حملة السعودية تتسارع لاستضافة كأس العالم لكن على حساب الأرواح
تتسارع السعودية لاستضافة كأس العالم ولكن على حساب الارواح البشرية، حيث ستمضي سنتان على وفاة جون نجاو كيبوي، حارس الأمن البالغ من العمر 24 عامًا وذلك في 13 ديسمبر، ولم تُعلن الظروف المحيطة بوفاته، ولكن ما نعرفه بلا شك هو أنه سقط من أعلى مدرج في استاد لوسيل بعد حوالي ساعتين من انتهاء مباراة الأرجنتين وهولندا في ربع نهائي كأس العالم.
استمرت الفعاليات كما لو لم يحدث شيء، وبعد ساعات من وفاة كيبوي، عادت الأرجنتين إلى استاد لوسيل لمواجهة كرواتيا، بينما كان الآلاف من المشجعين يسيرون غير مدركين بالقرب من المكان الذي سقط فيه، وبعد خمسة أيام، شهد نفس الملعب المباراة النهائية التاريخية بين ليونيل ميسي وكيليان مبابي، حيث نادراً ما تذكر أحد كيبوي وسط الاحتفالات الصاخبة.
وقالت شقيقته إنه كان يعمل لساعات طويلة في ظروف قد تكون قاسية، وقد أكد زملاؤه ذلك لاحقًا، كما أقيمت جنازته في وطنه كينيا ليلة رأس السنة، وتم بثها عبر الإنترنت، حيث شاهدها أكثر من 3500 شخص، كما تظهر الوجوه الحزينة لأقاربه وأصدقائه وهم يودعونه، مما يعكس الألم العميق لفقدانه.
تخللت مراسم التأبين كلمات مؤثرة تعكس الغنى الذي جلبه هذا الشاب لحياة من حوله ومجتمعه.
قد لا نعرف أبدًا العدد الدقيق للعمال المهاجرين الذين لقوا حتفهم أثناء العمل في مشاريع البنية التحتية والملاعب الخاصة بكأس العالم 2022 في قطر.
وتظهر الأرقام التي جمعتها هذه الصحيفة أن ما لا يقل عن 6751 شخصًا من عدد من الدول الآسيوية توفوا في قطر بين عامي 2010 و2020، كما كان من الصعب الحصول على إحصائيات من السفارات الأفريقية، مثل سفارة كينيا، إنها لعبة أرقام كئيبة حيث الآلاف من الناس لم يتمكنوا ببساطة من النجاة.
إليك رقمًا آخر: 21,000. هو العدد الإجمالي للعمال النيباليين والبنغلاديشيين والهنود الذين يُقال إنهم لقوا حتفهم في السعودية منذ إطلاق رؤية 2030 في أبريل 2016، كان هذا الكشف جزءًا من وثائقي بثته ITV بعنوان “المملكة المكشوفة: داخل السعودية”، حيث أظهرت لقطات من واقع السعودية التي قد يفضل أولئك الذين يعيدون تشكيل الدولة الصحراوية الشاسعة عدم رؤيتها.
وقد يبدو من السهل السخرية من بعض تصاميم الملاعب التي كشفت عنها السعودية في ملفها الرسمي لاستضافة كأس العالم قبل ثلاثة أشهر، هل سيبنون حقًا ملعبًا بثلاثة جوانب على قمة منحدر يطل على مشهد مذهل لسلسلة جبال؟ هل يمكن لأحد أن يصدق أن يكون هناك ملعب بارتفاع 350 مترًا فوق الأرض في مدينة نيوم التي لم تُبنى بعد؟
لقد أثبتت السعودية أنها لا تعبأ بالتحديات، فعندما يلزم الأمر يتم التنفيذ بأي تكلفة،فعلى سبيل المثال مشروع نيوم، حيث سلط الوثائقي الضوء بشكل خاص على الأراضي المخصصة للمشروع التي كانت مأهولة بقبيلة الحويطات، التي تعرض العديد من أفرادها للإخلاء القسري والعنف لضمان إخلاء الأرض من أجل البناء.
ويصور الوثائقي ذلك بشكل قاتم، ولكن أي شخص يرغب في معرفة الحقيقة يمكنه الرجوع إلى تقرير “الوجه المظلم لنيوم” من قبل منظمة حقوق الإنسان المحلية “القسط”، والذي يشرح بالتفصيل التكلفة البشرية لاستضافة مباريات كأس العالم في سماء عالية.
نذهب إلى نيوم اليوم، حيث يتم حفر أنفاق السكك الحديدية وحفر خندق لا ينتهي، المشروع متأخر عن الجدول الزمني، مع تمديد التواريخ وتلميحات بتقليص بعض أجزاء المشروع، كيف ستكون هذه المدينة العملاقة جاهزة لاستضافة بطولة كرة قدم النخبة في الوقت المناسب؟
أحد العمال يقول لمراسل ITV: “يتم التعامل معنا كمتسولين”، موضحًا أنه يعمل بانتظام 16 ساعة في اليوم دون إجازة لمدة أسبوعين، ويضيف: “لا يوجد وقت كافٍ للراحة، نشعر بالإرهاق ونعاني من القلق ليلًا ونهارًا.”
ويقول سائق إن العمال في مجاله بالكاد يحصلون على أربع ساعات من النوم وإن الحوادث شائعة.
وترد نيوم بأنها “تقيم الادعاءات” وأنها ستتخذ الإجراءات المناسبة إذا لزم الأمر، مشيرة إلى أنها تطلب من جميع المقاولين الامتثال لقواعد السلوك الخاصة بها.
المشاكل لا تقتصر على نيوم في الوثائقي، نزور عائلة مكلومة من نيبال حيث توفي ابنهم راجو في مخيم للعمال بجدة، مما أثار احتجاجات غاضبة.
ويقول أفراد عائلته وزملاؤه إنه كان مريضًا لشهرين ولم يحصل على العلاج اللازم، كما يظهر في الفيلم مشاهد من مخيم آخر يصفه العمال بأنهم “محاصرون كالعبيد”.
إذا كان هذا الأمر يثير قلقك، أو إذا كنت تشعر بأن آلاف القصص المؤلمة وغير المسموعة من قطر كانت مجرد تمهيد لمأساة أكبر قد تحدث لخدمة كأس العالم 2034 والمشاريع المرتبطة بها في السعودية، فقد يكون هناك وقت قليل لوقف هذا القطار.
في 11 ديسمبر، سيتم تمرير التصويت الذي سيمنح نسختي 2030 و2034 دون معارضة.
إن مساعي السعودية لاستضافة كأس العالم تثير تساؤلات جدية حول التكلفة البشرية وراء هذه الأحداث الكبرى، بينما تتطلع البلاد إلى تحقيق طموحاتها الرياضية، ينبغي أن يكون هناك وعي أكبر بحقوق العمال وظروفهم المعيشية.
إن تحقيق التوازن بين التقدم والتنمية واحترام الحياة البشرية هو التحدي الحقيقي الذي يجب على المجتمع الدولي مواجهته.
ارسال التعليق