وأخيرا اعترف #محمد_بن_سلمان : #محمد_بن_زايد قادنا إلى صراعات كارثية تخدم مصالحه
في كل مرحلة تتكشف تفاصيل جديدة عن الخلاف الكامن بين النظامين السعودي والإماراتي، وآخر فصول هذا الخلاف ما كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال، إذ قالت إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الصحفيين المحليين في الرياض لحضور إحاطة نادرة غير رسمية في ديسمبر الماضي، ووجه فيها رسالة وصفتها بالمذهلة قال فيها إن الإمارات، حليف بلاده منذ عقود، "طعنتنا في الظهر". وفي ما يشبه التهديد، قال إبن سلمان للصحفيين "سيرون ما يمكنني فعله".
الخلاف بين "المحمدين" بن سلمان ومعلمه السابق، رئيس دولة الامارات بن زايد، يعكس التنافس على القوة الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وأسواق النفط العالمية. وبحسب الصحيفة الاميركية، فإن الأميرين، اللذين أمضيا ما يقرب من عقد من الزمن في التسلق إلى قمة العالم العربي، يتنازعان الآن بشأن من هو صاحب القرار في الشرق الأوسط حيث يتضاءل دور الولايات المتحدة.
بطبيعة الحال، يُقلق التنافس / الصراع الخليجي واسنطن، وهذا عبر عنه مسؤولون أميركيون إذا اعتبروا أن ذلك قد يجعل من الصعب إنشاء تحالف أمني موحد لمواجهة إيران وإنهاء الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات في اليمن وتوسيع العلاقات الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني والدول الإسلامية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في إدارة بايدن قوله "هذان شخصان طموحان للغاية ويريدان أن يكونا لاعبين رئيسيين في المنطقة واللاعبين الرئيسيين الوحيدين"، مضيفا "على مستوى ما لا يزالان يتعاونان، ولكن حاليا لا يبدو أي منهما مرتاحًا لوجود الآخر على نفس المستوى من الأهمية وبشكل عام ليس من المفيد لنا أن يكونوا في صراع مع بعضهما البعض".
في مرحلة ما كانا قريبين من بعضهما البعض، لكن الرجلان الان، السعودي المعروف بـ MBS والاماراتي المعروف بـ MBZ لم يتحدثا معا منذ اكثر منذ أكثر من ستة أشهر، كما قال أشخاص مقربون منهما، وامتدت نزاعاتهما الخاصة إلى العلن.
مصالح متباينة:
للنظامين السعودي والإماراتي مصالح متباينة في اليمن قوضت الجهود لإنهاء العدوان في ذلك البلد، كما تشعر الامارات بالإحباط من الضغط السعودي لرفع الأسعار العالمية للنفط مما يخلق انقسامات جديدة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كما يتزايد التنافس الاقتصادي بين البلدين.
وكجزء من خطط محمد بن سلمان لإنهاء الاعتماد الاقتصادي لنظامه على النفط، فإنه يدفع الشركات إلى نقل مقارها الإقليمية الواقعة في دبي، وهي مدينة يفضلها الغربيون، إلى عاصمة نظامه الرياض، كما أنه يطلق خططًا لإنشاء مراكز تقنية وجذب المزيد من السياح وتطوير محاور لوجستية من شأنها أن تنافس مكانة الإمارات كمركز للتجارة في الشرق الأوسط. وفي سبيل ذلك، أعلن محمد بن سلمان في مارس عن شركة طيران وطنية ثانية تنافس طيران الإمارات ذات التصنيف عالي المستوى.
هنا تستعرض وول ستريت جورنال ملامح التناقض في مصالح النظامين السعودي والإمارات، فتقول إنه في عالم القوة الناعمة، قام السعوديون في عام 2021 بشراء نادي كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل، والاستثمار في لاعبي النجوم العالميين، في نفس الوقت الذي حصل فيه مانشستر سيتي ـ المملوك لعضو بارز في العائلة الحاكمة في أبو ظبي ـ على ألقاب كرة القدم الإنجليزية والأوروبية. فشعر الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، بالغضب من فكرة ان محمد بن سلمان قادر على اخذ مكانه ويعتقد المسؤولون أن بعض الزلات السعودية الخطيرة قد ارتكبت في هذا المجال، وفقا لمسؤولين خليجيين.
نفي مشترك.. ولكن:
وفي تصريحات منفصلة ردا على صحيفة وول ستريت جورنال الإماراتية قال مسؤول تحدث نيابة عن الحكومة إن المزاعم بشأن العلاقات المتوترة "خاطئة بشكل قاطع وتفتقر إلى اساس"، ووصف مسؤول سعودي الفكرة بأنها "ببساطة غير دقيقة".
وقال المسؤول الاماراتي "دولة الإمارات شريك إقليمي وثيق للمملكة وسياساتنا تتلاقى بشأن مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك"، وأضاف أن البلدين يعملان مع دول الخليج المجاورة الأخرى على التنسيق السياسي والأمني والاقتصادي وقال المسؤول الاماراتي إن "شراكة بلاده الاستراتيجية مع السعودية تقوم على نفس الأهداف والرؤية للازدهار الإقليمي والأمن والاستقرار".
لكن الصحيفة تؤكد انه في ديسمبر، وبعد تصاعد الخلافات بشأن سياسة اليمن وقيود أوبك، دعا محمد بن سلمان إلى الاجتماع مع الصحفيين، وقال إنه أرسل إلى الإمارات قائمة المطالب، ونقلت عن مصادر حضرت اللقاء أن ابن سلمان حذّر من أنه إذا لم تتماش الإمارات مع الصف، فإنه مستعدة لاتخاذ خطوات عقابية، مثلما فعل ضد قطر في عام 2017، عندما قطعت الرياض العلاقات الدبلوماسية لأكثر من ثلاث سنوات وقامت بمقاطعة الدوحة اقتصاديا، بمساعدة من أبو ظبي. بل قال محمد بن سلمان للصحفيين "سيكون الأمر أسوأ مما فعلته بقطر".
ومنذ اجتماع ديسمبر، اتخذ محمد بن سلمان سلسلة من التحركات الدبلوماسية وأنهى عزلته السياسية الناجمة عن قتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على يد فريق سعودي، حيث لجأ إلى الصين للمساعدة في استعادة علاقات النظام السعودي مع إيران، ثم دبر عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وهي عملية بدأت بها الإمارات قبل سنوات عدة بعد ان تم طرد دمشق في عام 2011.
كما يجري محمد بن سلمان محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الاعتراف رسميًا بالكيان الصهيوني، وهو ما قامت به الإمارات في 2020، كما يقود محمد بن سلمان الجهود الدبلوماسية لقمع العنف في السودان، حيث تدعم الإمارات طرفا منافسا.
تحذير إماراتي:
وفي محاولة لتخفيف التوترات، تبادلت النظامان السعودي والإماراتي البيانات التي تحدد نقاط الشكوى ومطالبهما بالتغيير، وفقًا لمسؤولين من كلا البلدين.
لكن الصحيفة الأميركية كشفت أنه في رد واضح على الشكاوى السعودية، حذر محمد بن زايد سرا الأمير السعودي في أواخر العام الماضي من أن أفعاله تقوض العلاقات بين البلدين، وقال مسؤولون خليجيون إن بن زايد اتهم ولي العهد السعودي بالاقتراب الشديد من روسيا بسياساتها النفطية واتباع خطوات محفوفة بالمخاطر، مثل الاتفاق الدبلوماسي مع إيران، دون التشاور مع الإمارات.
وغاب محمد بن زايد عن قمة عربية دعا فيها محمد بن سلمان الزعيم الصيني شي جين بينغ إلى الرياض، ولم يظهر خلال جلسة تصويت في جامعة الدول العربية في مايو للسماح لسوريا بالعودة إلى المجموعة. وكان محمد بن سلمان نفسه غائبًا عندما التقى محمد بن زايد بالقادة العرب في قمة إقليمية رُتبت على عجل في الإمارات في يناير.
وفي هذا السياق، تقول دينا اسفندياري كبيرة مستشاري برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجموعة الأزمات الدولية: "التوترات تتصاعد بينهما، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن محمد بن سلمان يريد الخروج من ظل محمد بن زايد"، مضيفة "لقد اصبحا أكثر ثقة وحزمًا في سياستهما الخارجية ".
تحالف مشكوك فيه:
يصف السعوديون والإماراتيون انفسهم بانهم من أقرب الحلفاء، لكن بينهما علاقة متوترة في بعض الأحيان منذ ما قبل نيل الإمارات استقلالها عن بريطانيا عام 1971.
وأصبح الشيخ إبن زايد الحاكم الفعلي لبلاده عن عمر يناهز 54 عامًا في عام 2014 عندما أصيب أخوه غير الشقيق، الرئيس الشيخ خليفة بن زايد ، بجلطة دماغية منهكة. وعندما بدأ محمد بن سلمان في تولي السلطة بعد تولي والده الملك سلمان في عام 2015، بدأ محمد بن زايد في رعايته اذ كان يبلغ من العمر 29 عامًا فقط.
لعب محمد بن زايد وغيره من كبار المسؤولين الإماراتيين دورًا رئيسيًا في الضغط على إدارة ترامب لصالح محمد بن سلمان، الذي كان آنذاك نائبًا لولي العهد.
وساعد محمد بن زايد في تنظيم زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى "السعودية" في عام 2017، والتي دعمت محمد بن سلمان الذي انقلابًا في القصر الشهر التالي ليصبح ولي العهد ثم بدأ في القضاء على المعارضين والمنافسين المحتملين.
وأقام محمد بن سلمان ومحمد بن زايد تحالفًا للسياسة الخارجية تدخل في اليمن، وساعد عبد الفتاح السيسي على تولي السلطة في مصر، وتسليح مقاتلين ليبيين في شرق ذلك البلد المنقسم، ومقاطعة قطر بسبب العلاقات مع إيران والإسلاميين.
اليوم، يشعر محمد بن سلمان أن الرئيس الإماراتي قاده إلى صراعات كارثية تخدم مصالح الإمارات وليس السعودي، وفق مسؤولين خليجيين.
يقول دوجلاس لندن، الضابط المتقاعد في وكالة المخابرات المركزية الأميركية والذي يعمل الآن كباحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن محمد بن سلمان "لا يحب" محمد بن زايد "ويريد إحراجه"، وقال إنه مع انحسار التهديدات من إيران والجماعات الإرهابية، من المرجح أن تتصاعد التوترات بينهما. مع ذلك، لفت لندن إلى أن ابن سلمان "طور نهجًا أكثر عملية لقيادة بلاده، مما يجعل من غير المرجح أن يتخذ إجراءات متهورة ضد الإمارات" .
نزاع أوبك: غضب إماراتي:
ظهر الخلاف على السطح في أكتوبر من العام الماضي عندما قررت منظمة أوبك، مجموعة إنتاج النفط المؤلفة من 13 دولة والمتحالفة مع روسيا، خفض الإنتاج في خطوة أذهلت إدارة بايدن.
وقفت دولة الإمارات مع الخفض، لكن سرا أخبر المسؤولون الاماراتيون نظرائهم من المسؤولين الأميركيين ووسائل الإعلام أن النظام السعودي أجبرها على الانضمام إلى القرار. فعكست هذه الديناميكية نزاعًا طويل الأمد بين السعوديين والإماراتيين بشان السياسة في أوبك، وهي الهيئة التي هيمنت عليها الرياض منذ فترة طويلة باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم.
رفع الإماراتيون طاقتهم الإنتاجية من النفط إلى أكثر من أربعة ملايين برميل يوميًا ولديهم خطط لتجاوز خمسة ملايين برميل، لكن يُسمح لهم بموجب سياسة أوبك بضخ ما لا يزيد عن ثلاثة ملايين برميل، مما يكلفها مئات المليارات من الدولارات من العائدات المهدورة كما أن الزيادة الإماراتية في الطاقة الإنتاجية للنفط تمنحها القدرة المحتملة على تحريك الإنتاج صعودًا وهبوطًا، ومعها أسعار النفط العالمية.
حتى وقت قريب، كان النظام السعودي فقط هو التي تمارس هذا النوع من القوة السوقية. ووصلت الإحباطات الإماراتية إلى النقطة التي أبلغوا فيها المسؤولين الأميركيين أنهم مستعدون للانسحاب من أوبك، وفقًا لمسؤولين خليجيين وأميركيين، فيما قال مسؤولون أميركيون إنهم اعتبروا ذلك علامة على الغضب الإماراتي وليس تهديدًا حقيقيًا.
استياء أميركي:
أثار التنافس السعودي الإماراتي استياء إدارة بايدن التي تريد أن تساعد عواصم الخليج الصديقة مثل الرياض وأبو ظبي في تشكيل جبهة موحدة ضد إيران وإنهاء الحرب في اليمن، التي تسببت في كارثة إنسانية، هو أيضًا هدف رئيسي للسياسة الخارجية للإدارة الاميركية، التي تريد الاستقرار في المنطقة وفي أسواق النفط.
لكن، لا يتحالف محمد بن سلمان ولا محمد بن زايد تمامًا مع واشنطن في أمور مهمة مثل أوكرانيا والصين ويشعر المسؤولون الأمريكيون بقلق متزايد بشأن التواصل مع بكين وموسكو من قبل محمد بن زايد، الذي أقام مثل محمد بن سلمان علاقات أقوى معهم.
من جانبها، تولى بايدن منصبه وتعهد بمعاملة النظام السعودي كدولة منبوذة بسبب مقتل خاشقجي، ولكن بدلا من ذلك زار بايدن المملكة في يوليو 2022، مما ساعد في إنهاء عزلته.
الآن، تنظر الشركات الأميركية التي كانت مترددة في التعامل مع النظام السعودي نظرة ثانية. ومن المرجح أن يتسارع هذا الاهتمام مع اقتراب الموعد النهائي في نهاية العام للشركات التي لديها عقود من النظام لإنشاء قاعدة في الرياض بدلاً من السفر من دبي.
وتكشف وول ستريت جورنال أن إدارة بايدن توسطت في اجتماع جرى في 7 مايو بين محمد بن سلمان والشقيق الأصغر للرئيس الإماراتي، طحنون بن زايد، الذي كان يُنظر إليه ذات مرة على أنه أحد المقربين من ولي العهد السعودي.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص قالت إنهم مطلعون على الأمر، إن طحنون تم تجميده حيث قام بست رحلات على الأقل إلى "السعودية" دون تأمين لقاء مع محمد بن سلمان حتى حصل على مساعدة من الولايات المتحدة في تدبير اللقاء.
وتكشف الصحيفة ان محمد بن سلمان قال طحنون خلال اللقاء إن الإمارات لا ينبغي أن تعطل محادثات وقف إطلاق النار في اليمن التي يقودها السعوديون، ووعد بتقديم تنازلات للإمارات، لكن ولي العهد السعودي أخبر مستشاريه فيما بعد أنه لا ينبغي عليهم تغيير أي من السياسات السعودية تجاه الإمارات، قائلا "لم أعد أثق بهم".
ارسال التعليق