السعودية تعطي الضوء الأخضر للتجرؤ على الحق الفلسطيني
على مدار تاريخ التطبيع العربي الإسرائيلي لم يتجرأ أحد من المطبّعين، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، على تقديم الإطراء للاحتلال الإسرائيلي، أو إعطائه الحق في أرض فلسطين، خشية من الغضب العربي، الذي يعتبر ذلك خيانة للأمة العربية. لكن النخب السعودية كسرت تلك القاعدة، وأصبحت تتحدّث دون خجل أو خوف من أي ردة فعل عربية، عن ضرورة التطبيع مع “إسرائيل”، وإبرام الاتفاقيات معها، وتبادل الزيارات، وصولاً إلى التشكيك في أحقية المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك. وتعكس جرأة النخب السعودية في الحديث عن العلاقات الإسرائيلية العربية أدبيات النظام السعودي الجديد بقيادة محمد بن سلمان، الذي تطوّرت في عهده العلاقات العسكرية والاستخباراتية مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويقف النظام السعودي صامتاً أمام تجرؤ عدد من شخصياته الإعلامية والأكاديمية، والتي كان آخرها موافقته على زيارة الناشط الإعلامي محمد سعود، للمشاركة ضمن وفد إعلامي عربي يزور “إسرائيل”. وتعكس زيارة سعود الوجه الحقيقي للقيادة السعودية الجديدة التي بدأت بتمهيد تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل” عبر إرسال الإعلاميين والنشطاء بشكل أولي. وسبق زيارة سعود تأييد الباحث السعودي في الحضارات العربية القديمة، لؤي الشريف، خلال مقابلته باللغة العبرية التي يجيدها، مع مراسلة وكالة البث الإسرائيلية الرسمية (كان)، الترويج للسياحة السعودية إلى “إسرائيل”.
وتعد التوجيهات الجديدة للسعودية في تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” ضربة كبيرة لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ولقضية فلسطين وحق العودة بالاساس. المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة يؤكد أن التطبيع العربي الإسرائيلي قائم منذ السبعينيات، وما دامت العلاقات الإسرائيلية الأمريكية متينة، فإن العلاقات العربية مع “إسرائيل” ستكون متينة.
ويقول جعارة: “نتائج التطبيع بدأت تظهر على النخب الصحفية السعودية، من خلال اللقاءات التلفزيونية عبر القنوات الإسرائيلية، والحديث عن معتقدات خطيرة تمس الوجود الفلسطيني”. ويضيف جعارة: “خروج النخب السعودية وحديثها عن ضرورة التطبيع مع “إسرائيل” يعكس حالة المزاج السياسي لدى القادة السعوديين، بمعنى أنهم راضون كل الرضا عن ذلك، بل هم أيضاً خرجوا للحديث عن ذلك بموافقة مسبقة منهم”.
ويوضح أن ما يقدّمه السعوديون من خلال مقابلاتهم مع القنوات الإسرائيلية هو اعتراف مجاني بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك سيزيد مضاعفة جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين. ويرى أن التطبيع السعودي العلني مع دولة الاحتلال يعود إلى الضغط الأمريكي على القيادة السعودية الجديدة، ورغبة الأخيرة بتقوية العلاقات، وتمهيد الطريق من خلال زجّ تلك النخب للحديث حول العلاقات السعودية الإسرائيلية. ويعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي أن ما يحدث من تبادل للزيارات بين السعوديين والإسرائيليين، مقدمة لتحطيم النظام السعودي، وبداية لتمزيقه، لأن غالبية الشعوب ترفض التطبيع وتجرّمه. ويشير إلى أن القيادة السعودية الحالية تغضّ النظر عن هؤلاء المطبعين وتعطيهم الضوء الأخضر للتطاول على الفلسطينيين.
وحول الصحفي السعودي الشريف الذي تحدث باللغة العبرية، يقول جعارة: “احتفى الإسرائيليون بشكل كبير بهذا الصحفي وبقوة لغته العبريّة، ولأنه شكك بأحقية المُسلمين في المسجد الأقصى”.
ارسال التعليق