إعفاء التويجري،يعني انتهاء حقبة الملك عبد الله
لم ينتظر الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز آل سعود مراسم دفن أخيه الراحل عبد الله، إذ أقال خالد التويجري رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص للملك الراحل، وعين نجله محمد رئيساً للديوان ووزيراً للدفاع، فيما اعتبره مراقبون ″إطاحة″ بخطة الملك الراحل التي رسمها مع سكرتيره التويجري، وابنه متعب الذي كان يتوقع أن يستلم ولياً لولي العهد. والأمير متعب يكبر الأمير محمد الذي عين ولياً للعهد بسبع سنوات. وتواردت أنباء عن ″اختفاء″ خالد التويجري المثير للجدل حال إعلان وفاة الملك عبد الله، بحسب ما نقلت مواقع خليجية، أبرزها موقع ″شؤون خليجية″ المعارض.
من هو التويجري؟
خالد بن عبد العزيز بن عبدالمحسن التويجري من مواليد المجمعة في سدير عام 1960، وهو قانوني من أوائل خريجي القانون في المملكة، من جامعة الملك سعود بالرياض، أكمل دراسته الماجستير في الولايات المتحدة في العلوم السياسية، وحصل على ماجستير في التشريع الجنائي الإسلامي من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، بحسب ويكيبيديا، وهو شاعر وكاتب صحفي وله كتاب في القانون. بدأ حياته العملية في القطاع الحكومي قبل نحو 25 عاماً، حيث كانت البداية في الحرس الوطني باحثاً قانونياً في المرتبة السابعة، ثم تدرج في الترقيات حتى وصل لمنصب مستشار قانوني. كما عمل في مكتب الحرس الوطني في الولايات المتحدة. وانتقل إلى ملاك ديوان ولي العهد في عام 1410هـ بمنصب نائب رئيس مركز الدراسات المتخصصة. بعد ذلك، بدأت علاقته المقربة من الملك الراحل عبد الله منذ كان ولياً للعهد، إذ وصفه البعض بـ″خزانة أسرار″ له، إذ عمل مستشاراً وسكرتيراً خاصاً للملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياٌ للعهد في ذلك الحين، وترقى إلى منصب نائب رئيس ديوان ولي العهد والسكرتير الخاص له، ثم صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيساً للديوان الملكي وسكرتيراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين، وعين بالإضافة لأعماله أميناً عاماً لهيئة البيعة، وساهم في تطوير جهاز الحرس الملكي السعودي.
خلافات التويجري مع الأمراء
اختفاء التويجري، إن صح، لم يكن خبراً مفاجئاً للمراقبين، فقد شهدت الفترة الأخيرة خلافات كبيرة أحدثها وجود التويجري في الديوان، وصلت إلى حد التصريحات العلنية الغاضبة، والتغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي ″تويتر″ من أمراء في الأسرة المالكة يتهمون فيها خالد التويجري بأنه ″رأس الفساد″، وأنه يريد تخريب البلاد والتحكم في العائلة المالكة. ولعل أبرز هذه الخلافات، التغريدات التي كتبها الأمير سعود بن يوسف النصر في تشرين الثاني/ سبتمبر العام الماضي، إذ وصفه ″المدعو″، وحرض عليه ″أبناء العمومة″ من الأمراء لكبح جماحه، واتهامه أنه ″يخفي الملك″، و″يمنع الأمراء من الدخول عليه″، كذلك وصفه بـ″الأخطبوط″ لكثرة المناصب التي يتولاها، و″رائد المشروع التغريبي″ في السعودية، و″حامي حمى العلمانيين″ و″الداعم القوي لليبراليين″. الناشط الحقوقي الدكتور محسن العواجي أطلق وصف ″البرمكي″ على التويجري، في مقاله المشهور ″البرامكة الجدد″ الذي نشره في الساحات السياسية على شبكة الإنترنت، وحظي باهتمام واسع، وكان السبب في إغلاق موقع ″الوفاق″ الذي كان يشرف عليه الدكتور ساعد العرابي الحارثي، المستشار الخاص لوزير الداخلية الأسبق نايف بن عبد العزيز، وولي ولي العهد ووزير الداخلية الحالي محمد بن نايف. و″الوفاق″ كان مدعوماً من الأمير محمد بن نايف، واعتبر نشر الموقع لمقال محسن العواجي تحريضاً على العاهل السعودي والديوان الملكي، فتم على الفور إغلاق الموقع الشهير.″رائد التغريب والعلمانية″
يتّهم التويجري بأنه أدى دوراً كبيراً في إنفاذ المشروع التغريبي داخل المجتمع السعودي. ويستشهد متّهمو التويجري بالتغريب بنسبة تنسيق اللقاءات النسائية للعاهل السعودي الراحل وظهوره في صور مع نساء، متجاهلاً تصريح العاهل السعودي نفسه الذي استنكر ظهور صور النساء في الصحف السعودية، فإذا به يظهر هو مع نساء. فقبل تقلد التويجري لمنصب رئيس الديوان، كان الملك المتوفى يخرج في التلفزيون ينتقد الصحفيين بسبب نشرهم لصور النساء السعوديات في الصحف. وينسب للتويجري أنه العقل المدبر لمؤتمر الحوار مع الأديان والفلسفات والأيديولوجيات الأرضية، ووراء زيارات الوفود النسائية السعودية للخارج، وأنه وراء منع الجميع من لقاء الملك عدا عدد محدود جداً من الأمراء الكبار. وقال موقع ″شؤون خليجية″ إن التويجري ″يقوم - بالتنسيق مع الصحف السعودية - بشن هجوم على العلماء والمشايخ الذين يحاربون توجهه، وكان من ضحايا هجماته رئيس المجلس الأعلى للقضاء الأسبق الشيخ صالح اللحيدان، الذي أطيح به بسبب تزوير الصحف فتوى له عن ملاك القنوات الفضائية، والطعن في الكثير من الأحكام الشرعية، وإقالة الشيخ سعد الشثري من هيئة كبار العلماء بعد فتواه الشهيرة بحرمة الاختلاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ″كاوست″، ودعم المشاريع التغريبية في التعليم، ودعم اللوبي الليبرالي وإلغاء رئاسة تعليم البنات″.
نهاية حقبة؟
بالرغم من شخص التويجري المثير للخلافات والجدل، فإن التخلص منه ليس مرتبطاً بشخصه وحسب، بقدر ما يمثل إطاحة لمخطط عمل عليه ″جناح″ الملك عبد الله والمقربين منه، وأبرزهم التويجري ومتعب، ابن الملك الراحل، الذي خسر منصب ولاية ولاية العهد أمام محمد بن نايف، الذي كان على خلاف شخصي مع التويجري، خصوصاً مع قضية الناشط العواجي وموقع ″الوفاق″. وبلا شك فإن من الباكر الحكم بأن إطاحة التويجري تمثل نهاية حقبة بأشخاصها وسياساتها أمام ملك جديد وجناح جديد مرافق له، أو إن كان هذا الانتقال سيمر كما وصف بـ″السلس″ مخالفاً توقعات المحللين والمراقبين على مستوى العالم، ولعل السياسات الجديدة هي التي ستجيب على هذه التساؤلات.
ارسال التعليق