التعيينات والأوامر الملكية السعودية المفاجئة.. هل تأتي في سياق إرهاصات واسعة تمهيداً لتتويج “محمد بن سلمان” ملكاً للبلاد؟!
يرى الملك سلمان في التوقيت فرصة تاريخية للقيام بعملية تكييف سريعة وخلق قوة عائلية وازنة لضمان جاهزيتها ودورها المقبل في تتويج ابنه “محمد بن سلمان” ملكاً للبلاد وتسليمه دفة القيادة السعودية .
وهو ما لن يتحقق قبل أن يتمكن الملك سلمان من إحكام قبضته على مفاصل الحكم وتقليد أبناءه في المناصب الرئيسية ذات النفوذ ووصولاً لتعيين واحداً من أحفاده “أحمد بن فهد بن سلمان” ، معتمداً على جملة من المتغيرات المحلية والإقليمية واللعب على كل “مدارات التأثير” ، بعدها ستبقى الحاجة فقط لبذل المزيد من الجهود لإقناع عدد كبير من الأمراء بقبول مبايعة “محمد بن سلمان” وعدم الاعتراض على تنصيبه ، والذي من المحتمل أن يتم بالتنازل له عن الحكم مباشرة كما فعل أمير قطر ، أو عن طريق عزل محمد بن نايف من منصبه وتعيين محمد بن سلمان بدلاً منه ، وسيخدمه في ذلك أن “بن نايف” ليس لديه أبناء ذكور وفقط لديه ابنتان ، كما سيعمل على ترضية الأخير بالكثير من الإغراءات لضمان إقناعه بالتعاون مع عائلة سلمان.
التعيينات والأوامر الملكية السعودية المفاجئة ليلة أمس ، هي في حقيقتها ليست سوى جزءاً من إرهاصات واسعة لتنصيب “محمد بن سلمان” الذي التقى ترامب في 14 آذار الماضي وكانت الحفاوة التي حظي بها في البيت الأبيض واجتراره لصفقة باهضة الثمن جرى التداول حولها مع ترامب تحملان دلالة ضمنية على ترجيحه وريثاً للعرش بعد والده سلمان ، إذ لا يمكن تحليل الوضع السعودي من دون بناء ذلك على تصور واضح لطبيعة العلاقة الأمريكية السعودية ، وفي المحصلة النهائية للزيارة يمكننا القول أن بن سلمان عاد من واشنطن بعد الحصول على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية للإطاحة بمحمد بن نايف الخيار الأول الذي تعول عليه أمريكا لحكم البلاد ، بعد أن يتم سحب قائمة طويلة من الصلاحيات منه وتجريده من سلطته الأمنية تدريجياً بتشكيل مجلس أمن وطني مرتبط بالديوان الملكي.
برزت عناصر قوة محمد بن سلمان في عدوان المملكة على اليمن ، وظهوره كعقل يدير “عاصفة الحزم” ، وتوجيه القوة الناعمة “المال والإعلام” للتعبئة العامة والإيحاء بحاجة المملكة الملحة لقيادة شابة تمتلك من القوة ما يجعلها مرنة وكفؤة في مواجهة الخطر والتحديات الدولية والإقليمية التي تتربص بأمن وسلامة واستقرار حكم المملكة كما تصوره لنفسها ، فكانت “عاصفة الحزم” وعملية الهجوم العسكري على اليمن فاتحة لفصل جديد داخل الأسرة الملكية الحاكمة للسعودية ، وسيكون من المفيد في هذا التوقيت تحديداً رسم معادلة جديدة لتسلسل الحكم داخل العائلة ، وهو الأمر الذي سيحل معضلة نقل الحكم إلى الجيل الثالث والتي أرهقت السعودية وحكامها خلال السنوات القليلة الماضية وهي تتهيأ لانتقال الحكم وخروج القيادة من يد أبناء عبدالعزيز المؤسس الأول وانتهاء السنة التي أرساها للحكم في السعودية وفق انتقال سلطتها بشكل أفقي من الأخ الأكبر إلى الأخ الذي يليه ، واتباعها منذ أكثر من نصف قرن ، وهو شكل التسلسل الملكي الوحيد في العالم .
يقترب “محمد بن سلمان” كثيراً من منصة التتويج بعد احتمالات مواجهته قدراً كبيراً من رد الفعل والمقاومة من البنية القديمة ، ما يجعل الحديث من أن سقوط نظام آل سعود مهدداً بالسقوط هو أمر مستبعد بالمدى المنظور ، كون ما يميز آل سعود أنه نظام يضع يده على ثروتين في غاية الأهمية للولايات المتحدة والأنظمة العالمية النافذة هما “ثروة الطاقة والرمزية الدينية” ، ما يعني تدخل عناصر داخلية وخارجية بشكلها المؤثر في عقل صانع القرار قبل الإقدام على خيارات التخلي عن حكم آل سعود بل على العكس تماماً ، إذ أن ما يجري هو تحسين وتعزيز هيمنتها على الأقل في الوقت الحاضر..!!
بقلم : عبدالخالق النقيب
ارسال التعليق