أين النظام السعودي مما يجري للبنان العربي، من مذابح مروعة وتدمير فظيع ومتواصل، يقترفهما العدو الصهيوني ؟؟
[عبد العزيز المكي]
منذ تكثيف العدو الصهيوني عدوانه على لبنان ، وهذا العدو يمعن في جرائمه ضد الشعب اللبناني، حيث يرتكب المجازر الدموية بشكل يومي ويدمر البيوت والعمارات السكنية على رؤوس ساكنيها، بحيث تختلط أشلاء الأطفال والنساء والمسنين مع ركام البيوت والشقق السكنية التي تحولت هي الأخرى إلى أكوام متناثرة من الحجارة !!! وتطايرت جدرانها في مشاهد مروعة لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها الا ما يقترفه الكيان بحق غزة، لأن العدو يستخدم الصواريخ والقنابل الأكثر تطورا وفتكا بالبشر والحجر والشجر، لدرجة أن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، حليف العدو الصهيوني والداعم له بالأسلحة حذر من تحول لبنان إلى "غزة أخرى" داعيا إلى عدم التضحية بالشعب اللبناني، ووقف كل الأعمال العسكرية "الإسرائيلية" في لبنان، وعودة الجيش اللبناني إلى الحدود وإجراء انتخابات رئاسية في أسرع وقت.. وكان وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل - بارو قد ندد بالاستفزاز الصادر عن رئيس وزراء العدو نتنياهو، الذي كان قد هدد بتدمير لبنان مثلما حصل في غزة إذا لم يتخلص من حزب الله.. وقال بارو "إذا تم المضي قدماً بهذا الاستفزاز، فإنه سيجر لبنان البلد الصديق لفرنسا إلى الفوضى، فيما يعاني من حالة ضعف كبيرة، وهذا من شأنه أن يضع "إسرائيل" أمام مشكلات أمنية أكبر من تلك التي سادت قبل العمليات العسكرية في لبنان" على حد قول الوزير الفرنسي. من جهته رئيس الوزراء الأسباني، قال انه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى غير مبال بما يحصل في الشرق الأوسط! أما في أمريكا اللاتينية، فإن بعض دولها اتخذ موقفا متقدما جدا في هذا المجال انتصاراً للشعبين اللبناني والفلسطيني، حيث أعلنت القيادة النيكاراغوية، قطع العلاقات مع العدو الصهيوني. هذا ما ذكرته نائبة رئيس نيكاراغوا، روزاريو موريلو، من أن الرئيس داينيل أورتيغا أمر وزارة الخارجية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل" ، وقالت موريلو: "لقد أصدر رئيسنا تعليماته لوزارة الخارجية بالامتثال لطلب البرلمان وقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة "إسرائيل" الفاشية ومرتكبة الإبادة الجماعية.." وكان البرلمان النيكاراغوي (الجمعية الوطنية) قد طلب من الحكومة النظر في قطع العلاقات مع العدو..
وإزاء هذه المبادرات الرائدة من دول بعيدة عن لبنان وغير إسلامية ولا عربية، باتت التساؤلات كثيرة تطرح من العرب والمسلمين، هي من مثل أين مملكة الحرمين الشريفين ؟ أين القيادة السعودية من هذه المجازر التي ترتكب بحق الأبرياء من الشعب اللبناني وهم عرب أقحاح ومن المسلمين ؟! ألم تكن السعودية ترفع الانتماء العربي وشعار القومية سلاحاً بوجه كل من يعتبر لبنان عمقه أو يدافع عنه من الدول الإسلامية ؟ ألم تكن تقول أنها أولى بالدفاع عنه وبالتدخل في شؤونه (لبنان) بحكم انتمائها القومي، ولا يحق للآخرين غير العرب حتى ولو كانوا من المسلمين ذلك ؟؟ لندع ذلك، ألم يقل النظام السعودي وما يزال انه قائد "العالم السني" ونحن نتحفظ على هذا المصطلح الذي روجه الأميركان والصهاينة لشرذمة الأمة الإسلامية!؟ ألم يحتفظ بمراكز ومواقع وإدارات المؤسسات والجمعيات الإسلامية التي نراها تتحرك في كل اتجاه، إزاء قضية ما تخدم أعداء الأمة!؟بينما نراها تكمن في جحورها كالجرذان إزاء قضايا الأمة!؟ دع ذلك كله، لماذا لا يرقى موقف النظام السعودي على الأقل إلى الموقف الفرنسي مثلاً أو النيكاراغوي أو حتى الاسباني في العدو ومجازره الدموية المروعة بحق الشعبين المظلومين الفلسطيني واللبناني!؟ تساؤلات كثيرة باتت مطروحة اليوم في الشارع العربي والإسلامي تنتظر الإجابة من النظام السعودي! أكثر من ذلك، إن ما بات يثير غضب العرب والمسلمين، ويرفع من منسوب حنقهم من الأنظمة العربية واتهامهم لهذا النظام وغيره من الأنظمة العربية المتقاعسة، هو ليس لا مبالاة النظام السعودي إزاء المذابح والمجازر المروعة والجرائم البشعة التي يرتكبها العدو بحق الشعب اللبناني وكذلك الشعب الفلسطيني والسكوت عن تلك الجرائم وحسب، وإنما هناك معلومات تؤكد وقوف النظام السعودي إلى جانب العدو ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني، بتقديم العون والدعم لهذا العدو وتشجيعه على الإيغال في جرائمه ومذابحه بحق الشعبين اللبناني والفلسطيني، فقد اعترف قادة العدو بأن النظام السعودي وعد تل أبيب بتحويل تكاليف أي هجوم على لبنان بشيك مفتوح! إما يعني ذلك أن هذا النظام (السعودي) هو مشارك أساسي في هذا العدوان على لبنان بشكل مباشر أو غير مباشر!! وهذا ما تؤكده معطيات كثيرة، منها سكوت النظام السعودي عن مجازر العدو بحق الشعب اللبناني ولو ببيان خجول، بل على العكس جاء الموقف الرسمي للنظام السعودي بعد أسبوع من المجازر متشفياً!! فقد اكتفت الخارجية السعودية بالتحذير من التصعيد في المنطقة، وهي لا تعني بذلك استهداف لبنان بل الرد المرتقب من قوى المحور في المنطقة والذي تقف السعودية صدا منيعاً في وجهه، وتجدر الإشارة إلى أن وسائل إعلام عبرية كانت قد تداولت تقارير قبل تنفيذ الهجوم الإسرائيلي الأعنف على لبنان.. عن تلقى الاحتلال تأكيدات من دول عربية، سمّت السعودية والأردن، بجاهزيتها للتصدي لأي هجوم محتمل، وهما بذلك يشيرون إلى إمكانية شن المقاومة في اليمن أو العراق لأي هجوم محتمل رداً على المجازر "الإسرائيلية" في لبنان..
هذا أولاً: وثانياً :- هو صمت وسكوت هيئة علماء السعودية التي يقف على رأسها عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، فلم ينبس ببنت شفه هذا الأخير ويعلق على مجازر العدو في لبنان، وفعل ذلك أيضاً عندما ارتكب العدو المجازر المروعة في غزة، ولعلنا نتذكر أن هذه الهيئة وعلماؤها نشطت بشكل لافت في عامي ٢٠٠٧ و ٢٠٠٦ عندما نشطت القاعدة في العراق، فقد أصدر هؤلاء العلماء ۳۸ فتوى تحلل قتل "الشيعي الرافضي" وسبي عائلته والسيطرة على أمواله والقصة معروفة للقاصي والداني! لنترك العراق فهم يعتبرون الشيعة كفرة" وننتقل إلى غزة، فهم من أهل السنة والجماعة والأولى بل الواجب الإسلامي الدفاع عنهم بوجه العدوان والطغيان الصهيوني الذي يرتكب المجازر بلا رحمة.. فعبد الرحمن السديس رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بمرتبة وزير علق على المجازر في غزة قائلاً "يجب عليهم الرجوع - أي الفلسطينيين- إلى ولاة أمرهم والرجوع إلى علمائهم وألا يخوضوا (أي حرب مع العدو).." !! وهذا الداعية المدعو فهد بن سليمان الفهيد القريب من السلطة، كان تعليقه على تدمير غزة "يجب علينا أن نعرف أن المظلوم إن الله سينتقم له سينصره.. وانه لا يجوز للمسلمين أن يتصرفوا دون الرجوع إلى ولاة أمرهم.."!! أما الداعية عبد العزيز بن ريس الريس الذي ذهب إلى مرحلة متقدمة من الإساءة إلى المقاومة مصرحاً.. "قتل قليل من اليهود هو الذي سيؤدي إلى قتل الكثير من المسلمين، ولذلك يجب الامتناع عن هذه الأمور" !! بينما هؤلاء العلماء وغيرهم أفتوا بوجوب فرض الحصار على قطر وعلى تدمير اليمن والعراق!! وجديد هذه الشلة التي ترتدي صفة "العلمائية" و "الدعوة الإسلامية" وما إليها، هو أن مفتي السعودية رئيس هيئة هذه الشلة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ أفتى في يوم ١٩/10/2024 بحرمة قتل الصهاينة حيث ظهر آل الشيخ في مقطع في برنامج فناوى على الهواء مباشرة" وهو يرد على اتصال من لبنان بشأن الجهاد ودعم المقاومة ضد الاحتلال "الإسرائيلي". وفي سياق رد عبد العزيز آل الشيخ اعتبر دعم المقاومة لا يجوز ضد من وصفهم باليهود المسالمين، في إشارة إلى الاحتلال "الإسرائيلي.. وطالب آل الشيخ كل من يدعم من وصفهم "بالرافضة" في إشارة إلى المقاومة الشيعية وتلك المدعومة من إيران.. أن يتوب إلى الله باعتبارها من نواقض الإسلام!! فموقف آل الشيخ وبقية علماء الشلة السعودية ينسجم مع الموقف السعودي الرسمي الذي تعاقب وزارة داخليته كل من يدعم المقاومة في غزة او لبنان!! ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن هذه الفتوى أوجدت وأثارت غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي بين المتابعين وبين أوساط الأمة التي تنتظر من النظام السعودي وبقية الأنظمة العربية موقفا على الأقل يرقى إلى الحد الأدنى من مواقف التصدي للعدوان!
ثالثا: الإعلام السعودي المتصهين
كما في كل مرة، بل ودائماً انفرد الإعلام السعودي وبشكل فج ووقح بالوقوف إلى جانب العدو الصهيوني وعدوانه على الشعبين اللبناني والفلسطيني، متبنيا روايته ومروجا لأكاذيبه، ومسوقاً لمغالطاته وأوهامه المنسوجة من الخيال، إصراراً من هذا الإعلام المتصهين على دعم العدوان الصهيوني في حربه النفسية ضد الأمة، وفي محاولاته بث اليأس والإحباط في نفوس أبناء هذه الأمة!! ولقد اعترف العدو ببعض جوانب الدور الذي يقوم به الإعلام السعودي في خدمة الرواية الصهيونية، فقد كشفت القناة (11) العبرية عن خبايا وأسرار التعاون بين جيش الاحتلال والقناة العربية السعودية، وقالت في تقريرها في منتصف سبتمبر / أيلول ٢٠٢٤ إن "الجيش "الإسرائيلي" يمد قناة العربية بأخبار حصرية مقابل تحسينها لصورة إسرائيل في العالم العربي" ويبين هذا الكشف كيف أصبحت القناة السعودية أداة إعلامية عربية بيد جيش الاحتلال الذي يشن عدواناً مدمراً على المناطق السكنية في لبنان وغزة فعلى سبيل المثال إن الاحتلال زود قناة العربية السعودية باسم "خليل المقدح" القيادي العسكري في كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني فتح عندما قصف مركبته في مدينة صيدا جنوبي لبنان. إذا انفردت القناة السعودية في ٢١ آب / ٢٠٢٤ بالكشف عن اسم المستهدف داخل المركبة المحترقة الذي لم يكن أحد يعرف حينها هويته!! وقالت قناة (11) العبرية ، إن شهود عيان كانوا موجودين في مكان الهجوم، قالوا إنهم عرفوا اسم الشخص المستهدف ، في الوقت الذي كان فيه الدفاع المدني يحاول إخراج الجثة من المركبة ولم يتعرفوا بعد على هوية الضحية"!! كما انفردت قناة العربية بنشر تفاصيل الهجوم الصهيوني على مركز البحوث العلمية بريف محافظة حماه السورية في 9/9/2024 وهذه التطورات أكدتها أوريت بارلوف، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي والمستشارة السابقة في وزارة الخارجية الصهيونية في مقابلة نشرتها صحيفة هاآرتس في 27/8/2024، قائلة "تتعاون "إسرائيل" مع قناة العربية وتعمل على نقل الرسائل إليها!! وهناك الكثير من الأمثلة والشهادات الصهيونية على دور قناة العربية في خدمة العدو، لدرجة أن صحيفة هاآرتس قالت في ٢٧ / آب الماضي، أن قناة العربية تعمل لمنصة بديلة بعيداً عن الأصوات المعادية "لإسرائيل" في المنطقة.. وقالت الصحيفة أن العربية فجرت غضب المشاهدين العرب حين استضافت المتحدث باسم الجيش الصهيوني دانيال ها غاري ، من المنطقة الشمالية ليهاجم حزب الله على شاشتها لدرجة قال البعض "إنها قناة عبرية صهيونية" فضلاً عن تساؤل البعض ما إذا كانت محطة إسرائيلية بالفعل" وما ينطبق ويقال عن العربية ينطبق ويقال على كل وسائل الإعلام السعودية في هذا المجال للأسف.
رابعاً: تبني المصطلح الصهيوني في الخطابين السياسي والإعلامي لتكريس الرواية الصهيونية في وعي الأمة، ولتشويه المقاومة، فالخطاب السعودي يستعيض عن مصطلح الشهيد بالقتيل!! ويستعيض عن مصطلح العمليات الجهادية، بالعمليات الإرهابية وهكذا ، وفي ذلك تضييع للحق الفلسطيني واللبناني واضفاء نوع من الشرعية على الإجرام الصهيوني، كما يبرر أو يخلق التبرير للكيان المحتل في اقتراف الجرائم بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني وبحق كل شعوب المنطقة والتعمد في إسقاط حقوق هذه الأمة وتصفيتها!!
كل ذلك يؤكد أن النظام السعودي يشارك العدو الصهيوني في عدوانه على الفلسطينيين وعلى الأمة ككل، وهذا ما يفسر التواطؤ السعودي مع العدوان !!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق