السلطات السعودية تستمر في تبييضها الرياضي مع تصاعد عمليات الإعدام
في الوقت الذي تنفذ فيه السلطات إعدامات جماعية، تصل الفورمولا 1 إلى السعودية. كان هناك خمسة عمليات إعدام هذا العام، آخرها كان يوم الثلاثاء، والتي تمت تزامناً مع وصول الفرق لسباق الجائزة الكبرى.
أعدمت السعودية 43 شخصاَ منذ بداية هذا العام وهي في طريقها لإعدام عدد أكبر من أي وقت مضى خلال عام واحد، وكان عام 2022 أسوأ عام حتى الآن على هذا الصعيد، فقد تم تنفيذ ما لا يقل عن 196 عملية إعدام، بما في ذلك81 عملية إعدام في يوم واحد في 12 مارس/آذار، قبل أسبوعين من سباق الجائزة الكبرى السعودي في ذلك العام، الأمر الذي يؤكد عدم اكتراث الأنظمة الاستبدادية بتعديل قوانينها الجائزة حتى مع استضافتها هكذا مناسبات ضخمة.
وتشير منظمات حقوقية الى تضاعف المعدل السنوي لعمليات الإعدام منذ وصول محمد بن سلمان إلى "السلطة" في عام 2015. وفي الفترة من 2010 حتى2014 كان هناك ما متوسطه 70.8 عملية إعدام سنوياً ليرتفع في الفترة من 2015 إلى 2023 بلغ المتوسط 139.7.
انتقد لويس هاميلتون مرارا وتكرار الفورمولا1 لفشلها في المطالبة بإصلاحات جدية في مجال حقوق الإنسان في البلدان التي تتسابق فيها. وفي عام 2022، تحدث عن الرسالة التي تلقاها من عائلة عبد الله الحويطي، الذي تم اعتقاله وتعذيبه في السعودية عندما كان يبلغ من العمر 14 عاما وحكم عليه بالإعدام لارتكابه جريمة لا يمكن أن يكون قد ارتكبها.
ولا يزال عبد الله الحويطي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام ويواجه خطر الإعدام الوشيك. يمكن أيضا إعدام طفلين متهمين آخرين تم تعذيبهما للإدلاء باعترافات كاذبة في أي وقت: عبد الله الدرازي ويوسف المناسف. وقد أُدين كلاهما بجرائم إرهابية بعد حضورهما الاحتجاجات المزعومة. ومن الناحية العملية، يمكن أن تعني اتهامات "الإرهاب" في المملكة العربية السعودية الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية أو ببساطة الاختلاف العلني مع محمد بن سلمان.
قال ياسر الخياط، الذي كان شقيقه من بين 81 رجلاً أُعدموا في 12 مارس/آذار 2022: "قبل عامين، أُعدم أخي مع 80 رجلاً آخر لأنه تجرأ على الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية في المملكة العربية السعودية. وبعد أسبوعين، انطلقت الفورمولا 1 في المملكة وكأن شيئاً لم يكن. يقتل هذا النظام أعدادًا قياسية من الأشخاص كل عام، لكن يبدو أن السائقين والفرق والجهات الراعية لا يهتمون. أود أن أقول لهم إنهم من خلال مساعدة السلطات في خلق صورة زائفة عن المملكة العربية السعودية، فإنهم يقويون يد الجلاد. يمكنهم أن يطالبوا بوقف إراقة الدماء لكنهم أجبن من أن يفعلوا ذلك”.
بدوره أفاد جيد بسيوني، رئيس فريق ريبريف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: " الفورمولا ١ تساعد في غسل سمعة نظام محمد بن سلمان الملطخة بالدماء بينما تكذب على نفسها أكاذيب مريحة حول دفع التقدم في مجال حقوق الإنسان. إذا امتلك عدد قليل من السائقين شجاعة ومبادئ لويس هاميلتون، فيمكن أن تصبح الرياضة قوة من أجل الخير، من خلال رفض السباق في البلدان التي تحكم على المتهمين الأطفال بالإعدام وتعدم الأشخاص بسبب حضورهم الاحتجاجات.
وقال طه الحاج، المدير القانوني في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: “في كل عام، تتعمق أزمة الإعدام في المملكة العربية السعودية أكثر قليلاً، حيث تدرك السلطات أنها يمكن أن تقتل مع الإفلات من العقاب وتستمر في التعامل مع أفضل العلامات التجارية في العالم. . العواقب وخيمة على شعب المملكة العربية السعودية ودماءهم ملطخة بكل شركة راعية للفورمولا وان”.
من جانبه اشار فرانك كوند تونبرغ الناشط السياسي والمدافع عن حقوق الانسان في منظمة العفو الدولية ان عبد الله الدرازي وجلال اللباد، معرضان لخطر الإعدام الوشيك في السعودية وانهما كانا تحت سن الثامنة عشرة عامًا وقت ارتكاب جرائمهما المزعومة، مشيرا الى ارسال 8696 توقيع إلى الملك سلمان للمطالبة بإسقاط حكم الإعدام.
والدرازي واحد من تسعة قاصرين اعتقل عام 2014 لمشاركته في احتجاجات ضد معاملة الدولة للمواطنين في القطيف.
طيف واسع من استغلال الرياضة:
في تقرير مطوّل لوكالة بلومبرغ، استعرضت عبره واقع استغلال السعودية للرياضة في محاولات تبييض صورتها أمام العالم.
وتقول الصحيفة أن الهدف من استغلال الرياضة هو إثارة جيل الشباب في السعودية وتحسين المكانة الدولية للبلاد.
وتنقل رفض المنتقدين، مثل منظمة العفو الدولية، الجهود المالية الكبيرة على اعتبارها "غسلاً رياضياً" ــ وهي محاولة لتحويل الانتباه عن سجل حقوق الإنسان في البلاد. مذكرة أن ابن سلمان كان قد أعرب نفسه عن عدم مبالاته تجاه مثل هذه الانتقادات، قائلاً إن استراتيجيته تساهم في تحقيق النتائج المرجوة مثل النمو الاقتصادي.
في إجابتها على سؤال "هل يؤتي هذا ثماره؟"، تقول بلومبرغ أن حملة تعزيز كرة القدم المحلية حققت نتائج متباينة في الوقت الحالي. استحوذت الأندية المحلية على العشرات من أفضل اللاعبين العالميين، لكنها لا تزال تكافح من أجل جلب المشجعين إلى ملاعبها. بلغ متوسط الحضور لموسم 2023-2024 8321 شخصًا فقط حتى الآن، بانخفاض حوالي 10% عن الموسم السابق.
وفي إطار إضاءتها على أبرز إنفاقات السعودية في الميدان الرياضي، تشير بلومبرغ إلى ذلك بالقول " صدمت السعودية عشاق لعبة الجولف عندما وافقت مسابقة LIV للغولف الناشئة على التوصل إلى اتفاق مع منافستها جولة PGA، وهي الهيئة التي يقع مقرها في الولايات المتحدة والتي نظمت تقليديًا بعض الأحداث الرياضية البارزة، في يونيو 2023.
في حين أن ذلك كان مصدرًا ومع وجود الكثير من الجدل القانوني، وهناك شكوك حول المسار المستقبلي، أنفق صندوق الاستثمارات العامة ملايين الدولارات على كبار لاعبي الغولف ولم يُظهر أي علامة على كبح جماح طموحاته. وقد اشترت بالفعل نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي لكرة القدم المتعثر في عام 2021، واستحوذت على العديد من فرق كرة القدم السعودية.
تتابع "ومنذ ذلك الحين، جذبت المملكة العربية السعودية بعضًا من أكبر نجوم الرياضة للعب في المملكة. انضم كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر المحلي براتب سنوي يقدر بـ 200 مليون دولار. وحاولت الدولة أيضًا ـ وفشلت ـ في توظيف ليونيل ميسي مقابل 400 مليون دولار سنويًا، ولكن لديها الآن أسماء بارزة بما في ذلك البرازيلي نيمار والمهاجم الفرنسي كريم بنزيمة الذين يلعبون على الأراضي السعودية".
وتستطرد الصحيفة في حديثها عن أبرز محطات اجتذاب السعودية لنجوم عامليين: استجلبت مدربين مشهورين، بما في ذلك ستيفن جيرارد وروبرتو مانشيني، وهي حاليًا صاحب العرض الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034.
هذا وكانت قد كتبت ٢٨ منظمة حقوقية رسالة إلى الرئيس التنفيذي لشركة “الفورمولا وان” أعربت عبرها عن سخطها من استخدام البحرين لسباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 في “الغسيل الرياضي” لسجل البلاد السيئ في مجال حقوق الإنسان.
وفي الذكرى ال٢٠ لاستضافة البحرين للسباق، تصف الجمعيات الذكرى بأنها “مرور عقدين من التبييض الرياضي”.
ووسط ادعاءات من الفورمولا 1 بأنها كانت ” قوة من أجل الخير” في البلاد، حثّت المجموعات الحقوقية الفورمولا 1 على إطلاق تحقيق مستقل لتقييم تأثيرها على حالة حقوق الإنسان في البحرين. مشيرة إلى أنه رغم مزاعم الفورمولا ١ بأنهم يأخذون العنف وانتهاك حقوق الإنسان والقمع على محمل الجد، إلا أن البحرين استمرت في انتهاك حقوق المواطنين بشكل منهجي، واستمرت في قمع المعارضة، وإسكات الصحفيين، وإدامة العنف بشكل روتيني، بما في ذلك التعذيب وعدوانية الشرطة. حيث تواصل السلطات قمع حرية المواطنين في التعبير والتجمع، بما في ذلك حول السباق نفسه.
إلى ذلك، كان قد عبر ٢٠ نائباً بريطانياً عن مخاوف كبيرة بشأن دور الاتحاد الدولي للسيارات “فيا” و”فورمولا 1″ في الغسيل الرياضي الذي تواصله البحرين و”السعودية”.
وجاء ذلك في رسالة وجّهها النواب الذي ينتمون إلى أحزاب بريطانية عدة، منهم الزعيم السابق لحزب “العمال” جيرمي كوربين ومستشار الظل جون ماكدونيل، إلى الرئيس التنفيذي لـ “فورمولا 1” ستيفانو دومينيكالي، ورئيس “الاتحاد الدولي للسيارات” (ذو المقعد الواحد) نيوكولاس تومبازيس، طالبوا فيها بـ “إجراء تحقيق مستقل في بطولة سباقات السيارات وأنشطة هيئتها الإدارية في البلدان التي لديها سجلات حقوق الإنسان المشكوك فيها”.
وأدان النواب، في رسالتهم العام الماضي، رفض “فورمولا 1” التعامل مع جماعات حقوق الإنسان مثل “معهد البحرين للحقوق والديموقراطية” عند منح البحرين أطول عقد في تاريخ “فورمولا 1” (حتى عام 2022)، مشيرين إلى أنَّ ذلك “ينتهك سياسة “فورمولا 1″ الخاصة”.
بدورها نددت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بتجاهل مسؤولي تنظيم سباق الفورمولا 1 لملف حقوق الإنسان في “السعودية”.
وتوجهت بالسؤال ” كيف تحترمون حقوق الإنسان كما تعلنون في بيانكم، بينما تقيمون سباقاً في السعودية التي تنتهك أبسط حقوق الإنسان؟ تعدم السعودية بعد محاكمات غير نزيهة، تقتل القاصرين بعد انتزاع اعترافات تحت التعذيب، تحكم بالسجن لسنوات طويلة لتهمة التغريد وتعتقل المدافعين عن حقوق الإنسان".
ارسال التعليق