السلطات السعودية تعيق معالجة التلوث البلاستيكي
تنشّط السلطات " السعودية" حضورها في المؤتمرات الدولية، وخاصة في مؤتمرات المناخ وحماية البيئة، لكن نشاطها ينصبّ على حماية مصالحها من آثار وانعكاسات قرارات قد تصدر عن تلك المؤتمرات، وتنبع أهمية تواجدها في هذه المؤتمرات من منطلق أنها تشكّل إحدى أهم دول منتجي ومصدّري البترول في العالم.
عرقلت الرياض مؤخرا التوصل إلى قرار بشأن معالجة التلوث البلاستيكي، حين فشل الدبلوماسيون في مؤتمر الأمم المتحدة في بوسان بكوريا الجنوبية في التوصل إلى اتفاق بشأن أول معاهدة في العالم لمعالجة التلوث البلاستيكي نهاية الشهر الفائت. واتفقوا على الاجتماع مرة أخرى في الأشهر المقبلة لمحاولة أخرى.
في حين أن الغالبية العظمى من البلاستيك في العالم مصنوع من البترول، فقد لقي اقتراح إيجاد تدابير من شأنها تقييد إنتاج البلاستيك، معارضة " السعودية" بشدة. وزعم ممثلها أن المعاهدة يجب أن تظل تركز على تحسين إعادة التدوير وإدارة النفايات.
مندوب " السعودية" في المؤتمر عبد الرحمن القويز، حاول تبرير موقف بلاده بالقول: " إذا عالجنا تلوث البلاستيك، فلا ينبغي أن تكون هناك مشكلة في إنتاج البلاستيك. المشكلة هي التلوث نفسه، وليس البلاستيك" .
كما أفادت مصادر إعلامية إلى أنه في مفاوضات مغلقة في وقت متأخر من يوم السبت، كانت " السعودية" ، إلى جانب دول أخرى، تعمل على حذف فقرات كاملة من نص المعاهدة حول مَنْ يجب أن يمول تكاليف تنفيذ الاتفاقية، وفقًا لمندوب لديه معرفة مباشرة بالإجراءات.
وقال مندوبون ومراقبون إن السعوديين أصروا طوال المحادثات على الإجماع على كل قرار وأثاروا اعتراضات متكررة على الإجراءات، مما أدى إلى إبطاء التقدم في إقرار اتفاق نهائي.
ويفيد هؤلاء بمحاولات الوفد السعودي إضاعة وقت المناقشات الجادة في نية التوصل إلى نهاية مدة المؤتمر دون التوصل إلى قرار بشأن صناعة البلاستيك.
وكانت شركة أرامكو السعودية، قد سردت في تقريرها السنوي " المخاوف المتزايدة بشأن الاستخدام الآمن للمواد الكيميائية والبلاستيكية وتأثيرها المحتمل على البيئة" و" اللوائح التقييدية" التي قد تحفزها هذه المخاوف كمخاطر على أعمالها، ما يؤكد خشيتها من الأمر.
مدير الصحة البيئية في مركز القانون البيئي الدولي، ديفيد أزولاي، قال: " من الواضح أن لديهم استراتيجية لمنع التقدم العالمي في أي شيء من شأنه أن يهدد قدرتهم على مواصلة استخراج الوقود الأحفوري" .
وقبل انعقاد المؤتمر الذي استمر أسبوعًا، تجمّع متظاهرون في بوسان حول نموذج لحوت العنبر وهو محشوّا بالنفايات البلاستيكية، رافعين شعارات مثل " الشجاعة وليس التنازل" ، في إشارة إلى ضرورة الحد من استخدام وتصنيع البلاستيك حفاظا على حياة الأسماك.
أتت القمة على خلفية تصاعد إنتاج العالم للبلاستيك حيث ينتج ما يقرب من نصف مليار طن من البلاستيك كل عام، وهو أكثر من ضعف الكمية المنتجة قبل عقدين من الزمان، وهو ما أثار تفاعل الناشطين البيئيين للمطالبة والحث على عقد معاهدة عالمية لمعالجة مشكلة النفايات البلاستيكية.
وأفاد مندوبو بعض الدول المتضررة من مشكلة البلاستيك، أن " السعودية" من بين الدول القليلة التي عارضت بشدة التوصل إلى حلول تحدّ من إنتاج البلاستيك.
كما ظل المندوبون المجتمعون في المؤتمر، وعددهم 170، مختلفين بشأن الحاجة إلى التخلص التدريجي من بعض المواد الكيميائية الضارة المستخدمة في البلاستيك، فضلاً عن مَنْ يجب أن يتحمل تكاليف تنفيذ المعاهدة.
سيناريو إعاقة تحقيق تقدّم بالقرارات الدولية للحد من أزمة البيئة العالمية، كانت الرياض طبّقته منذ أيام عندما أبلغ “مسؤول سعودي” للموفدين في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب 29)، أن “المجموعة العربية لن تقبل بأي نص يستهدف أي قطاعات محددة، بما يشمل الوقود الأحفوري”، وهو ما صعّد المواقف ضد “السعودية”.
وهو التصريح الذي انتقده المشاركون في المؤتمر الصحفي، فقالت كاثرين ماكينا، وزيرة المناخ الكندية السابقة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة المعنية بالتزامات صافي الانبعاثات الصفرية: “لقد سئمت من معارضة السعودية لأي اقتراح بالتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري”.
وأضافت: “نحن في أزمة مناخية سببها الوقود الأحفوري. يرجى اتخاذ موقف قوي في قمة المناخ في أذربيجان وتحقيق التقدم المطلوب”.
كما وجهت وزيرة المناخ السويدية، رومينا بورمختاري، انتقادات حادة “للسعودية” في قمة المناخ في باكو، واصفة الرياض بأنها كمن يصب الزيت على النار. وأشارت الوزيرة إلى أن نهج الرياض المثير للقلق يجعل أسس التعاون والتفاوض كارثية، معتبرة أن “السعودية” أصبحت أكثر صراحة في رفضها للسياسات الدولية المتعلقة بحماية المناخ والبيئة.
ارسال التعليق