لماذا تجاهل آل سعود التعليق على تطبيع الإمارات؟
التغيير
تجاهلت حكومة آل سعود إصدار أي موقف رسمي على الاتفاق الرسمي لتطبيع العلاقات بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي.
الرياض، ورغم توافق جل مواقفها السياسية الخارجية مع أبو ظبي، والمنامة والقاهرة اللتين أيدتا الاتفاق، إلا أنها اتخذت من الصمت موقفا لها، على غرار دول عربية وخليجية أخرى.
وروّجت وسائل إعلام سعودية وكتاب بارزون لاتفاق التطبيع الإماراتي مع الاحتلال، دون التطرق إلى أي موقف رسمي معلن أو غير معلن.
ليس الآن
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إنه من غير المرجح أن تلحق مملكة آل سعود هذه الفترة بركب الإمارات في تطبيع العلاقات رسميا مع الاحتلال لعدة أسباب واعتبارات.
وأوضحت الصحيفة في تقرير أن من بين هذه الأسباب، هي أن المملكة راعية للمبادرة العربية للسلام، والتي تنص على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي احتلها بعد نكسة 1967، مقابل عقد صلح دائم مع العرب.
ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "csis"، جون ألترمان، قوله إن محمد بن سلمان، ربما يكون داعما لاتفاق الإمارات مع الاحتلال، إلا أن جميع المؤشرات تدل على مواجهته صعوبة في احتضان فكرة التطبيع حاليا.
وقال الترمان إن وجود تيار ديني قوي داخل المملكة يرفض التطبيع مع الاحتلال، واستمرار ثقل القضية الفلسطينية خليجيا وعربيا، يعطّل أي خطط حالية للتطبيع بين الرياض والاحتلال.
الكاتب والمعارض السعودي فهد الغويدي، أكد أيضا أن البعد الديني النابع من خصوصية الحرمين الشريفين وتاريخ الجماعات الإسلامية في المملكة سيدفع حكومة آل سعود لعدم الاستعجال في التطبيع.
وأضاف: "اتخذت مملكة آل سعود موقف النأي بالنفس سنين طويلة، مع أنها في الخفاء لا يختلف موقفها عن الإمارات، وقد شهدنا ذلك في مواقف دولية كثيرة منذ الثمانينات".
وبحسب الغويدي، فإن موقف حكومة آل سعود واضح رغم الصمت الرسمي، وهو مماثل لما صرّحت به البحرين من تأييد للاتفاقية، باعتبار أن مواقف المنامة السياسية دائما ما تكون تابعة للرياض، بحسب قوله.
وتابع بأن ترويج شخصيات مدعومة من حكومة آل سعود للاتفاق يعني أن التطبيع الرسمي قادم، على غرار ما فعلته الإمارات.
ووفقا للغويدي، فإن من أسباب تأخير إعلان آل سعود للتطبيع أيضا، الحالة الصحية لملك نظام آل سعود سلمان بن عبد العزيز، مكررا بأن اتفاق الإمارات مع الاحتلال يأتي ممهدا وإعلانا لاتفاق تطبيعي قادم مع مملكة آل سعود.
تابعة أم موجهة؟
رفض فهد الغويدي الأطروحة التي تقول إن القرار السعودي بات مرهونا للإمارات، مضيفا أن موقف أبو ظبي يأتي تبعا لرغبة الرياض، وليس العكس.
وشكّك الغويدي في تصريحات أبو ظبي التي زعمت أن إعلانها التطبيع مع الاحتلال جاء بقرار منفرد دون مشاورة أي من الدول المجاورة.
وأضاف: "هذا التصريح "تكذّبه المساعي الأمريكية، وتحديدا غاريد كوشنر الذي سارع إلى الإعلان في هذا الوقت للظفر ببعض المكاسب السياسية لإدارة دونالد ترامب قبل الانتخابات القادمة".
وتابع بأن دول الخليج أيضا ترغب بتحقيق مكسب سياسي لترامب، نظرا لحرصها على بقائه بالسلطة لولاية ثانية.
معهد القدس للاستراتيجية والأمن (إسرائيلي)، رأى أيضا أن مملكة آل سعود لن تتبع الإمارات في التطبيع قريبا.
وأوضح المعهد في تقرير له تعقيبا على الاتفاق مع أبو ظبي، أن دولا مثل البحرين، وسلطنة عمان، ربما يتبعون الإمارات، إلا أن الاعتبارات الداخلية والإقليمية ستحول دون تطبيع قريب مع الرياض.
صحيفة "اكسبرس الهندية" الصادرة باللغة الإنجليزية، قالت إن مملكة آل سعود وضعت على نفسها مؤخرا قيودا تمنعها من التطبيع، وكان آخرها تصريح لرئيس الاستخبارات الأسبق تركي الفيصل، قال فيه إن لا تطبيع قادم دون تطبيق المبادرة العربية.
وأوضحت الصحيفة أنه لا يمكن للإمارات القيام بمثل هذه الخطوة دون الرجوع لآل سعود، وربما اختارت الرياض أبو ظبي للشروع في هذا الطريق بدلا منها.
تحوّل قديم
بحسب الغويدي، فإن معالم التحول السعودي الذي نعيشه اليوم، ظهرت لأول مرة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، أي في حقبة الملك فهد بن عبد العزيز.
وتابع بأن معالم هذا التغير تبلورت بشكل حقيقي بعد وفاة الملك عبد الله، مضيفا أن التغيرات التي أحدثت على الصعيد الاجتماعي تعتبر بداية طريق المملكة نحو التطبيع.
ولفت الغويدي إلى أن الإمارات التي أصبحت خلال السنوات الماضية أبرز حليف لآل سعود، تحولت اليوم لمحاربة للإسلام، بعدما أعلنت حربها على الإسلام السياسي.
وأضاف: "إما أنها تحولت من حرب على الإسلام السياسي إلى حرب على الإسلام نفسه، أو أن الإسلام السياسي مجرد مبرر وذريعة لمحاربة الإسلام".
وبحسب الغويدي، فإن أبو ظبي استهدفت قيم المجتمع الإماراتي الذي يتسم بالمحافظة، والبداوة، إضافة إلى تشويه سمعة البلد الخارجية بمواقف وتدخلات عدة، آخرها مشاركتها بحرب اليمن، والتي بات ينظر للإمارات بسببها على أنها "قوة احتلال".
ارسال التعليق