حرب اليمن
السلطات السعودية تعتقل صحفيا يمنيا أثناء أداءه مناسك العمرة
أثار اعتقال الصحفي اليمني مجاهد الحيقي من قبل السلطات السعودية في مطار جدة يوم 12 أغسطس/آب 2025، قلقًا بالغًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، وسط اتهامات للرياض بممارسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وغياب أي تصريح رسمي يوضح أسباب هذا التوقيف.
وكان الحيقي قد أوقف أثناء عودته من أداء مناسك العمرة برفقة والدته، في حادثة وُصفت بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين الدولية التي تكفل حرية التعبير والتنقل.
وبحسب روايات مقربين من الحيقي، فإنه خضع للتوقيف المفاجئ في مطار جدة قبيل مغادرته عائدًا إلى اليمن، حيث تمت مصادرة جواز سفره وهواتفه، ثم اقتياده من قبل عناصر الأمن إلى جهة مجهولة.
ومنذ ذلك التاريخ، لم تُصدر السلطات السعودية أي بيان رسمي يوضح ملابسات الاعتقال أو التهم الموجهة له، ما زاد المخاوف بشأن سلامته ووضعه القانوني.
وتشير منظمات حقوقية يمنية إلى أن الحيقي ظل طوال السنوات الماضية صوتًا صحفيًا ناقدًا وملتزمًا بتغطية الانتهاكات الإنسانية في اليمن، وأن اعتقاله يأتي في سياق أوسع من التضييق على الصحفيين العرب سواء داخل المملكة أو خارجها.
أعربت مؤسسات صحفية ومنظمات حقوقية عن إدانتها الشديدة لما وصفته بـ”الإخفاء القسري” الذي يتعرض له الحيقي.
فقد أصدرت منظمات يمنية ودولية بيانات مشتركة حملت فيها السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن سلامته، وطالبتها بالكشف عن مكان احتجازه وتمكينه من التواصل مع عائلته ومحاميه، مؤكدة أن استمرار إخفائه يمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي.
من جهتها، دعت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين (CPJ) السلطات السعودية إلى احترام التزاماتها الدولية المتعلقة بحرية الإعلام، مؤكدة أن الصحفيين لا ينبغي أن يكونوا عرضة للتوقيف بسبب عملهم أو آرائهم.
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها السعودية انتقادات على خلفية اعتقال صحفيين أو ناشطين دون محاكمات عادلة.
فالتقارير الحقوقية الدولية لطالما أشارت إلى وجود حالات متكررة من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري طالت كتابًا وصحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وتؤكد هذه المنظمات أن غياب الشفافية والإجراءات القانونية السليمة يفاقم القلق على حياة المعتقلين وسلامتهم.
ويرى مراقبون أن قضية الحيقي قد تتحول إلى اختبار جديد لالتزام السعودية بما تعلنه من إصلاحات في المجال الحقوقي، خاصة في ظل سعيها لتحسين صورتها الدولية وتعزيز علاقاتها مع المؤسسات الأممية.
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من الرياض حول اعتقال الحيقي. واعتبرت منظمات إعلامية أن هذا الصمت يندرج ضمن سياسة “التكتم” التي تعكس الرغبة في تجنب المساءلة أو الاعتراف بالخطأ.
كما أعربت عائلته عن قلقها البالغ، مؤكدة أنها لا تعرف أي تفاصيل عن مكان احتجازه أو وضعه الصحي، لا سيما وأنه يعاني من بعض المشاكل الصحية التي تتطلب رعاية خاصة.
ووفقًا للاتفاقيات الدولية، يُعد الإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية إذا ما مورِس بشكل واسع أو ممنهج. وتنص المادة التاسعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق كل إنسان في الحرية والأمان على شخصه، وعدم جواز اعتقاله أو احتجازه تعسفًا، وحقه في أن يُبلغ بأسباب اعتقاله فورًا.
كما تؤكد اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري على ضرورة تمكين المعتقل من التواصل مع أسرته ومحاميه وتقديمه سريعًا أمام قضاء مستقل.
وبناء على هذه المبادئ، يرى خبراء قانونيون أن ما تعرض له الحيقي يمثل انتهاكًا صارخًا، ويستوجب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي للضغط على السلطات السعودية لإطلاق سراحه.
تزايدت المطالبات المحلية والدولية بضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن الحيقي. فقد أكد نشطاء وصحفيون يمنيون أن احتجازه لا يخدم سوى “تكريس الخوف وإسكات الأصوات الحرة”، مشددين على أن مثل هذه الممارسات لن تُخفي الحقيقة ولن تُضعف إصرار الإعلاميين على نقل الواقع.
كما ناشدوا المنظمات الأممية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، بالتحرك العاجل للضغط على الرياض من أجل إنهاء هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وقضية الصحفي اليمني مجاهد الحيقي تُعيد تسليط الضوء على ملف حرية الصحافة والانتهاكات المستمرة بحق الصحفيين في المنطقة. فالاعتقال التعسفي والإخفاء القسري ليسا فقط اعتداءً على حق فرد في الحرية، بل هما رسالة تخويف تطال الوسط الإعلامي بأكمله. وفي غياب أي مبرر قانوني أو إجراء قضائي شفاف، تبقى مطالب الإفراج الفوري عنه هي السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة.
ارسال التعليق