حزب التجمع الوطني المعارض.. عام ينتهي بإنجاز وآخر يُفتتح بإنجازات
كانت دوامة من الأفكار تجول في خاطر عشرات الآلاف من السعوديين.. أين نحن من الحرية والديمقراطية وحكم الشعب؟ ولماذا يتحكم في ثرواتنا ومصيرنا وعلاقاتنا العربية والدولية زمرة يرون أنفسهم حكامًا علينا؟
لكن ثلة من الرافضين قررت أن تُخرِج الفكرة من العقل إلى حيّز التنفيذ، ولأن ذلك كان مستحيلًا على أرض الوطن المسلوبة حريته، فكان حزب التجمع الوطني السعودي الذي تأسس في الخارج، ويمرُّ على تأسيسه قرابة الخمسمئة يوم جنى خلالها الحزب مكاسب يخطط الآن لما بعدها.
الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري وأحد المؤسسين والفاعلين في الحزب، أجابنا عن كثير من التساؤلات، وأطلعنا على خبايا النظام وجديد الحزب.. آماله وقدراته وتطلعاته.
البناء الخطوة الأصعب:
قال عسيري إن المشكلة الأكبر التي يواجهها الحزب، وكل المعارضين للنظام السعودي وسياساته تكمُن في البناء المؤسسي الذي سيبدأ من الصفر في تجربة كتجربة الحزب، وهي قضية أصعب من مجرد مواجهة نظام فاسد أو الإطاحة به، مشيرًا إلا أن السعودية بيئة لا توجد فيها مؤسسات مجتمع مدني، ولا يسمح فيها حاليًا بأي عمل سياسي.
حول التفاعل الدولي مع سياسات الحزب وتوجهاته، أشار عسيري في حديثه الخاص مع “الرأي الآخر”: إن المجتمع الدولي كان يتطلع إلى التعامل مع جهة تستطيع تمثيل الشارع السعودي، وإن هذا ما نجح به الحزب من خلال زيادة الحشد والتعاطف الشعبي داخليًّا، وزيادة التعاطي مع الملفات خارجيًّا وداخليًّا عبر الاجتماعات واللقاءات المُعترف بها دوليًّا.
حزب يُخيف نظام:
اللقاء مع عسيري تطرّق إلى قضية تأثير الحزب على سير خطط الحاكم الاستبدادية، مؤكدًا أن النظام السعودي يشعر بالانزعاج من أي منصة للتعبير عن الرأي، سواء كانت تتمثل في حزب سياسي أو منظمة حقوقية، أو شخص يعبِّر عن رأيه بمفرده، وأنه لا يريد لأحد أن يقول كلامًا منافيًا لكلامه.
وأضاف “النظام يفرض على الداخل السعودي قول كل شيء يريده هو، سواءً من المؤسسة الحكومية أو الإعلامية أو حتى الأفراد والمواطنين؛ لأنهم لا يملكون حرية التعبير، ويخافون من سوط النظام”.
أمّا عن خوف النظام من الأصوات خارج البلاد، فقال عسيري: إن السلطات السعودية تشعر بانزعاج كبير من الحزب، خصوصًا أنها عملت منذ سنواتٍ طويلة على تفريق أبناء المجتمع السعودي، وعندما أتى الحزب وأعلن أنه وطني ديمقراطي، ويضمّ تيارات مختلفة وانتماءات عمرية متباينة، وتنوعًا جنسيًا شعَر النظام بالخوف الشديد، ولهذا يشنّ حملاته الممنهجة ضد الحزب والمنتسبين إليه.
الحريات.. كلمة السر لأي تفاوض:
وعن إمكانية الجلوس على طاولة تفاوض مع النظام السعودي شدد الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني على عدم وجود أيّ تفاوض مع النظام، أو أيّ أفق، وأنَّ على النظام أن يبدي حسن نوايا للوصول إلى هذه المرحلة التي تبدأ بالإفراج عن معتقلي الرأي، والسماح بحرية التعبير داخل البلاد، مؤكدًا أنَّ الحزب لا يسعى لمفاوضات من أجل تحصيل مكاسب لأعضائه، ولا يسعى لتقاسم السلطة في البلاد، وإنما هدفه الرئيسي تحسين حياة المواطن السعودي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية.
كما وصف الوصول لتحقيق دولة النظام والعدالة الكاملة في البلاد بالطريق الطويل والشاق الذي يحتاج إلى صبر وصمود أمام النظام.
محمد في جيب أبيه:
“هناك توصيف يقول: إن محمد الطفل المُدلل لسلمان بن عبد العزيز مالك مفاتيح الحكم؛ لكن هذا غير صحيح”، يقول عسيري ويؤكد أن محمد بن سلمان لا يملك القدرة الكافية لممارسة ما يفعله والده بفعل خبراته القليلة، بالإضافة إلى أنه قضى على عدد كبير من أفراد الأسرة الحاكمة الذين يكبرونه سنًّا وخبرة.
واستشَهد بمحمد بن نايف الذي كان يتحكّم بمؤسسات وزارة الداخلية التي اعتادت على القمع، ولديها الكثير من الملفات، مؤكدًا أنَّ هذه الخبرات يفتقدها محمد الذي لا يعدو كونه أداةً لوالده بلا عقل يدبر، وأن لديه طمعًا بالسلطة، وجنونًا وتسرّعًا في اتخاذ القرارات، وهو ما مكنه من أن يصبح مناسبًا لوالده من أجل تنفيذ ما يريد، وهذا ما جعل ابن سلمان يُقصِي حتى أبناءه؛ لإفساح المجال أمام محمد المهووس بالسلطة.
الملك والصهيونية:
وأوضح عسيري للرأي الآخر “سلمان لديه نفوذ كبير، وله ميول صهيونية كبيرة”، مفسرا بعض المفاهيم الخاطئة لدى الجمهور العربي، من بينها علاقة الملك سلمان بالصهيونية العالمية، حيث أكد دعمه لها من خلال صحيفة الشرق الأوسط التي أسسها، ثم سيطرته على مجموعة mbc، وقناة العربية التي أصبحت بوقًا للنظام، ونافذة جديدة للصهيونية.
وبخصوص خطوات التطبيع الأولى أكد يحيى عسيري أن المبادرة العربية لما أسموه السلام مع الكيان الصهيوني، والتي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز، هي من صنع سلمان الذي يواصل الآن مسلسل التطبيع مع الاحتلال من تحت الطاولة عبر صفقات السلاح، وبرامج التجسس على الناشطين، وأصحاب الرأي المعارض لنظامه سواء داخل البلاد أو خارجها.
الحزب وأنظمة العرب.. تقارب مستحيل:
الحديث المطول مع أحد أهم مؤسسي حزب التجمع الوطني ناقش أيضا علاقة الحزب بالحكومات العربية، إذ أكد أن التجمع الوطني لديه علاقات مع حكومات موجودة بالعالم إلا الاحتلال الصهيوني، وأن علاقات الحزب قائمة من أجل تحقيق تطلعات الشعب السعودي، وللضغط على النظام وتعريته عالميًا.
أما بخصوص أنظمة العالم العربي فقد أكد عسيري أن العلاقات محدودة جدًا، معللًا ذلك بأن حكام العالم العربي لا يفهمون لغة العلاقات الديمقراطية، ولا يمتلكون إلا لونين الأبيض والأسود، بمعنى أنك إن لم تكن معي فأنت ضدي، مشيرًا إلى أنَّ ما يُصعِّب وجود تقارب مع هذه الأنظمة هو رفض الحزب لكل أنواع الظلم ضد الشعوب، ومطالبته المستمرة بحريتها.
وطالب عسيري الشعوب العربية بمواصلة الرفض للحلول الترقيعية التي تطرحها الحكومات قائلا: “أيها العربي لا يوجد مستبد عادل ويرعى الله.. هذا حلم غير موجود.. لا يوجد أحد بدون محددات وضمانات ورقابة ثم لا يطغى”.
جبهة معارضة عربية:
وكشف عسيري عن دعوات لتشكيل جبهة معارضة ديمقراطية، وهي في طور التأسيس حاليًّا مؤكدًا للرأي الآخر أنَّ هناك اجتماعات جارية في هذا الاتجاه، داعيًا كلَّ المعارضات العربية المؤمنة بالديمقراطية للانضمام للمبادرة التي ستُطلق قريبا وترى النور.
خطة العام الجديد:
مع انتهاء عام 2021 يكون حزب التجمع الوطني قد حقق المزيد من المكاسب على صعيد العلاقات الدولية، وتحريك الشعب ضد ظلم الحاكم.
ويقول يحيى عسيري: إن العناوين الرئيسية لخطة الحزب للعام الجديد هي تقديم دستور مقترح للبلاد ينظم العلاقة بين الحاكم والشعب، وإن الحزب سيستعين بخبراء وأهل الاختصاص، وسيُقدَّم للاستفتاء الشعبي.
أما على الصعيد الميداني فقد أكد عسيري أن الحزب سيعمل على تفعيل أدوات المقاومة السلمية داخل البلاد؛ لكنه سيبتكر طرقًا جديدة للحيلولة دون تعرّض النشطاء والرافضين للنظام السعودي إلى القمع والقتل والإخفاء القسري.
ارسال التعليق