أكاذيب وألاعيب قناة العربية إلى متى…؟
التغيير
مملكة آل سعود تعتقد أنها تستطيع أن تتلاعب بوعي الناس وعقولهم من خلال ما تنفقه على قناتها من أموال باهضة، فهي تحارب العروبة والقومية العربية من خلال فضائية يؤثر الكثيرون على تسميتها بـ”العبرية”، فقد تعودنا من قناة العربية تقديم خدماتها للسياسة الأميركية بمال عربي تدفعه مملكة آل سعود من أجل إبعاد شبح الثورة والتغيير عن مضاربهم وإبقاء المنطقة العربية تحت السيطرة الأميركية. كما تعودنا منها تقديم وجبات طازجة من الأخبار والصور الكاذبة والمفبركة عن أحداث جرت وتجري في دول عربية، والهدف تهييج الشارع العربي وإحداث تصدعات عميقة في مجتمعاته.
قناة العربية جهزت، وانطلقت، بتشجيع غربي وأمريكي وبخبرات غربية صهيونية بمشاركة إمبراطورية ”مردوخ” الصهيونية الإعلامية، أنشأها النظام الوهابي السعودي، وتم شراء الإعلاميين والأقلام المتناثرة في الإعلام العالمي، لتمرير الدجل السعودي بإظهار هذا النظام السعودي كنظام عروبي وإسلامي، وصناعة مواقف تاريخية عظيمة له مع القضية الفلسطينية والقدس، والأقصى، وتجاه العرب والمسلمين… أي بتحويل السراب الكاذب إلى وجود، رغم أن السراب سيبقى سراباً، مهما حاول المضللون ”بكسراللام” إيهامنا بوجوده.
منذ بداية ”الربيع العربي” وهذه القناة تسخّر ساعات بثها الطويلة من أجل الترويج للفتنة والطائفية والانقسام داخل المجتمع العربي، والتحريض على القتل والإرهاب والتخريب والفوضى في كل الدول التي لا ترضى عنها أمريكا وإسرائيل، وكأنه مطلوب منها أن تصفي حساباً مع الدول الممانعة للنهج الصهيوني، أو أن تثأر من الشعوب العربية، عن كل صهيوني قتل في الجولان ولبنان وفلسطين، أو عن كل أميركي صرع في العراق، لدرجة أننا بتنا نشعر وكأن الإعلام الأميركي والصهيوني أقرب للحيادية والإنصاف في تناول الأزمات العربية من إعلام ”العربية” المأجور والمتاجر.
وسنسوق هنا ثلاثة وجوه أساسية من ذلك التزوير الذي لحق ويلحق بوظائف قناة العربية ، مع ما يترتب على ذلك من نتائج بالغة السوء.
يتمثل الوجه الأول في النيل من مبدأ حرية المعلومات وحرية الخبر، وذلك عبر وسائل متعددة مثل: حجب الخبر، أو اجتزاؤه، أو انتقاء خبر دون آخر، أو تقديمه بشكل مُغرض وموجّه، هذه الوسائل أو الأشكال، تُغيّر وظيفة الإعلام وتحوّله إلى أداة للتعتيم والتجهيل وحرمان المواطن من مواطنته، وتالياً يصبح الإعلام غير مستقل وبعيد عن المصداقية.
الوجه الثاني يتمثل في السيطرة على الأخبار والمعلومات عن طريق تقديمها على نحو موجّه لخدمة هدف سياسي محدد، مع ما يرافق هذا التقديم من تعليقات أو تحليلات من خبراء، تُوغل في ”التغريض” مواربةً أو على نحو سافر، وغالباً ما ينفضح ذلك من خلال نوعية الضيوف المُستقدَمين إلى إبداء الرأي، أي يؤتى بمن يشايع قناة العربية المستضيفة ودولتها الممولة لها… ثم إذا ما أريد ستر العورة باستقدام رأي مخالف، لا يُمنح صاحبه مهلة زمنية مناسبة، بمعنى أن توزيع حق الكلام أيضاً غير عادل.
أما الوجه الثالث للتزوير فيتجسد في اللجوء إلى تنميط الوعي وقوْلبة الرأي أو أقنمته بهدف توجيه رأي السامع أو المشاهد والتأثير فيه لمصلحة هدف سياسي، وهذا طبعاً تزوير فاضح لوظيفة الإعلام واستهانة بكرامة المواطن ومواطنيته… من جهة أخرى فإن مثل هذا التنميط في تحويل هدف بناء الرأي العام، ومقتضاه الموضوعية والحياد في نقل الخبر وعرضه وتحليله، والتوازن في عملية التحليل والإضاءة، والسعي إلى توجيه الخبر توجيهاً موضوعياً، كل ذلك يجعل الأمر بعيداً عن عملية أو هدف بناء الرأي في مسألة أو موضوع ما.
فقناة العربية وأعوانها يعتمدون أسلوب التجييش الإعلامي المأجور، لتعبئة الحقد والكراهية والطائفية والتحريض على الإجرام والخراب بالمنطقة العربية، فقد تخلت عن القيم والأخلاق الإنسانية والضمير في هذا الظرف الذي يفتقر معظم حكامه إلى الضمائر والقيم الإنسانية.
فبدلا من أن يكون الإعلام شاهداً على اللحظة وناقلا للحقيقة أضحى في "عهد قناة العربية" إعلاماً مأجوراً يعتمد على المجرمين مراسلين والقتلة محللين، وقد لاحظ الشعب العربي الكثير من الصور المفبركة والرسائل الإعلامية الملفقة والفاضحة المليئة بالشر والكذب وصفها مرتزقة الإعلام الوهابي وأضحى همهم التشويه وضرب استقرار المجتمعات العربية، وقد شاهد الكثير من الصور المزيفة عما حدث في ليبيا وتونس والعراق واليمن ولبنان وسورية وغيرها.
فبين الإرهابيين الذين يحملون السلاح ويقتلون ويفجرون ويخربون، وإعلام ”العربية” التي اختارت أن تكون منبراً حراً للإرهاب وذراعاً تسويقياً له، هناك قواسم كثيرة مشتركة يستدل عليها عندما يحتل الإرهابي نشرات أخبار قنواتها، بإسم ”المجاهد” وعندما يحمل زعيم التنظيم المسلح أو السلفي أو التكفيري لقب ”الشيخ” علناً، وعندما تصور المجازر المروعة التي ترتكبها الدواعش الإرهابية على أنها بطولات ”للثوار!” في قتال الدولة الوطنية… لم العجب ما دام كل شي في عرف ”قناة وهابية الربيع العربي” مباحاً.
بمعنى آخر الذي حدث في المنطقة العربية والذي سمي (بالربيع العربي) سبق ذلك حملات إعلامية طالت بلداناً عديدة، والتي كانت تهدف إلى استخدام الإعلام كوسيلة للوصول إلى الغاية المرجوة عبر الفبركات لإقناع الرأي العام بفظاعة ما يحدث على الأرض والإيحاء بأنه لا يمكن حل هذا الإشكال إلا عبر التدخل الدولي لحماية المدنيين وبالتالي يكون الإعلام قام بتمهيد حقيقي من خلال الصورة والفكرة المراد التركيز عليها للوصول إلى الهدف المطلوب.
وتصبح الحرية والديمقراطية هي أداة القتل التي تمت في مناطق كثيرة وانهيار مجتمعات بكاملها أي بمعنى تلاشيها كدولة بكافة مكوناتها وانهيارها اقتصادياً، وربما يكون هذا هو الهدف المراد أو هي بداية للمتابعة باتجاه إدخال المنطقة بحالة تخلف لم يسبق لها مثيل كما يحدث الآن في المنطقة العربية والشرق الأوسط، للسيطرة على الثروات بكافة أشكالها والبدء بتشكيل واقع ومعطيات جديدة هدفها مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، والأمر الواضح الذي يتم أيهام العالم به هو حماية المدنيين وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.
كل ما تحدثنا عنه بعضه طبّق، والبعض الآخر تجري المحاولة لتطبيقه للوصول إلى الغاية المرسومة. فالتضليل والدعاية عن الواقع والحقيقة في خضم المواجهة الإعلامية حول ما جرى في ليبيا يؤكد دور الإعلام في الحرب، والتي كان ضحيتها الشعب الليبي، إضافة إلى ما جرى ويجري في العراق أو في تونس أو في اليمن أو لبنان أو الجزائر أو مصر أو السودان… والحملة الإعلامية التي تبث سمومها تجاه ما يجري في سورية هو الدليل على قوة الهجمة وشراستها، والتي شاركت بها محطات غربية وعربية عبر الفبركة المصطنعة والتي تخدم الغرض المراد والتي تصاعدت وتيرتها بشكل مستمر من خلال تصوير الحالة وكأنها أضحت بحكم المنتهية لإيهام الرأي العام بصورة مغايرة للواقع وزرع اليأس والخوف.
إن قناة العربية الفتنوية هي منطقياً ”قناة الكذب” عدا عن كونها ”قناة الإرهاب”. ومن يمارس الكذب ويصنع الإرهاب يكون بالفعل صانعاً للحدث على قاعدتي الكذب والإرهاب، ولكن كيف يمكن لمن يصنع الحدث على قاعدتي الكذب والإرهاب أن يحتفي بما يفعل وأن يحتفل؟.
أيمكنه بمثل هذا الأسلوب أن يبرّئ نفسه؟. وهل يمكنه بمثل هذا الأسلوب أن يضمن لنفسه احتراماً بين الأمم والشعوب؟. وأين يمكن تصنيف سلوكه على أساس الدين الذي حوّله إلى وسيلة لإثارة الفتن عند الآخرين؟. هل مشكلته هي مشكلة الخاطئ في سلوكه أم أكثر؟.
في ”اللسان” أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النيّة والقصد، لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب، والمخطئ لا يعلم. وحين يكون الأمر متصلاً بخطط فتنوية مدبرة، وبإعلام يسهم في تنفيذ هذه الخطط تحت عنوان صناعة الحدث، وبزمن مديد يسبق تنفيذ هذه الخطط أو يواكبها، فإن الكذب الذي تمارسه قناة العربية لا يمكن أن يعزى إلى الخطأ، بل هو الكذب المتعمّد. أما من يقعون في الخطأ بسبب التضليل الإعلامي الذي يمارس عليهم فحكمهم حكم المخطئ وليس حكم الكاذب المتعمّد للكذب، والمتسبّب في توريط الآخرين بالفتن، أي أنهم أقرب إلى الضحايا منهم إلى المفسدين.
إن استغراق الإعلام السعودي في الكذب إلى أقصى الحدود، وعلى مدى سنوات طويلة، وما أنفقه من أموال على مروّجي أكاذيبه ووسائل ترويجها، لا يمكن أن يعطي للنظام السعودي، ولا لأجهزة الإعلام التابعة له، ولا لعملائه أدنى قدر من المصداقية، وإنما يؤدي إلى انهيار كل مصداقية. والمثل يقول ”ليس لمكذوب رأي”، والحكماء يقولون ”ليس لكذاب مروءة”، ويقولون ”من عرف بالكذب لم يجز صدقه”. ولعلّ هذا ما يفسّر الواقع الراهن الذي يعجز فيه النظام الحاكم في السعودية عن إقناع الآخرين بمن فيهم من شغّلوه في تنفيذ مخططهم الشيطاني أن واقعة تصفية الصحفي السعودي جمال خاشقجي بالطريقة التي تمّت بها لم تكن دون علم وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان وبأمر منه.
فالأدوار التي لعبها النظام السعودي وإعلامه في الكذب وخدمة التآمر من شأنها أن توطّد إحساس العالم كله باستعداد هذا النظام لارتكاب أي لون من ألوان الجريمة، والأهم أن هذا النظام مستعد لأن يكذب ويلفق ويراوغ لتبرئة الحاكم من مسؤولية الجريمة.
إذاً ما الفرق بين الإعلام الدعائي للإرهاب والعمل الإرهابي نفسه؟ لا نعتقد بأن هناك فرقاً بينهما سوى في الفعالية والأهمية التي يضمن فيها الإعلام الشريك في سفك الدم العربي للعمل الإرهابي ديمومته، كما يضمن استمرار المساعدات المالية له، وتجنيد دواعش جدد يسفكون الدماء ويفجرون الحياة لغايات ومصالح مجنديهم التي لم تعد خافية على أحد.
نعم، لقد خرجت فضائية ”العربية” المأجورة عن دورها المهني، فالمذيع فيها يتحول إلى ما يشبه الخبير والعالم بكل شيءٍ، فهو يطرح الأسئلة المغرضة، ويتوقع الاحتمالات على الأرض كما يحلو له، ممارساً بوقاحة عملية التشفي والتحريض على القتل والجريمة، مستعيناً بمن يسميهم (محللين وخبراء) مأجورين حتماً، الأمر الذي يذكّر بدور ”رامبو الأميركي” الذي يعرف كل ما يدور في جميع المدن والقرى، ليل نهار وصباح مساء، وهو في ذلك يوحي لهم بأن أوضاع الناس سيغطيها الرخاء الأميركي والغربي، كما غطى أهل العراق الذين لا يجدون قطرة ماء نظيفة، ويعانون من الأوبئة والأمراض والفقر في ظل الديمقراطية الأميركية!
ولم يتوقف دور قناة العربية على لعب الدور السلبي فحسب، بل لعبت أيضاً على وتر القضايا الإسلامية والعربية مستثيرة بذلك أحاسيس ومشاعر الشباب المتحمس، وذلك ليس حباً فيهم بقدر السعي وراء جر الشعوب إلى الحروب الأهلية والفوضى، ليس فقط لإنجاح المخطط الصهيوني بل أيضاً لتسمح للغرب بالتدخل والسيطرة على مقدرات الأوطان وثرواتها وتقاسمها مع الشركاء بحجة حماية المدنيين الأبرياء، ثم إقامة أنظمة جديدة وعملية قابلة للتطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل كامل وفي شتى المجالات.
لقد انطلت تلك الحيلة المنفذة بإشراف خبراء دوليين متخصصين في الإعلام الموجه على الشعب العربي بكل أطيافه، حتى إن الأصوات القليلة التي أدركت خطورة الدور الذي تلعبه هذه القناة وحاولت أن تنبه إلى ما ينتظر المجتمع العربي من مآس ومصائب على يديها، قمعت وأخمدت في مهدها، لتظل الساحة مفتوحة لعبث وتشويه وتخريب قنوات التضليل مع التصفيق لها من الجمهور العربي المستغفل.
وبالوصول إلى الإعلام العربي المتهالك أصلاً منذ عقود، الذي يُشبه بشكل غريب كل فرد منا، تأكله رغبة جامحة بفرض آرائه على الجميع، غير المجتمعين بدورهم، فمن المُضحك المبكي في الوقت نفسه أن يعتقد أحدنا بأن أفضل القنوات العربية التي خرج بهم العالم العربي أجمع، هي قناة العربية، تسير على درب الإعلام الحر والحيادية في نقل الخبر، إذ لا يكفي أن تصدح شاشتهم بأقوال صحيحة حتى تكون سياستهم صحيحة مثال: ”أن تعرف أكثر” عن كل العالم إلا مملكة آل سعود، إضافة إلى اختراقهم لأبسط قواعد الإعلام باعتمادهم على مصادر غير موثوقة ومتخفية، أي لا يمكن حتى التعرف إلى صحّة ما تنقل من أخبار، وهذا بحجة عدم قدرتهم على إقحام مراسليهم في قلب الحدث، ليصبح حالهم كالمثل القائل (نكايا بالطهارة…).
هذه ”الفوضى الخلاقة” كما عبر عنها أحد كتاب ”التايمز” البريطانية، هي في النتيجة لصالح العدو الإسرائيلي، أن تبقى إسرائيل بمنأى عن الخوف والرعب، الذي إذا توحد العرب من أقصاهم إلى أقصاهم لهاجر اليهود عائدين إلى بلادهم من دون حرب… لاقتلعوا وجودهم من أرض لي، ووطن ليس وطنهم لأنهم يعرفون أنهم بدون الدعم الأميركي المستمر بالمال والسلاح سيجدون أنفسهم في غير مكانهم وبأنهم فوق أرض ليست أرضهم.
ومن المؤكد والواضح جداً، أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت ميدان اختبار وتجارب، بين طرفين متصارعين لإثبات وجودهما وفاعليتهما، وهذان المتصارعان ليسا بشراً بل وسائل ابتدعها البشر وهي من صنعهم وهي وسائل الإعلام… فالأحداث المفتعلة إلى حد ما، جعلت التسارعية صفة من صفاتها في كثير من الأمكنة والبلاد شرقاً وغرباً وفي المنطقة العربية خصوصاً، حيث يجري على أرض الواقع تنفيذ المخططات ونزالات أشبه بنزالات الفرسان في القرن السابع والثامن عشر، لتقسيم المقسم وتجزيء المجزئ!
والآليات المعدة لهذا الهجوم، باتت واضحة ومهيئة، وأقصر طريق يسلكه الغرب لبلوغ ذلك، هو التمزيق الدائم والاختراق المستمر وإشعال نار الفتن التي تحرق الأخضر واليابس، ولذلك تسعى الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، التي يديرها ويمتلكها مسؤولون سابقون في الدول الغربية (ذوو انتماء صهيوني وينفذون أجندات صهيونية) تسعى إلى استخدام إعلام التضليل لـ قناة العربية، التي لا تتوقف لحظة عن بث سمومها في المجتمعات العربية خدمة لأمريكا وإسرائيل.
فبئس سعار الإعلام التضليلي الفتنوي لـ قناة العربية حين يغتسل من مواثيقه وأخلاقياته وتتطهر منه الصدقية والشفافية، وبئس الإعلاميون حين يتمنطقون بالياقة وربطة العنق ويتسابقون إلى منصات التتويج… في سوق العبيد! ولم يبالغ بعض المحللين والكتاب السياسيين عندما وصفوا هذه المحطة الإعلامية المأجورة بأنها تحولت بالفعل إلى ”قواعد للمارينز” الإعلامي الذي يشن هجوماً شرساً على كل من يحاول عرقلة سير السياسة الأميركية الهادفة إلى الهيمنة على الأمة العربية وتسييد إسرائيل على المنطقة.
ارسال التعليق