"بن سلمان" وقمة حماية الطفل.. إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
[حسن العمري]
* حسن العمري
شهدت العاصمة الرياض انعقاد "القمة العالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني" خلال يومي 2 و3 أكتوبر الجاري، وذلك بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومعهد “DQ”، والتحالف العالمي "We Protect".. بهدف إرساء أُسس التعاون الدولي من أجل بناء فضاء سيبراني آمن ومُمكِّن للأطفال في جميع أنحاء العالم، بمشاركة نُخبة من صنّاع القرار الدوليين، وممثلي الحكومات، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، وأصحاب المصلحة الرئيسيين.. رافعة شعارات "تعظيم العمل الجماعي وتوحيد الجهود الدولية، تعزيز الاستجابة العالمية للتحديات التي تواجه الأطفال في الفضاء السيبراني، الحد من التهديدات الناشئة التي تواجه الأطفال في الفضاء السيبراني والتأكيد على أهمية حماية الطفل في الفضاء السيبراني لدى صناع القرار على المستوى العالمي.
شعارات رنانة ملونة بلون الأحلام الوردية التي تتمناها الشعوب، فيما حقيقة القائمين على هذا الملتقى والمشاركين وسياستهم على أرض الواقع تجافي تصريحاتهم وخطاباتهم وبنود أعمال القمة وبيانها الختامي.. الجميع من أصحاب الملفات السوداء الداكنة بلون دماء الأبرياء الذين سقطوا برصاص الحقد والكراهية الطائفية والشعبوية والمناطقية، ورؤى المخطط الاستعماري الصهيواعرابية ببترودولارات حكام الأنظمة الخليجية الملطخة أيديهم بدماء الأشقاء وابناء جلدتهم أكثر من غيرهم، باشعالهم الحروب بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط وعدوانهم الهمجي القبيح على أشقائهم اليمن نموذجاً، ودعمهم للجماعات الإرهابية المسلحة التي عاثت في دول الجوار الفساد وإراقة الدماء البريئة خاصة الطفولة في العراق وسوريا ولبنان وباكستان وافغانستان و...
السلطات السعودية وكعادتها في العمل الجاد لتبييض وجه العهد السلماني الاجرامي الدموي داخلياً واقليمياً واسلامياً، تنغمت باستضافتها لأول قمة عالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني ضمن أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني بنسخته الرابعة التي انطلقت، يوم الأربعاء الماضي، تحت شعار «تعظيم العمل المشترك في الفضاء السيبراني»، بمشاركة نُخبة من قادة الفكر وصنّاع القرار، وأبرز الجهات الدولية ذات العلاقة.. بغية زيادة الوعي العالمي لدى «صناع القرار» بشأن التهديدات المتزايدة التي يواجهونها؛ ليس على مستوى تحصين أطفالنا مما يشيعونه ويروجون له من ابتذال للأخلاق والمعتقد والتقاليد الاجتماعية والقيم التربوية التي علمنا إياها ديننا القيم وسار عليها آبائنا طيلة قرون، بل وضعوا أيديهم في بعضها البعض للحد والتصدي لكل ما يسعى الى زيادة وعي ونبوغ وعلم ومهارة وفكر أطفالنا كي لا يفيقوا على الإجرام الذي يستخدمونه في غصب أبسط حقوقنا الاجتماعية والفردية، وإبقاء الطفولة رهينة مكائدهم ومخططاتهم الارهابية يميلون بها كيفما شاء الطغاة العملاء.
مواصلة انتهاكات القيادة السعودية لحقوق الأطفال داخل وخارج حدود المملكة، دفع الى رفع مستوى الانتقادات الدولية الحادة التي تعري السجل الحقوقي المزري للسلطات السعودية.. عام 2020 السلطات السلمانية أمرا ملكيا يقضي بإنهاء تطبيق حكم الإعدام بحقّ الأحداث (القاصرين) لكن هذا الاعلان تضمن منافذ وثغرات تتيح للقضاة استثناءات عديدة، منها القضايا المرفوعة بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي بموجبه تم أُعدام العديد من القصر، على خلفية جرائم زعم ارتكابهم إياها عندما كان عمرهم دون الـ16 عاما من نظرة طائفية بحتة منهم مصطفى هاشم درويش في 15 يونيو 2021؛ ليفتضح الأمر مرة اخرى على أكاذيب ادعاءات محمد بن سلمان وتصريحاته للإعلام الداخلي والأمريكي دون مبالاة، ليعيد الكرّة مرة اخرى بإعدام القاصر عبد الله الحويطي، وكذلك جلال اللباد وغيرهم الكثير؛ ثم هناك أكثر من 40 قاصراً من ابناء الجزيرة العربية ينتظرون تنفيد حكم الإعدام في المملكة حالياً.
استمرار أحكام الاعدام وازديادها بحق قاصرين وحتى اعتقالهم وزجهم في السجون ومحاكمتهم بمحاكم الارهاب، يدل على استهتار السلطات السعودية، وعدم مراعاتها لحقوق الطفل، والخلط الواضح بين العمل السلمي والعمل العنفي، والأحكام المسيسة والانتقامية ضد معارضيها حتى وإن كانوا من الأطفال.. انتهاك حقوق الطفل والطفولة على يد نظام آل سعود لم ولن يقتصر على داخل بىلد الجزيرة، بل طال الأطفال في اليمن بشهادة الأمم المتحدة التي دعت السلطات السعودية باحترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وذلك عقب الغارات الجوية المروعة التي نفذتها سلطات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن وراح ضحيتها عشرات آلاف الضحايا من الأطفال، وبات النظام الإجرامي السعودي ضمن "اللائحة السوداء للدول والجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال" الأممية- وفق تقرير الأمم المتحدة عام 2019، والذي وثق قتل تحالف القوات السعودية وتشويه أكثر من 1700 طفل خلال العام الماضي في اليمن لوحده.
وسائل الإعلام التي يسيطر عليها البترودولار والعقلية الصهيوامريكية تتلاعب الیوم في عقول المجتمعات وتسوقها نحو ما تريد بغرض أخذ موافقتها أو تأييدها الضمني على الأحداث الجارية أو اخرى ستحدث في المستقبل من خلال أدواتها الممتدة والعميلة هنا وهناك ، لتستطيع ان تكون رأياً موضوعياً من الأحداث من حولك بما يتناسب وموقفها ورؤيتها وسياستها الاستعمارية الاستحمارية في بقاء الشعوب غبية تابعة لإرادتها ومصالحها النهبوية القمعية.. "تحويل وتشتيت الأنتباه" واحدة من أساليب التلاعب المعروفة في قلب الحقيقة التي يستعملها الاعلام الغربي والعربي المتصهين، حيث يقوم بتحويل انتباه الشعوب من الخبر الرئيسي الذي هو إجرام أدوات الاستعمار في منطقتنا، الى خبر آخرأقل أهمية أو حتى فرضية لكن لتنجح هذه العملية يجب أن تكون الفرضية أكثر إثارة وتشويقاً.
الإجرام البشع الذي ارتكبه محمد بن سلمان في قتل الطفولة اليمنية والعربية والاسلامية جعله في قمة قائمة سفاكي الدماء عالمياً، ما تمكن الإعلام الصهيوغربي وبواسطة رشى مال النفط لكبار ساسة الغرب أمريكا وبريطانيا وحلفائهما، وكذا بعض مسؤولي المنظمات الأممية مثل غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة وغيره العمل بكل جهد لتبييض صورته الدموية وشطب أسم "أبو منشار" من القائمة الفاضحة رغم كل التقارير التي أكدت مسؤوليته عن قتل وتشويه عشرات آلاف الأطفال في اليمن بسبب غارات طيران التحالف السعودي على المنازل والمدارس والمساجد والأسواق متقصداً الأطفال، ناهيك عن المئات الذين سقطوا جراء القصف البري والبحري، والملايين الذين أضحوا ضحايا الحصار القاتل منذ توليه ووالده السلطة في الجزيرة العربية وحتى يومنا هذا.
في 3 يوليو/تموز 2019، وجه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي رسالة لوزير الخارجية الأمريكي آنذاك "مايك بومبيو" طالبوه فيها بتفسير قراره استبعاد السعودية من قائمة الدول المعروفة بتجنيد الأطفال في تقرير الاتجار بالبشر.. الاستبعاد جاء في وقت تم فيه وضع السعودية على القائمة السوداء للدول التي تتصدر الاتجار بالبشر، والذي يتعارض مع ما هو منصوص عليه في قانون منع تجنيد الأطفال لعام 2008، مشددين في رسالتهم أن مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر أدرج معلومات بشأن ما ورد عن تجنيد السعودية للأطفال في اليمن (أكثر من 3 آلاف طفل وفق اليونيسيف) في صراعها مع الحوثي، وأنها مولت مليشيات يمنية استخدمت قاصرين في القتال ايضاً.. اليوم يتصدر نظام "أبو منشار" الدول العالمية لعقد قمة لحماية الطفولة من الفضاء السيبراني في وقت لم يدع رادعاً له في قتلهم وتشويههم والتمثيل بهم عبر أدواته في اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}-الحجرات الآية 6.. تبرئة النظام السعودي من دم أطفال اليمن، يعدّ سابقة خطيرة لا يجب المرور من جوارها مرور الكرام، لأنّ ما قامت به الأمم المتحدة يعدّ انتهاكاً صارخاً لجميع المعايير الدولية والقيم الإنسانية والأخلاقية، سيوسع دائرة الفوضى في المنطقة لا محالة، وأدى لقتل المزيد من الأطفال منها فلسطين وغزة ولبنان لأن القانون الدولي يحمي هؤلاء الجناة من الملاحقة الدولية، وهذا يدل على أن هذه المؤسسات الدوليّة والمنظّمات أصبحت دمية بيد تجّار الدّم وعلى اليمن وشعب اليمن الدفاع عن نفسه بنفسه، لأن دائرة الظلم تتوسع يوماً بعد يوم برعاية دولية فاضحة- مراقبون لحقوق الطفولة.
ارسال التعليق