض من القوة، نقول سحب واشنطن لهذه القوات إلى مسافة أكثر من 700 كم عن الخليج، بعيد عن مصادر النار الإيرانية. في إشارة واضحة أن أمريكا لا تريد الحرب مع إيران، ما شكل ذلك خيبة للنظام السعودي الذي كما قلنا كان يحلم بالحرب الأمريكية على إيران، كما تؤكد ذلك بعض الوثائق المسربة والتي تتحدث عن وجود صفقة كبرى أبرمها بن سلمان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقضي هذه الصفقة التي نقلت بعض تفاصيلها صحيفة الأخبار اللبنانية يوم واحد تشرين الأول الجاري. والتي يعود تاريخها إلى 2017 أي قبيل زيارة بن سلمان الشهيرة للولايات المتحدة الأمريكية.. تقضي بعض أهدافها إسقاط " النظام الإيراني " واضطلاع السعودية بتمويل كل الخطط والإجراءات في هذا الإطار، كما أنها ستقود الحملات العسكرية والإعلامية والاقتصادية في إطار المشروع الأمريكي الصهيوني الرامي إلى إلحاق الهزيمة بإيران ومحورها وتغيير النظام الإيراني الذي تعتبره السعودية رأس الأفعى، فبحسب هذه الوثيقة أن هناك اتفاق سعودي أمريكي، وبالتالي فأن تراجع الاميركان وترك السعوديين وحدهم في مواجهة الحقوق، شكل ضربة قاصمة لبن سلمان، حيث كشف الخدعة الامريكية وكشف أنه وقع في فخ قاتل.
إضافة إلى ذلك، تواترت التقارير عن تحرك داخل الأسرة الحاكمة ضد بن سلمان سيما بعد مقتل الحارس الشخصي للملك سلمان (عبدالعزيز الفخم) في ظروف غامضة، تحرك تقول هذه التقارير انه جدي وانه تعبير عن النقمة والغضب لدى أمراء آل سعود إزاء ما آلت إليه سياسات بن سلمان من ضياع للبلد ومن احتمالات ضياع الملك السعودي، وستكون لنا وقفة بإذن الله مع هذا التحرك..
كل ذلك وغيره، جعل أحاديث بن سلمان الصحيفة الأخيرة تختلف اختلافاً جذرياً عما أدلى به العام الماضي، فكما قلنا في البداية، بدلاً من العنجهية والتحدي والاستقواء بالولايات وبالكيان الصهيوني، ظهر بن سلمان في مقابلاته الأخيرة مكسور الجناحين مأزوم، فبدلاً من أن ينقل الحرب إلى إيران، اعتبر هذه الحرب معها خطراً على الاستقرار الإقليمي والعالمي، مبدلاً من التلويح بالحرب ودحر الحوثيين، بات يلوح بالسلم ويرسل مؤشرات بايجابية مبادرة الحوثيين لإيقاف الحرب وهكذا، فأن بن سلمان وصل إلى طريق مسدود في طموحاته وسياساته التي كان يراهن على تحقيق أهدافه، وبدأ يفكر بالعودة إلى التعقل، ولكن بعد فوات الأوان واحتراق الأخضر واليابس! ومع ذلك، يرى البعض انه إذا كانت هذه المراجعة جادة من بن سلمان فهي تزرع الأمل وتمنع من حركة البلد والنظام نحو الهاوية وبشكل متسارع، أن ظل سادراً على سياساته الخطأ.
ارسال التعليق