الشعوب الخليجية.. ومسؤوليتها بمحاسبة حكامها
أظهرت التطورات الاخيرة في الاراضي المحتلة مدى التآمر الرسمي العربي وبالتحديد الخليجي مع العدو الاسرائيلي والادارة الاميركية لإنهاء القضية الفلسطينية وتصفية حقوق الشعب الذي عانى المآسي والتنكيل والقتل بواسطة آلة الإجرام الصهيونية طوال عشرات السنين بدعم غربي واضح وبصمت عربي وخليجي كنا نعتقده خوفا قبل ان يظهر انه صمت مشبوه ولتؤكد الايام ان الصمت كان مقصودا ومدروسا من قبل آل سعود وبقية العوائل التي تحكم في منطقة الجزيرة العربية.
والمواقف الهابطة التي صدرت مؤخرا من قبل قيادات سعودية وبحرينية وخليجية متنوعة من القضية الفلسطينية والحقوق المكتسبة للاسرائيليين، تظهر مدى هذا الترابط الكبير والانسجام الواضح بين كيان الاحتلال والكيانات القائمة في الخليج، فهذه الانظمة اليوم ما عادت تخشى اي شيء وباتت تعلن بشكل صريح على لسان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان من حق الاسرائيليين اقامة كيانهم على أرض فلسطين وعلى الفلسطينيين القبول بما يعرض عليهم لاقامة دولتهم، ضاربا بعرض الحائط كل الحقوق الفلسطينية التي قدم في سبيل الحفاظ عليها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعذبين في الارض.
تآمر مكشوف على فلسطين والامة..
بالاضافة الى ذلك جاء كلام وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة حول حق "اسرائيل" بالدفاع عن نفسها والعدوان على سوريا، هذا الموقف يؤكد ان التآمر الخليجي ليس على القضية الفلسطينية فقط وانما على الامة ككل ولا يستثني احدا مقابل الانحياز الفاضح لعدو الامة، يضاف الى ذلك مواقف خليجية رسمية كثيرة ومتنوعة في مختلف وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ترحب وتدعم خطوة نقل السفارة الاميركية في كيان الاحتلال من تل ابيب الى القدس المحتلة، بدون ان يرى هؤلاء ان على حدود قطاع غزة المحاصر هناك شهداء يقضون وجرحى يصابون برصاص العدو وبتآمر سعودي خليجي.
هذه المواقف وغيرها مما تعتبر وصمة عار على جبين القبائل الحاكمة في الخليج وعلى كل المسؤولين والقيادات العاملة في هذه الانظمة، وايضا بالنسبة لكل الاعلاميين المؤيدين والذين يقدمون مواقفهم خدمة لسياسة هذا الحاكم او ذاك، هذه المواقف باتت تحتاج الى تحمل الشعوب العربية والاسلامية ولا سيما الشعوب في دول الخليج لمسؤولياتها التاريخية والجادة في ظل كل ما تتعرض له الامة وما تمارسه انظمتها، وعلى هذه الشعوب رفع الصوت عاليا بوجه كل محاولات التطبيع التي يعمل حكام الخليج على تمريرها بشكل او بآخر، وعلى هذه الشعوب وابناء الخليج من رجال ونساء لعب الدور القومي والاخلاقي الذي يفرضه عليهم دينهم وانسانيتهم بضرورة محاسبة حكامهم من أجل منع هذا الانحراف الواضح عن القضية الفلسطينية، وان تقف هذه الشعوب لقول كفى لهؤلاء الحكام، كفى هرولة خلف العدو وكفى انبطاحا امام الادارة الاميركية ووجوب اعادة تصويب البوصلة وإعادة جدولة اولويات الامة.
المسؤولية الشعبية.. ومحاسبة المرتكبين
والحقيقة انه من غير المقبول في هذا الزمن استمرار الصمت الشعبي العربي والخليجي بشكل خاص مع كل ما يحصل ويجري حولهم نتيجة ممارسات قياداتهم وحكامهم، وعلى هذه الشعوب التحرك باتجاه التغيير والمحاسبة وعدم الخوف على مصالح او خشية ردة فعل الحكام الظالمين الذين لا يتوانون عن استخدام القوة المفرطة وغير المتوازنة بحق كل من يقول كلمة حق بوجههم، وذلك استنادا للغطاء الغربي والاميركي كما يحصل مع العدو الاسرائيلي، فالصهاينة وانظمة الخليج يستخدمون نفس الاسلوب العنفي لقمع الاصوات المطالبة بحقوقها، ومع ذلك نجد الشعب الفلسطيني يقدم على الرغم من المخاطر بينما بعض الشعوب الخليجية تراعي حكامها بشكل او بآخر ولاسباب متنوعة وهذا ما يجب ان يتغير.
والأكيد ان محاسبة الحاكم شيء ضروري وأساسي كركيزة لبناء الاوطان والتغييرات وخاصة ان في الخليج وبالتحديد في مملكة آل سعود هناك من يدعي انه يسعى لنقل البلاد الى واحة من الحرية والديمقراطية، وبالتالي على ان من يزعم هذا الامر ان يقبل بخضوعه للمحاسبة عن كل ما يفعله بحق بلاده والامة وقضاياها وعلى رأسها القضية الفلسطينية، اي ان محمد بن سلمان لو كان صادقا حقا انه مع الانتقال لدولة القانون والمؤسسات وانه يريد محاسبة الفاسدين والمقصرين عليه ان يقدم نفسه اولا للمحاكمة عما يقوم به في شتى المجالات في الداخل والخارج بدءا من لبنان مرورا بسوريا وفلسطين ووصولا الى اليمن.
ارسال التعليق