نجاح “افتراضي” لدعوات التظاهر في السعودية يَفرض على السلطات تواجداً أمنياً وقرارات ملكية “مُفاجئة”.
حَبست العربية السعودية أنفاسها، على وَقع دعوات “حركة 21 إبريل” المُعارضة للنظام السعودي، الخروج إلى الشوارع، للمُشاركة في حراكٍ سلمي (الجمعة 21 إبريل)، ضد ما وصفته الحركة بقراراتٍ سياسية واقتصادية لآل سعود مُجحفة بحق الشعب، وكانت الحركة قد حدّدت في بيانها الذي حمل الرقم 4، مواقع التجمّع للتظاهر، كما أصدرت بياناً لاحقاً، غيّرت فيه بعض تلك الأماكن، وعزت ذلك للتواجد الأمني الكثيف.
“رأي اليوم” اطلعت على العديد من مقاطع الفيديو، والتي التقطها نُشطاء من مواقع الحدث، وأظهرت تلك المقاطع بالفعل تواجداً أمنياً مُكثّفاً في الأماكن التي دعت لها حركة المُعارضة المذكورة للتظاهر، ويبدو أن السلطات السعودية، بالرغم من قبضتها الأمنية، وصلتها معلومات تُفيد بغليان الشارع، وتواجدت تحسّباً لأي أمرٍ طارئ، قد يضعها في دائرة الخطر.
بعض روّاد موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، كانوا قد أشاروا إلى حملة اعتقالات شملت “المارّة” من أماكن التظاهر، دون حتى علمهم بالموضوع، وأكد روّاد “تويتر” كذلك أنهم لم يرصدوا أي تجمّعات غير مألوفة ضد الدولة، وهو ما حاولت التأكيد عليه حسابات وهمية من صُنع المباحث، والتي جالت بدورها في أماكن التظاهر المُفترضة، والتقطت بعدسة “كاميرا الجوال”، مظاهر الحياة الطبيعية، خاصّة في أماكن التجمهر التي دعت لها المُعارضة، في مشاهد أعادت للأذهان، مقاطع استخدمها مُوالون لأنظمة عربية، تعرّضت لما يُسمّى بعواصف الربيع العربي، وحاولت “تكذيب” خروج المظاهرات ضدها.
وردّاً على دعوة الحراك، ووسم “هاشتاق”، “حراك 21 إبريل”، انتشرت العديد من الوسوم، التي حاولت التأكيد على الولاء والبيعة لولاة الأمر (القيادة السعودية)، ورفع الهمم بإظهار فشل حراك يوم الجمعة، لكن في مقابل هذا، اعتبر نُشطاء الحراك أنه قد نَجح في إيصال رسالته، فالتواجد الأمني هو دلالة نجاحه، فبِضعة حروف على وسائط التواصل، هزّت دولة من ورق، يقول حساب “الأحرار”، أحد المؤيدين بشدّة للحراك والتظاهر سلمياً، ضد النظام السعودي.
مساء السبت 22 إبريل، وبعد ساعات على انتهاء دعوات الحراك، وعلى نحوٍ مُفاجئ، يُصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، مجموعة قرارات ملكية ليلية كما العادة، كان من أبرزها، إعادة جميع البدلات والعلاوات لمُوظّفي الدولة إلى ما كانت عليه، وصرف راتب شهرين لمنسوبي عمليتي “عاصفة الحزم”، و”إعادة الأمل”، بالإضافة إلى مجموعة من قرارات التعيينات، وتغييرٍ لبعض أُمراء المناطق.
يرى مراقبون، أن تلك القرارات الملكية “المُفاجئة”، جاءت بعد استشعارٍ لمخاطر غليان الشارع، وجُرأته على الدعوة إلى مظاهرات وتحديد أماكن بعينها، صحيح أن القرارات لم تأتِ كلها لمصلحة المواطن، والذي بات يُعاني من “أمراض التقشّف”، لكنها يجب أن تأتي وفق المراقبين ضمن مجموعة قرارات، حتى يتم تمرير المُبطّن لما هو من مصلحة القيادة، مع عدم ظهورها بالتالي في مظهر “المُطيع″ لمطالب شعبه، وحتى تهديداته، والخوف منها.
نجحت بحسب مختصين في الشأن المحلّي، دعوات الحراك بلا شك في إعادة بعض الحقوق لأهلها، فإحدى أهداف “حركة 21″ في بيانها الرابع، كان إعادة البدلات والعلاوات لمُوظّفي الدولة، وذلك بعد فترةٍ وجيزة من إقرار إيقافها، بحُجّة متطلّبات التقشّف التي تعصف بالبلاد، وهو نجاح يُحسب للمُعارضين، وإن كانوا لم ينجحوا تماماً في تحريك الشارع، لكنهم استطاعوا وفق المختصين أن يديروا حِراكهم الافتراضي بحِنكةٍ وذكاء.
وجهة نظر غير مُتفائلة تقول أن القرارت الملكية تلك، ليست إلا “إبرة تخدير” للشعب، وسيتبعها قرارات أكثر سوءًا، ومن يقرأ عناوين قرارات أمس السبت، يستطيع أن يتنبأ بتوجّه “سلماني” للاستئثار بالسلطة تماماً، حيث قام ضمن ذات القرارات بتعيين اثنين من أبنائه في منصب سفير المملكة في واشنطن، ومنصب وزير دولة لشؤون الطاقة والمعادن، كما عيّن أحد أحفاده نائباً لأمير المنطقة الشرقية، وهذا يدل وفق نظرة المُتشائمين على ضرب تطلّعات الشعب، وأفراد العائلة الحاكمة من غير أبناء سلمان عرض الحائط، ولذلك تظهر أصوات مُعارضة، تدعو لمُواصلة “الحراك”، وتفعيل المُظاهرات على أرض الواقع، وعدم الوقوع في فخ القرارات الملكية، يقول مُعارضون.
بقلم : خالد الجيوسي
ارسال التعليق