
بين الحج الجاهلي برعاية "آل سعود"، والحج الأكبر برعاية "غزة هاشم"
[حسن العمري]
* حسن العمري
الان وقد ركنت العير وبركت وأفرغت حملها واستراحت من مشقة عناء السفر، واستقر الحجيج في ديارهم، ونكثوا غبار البهيمية والجاهلية وآثم الفريضة المكتوبة بدلاً من الاحتفاظ بركنها الحقيقي وأهدافها الاسلامية الصحيحة كما أمر به الله سبحانه وتعالى وأراد من وراء إقامة المسلمين لفريضة الحج وشعيرتها برمي الشيطان بعد المكوث بعرفات والتريث لساعات في مزدلفة وأسباب كل هذه الطقوس وما وراء حكمتها، إذا بهم يعودون حاملين على أكتافهم أوزار الحج الجاهلي بدلاً من الحج الأكبر وهو ما دفعهم اليه مشايخ "هيئة كبار العلماء" وهبلهم محمد بن سلمان حيث الرفاهية العالية لأصحاب الثروات في كل قسم من أقسام هذه العبادة الربانية، وإغراق الترف والتسلية حتى في الطواف بعجلات كهربائية بذرائع لا تنم للاسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
أريد للحج أن يجسّد وحدة الأمة الإسلامية من خلال اجتماع ملايين المسلمين من مختلف البلدان في مكان وزمان واحد بلباس موحد وشعائر مشتركة؛ وفرصة لطرح قضايا الأمة ومناقشة هموم المسلمين في أنحاء العالم، والسعي لإيجاد حلول جماعية لها؛ ودعوة لنبذ التفرقة الطائفية والعرقية والسياسية، وتذكير بأن المسلمين أمة واحدة كما ورد في القرآن الكريم؛ تعزيز روح الأخوة والتعاون بين الشعوب الإسلامية.. وكذا ترسيخ مفهوم أن القوة في الاتحاد لا التنازع،؛ وبناء الوعي الإسلامي من خلال نشر رسالة الحج عند العودة، والدعوة إلى الوحدة والعمل الجماعي في مواجهة التحديات... لكن أين آل سعود والمؤسسة الدينية من كل ما يريده الله سبحانه وتعالى من فريضة الحج؟!.
حجيج هذا العام حمل معه أعباء سواد وجه آل سعود ومؤسستهم الدينية بقيادة آل الشيخ الذي أعمى الله قلبه قبل بصره فأوعز للمشايخ وأئمة الحرم المكي والمساجد والقائمين والمشرفين على موسم الحج الأكبر، بإتباع أوامر ولي الأمر الطائش الأرعن "محمد بن سلمان" بالذهاب بالحجيج نحو الحج الجاهلي كما كان على قبل الإسلام.. فحمل الحجيج معهم ذكرياته خاصة فيما كانوا منشغلين بأيام التشريق ورمي الشيطان بمنى، أشغلهم هبل آل سعود بمهرجان"ليالي العيد" طرباً ورقصاً وسكراً وفي أقرب المناطق من بيت الله العتيق منها جدة الى جانب عاصمة بلاد الحرمين الشريفين الرياض ، حيث التعري والاستهتار واختلاط الجنسين على سواحله وفي وشوارعها.. بدلاً من ذكريات العبادة والوحدة الاسلامية والتعاون والتعاضد والتكاتف لحلحلة قضايا الأمة المنكوبة وغزة ولبنان وسوريا تنزف دماً عبيقاً بسبب البترودولار السعودي الخليجي ومجازر كيان الحقد والكراهية العداء لأمة محمد صلوات الله وسلامه عليه منذ بزوغ شمس الإسلام وحتى لحظة كتابة هذه السطور حيث عشرات آلاف الأبرياء شهداء غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ مخضبين بدمهم لا ذنب لهم سوى أنهم مسلمين ويتجهون في صلواتهم نحو الكعبة الشريفة.
حج هذا العام كان مختلفاً وأكثر اختلافاً مما عهده المسلمون منذ عهد نبينا إبراهيم عليه السلام وحتى يومنا هذا خاصة في السنوات الأخيرة الماضية من عهد السلطة السلمانية القذرة، حيث حوالي مليون و670 ألف حاج وقفوا في عرفة ومكثوا في منى بكل تجهيزاتها كي يعبدوا الله ويرموا الشيطان ويكفروا عن ذنوبهم ليشددوا على وحدانية الباري تعالى والعبودية له.. في الوقت ذاته كان يمكث أكثر من مليوني مسلم في أرض خربة وأسلحة الدمار الشامل تنهال عليهم دون مآوى في غزة لا يسأل عنهم أحد.. وقف الحجيج على صعيد عرفات مجردين من مظاهر الدنيا، فيما كان يقيم أهالي غزة الحج الأكبر واقفين بين يدي الله سبحانه وتعالى وهم يفقدون كل شيء حتى أنفسهم واضعين باكفان ملونة مضرجة بالدماء البريئة، وبقرات ترامب تدفع نحو قتلهم وذبحهم بالتريليونات التي قدموها على طبق الذل والهوان والعمالة والانبطاح الذهبي لعدو الله والانسانية الرئيس الأمريكي البلطجي.
يلتف حجيج الرحمن والرحمن براء من غالبيتهم كحكامهم الذين لا يفكرون بمشاكل الأمة والمسلمين، حول البيت العتيق سبعة أدوار ويسعون بين الصفا والمروة سبع ايضاً، مفطرون بألذ المأكولات والمشروبات حيث لا صيام لهم.. فيما يلتف أبناء غزة صائمين فلا طعام لديهم ولا حتى ماء مهرولين من هنا وهناك أشواطاً متعددة لا تعد ولا تحصى بحثاً عن لقمة تسد جوعهم، ليقعوا في كمائن مصيدة لجنة الإغاثة الأمريكية لتسلمهم الى قنابل الموت الصهيوني بالجملة كل يوم.. وهنا انتهى وقوف الحجيج وعادوا الى ديارهم سالمين حاملين على أكتافهم أوزار مآسي أخوانهم في الدين والعقيدة والعروبة، بالتزامهم الصمت المطبق مما يجري في غزة ولبنان وسوريا، وشعوب هذه الدول لا يعرفون متى ينتهي دور ذبحهم وتقف الساعة معلنة نهاية موسم المجازر الدموية دون هوادة.
كل ذلك يجري وحكام البلدان الخليجية وفي مقدمتهم خونة بلاد الحرمين الشريفين هم السبب الأساس فيما تجري من دماء الأبرياء في غرب آسيا في الوقت الراهن.. بيانات ادانتهم السخيفة لا تساوي الحبر الذي يطبع به أو الصوت الذي تذيعه على وسائل اعلامهم المسموم، ولا يخفي حقيقة مشاركتهم ورغبة في إبادة أخواننا في منطقتنا خاصة غزة واستمرار الحرب والصراعات الدموية فيها، ونائبة سفير الكيان الصهيوني في مصر "روت وسيرمان" تشدد أن مواقف دول عربية لا تؤيد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقالت وسيرمان خلال مقابلة مع القناة الـ13 الإسرائيلية: “الأنظمة العربية مثل السعودية والإمارات ودول أخرى لا يريدون أن يكون هناك وقف إطلاق النار في غزة ولبنان وسوريا.. هم غير معنيين بذلك، وكل شيء يفعلونه بالسر يفعلون عكسه بالعلن".
صدقاً قالها الزعيم الافريقي الراحل نلسون ماندلا "الفاسدون لن يبنوا وطناً إنما يبنون ذاتهم ويفسدون أوطانهم" هم فاسدون حتى العظم وحتى آخر قطرة دم في عروقهم، ليس في أوطانهم فقط وإنما في الأمة برمتها.. للنظر ما فعله آل سعود في الأمة خاصة خلال العقود الأخيرة الماضية وكيف تعاونوا مع أعداء الله ورسوله والدين الإسلامي في صناعة الجماعات الارهابية التكفيرية ومزقوا أوصال الأمة برمتها من أفغانستان حتى لبنان، ومن سوريا حتى اليمن مروراً بالعراق ومصر و.. غيرها من بلاد المسلمين باعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها "الخيارات الصعبة" عندما كشفت النقاب عن الاتفاق بين واشنطن والعواصم العربية الخليجية لتشكيل ودعم الجماعات الارهابية التكفيرية في العالم الإسلامي والعربي.
اعلام وذباب محمد بن سلمان عكس صورة غير واقعية عن موسم الحج الأكبر لهذا العام الى الرأي العام العالمي مضللاً إياه بإجراءات السلطة الحاكمة التي أبعدت الأسس الحقيقية للحج والهدف من هذه الفريضة الربانية وجعلته بقوانينها المجحفة حكراً على الذين لا يبالون بما يجري لأمة محمد صلوات الله وسلامه عليه لتأخذهم ببرنامج "السفر الى السعودية" نحو وادي مراقص "ليالي العيد" بدلاً من تحقيق أهداف ودوافع فرض هذه الفريضة الربانية على المسلمين.. فباع آل سعود ومشايخهم الحج الجاهلي لهؤلاء بدلاً من الحج الابراهيمي مستخدمين فتاوى وعاظ سلاطينهم الذين أعمى الله قلوبهم وضمائرهم قبل أبصارهم وباعوا دينهم بدنياهم مقابل حفنة جيفة من دراهم "بن سلمان" ليلتزموا الصمت على العهر والدعارة التي حلت وتحل ببلاد الوحي والتنزيل على مرآي ومسمع الحجاج حتى في موسم الحج الأكبر.
دفعوا ويدفعون الأمة نحو تمزيق صفوفهم وتجاهلهم عما يدور من حولهم من مآسي ومجازر دموية يتعرض لها أبناء جلدتهم وديانتهم وهم صامتين دون تحريك أدنى ساكن، و"أبن رشد" وضحها جيداً "التجارة بالأديان هي التجارة الرابحة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل".. تقبل الله الحج الأكبر منكم يا أبناء غزة ولبنان وسوريا حيث لبستم الاكفان بدلاً من الاحرام مرفوعي الرأس شامخين غير عابئين مما يجري من حولكم تسليماً لله سبحانه وتعالى ورفضاً للشيطان.. أحرمتم بالشهادة والنصر الالهي، ووقفتم على جبل العزة والكرامة بدلاً من الوقوف على جبل عرفات.. طفتم حول قبوركم وبيوتكم المهدمة، قبل الطواف حول البيت العتيق.. تقربتم إلى الله بأرواحكم، ولم تتقربوا بأنعامكم..رجمتم جنود إبليس بما أعددتم من قوة، قبل رجم مقام إبليس بسبع حصيات.. تمتعتم بالجوع والتشريد، فيما حجيج البيت العتيق تمتعوا بالعمرة والحج الجاهلي محرماً غالبيتهم بالترف يعيداً عن أخبار المذابح التي تتعرضون له، دون مسؤولية ولا تحريك ضمير أو دعوة نو وإن كانت ظاهرية لنصرة إخوانهم في غزة على أقل تقدير.. انها السعودية بلد الردة عن الإسلام و عودة إلى الجاهلية الأولى - كما وصفها أحدهم.
ارسال التعليق