أمريكا.. هل تشعل الحرب في اليمن!؟ لاستنزاف أنصار الله ومحاولة تفكيك وحدة ساحات محور المقاومة!؟
[عبد العزيز المكي]
مما هو لافت، خلال هذه الأيام، هو تصاعد التوتر في اليمن بين أنصار الله من جهة وبين أمريكا وبريطانيا ومرتزقة السعودية والإمارات اليمنيين من جهة أخرى.. وذلك في ظل تواتر التهديدات المتبادلة بإشعال الحرب. والتحذيرات الدولية من تفجر الوضع في اليمن عسكريا.. فواشنطن استدعت قيادات عسكرية مرتزقة موالية لتحالف العدوان والاحتلال السعودي الإماراتي لأجراء لقاءات ومشاورات مع وزارة الدفاع والخارجية الأمريكية إلى جانب البيت الأبيض والمبعوث الأمريكي.. والملاحظ أن هذه اللقاءات والمشاورات تمحورت حول تحريك جبهات القتال مع أنصار الله، اذا لم يوقفوا حصارهم الاقتصادي والتجاري على العدو الصهيوني.. وفعلاً بعد هذه التحركات كثرت تهديدات المرتزقة لأنصار الله، والظاهر أن تلك اللقاءات تمخضت عن تأسيس غرفة عمليات مشتركة ينضوي تحتها جميع المرتزقة لتوحيد جهودهم وبإشراف أمريكي ضد أنصار الله، وهذا ما عكسته تصريحات وتهديدات وزير دفاع حكومة المرتزقة محسن الداعري في حوار مع جريدة الشرق الأوسط السعودية المدافعة قلبا وقالباً عن العدو الصهيوني !! حيث قال، إن ميليشيا ومرتزقة العدوان، جاهزون لمقاتلة أنصار الله والزحف نحو صنعاء، وما اسماه إنقاذ الملاحة الدولية بتحريك جبهات القتال وإشغال الحوثيين عن "تهديد الملاحة الدولية" بحسب تسميته! وأضاف الداعري.. لدينا خطط إستراتيجية ونستعد لساعة الصفر، كما أن الحوثي لن يتوقف عن استهداف الملاحة حتى لو توقفت الحرب، على حد زعمه!! ذلك بالإضافة إلى تهديدات وتصريحات بقية قيادات المرتزقة وزياراتهم المستمرة ولقاءاتهم المتواصلة بالمسؤولين الأمريكان، فضلا عن تهديدات الأمريكان أنفسهم، فوزارة الخارجية الأمريكية أعلنت تحرك عسكري يمني - أمريكي جديد ضد أنصار الله، في مؤشر على حرب قادمة!
وقالت الخارجية الأمريكية، أن رئيس هيئة الأركان العامة الفريق صغير بن عزيز، وسفير ما تسمى الشرعية لدى واشنطن محمد الحضرمي عقدا مباحثات مع المبعوث الأمريكي إلى اليمن يتم ليندركينغ، مؤكدة - الخارجية - التزام الولايات المتحدة بدعم "حكومة وطنية قوية" وعملية سلام بقيادة يمنية. وكانت كل من الخارجية الأمريكية والسفارة اليمنية في واشنطن، قد أشارتا إلى أن لقاءات بن عزيز في واشنطن تركزت حول ما تريده أمريكا من استئناف الحرب في جبهات القتال ضد أنصار الله!! حيث أعلن المرتزقة استعدادهم للزحف نحو صنعاء بحسب تقديرهم كما مر بنا في تصريحات الداعري الطنانة، بل التوتر بلغ إلى مستوى ما يراه البعض استعدادا لإخراج أنصار الله من ميناء الحديدة وانتزاعه في سيطرتهم!! الأمر الذي دفع بأنصار الله إلى الدفع بقوة عسكرية إضافية استعداداً للدفاع عن الميناء ودحر أي قوة غازية، وكان أنصار الله قد ردوا على هذه التحركات بتهديدات وأعلنوا استعدادهم لهذه الحرب متوعدين المرتزقة وأسيادهم بضربات ساحقة مماثلة لهم.
ففي هذا السياق قال القيادي في أنصار الله ومحافظ محافظة ذمار محمد البخيتي: "بينما تخوض حكومة اليمن حرباً مصيرية اسناداً لغزة، تهدد حكومة الفنادق بتفجير الحرب الداخلية، وتظهر اهتمامها بوقف عملياتنا العسكرية المساندة لغزة لا بوقف العدوان عليها" وأضاف في تدوينة على صفحته بمنصة "اكس" غزة تذبح من الوريد إلى الوريد، وكل هم المرتزقة هو حماية الكيان الصهيوني وتخفيف الضغط عليه، ما يكشف مدى سقوطهم وخستهم".. من جهته أكد النائب لوزير الخارجية السابق، حسين الغزي، أن صنعاء على يقين أن أمريكا وإسرائيل ستحركان الأذناب والأدوات الرخيصة". وقال.. هذا متوقع، ولذا أعددنا العدة متوكلين على رب عظيم، ومستندين على شعب غيور وكريم ومقاتل، ونقول لمرتزقة صهيون: نتحداكم أن تفعلوا ما قاله مخكم العميل، أقسم برب العاديات لن تسكت بنادقنا إلا على تحرير شامل بأذن الله".
أكثر من ذلك، إن بعض مرتزقة العدوان مثل السياسي والإعلامي الجنوبي خالد بن سلمان، صور أن الحرب سوف تنفجر خلال أيام معدودة!! فهذا الرجل رسم سيناريو الحرب المقبلة في اليمن، والأطراف الدولية المشاركة فيها مستنتجاً ومحدداً الطرف المنتصر فيها وكأنه القائد العسكري الذي يحدد سيناريو المعركة مع أنصار الله نيابة عن الاميركان والبريطانيين والصهاينة وعملائهم!! والسؤال في ظل هذا التوتر والتصعيد الإعلامي والسياسي والعسكري الذي تساهم فيه واشنطن مساهمة فعالة، هو الأمور ماضية نحو اشتعال الحرب الأهلية في اليمن!؟
برأيي إن هذا التصعيد يمضي أو يجري في إطار مسارين هما:
1- الضغط النفسي على أنصار الله بهدف إركاعهم سياسياً وإجبارهم على القبول بالطروحات والإملاءات الأمريكية والتي يشكل محورها الكف عن استهداف السفن التجارية المتوجهة نحو مواني العدو. وكذلك السفن الحربية والأمريكية والبريطانية التي تقدم الحماية للعدو، وما يدل على مثل هذا الاحتمال هو أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن تقديم العروض المغرية السياسية لأنصار الله لإقناعهم بالتنحي عن مناصرة غزة. ، ففي هذا السياق، قال: سيف المثنى والذي يعمل مديراً تنفيذياً في معهد واشنطن المقرب من الاستخبارات الأمريكية ومسؤول المناصرة في الكونغرس الأمريكي، أن هناك وساطة إقليمية وخليجية لحل سياسي في اليمن وفقاً لمبادرة خريطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي قبل حرب غزة.." مضيفاً أن.. "على رأس المبادرة الملف الاقتصادي وعودة مركزية إلى صنعاء.. وقبال هذه المغريات وغيرها، يمارس الأمريكان التهديد والتلويح بالخيار العسكري، ويستخدمون طائرات ب2 الشبحية في قصف صعدة.. والتي ادعى الأدميرال الأمريكي المتقاعد من البحرية الأمريكية روبرت موريت، أنها استهدفت مخازن أسلحة أنصار الله، بينما مرتزقة العدوان روجوا المقولة أنها استهدفت زعيم أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، وهو ما تبين مجرد محض هراء، إنما هي محاولات واضحة لممارسة الضغط النفسي والإرهاب والتخويف لأنصار الله لحملهم على التخلي عن مناصرة الفلسطينيين في غزة وما يعزز ذلك، هو تهديدات وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن، فقد أشار هذا الأخير إلى أن الحوثيين سيواجهون عواقب على هجماتهم غير القانونية والمتهورة بحسب زعمه وتوصيفه، مدعياً.. "أن واشنطن لن تتردد في اتخاذ أي إجراءات لردع الهجمات وحماية حرية الملاحة"..!! . وتجدر الإشارة في هذا السياق أن وزارة الخزانة الأمريكية كانت قد فرضت عقوبات على ١٨ فرد وشركة وسفينة تنقل النفط لتمويل أنصار الله !!..
على أن هذا الخيار لا يجدي نفعا مع أنصار الله لأن موقفهم تجاه فلسطين عامة وغزة خاصة موقف مبدأي يرتكز إلى العقيدة الإسلامية كما أوضح قائدهم وبقية مسؤوليهم مراراً وتكراراً، بأنهم لا تثنيهم عن موقفهم المساند للفلسطينيين لا الإغراءات ولا التخويف بالحرب.
أما المسار الآخر أو الخيار الآخر، فهو التلويح بالخيار العسكري عبر إشعال جبهات القتال مع أنصار الله، بتحريك مرتزقة العدوان ودفعهم نحو محاربة إخوانهم أنصار الله، وكما أشرنا في بداية الحديث أن قيادات المرتزقة باتت متحفزة للاستجابة خصوصا بعد ما حصلت على الأسلحة والمعدات اللازمة من أمريكا وبريطانيا، ووعدت بدعم جوي أمريكي بريطاني!!
وفي الحقيقة إن واشنطن ولندن متحمستان لهذا الخيار أولا، لأنهما عجزا عن منع أنصار الله عسكرياً من استهداف الملاحة البحرية مع العدو الصهيوني وهزمتا عسكريا باعتراف الخبراء العسكريين وغير العسكريين الأمريكان والبريطانيين، ولذلك فإن إشغال أنصار الله بحرب داخلية، واستنزافهم عسكريا بحسب تصور الأمريكان والبريطانيين يمكن أن يقنع أنصار الله أو يشغلهم عن المعركة البحرية مع حماة العدو الدوليين! وثانيا: الأميركان يريدون إشعال الحرب في اليمن إنسجاماً مع مخططهم الأمريكي المتمثل في ضرب أطراف المقاومة وتقليم أظافرها وإضعافها والإجهاز عليها، إما بالقضاء عليها تماما! أو بعزلها ومحاصرتها بعد إضعافهاـ وما يجري في غزة وفي لبنان إلا ضمن هذا التصور الأمريكي الصهيوني ظنا من الأمريكان والصهاينة أن ذلك يمكن أن يوفر لهم فرصة الهيمنة "واليد الطويلة" في المنطقة وصولاً إلى محاصرة إيران وعزلها أو حتى ضربها !!
على أن ما يؤخر الخيار الأمريكي البريطاني هو التردد السعودي والتخوف الإماراتي، لأن السعودية وان كانت في واقع الحال منحازة للعدو ولأميركا، وفي الظاهر تتظاهر بالحياد، إلا أنها تتخوف من اتخاذ موقف صريح بإعلان الحرب أو بدعمها ضد أنصار الله، ما دامت الحرب في لبنان وفلسطين غير محسومة للكيان الصهيوني بل إن الأخير يمكن أن يمنى بهزيمة منكرة بعد الضربات التي يتلقاها يومياً على أيدي المقاومين في غزة والضفة الغريبة وفي جنوب لبنان على العدو المشكوك في مستقبله وغير القادر على حماية نفسه فهرعت أمريكا لتنجده بمضادات "الثاد" فضلاً عن الدعم المتواصل بكل مستلزمات مواصلة الإجرام والقتل بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني ..
يضاف إلى ذلك أنه من غير المعلوم بالنسبة للسعودية إلى ماذا ستؤدي الحرب مجددا مع أنصار الله، وما هي تداعياتها على الداخل السعودي، على الاقتصاد وعلى المجتمع وعلى الوضع السياسي وحتى العسكري، سيما بعد التطور الهائل الذي حققه أنصار الله على الصعيد العسكري، وما زالت تجربة الحرب وتداعياتها قبل وقفها، على النظام السعودي ماثلة وكانت كارثية جداً على النظام السعودي، في حين لم يكن أنصار الله على هذا المستوى من التطور الذي الحق الهزيمة العسكرية بالتحالف الأمريكي البريطاني الدولي في المعركة البحرية.. وما يقال عن السعودية أيضاً يقال عن الإمارات، ذلك فضلا عن التناحر والانقسام الحاد أفقيا و عموديا بين مكونات وفصائل المرتزقة بسبب تفاقم الخلافات بين السعودية والإمارات حول النفوذ في اليمن، فما زالت هذه الانقسامات تعتبر عاملاً كبيراً في تقويض أي معركة مع أنصار الله ولذلك ينهمك الاميركان حاليا بتوحيد هذه الفصائل والميليشيات ومركزة جهدها نحو معاداة أنصار الله ومحاربتهم ولكن دون جدوى لأن تلك الانقسامات عميقة جدا.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق