ظاهرة الطلاق في العالم العربي: بين الأرقام والأسباب
بقلم: نسرين سليمان...
تُعتبر ظاهرة الطلاق من الظواهر الاجتماعية المقلقة التي تشهد تصاعدًا ملحوظًا في العالم العربي، وتعكس هذه الظاهرة تغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة، وتطرح تساؤلات جوهرية حول استقرار الأسر وقيم الترابط الاجتماعي. فقد أظهرت الإحصاءات أن معدلات الطلاق آخذة في الارتفاع بشكل ملحوظ، ما جعلها موضوعًا حيويًا للدراسة والنقاش في مختلف الدول العربية.
وظاهرة الطلاق تعكس التحولات العميقة في المجتمعات العربية، حيث تشير إلى مدى تعقيد وتشابك العلاقات الزوجية تحت تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لم يعد الطلاق مجرد حدث فردي، بل بات ظاهرة متزايدة تعكس العديد من الأزمات الهيكلية في المجتمعات الحديثة. مع تنامي هذه الظاهرة، أصبحت الحاجة مُلحة لفهم أبعادها ومعالجتها بطرق فعّالة ومستدامة، حيث تُظهر الإحصاءات الحديثة ازديادًا ملحوظًا في معدلات الطلاق في العالم العربي، ما يستدعي دراسة أسبابه وتداعياته وسبل الحد منه.
أرقام متصاعدة:
في آخر الإحصائيات التي آثارت جدلاً واسعاً كشف تقرير حديث نشره موقع «داتا بانداز» المختص بالإحصاءات العالمية، أن معدلات الطلاق في الدول العربية لعام 2024 شهدت تفاوتاً كبيراً بين البلدان.
وفي الإحصاءات المتعلقة بالطلاق لعام 2024، التي نشرها موقع «داتا بانداز» تم الكشف عن تباين كبير في معدلات الطلاق بين الدول العربية، فقد تصدرت ليبيا القائمة بمعدل 2.5 حالة طلاق لكل ألف شخص، وهو أعلى معدل في العالم العربي، تلتها مصر بمعدل 2.3 حالة طلاق لكل ألف شخص، ثم السعودية بمعدل 2.1. هذه الأرقام تُبرز تأثير التغيرات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية على العلاقات الأسرية، حيث تواجه الأسر تحديات كبيرة تجعل استمرار الحياة الزوجية أمرًا صعبًا. الجزائر، الأردن، ولبنان جاءت في المرتبة الرابعة بمعدل 1.6 حالة طلاق لكل ألف شخص، وهو معدل مرتفع نسبيًا لكنه أقل حدة مقارنة بالدول الأولى. أما سوريا والكويت فقد سجّلتا معدل 1.3 حالة طلاق لكل ألف شخص، بينما كانت الإمارات وقطر الأقل بمعدل 0.7 لكل ألف شخص، ما يُظهر استقرارًا نسبيًا في هذه الدول. وبالإشارة إلى العام الماضي، وبنظرة سريعة على أرقام الطلاق في عدد متفرق من دول العالم العربي، نجد أنّ مصر سجلت العام الماضي 240 ألف حالة طلاق، حسب «مركز معلومات مجلس الوزراء»، وفي العراق كشف «مجلس القضاء الأعلى» عن 72 ألف حالة طلاق في عام 2023، وكشفت «الهيئة العامة للإحصاء» بالسعودية عما وصفته بـ«ارتفاع غير مسبوق» في معدلات الطلاق في المملكة خلال عام 2023، حيث رصدت 168 حالة طلاق يوميًا، وحسب «جميعة أطفال تونس» فإنّ أعداد الطلاق ارتفعت إلى 35 ألف حالة العام الماضي.
وبالحديث عن مصر كثاني أكثر الدول تسجيلاً لحالات الطلاق فيها ففيما لم تنشر المؤسسات الرسمية أرقام العام 2024 إلا أن النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2023 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر؛ أشارت إلى ارتفاع كبير في أحكام طلاق «الخلع» بنسبة 81.3 في المئة خلال عام 2023 مقارنة بالعام السابق.
وحسب التقرير فقد بلغ عددُ أحكام الخلع نحوَ 8684 حكمًا من إجمالي 10683 حكمًا قضائيًّا نهائيًّا تم إصدارها في العام نفسه.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع في أحكام الخلع، شهد إجمالي حالات الطلاق بين المصريين انخفاضًا طفيفًا بنسبة 1.6 في المئة؛ حيث بلغت 265606 حالات طلاق في 2023، مقارنةً بـ269834 حالة في عام 2022.
وأشارت بيانات جهاز الإحصاء إلى أنّ أحكام الخلع تمثّل نسبة 3.3 في المئة من إجمالي حالات الطلاق في البلاد. يُذكر أن طلاق الخلع يتم بحكم قضائي من محكمة الأسرة، عندما تسعى الزوجة لإنهاء العلاقة الزوجية بدون موافقة الزوج.
من ناحية أخرى كانت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية بين 25 و30 عامًا، بينما سُجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية التي تتجاوز 75 عامًا.
وبالوصول إلى تونس فكشفت المؤشرات الأخيرة الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء أن نسبة الزواج والطلاق متأتية من تقديرات سكنية، حيث وقع استعمال بيانات الحالة المدنية التي تتضمن حالات الزواج والطلاق، كشفت تأخر سن الزواج وزيادة نسب الطلاق.
وتشير البيانات إلى تسجيل أكثر من 14 ألف حالة طلاق سنويا، وبالنسبة للتغيرات السكنية يمثل كبار السن 9.5 في المئة من إجمالي السكان وبالتالي التزايد مستمر في التهرم السكاني وهناك تحول تدريجي نحو مجتمع متهرم حيث من المتوقع أن تتجاوز النسبة 17 في المئة بحلول سنة 2029.
وعن العراق فقد كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، أن الأشهر الأربعة من عام 2024 سجلت 25536 حالة طلاق.
وقال الغراوي، في بيان إن «شهر كانون الثاني/يناير من عام 2024 شهد تسجيل 7453 حالة طلاق في حين شهد شهر شباط/فبراير تسجيل 6324 حالة، وفي شهر اذار/مارس تم تسجيل 6222 حالة في حين شهد شهر نيسان/ابريل تسجيل 5537 حالة طلاق».
وأشار إلى أن «نسبة الطلاق في فصل الصيف ترتفع عن نسبة الطلاق في الفصول الأخرى وحسب دراسات علمية، فإن ارتفاع درجات الحرارة يزيد الشعور بالعصبية والتوتر، لأن ارتفاع حرارة الجسم يرفع من ضغط الدم ويجعل الإنسان عرضة إلى القلق وعدم الاتزان النفسي، لذلك يؤثر فصل الصيف على توافق العلاقات العاطفية والزوجية بشكل عام».
وأشار الغراوي، إلى «أهم أسباب لارتفاع حالات الطلاق هو قلة الثقافة الزوجية وعدم التفاهم بين الزوجين إضافة إلى العنف الأسري والتدخلات من قبل الأهل والأصدقاء والزواج المبكر والظروف الاقتصادية وارتفاع معدلات الخيانة الزوجية والاستخدام السيء للاتصالات وضعف الوازع الديني والزيجات المتعددة وضعف منظومة القيم المجتمعية والتفكك الأسري ووجود أكثر من عائلة في بيت واحد مما يزيد المشاكل».
وحول العراق أيضا ففي عام 2023 أيضا سجلت الإحصاءات الحكومية ارتفاعاً في حالات الطلاق، إذ وصلت حالات الطلاق المسجلة إلى أكثر من 70 ألف حالة سنوياً، في البلد الذي يتجاوز عدد سكانه 43 مليون نسمة.
وأرجعت محكمة عراقية ذلك إلى عدة أسباب كان على رأسها انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حسب ذكرته وكالة الأنباء العراقية.
فيما أشارت هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» إلى تجاوز المتوسط اليومي الـ 400 حالة يومياً في شهر آيار/مايو 2024، وفقاً لبيانات اللجنة القانونية في البرلمان العراقي.
ومن المتوقع أن تستمر معدلات الطلاق في بعض الدول العربية في الزيادة، خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة. ومع ذلك، قد تكون هناك بعض التحسينات في بعض المناطق نتيجة للجهود المبذولة من قبل الحكومات والمجتمعات للحد من هذه الظاهرة، مثل توفير برامج التوعية والدعم للأزواج، إضافة إلى إصلاحات قانونية قد تساهم في تحسين استقرار العلاقات الزوجية.
أسباب الطلاق:
وفي حديث جمع «القدس العربي» مع المستشارة الاجتماعية الليبية سلمى عبد الرزاق قالت إن الطلاق أصبح هو الحل الأسهل لمواجهة مشكلات الزوجين، مبررة بأن هناك مسافة كبيرة بين مسألة نبذ المجتمعات العربية للطلاق، وحتى وصم المطلقات وتحجيم فرصهم اجتماعيًا، وصولًا للترحيب بالطلاق باعتباره بداية جديدة تحمل معها البشرى، مضيفة «أننا بدأنا نسمع منذ سنوات عن عقد حفلات للطلاق وهي من المشاهد الجديدة على مجتمعاتنا».
وتضيف أستاذة علم الاجتماع والمستشارة «أن خلف تلك الأرقام المتصاعدة للطلاق في العالم العربي، تبدو هناك أسباب مشتركة، أبرزها تراجع المستويات الاقتصادية وتسريح العمالة، ما يجعل التكفّل بأسرة أمرًا بالغ التعقيد ينتهي في كثير من الأحيان بالطلاق».
وتتابع «من بين الأسباب الرئيسية الأخرى لارتفاع معدلات الطلاق، هو زواج القصر أو الزواج المبكر، الذي غالباً ما يكون نتيجة لضغوط اجتماعية أو اقتصادية، يؤدي إلى زيجات غير مستقرة بسبب عدم نضج الأطراف المعنية وتحملها لمسؤوليات الحياة الزوجية السياسات الحكومية التي لم تضع حداً لزواج القصر أو تنظم هذا الأمر بفعالية، تسهم بشكل غير مباشر في تفاقم مشكلة الطلاق».
كما أن الثقافة الفكرية والفرق التعليمي بين الأزواج كانا أيضاً من العوامل المؤثرة في مجتمع يعاني من تفاوت كبير في مستوى التعليم والتفكير بين الزوجين، وتبرز مشاكل تتعلق بعدم التفاهم والتقارب الفكري، مما يفاقم التوترات الزوجية.
كما أن الفارق العمري الكبير بين الأزواج، خاصة في حالات زواج القاصرات، يساهم في زيادة احتمالية الطلاق بسبب عدم قدرة الزوجات الشابات على التكيف مع متطلبات الحياة الزوجية.
وحسب سلمى فإنه ومع تطور دور المرأة في المجتمع وزيادة مشاركتها في سوق العمل والتعليم، قد يكون هناك تغيرات في ديناميكيات العلاقات الزوجية، كما أن زيادة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى حدوث توترات في العلاقات الزوجية، ما قد يسهم في زيادة الطلاق في بعض الحالات.
وعلى الصعيد القانوني فإن بعض الدول العربية قامت بتعديل قوانين الطلاق وتسهيل الإجراءات، ما قد يساهم في ارتفاع معدلات الطلاق. وتتابع سلمى «في النهاية، يمكن القول إن ارتفاع معدلات الطلاق هو نتيجة لتداخل عدة عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية. الحلول لمشكلة الطلاق تتطلب جهوداً شاملة من جميع الأطراف المعنية، بدءاً من الحكومة التي يجب أن تضع سياسات داعمة للأسر، وصولاً إلى المجتمع الذي يجب أن يعزز من قيم التفاهم والتعاون بين الزوجين، كما أن التركيز على التعليم والتوعية بأهمية التحضير الجيد للحياة الزوجية يمكن أن يسهم في تقليل معدلات الطلاق وتحقيق استقرار أكبر للعائلات».
تقييم العلاقات:
معهد الدوحة للأسرة كان قد عمل على تقرير استطلاعي عن تقييم العلاقات الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج في العالم العربي بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ليخلص التقرير إلى العديد من النتائج التي تساعد على تحقيق التوافق الأسري وتقليل حالات الطلاق في العالم العربي.
ومن ضمن الأسباب التي رصدها التقرير يأتي تدخل الأهل في حياة الزوجين. ورداً على سؤال إذا كان هذا التدخل يسبب تأزما أشار بعض أفراد العينة المشاركة في التقرير بنسبة بلغت 37 في المئة إلى أن ذويهم لا يتدخلون في حياتهم.
وذكر بعضهم بنسبة بلغت 22 في المئة أن تدخّل الأهل إنما يكون لمساعدتهم على تربية الأبناء، وعبر بعضهم بنسبة بلغت 30 في المئة عن أن دور الأهل يتوقف على حل الخلافات بين الزوجين، في الوقت الذي اعتبر آخرون أن تدخّل الأهل يكون بدافع الفضول، وذلك بنسبة بلغت 21 في المئة.
وخلص التقرير إلى أن العلاقة تتأزم بين الزوجين نتيجة بعض التصرفات، حيث أشار أفراد العينة إلى أن مسار العلاقة قد يتأزم إذا تصرف أحد الزوجين تجاه الآخر بما لا يروق له، وكان على رأس لائحة هذه التصرفات الكذب بنسبة بلغت 32 في المئة، يليه التجاهل بنسبة بلغت 18.7 في المئة.
وأضاف التقرير أن اختلاف أسلوب الزوجين في تربية الأبناء احتل أيضا صدارة الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، وذلك بنسبة بلغت 32 في المئة، ثم عدم الاحترام بنسبة بلغت 27 في المئة، ثم الشك في وجود علاقات أخرى، بنسبة بلغت 22 في المئة.
ويرى التقرير أن تكوين وحدة أسرية جديدة من خلال الزواج له مسؤوليات ومتطلبات ومهام على الزوجين القيام بها حتى تستمر الحياة الزوجية في هدوء، وأهم تلك المهام التواصل من خلال التفاعل بين الطرفين عند أداء الأدوار والمسؤوليات الزوجية والأسرية على النحو الذي يتوقعه كل طرف من الآخر، فضلا عن تقبّل كل منهما رأي الآخر، والتعاطف معه، وحرص كل طرف على التوفيق بين متطلباته الشخصية ومتطلبات العمل ومتطلبات الأسرة.
ووفقاً للتقرير، هناك دور لا بد للمؤسسات التنفيذية أن تقوم به يتمثل في العديد من العناصر، أهمها تطوير سياسات وبرامج للتمكين الاقتصادي للشباب المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثا بشكل عام، ويشمل ذلك تبني حزمة من السياسات التي تهدف إلى تمكينهم من السكن ودعمهم اقتصاديا بشبكة أمان اجتماعية وحزم التوظيف ومنح الزواج عن طريق استحداث صناديق له.
ويشير مختصون أن مواجهة هذه الظاهرة المتزايدة، تحتاج لتضافر الجهود على مستوى الحكومات والمجتمع المدني وتحتاج الحكومات إلى تنفيذ سياسات تدعم الشباب المقبلين على الزواج، مثل تقديم حزم اقتصادية تُساعدهم على تأسيس أسر مستقرة كما يتطلب الأمر أيضًا تعزيز دور المؤسسات التعليمية في توعية الشباب بأهمية التحضير الجيد للحياة الزوجية.
ووفق المختصين فإنه وعلى مستوى المجتمع، يحتاج الأمر تعزيز قيم التسامح والتفاهم بين الأزواج، ويشير المختصون إلى المؤسسات الدينية والتعليمية التي من الممكن أن تلعب دورًا كبيرًا في نشر الوعي حول أهمية العلاقات الأسرية وتقديم المشورة للأزواج الجدد.
ويشدد المختصون في الشأن الأسري على أن الطلاق ليس مجرد مسألة شخصية بين الزوجين، بل هو قضية مجتمعية تؤثر على استقرار المجتمعات، كما أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي تُظهر الحاجة إلى استراتيجيات متكاملة تهدف إلى تعزيز استقرار الأسر وتقليل معدلات الطلاق.
قوانين الطلاق:
تُعتبر قوانين الطلاق في الوطن العربي أحد العوامل التي تُسهم في تشكيل العلاقات الزوجية وتؤثر على استقرار الأسر. وبينما تسعى هذه القوانين إلى تنظيم عملية الطلاق وضمان حقوق الأطراف المختلفة، فإنها تواجه العديد من التحديات والإشكاليات التي تجعلها موضوعًا للنقاش والجدل في مختلف المجتمعات العربية.
تختلف قوانين الطلاق في الدول العربية من حيث الأسس القانونية والتطبيق العملي، بينما تستند بعض الدول إلى الشريعة الإسلامية كأساس لتنظيم الطلاق، تعتمد دول أخرى على قوانين مدنية، أو تمزج بين الاثنين، هذا التفاوت يخلق فجوات في كيفية التعامل مع القضايا المرتبطة بالطلاق، ويؤدي أحيانًا إلى مشكلات تعيق تحقيق العدالة.
على سبيل المثال، في دول مثل السعودية ومصر وليبيا، يعتمد الطلاق بشكل أساسي على الأحكام الشرعية، حيث يُمكن للرجل تطليق زوجته بدون الحاجة إلى موافقة المحكمة، في حين تحتاج المرأة إلى رفع دعوى قضائية للحصول على الطلاق، مثل «الخلع» في مصر. أما في دول مثل تونس، فإن القوانين المدنية تفرض أن يكون الطلاق بقرار من المحكمة، ما يمنح حماية قانونية أكبر للطرفين ولكنه قد يزيد من تعقيد الإجراءات.
وفي العديد من الدول العربية، تتسم إجراءات الطلاق بالتعقيد وطول المدة الزمنية، ما يُشكل عبئًا نفسيًا وماديًا على الأزواج، خاصة النساء، على سبيل المثال في حالات طلب المرأة الطلاق، تتطلب بعض القوانين تقديم أدلة تثبت سوء معاملة الزوج أو عدم قدرته على الإنفاق، وهو أمر قد يكون صعبًا أو محرجًا في كثير من الحالات.
كما أن التكاليف المرتبطة بالإجراءات القانونية، مثل أتعاب المحامين ورسوم المحاكم، تُشكل عائقًا أمام الكثير من النساء، خاصة اللواتي يعانين من ضيق مالي. هذا يجعل الطلاق خيارًا صعب المنال بالنسبة لبعض النساء، حتى في حالات تعاني فيها من ظروف قاسية داخل العلاقة الزوجية.
وتُظهر بعض قوانين الطلاق في العالم العربي تمييزًا ضد المرأة من حيث الحقوق والإجراءات، ففي العديد من الدول يُمنح الرجل الحق في الطلاق الفوري بدون تقديم أسباب، بينما تُطالب المرأة بتقديم أسباب قوية ودعمها بأدلة للحصول على الطلاق.
على سبيل المثال، طلاق الخلع في مصر يمنح المرأة الحق في إنهاء العلاقة الزوجية، ولكنها تُجبر على التنازل عن حقوقها المالية مثل المهر والنفقة في المقابل، ويحتفظ الرجل بكامل حقوقه المالية والاجتماعية بعد الطلاق، ما يعكس اختلالًا في موازين العدالة.
إلى جانب القوانين المكتوبة، تلعب الأعراف والتقاليد دورًا كبيرًا في تشكيل ممارسات الطلاق في الدول العربية ففي بعض المجتمعات، قد يتعرض الأزواج لضغوط اجتماعية تمنعهم من اللجوء إلى الطلاق حتى في الحالات التي يكون فيها استمرار العلاقة الزوجية ضارًا للطرفين.
ومن أبرز الإشكاليات المرتبطة بقوانين الطلاق في الوطن العربي قضايا الحضانة والنفقة، في العديد من الدول تمنح القوانين الحضانة للأم حتى سن معين، ولكنها لا تُلزم الأب بدفع نفقة كافية لدعم الأطفال بشكل عادل، هذا يضع الأمهات المطلقات في موقف صعب، حيث يواجهن تحديات مالية كبيرة لتربية الأبناء.
وفي بعض الدول، تُتيح القوانين للأب المطالبة بالحضانة إذا تزوجت الأم مرة أخرى، ما يجعل المرأة عُرضة للضغوط الاجتماعية والنفسية كما أن بعض الرجال يستغلون الثغرات القانونية للتهرب من دفع النفقة، ما يُفاقم الأوضاع الاقتصادية للأمهات المطلقات وأطفالهن.
ارسال التعليق