جرائم وانتهاكات
إعدام القصر يفضح كافة الدعايات السعودية
أقدمت السلطات السعودية على تنفيذ حكم الإعدام بحق القاصر جلال لباد بعد محاكمة وصفتها منظمات حقوقية بأنها افتقرت إلى أبسط معايير العدالة وضمانات المحاكمة العادلة، في خطوة اعتُبرت فضحًا صارخًا لكل الدعايات الرسمية التي تزعم التزام المملكة بحماية حقوق الإنسان، خصوصًا ما يتصل بالقاصرين.
وقد اعتُقل جلال لباد في 23 فبراير 2017 خلال مداهمة أمنية لمنزله في مدينة العوامية بالمنطقة الشرقية، دون مذكرة اعتقال أو استدعاء قانوني.
ومنذ اللحظة الأولى لاحتجازه، تعرّض لانتهاكات وصفت بـ”المروعة”، أبرزها:
عزله انفراديًا لمدة تسعة أشهر ونصف.
حرمانه من الاستعانة بمحامٍ أو ممارسة حقه في الدفاع.
إخضاعه لتعذيب وحشي شمل الضرب الجماعي بقضبان وأسلاك معدنية، والصعق الكهربائي في مختلف أنحاء جسده بما فيها الأعضاء التناسلية.
تعريضه لمحاولات خنق ودوس على الرقبة، و”إغراق” متكرر عبر إدخال رأسه في الماء حتى فقدان الوعي.
التهديد باغتصاب شقيقاته وقتله لإرغامه على الاعتراف.
ونُقل لباد مرارًا إلى المستشفى بسبب فقدان الوعي، انخفاض ضغط الدم، ضعف نبض القلب، وانتفاخ شديد في فخذه نتيجة التعذيب.
لم يُعرض لباد على المحكمة الجزائية المتخصصة سوى بعد أكثر من عامين على اعتقاله. ووجهت له تهم مثيرة للجدل بينها:
المشاركة في مظاهرات كان عمره خلالها 15 عامًا فقط.
حضور تشييع ضحايا قتلوا برصاص القوات السعودية.
اتهامات فضفاضة بالمشاركة في قضايا أمنية، من بينها قضية خطف وقتل الشيخ محمد الجيراني عام 2016، رغم أن المتحدث الأمني بوزارة الداخلية لم يذكر اسمه ضمن قائمة المتهمين في المؤتمرات الصحفية الرسمية.
وبحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فقد وُجّهت التهم في قضية الجيراني إلى ما لا يقل عن 22 شخصًا، تسعة منهم قتلوا خارج إطار القانون.
على مدى السنوات الماضية، أكدت هيئات أممية مرارًا أن جلال لباد كان قاصرًا عند اعتقاله، وأن محاكمته تعسفية:
في يونيو 2024، وجّه مقررو الأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة السعودية حول قضايا القاصرين المحكومين بالإعدام، بينهم جلال لباد، وأكدوا تهرب الرياض من تقديم إجابات جوهرية.
في نوفمبر 2024، أصدر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي رأيًا قانونيًا اعتبر احتجاز لباد “تعسفيًا”، وطالب بالإفراج عنه فورًا.
وفي أبريل 2025، أعرب الفريق العامل عن “استياء شديد” من استمرار السعودية في تنفيذ أحكام إعدام بحق قاصرين، مع الإشارة المباشرة إلى قضية لباد.
إعدام جلال لباد كشف زيف ادعاءات السلطات السعودية حول حماية القاصرين. فرغم إصدار أمر ملكي عام 2020 وقانون للأحداث يُفترض أنه يحد من عقوبة الإعدام بحق القاصرين، إلا أن التنفيذ الأخير يُعد أول حالة منذ إعدام القاصر مصطفى الدرويش في يونيو 2021، وهو ما يؤكد انعدام أي التزام حقيقي بالإصلاحات المعلنة.
وبحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فقد ارتفع عدد القاصرين الذين وثّقت المنظمة إعدامهم منذ تولي الملك سلمان الحكم إلى 14 قاصرًا، مع احتمال أن يكون الرقم الفعلي أعلى.
إعدام لباد لا يقتصر على كونه جريمة بحق قاصر، بل يسلّط الضوء على المخاطر التي تهدد حياة أكثر من 60 معتقلًا سياسيًا آخرين في السعودية، بينهم قاصرون ما زالوا رهن الاعتقال مثل:
عبد الله الدرازي، يوسف المناسف، حسن زكي الفرج، جواد قريريص، مهدي المحسن، علي السبيتي، علي المبيوق.
كما أن شقيقه محمد لباد ما يزال معتقلًا ويواجه خطر الإعدام، فيما كان شقيقهما فاضل قد أُعدم في الإعدام الجماعي الذي نُفذ في أبريل 2019.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن جريمة إعدام جلال لباد، بعد سنوات من الاعتقال التعسفي والتعذيب، تمثل تجسيدًا لنهج النظام السعودي في استخدام عقوبة الإعدام كأداة قمع سياسي.
كما تكشف عن استخفاف واضح بالتزاماته الدولية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب، فضلاً عن تجاهل رسائل وبيانات المقررين الأمميين.
وتعتبر المنظمة أن هذا الإعدام يشكل رسالة مزدوجة: للداخل السعودي: أن أي معارضة أو احتجاج، حتى من القاصرين، ستواجه بأقسى العقوبات.
للمجتمع الدولي: أن المملكة لا تتورع عن تحدي الاتفاقيات الدولية والالتفاف على الضغوط الحقوقية، مستندة إلى تحالفاتها السياسية والاقتصادية التي توفر لها الحماية من المساءلة.
ارسال التعليق