الاخبار
السعودية في أسبوع - من 25 إلى 31 أكتوبر 2025م - مملكة الوهم وغضب يتراكم
خلال الأسبوع الممتد من 25 إلى 31 أكتوبر 2025م، كشفت الأخبار والمقالات الصادرة من الصحف المحلية السعودية، والصحف العالمية، إضافةً إلى مراكز الدراسات والبحوث والمنظمات الدولية والحقوقية، عن مشهد قاتم يتّسع في ظلّ سلطة محمد بن سلمان؛ حيث تتداخل إدارة المال مع إهدار الكرامة، ويتحوّل المواطن إلى شاهدٍ صامتٍ على مسرح يوميٍّ تتكاثر فيه القسوة والعزلة والإنكار.
المحور الأول: رأس المال فوق الدم - عودة بنك باركليز المثير للجدلشهد هذا الأسبوع كشفاً عن تقارب اقتصادي لافت بين الرياض وأحد أكبر البنوك الغربية المتهمة بتمويل الصراعات المسلحة، مما أثار استياءً واسعاً في الأوساط المتابعة.
ترحيب رسمي بـ "بنك الدم" الماليفي ملف اقتصادي مثير للجدل كشفت صحيفة "خبر" وموقع "صُبرة نيوز" عن ترحيب رسمي بعودة بنك باركليز البريطاني إلى الرياض، رغم تورّطه التاريخي والراهن في تمويل الإبادة في غزة.
وجاء في المقال: "رأس المال فوق الدم: حكومة ابن سلمان ترحّب بعودة بنك باركليز المتورّط في تمويل الإبادة إلى الرياض". أكد المقال أن الخطوة تمّت بمباركة مباشرة خلال قمة "مبادرة مستقبل الاستثمار" (FII) التي تحوّلت، كما وصف التقرير، إلى "منصّة لتبييض سمعة الشركات المتورطة في الحروب والانتهاكات".
تفاصيل الشراكة والإدانة الأخلاقيةوفق التقرير، حضر الرئيس التنفيذي لباركليز إلى الرياض معلناً عن نية البنك فتح مكتب دائم في السعودية لتعزيز عملياته المالية. اللافت في الأمر أن باركليز، كما تقول حملة التضامن مع فلسطين، ممول رئيسي لحرب الإبادة في غزة واستثماراته تتجاوز 2.5 مليار دولار أمريكي في تسع شركات تسلّح إسرائيل.
المقال يختتم بسطر صادم يعكس المأزق الأخلاقي للمملكة: "كل دولار يربحه باركليز من تمويل إسرائيل، هو رصاصة جديدة في صدر مدني في غزة".
سياسة التبعية الاقتصادية
هذه الخطوة، بحسب المقالات، ليست صدفة بل هي امتداد لنهج محمد بن سلمان في دمج رأس المال العالمي في مشاريع "رؤية 2030" دون اكتراث بمصدره أو تاريخه الأخلاقي. هذا النهج يرسل رسالة واضحة: العلاقات الاقتصادية مع الغرب أهم من التضامن مع فلسطين.
وفي الوقت الذي تعلن الرياض رسمياً رفض العدوان على غزة، تموّل أدواته عبر شراكات مصرفية وتجارية. وعلق موقع "خبر" أن عودة باركليز "تحدٍ صريح للرأي العام العربي والإسلامي" إذ تأتي رغم حملات دولية لمقاطعة البنك.
المحور الثاني: التطبيع غير المعلن والإهانة الإسرائيليةتزامنت التحركات الاقتصادية مع كشف عن تصريحات إسرائيلية مسيئة للمملكة، قوبلت بصمت رياضي، ما اعتبره المحللون دليلاً على تراجع الكرامة الوطنية مقابل المنافع الاقتصادية المتوقعة.
نظرة إسرائيلية مهينة للمملكةبرز في الأسبوع ذاته محور التطبيع غير المعلن. فتصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصحفيين عبريين كشفت نظرة إسرائيلية مهينة للمملكة بوصفها "خزان أموال لا دولة ذات كرامة".
قال سموتريتش في مقابلة متلفزة، اقتَبَسه موقع "مرآة الجزيرة": "إذا أراد السعوديون دولة فلسطينية مقابل التطبيع، فليواصلوا ركوب الجمال، ونحن سنستمر في التطور الحقيقي." هذا التصريح يقلل من المطالب السياسية السعودية إلى مجرد "ركوب جمال" في مقابل التقدم التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي.
كما كتب الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد على منصة X: "السعودية هي مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي… لديها الكثير من المال وتريد الاستثمار في إسرائيل والتطبيع من أجل التعاون الاقتصادي".
الصمت الرسمي: تبعية سياسية وإعلاميةلم يصدر أي رد رسمي من الرياض على هذه التصريحات، وهو ما فُسّر في المقالات بأنه "صمت يُعبّر عن حالة تبعية سياسية وإعلامية ترافق مسار التطبيع"، حيث يُسمح للإسرائيليين بالإهانة بينما يُطلب من السعوديين الصبر باسم المصالح المشتركة والصفقات المستقبلية.
المحور الثالث: انهيار المنظومة الاجتماعية والتعليميةعلى الصعيد الداخلي، سلطت الصحافة المستقلة الضوء على تدهور حاد في مستويات المعيشة والتعليم، مشيرة إلى أن الإصلاحات المعلنة لا تعدو كونها واجهة تخفي تدهوراً بنيوياً.
المواطن سلعة في سوق الترفيه الفاشلتناولت مقالة موقع "حرية تغيير" بعنوان "مواطنة مُباعة وأمنٌ مُهدَّد: ثمن القرارات العبثية لابن سلمان يدفعه المواطن"، انهيار منظومة الأمان الاجتماعي نتيجة سياسات التبذير والخصخصة العشوائية. أكدت المقالة أن القرارات الأخيرة "حوّلت المواطن إلى سلعة في سوق المشاريع الفاشلة، يُطلب منه الصمت بينما تُنفق المليارات على مواسم الترفيه والمهرجانات".
يشير التقرير إلى أن الإنفاق على مشاريع غير منتجة يستهلك السيولة العامة، بينما تتراجع الخدمات الأساسية التي تضمن "الأمن الاجتماعي" للمواطنين.
التعليم في الهاويةوفي تقرير آخر على المنصة نفسها بعنوان "انهيار التعليم السعودي تحت شعار الكفاءة: جيل مزدحم في وطنٍ فارغ"، تتحدث المقالة عن تدهور مستوى التعليم وتفريغ المدارس من مضمونها المعرفي الحقيقي.
تُشير المقالة إلى أن النظام التعليمي بات أداة لترويج الولاء للسلطة أكثر من كونه مشروعاً وطنياً لبناء الأجيال، حيث يتم التركيز على المقررات الجديدة التي تمجد الحاكم وتهميش العلوم الأساسية اللازمة للإنتاج الاقتصادي الحقيقي.
المحور الرابع: القمع الاقتصادي والمالي الداخليبالتوازي مع الإنفاق الترفيهي الضخم، ظهرت مؤشرات اقتصادية داخلية مقلقة، بالتزامن مع استمرار سياسة القمع ضد أي صوت معارض.
استمرار القمع الحقوقي الصارمنشرت "القسط" الحقوقية خبراً عن إعادة محاكمة مدافعٍ مخضرمٍ عن حقوق الإنسان في السعودية والحكم عليه بالسجن 25 سنة إضافية، معتبرةً أن الأمر يعكس استمرار القمع بلا هوادة ضد النشطاء رغم الخطاب الرسمي عن الإصلاح والانفتاح. هذا القرار يرسل رسالة مفادها أن هامش الحريات العامة محدود جداً، وأن أي محاولة للنقد الذاتي ستُقابل بأقصى درجات العقوبة.
عجز الميزانية في زمن الوفرة المزعومةأما على صعيد الاقتصاد الداخلي، فقد تداولت تغريدات محلية على منصة X خبراً صادراً عن وزارة المالية عن عجزٍ في ميزانية الربع الثالث لعام 2025 بلغ 88.5 مليار ريال سعودي(ما يقارب 23.6 مليار دولار أمريكي).
جاءت التعليقات لاذعة تصف السبب بأنه "مشاريع وأفكار فاشلة لشخصٍ مريض" مثل مواسم المصارعة والإنفاق العشوائي على المشاريع العملاقة التي لا تحقق عائداً سريعاً، مشيرة إلى أن هذا الإنفاق "ينهك الاقتصاد ويزيد البطالة" في القطاعات الحقيقية.
تم حساب هذا العجز بطريقة بسيطة تقوم على طرح الإيرادات الحكومية من النفقات الحكومية، أي أن الدولة أنفقت أكثر مما جنت من دخلها، ويُفترض أن سبب هذا الخلل هو ارتفاع الإنفاق بشكل غير متناسب وبشكل يدل على عبثية إدارة دولة بسبب المشاريع الترفيهية والمصاريف الاستثمارية الضخمة.
الخلاصة: مملكة الوهم وغضب يتراكمهذه الوقائع، عند جمعها في إطار واحد، تقدّم لوحة واضحة لأسبوع سعودي مضطرب: مشاريع ضخمة بلا نتائج حقيقية، تقارب مع بنوك دمّرت شعوباً (باركليز)، صمت أمام إهانات من حلفاء التطبيع (سموتريتش)، وانهيار داخلي في التعليم والمواطنة والاقتصاد.
كل ذلك يرسّخ ما وصفه أحد التقارير بـ"مملكة الوهم التي يصنع إعلامها ملكاً من الأكاذيب الرقمية"، بينما تحت الرماد يتراكم غضب المواطنين الذين يدفعون ثمن مغامرات السلطة بالكرامة والمعيشة.
ارسال التعليق