بين مطرقة بني صهيون وسندان بني سعود.. كرامة الأمة تغتصب
[حسن العمري]
* حسن العمري
مشاهدة مروعة على كلا الجبهتين، يندى لها جبين الانسانية، وتذرف عيون الكرامة دماً بدلاً من الدموع، ويعتصر قلب الانسان الحر ألماً شديداً وهو يشاهد ما يخجله حيث الأجساد المتناثرة والمقطعة الأوصال للأبرياء على الجبهة الأولى غالبيتها من الأطفال والنساء وكبار السن، فيما أجساد الآخرين تترنح وتميل في أحضان بعضها البعض من الجنس المخالف يمين شمال دون خجل أو استحياء.. يحصل المشهد الأول في غزة هاشم سيد البطحاء وفي الجوار عند جبل عامل، فيما الآخر الذي تقشعر له الأبدان ويؤلم أكثر من المشهد الأولى يحصل في بلاد الحرمين الشريفين حيث الوحي والتنزيل لخاتمة الرسالات السماوية، مقر دين الأخوة والمحبة ورفض الظلم والجبروت والعهر والدعارة والانحلال الخلقي والاخلاقي {وإِذا خلوا إِلى شياطينهِم قالوا إِنا معكم إِنما نحن مستهزِئون}- سورة البقرة – الآية 14.
"التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الايام ، لقد امسكوا بكل شيء بكل تفاهتهم وفسادهم.. فعند غياب القيم والمبادئ الراقية وإفسادها يطفو الفساد المبرمج ذوقاً واخلاقاً وقيماً.. ويرتفع عالياً شعار انا اهرج، إذن أنا موجود.. إنه زمن التهريج!!" - من كتاب "نظام النقاهة" للفيلسوف الكندي المعاصر آلان دونو.. استذكرتني جملة الكاتب المصري عباس محمود العقاد، والمنولوجست المصري الهزلي "شكوكو" الذي قال اسألوا "العقاد" ينزل ميدان التحرير ويقف على أحد الأرصفة وسأقف أنا على الرصيف المقابل ونشوف الناس حتتجمع على مين؟، ليرد العقاد: خلي شكوكو ينزل ميدان التحرير ويقف على رصيف ويخلي "رقاصة" تقف على الرصيف الثاني ويشوف الناس "حتتجمع على مين أكثر"؟.
مساء السبت الماضي أعلن رئيس مجلس إدارة عهر محمد بن سلمان (الهيئة العامة للترفيه تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ من منطقة "المملكة أرينا" انطلاق موسم الرياض 2024، مقدماً الشكر الى «خادم الحرمين الشريفين» الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على الدعم اللامحدود لقطاع الترفيه ولموسم الرياض الذي أصبح صدى نجاحه يتردد في كل أنحاء العالم.. موسم الرياض الجديد 2024 انطلق بوصلات غنائية للفنانين Missy Elliott وCiara وBusta Rhymes، كما أطلقت الألعاب النارية وتزينت السماء بشعار موسم الرياض عبر عرض بطائرات الدروزنز، أعلى منطقة بوليفارد وورلد إحدى أكبر وأبرز مناطق الموسم.. فيما أشقائنا في غزة ولبنان باتوا تلك الليلة كما الليالي التي سبقتها وتلتها وستليها، على وقع أنغام صواريخ وقنابل وقذائف حقد وإجرام الصهيوني جواً وبراً وبحراً الممول بأموال البترول الخليجي والمدعوم من كبار أبالسة العالم أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا ومن لف لفهم..
عبارة الكاتب الراحل عباس محمد العقاد هذه رغم قساوتها إلا انها تلخص واقعاً مريراً مفاده أنه كلما تعمق الإنسان في الابتذال والهبوط والانحطاط ازدادت جماهيريته وشهرته.. السلطات الجائرة والأنظمة الديكتاتورية الفاقدة للشعبية والعميلة للأجنبي تعمل على ركون شعوبها لرفع الوضيع وتنزيل الفهيم.. وتدفع بهم نحو السذاجة والتهريج والسطحية ليس جديداً .. فثمة انتقادات لهذا الميل العجيب المتدني منذ زمن سقراط .. لكنه للأمانة لم يحقق انتصاراً ساحقاً وواضحاً إلا في عصرنا الحالي، خاصة في بلاد الحرمين الشريفين حيث باتت للمثليين والشواذ والعواهر والراقصات والعمالة و.. مكانة رفيعة بفضل سياسة محمد بن سلمان واهتمامه المتألق ودعمه الكبير من بيت المال العام؛ فيما سجون آل سعود تعج بالمشايخ والعلماء والدعاة والمفكرين والطلبة واساتذة الجامعات ودعاة حرية الرأي والعقيدة.
إدارة صحة غزة أعلنت يوم الاثنين الماضي ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع منذ 373 يوما إلى أكثر من 42 الف و400 قتيلا، وأكثر من 98 ألف مصابا القسم الكبير منهم أو غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ووزارة صحة لبنان أعلنت عن سقوط أكثر من 2235 شهيداً الى جانب أكثر من 10400 جريح حتى لحظة كتابة هذه السطور، والعدد آخذ في تزايد كل لحظة من إجرام بني صهيوني على أمة الحبيب المصطفى.. والسفيه المثلي الشاذ آل الشيخ يتبجح إن 2100 شركة وطنية منفذة لفعاليات موسم الرياض 2024، تمثل نحو 95% من الشركات المنفذة للموسم، وإن إيرادات الموسم المقبل ستتجاوز الموسم السابق، مؤكدا زيادة الطاقة الاستيعابية لفعاليات موسم الرياض 2024 بنحو 40 %- وفقا لصحيفة الاقتصادية.
حقاً وصفت صحيفة "واشنطن بوست" بانه "أمير النفاق"، إنه ولي عهد سلمان محمد بن سلمان، يدير مراقص المجون المختلطة، ويدفع بأبناء الجزيرة العربية نحو السقوط الخلقي والأخلاقي بكل ما للكلمة من معاني وتفاسير، ويدعوهم للعودة الى الوثنية والمثلية والشذوذ وعبادة غير الله سبحانه وتعالى، والابتعاد عن كل ما يؤلم الضمير والوجدان وحب الآخرين ومساعدتهم في ظل أجواء القمع والخفقان والبطش القبلي والمناطقي والطائفي لسياسته الاجرامية التي طالت علماء دين بارزين وناشطين وصحفيين وكتابا على خلفية اتهامات مبهمة بشأن تهديد الأمن الوطني للمملكة (إقرأ مطالبين بأبسط الحقوق المسلوبة والمنهوبة من طبقات شعب بلاد الذهب الأسود الذي بات يبحث عن لقمة عيشه في مزابل الأمراء الفسقة الفجرة)، بدلاً من السماح لهذه الأصوات بالظهور والعمل في العلن ليكون إسهاما حقيقيا في بناء المجتمع الحديث الذي يقول إنه يريده.
"كرامة الأمة" تغتصب اليوم بطولها وعرضها بفضل سياسة التفسيق والانحلال الخلقي والانحطاط الاخلاقي التي يديرها محمد بن سلمان ومعلمه الخصم محمد بن زايد في الجزيرة العربية وفي مقدمتها قبلة المسلمين الأولى، كما اغتصبت القدس عروس العروبة وثالث الحرمين من قبل.. القدس عروس عروبتكم؟!!.. فلماذا ادخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها... ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها... وسحبتم كل خناجركم، وتنافختم شرفاً... وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض؟؟!!... فما أشرفكم!... أولاد ....... هل تسكت مغتصبه؟؟!؛ معيد للذاكرة كل هذه الخواطر التي قادها جده من قبله بتقديم أرض فلسطين المقدسة على طبق الاخلاص لليهود "المساكين" لبناء وطنهم إكراماً لمطلب سيده الثعلب العجوز.
لم تشهد أُمَّةٌ إقتراب نهاياتها المفجعة بأعين مفتوحة جافاها الدمع وقلوب كسيرة تنبض بالموت كما يفعل العرب اليوم ذلك بأنفسهم بقيادة آل سعود وآل زايد و... حيث باتوا يتدافعون نحو نهاياتهم بخطىً متسارعة وخيارات عقيمة يَسْتـَجْدونَ من خلالها الرحمة والعطف من العدو، ويبيعون كرامتهم لكل من يُبدي استعداداً لشرائها حتى لو كان الهدف من ذلك سَحْقَها والدوس عليها دون رحمة، معتبرين أن إستعطاف العدو وإستجداء فتاته أكثر جدوى وأهمية من دعم الاشقاء أو من استنهاض الأمة للدفاع عن حقوقها المسلوبة.. يا معشر علماء البلاط والعروش هل أتاكم نبأ محرقة غزة؟ وما يجري على أهلنا في لبنان؟، هل بلغت مسامعكم استغاثة الاطفال والنساء وكبار السن؟، لم يستعد الاجرام الاسرائيلي من دعاة محمد بن سلمان ومعلمه بن زايد الخبيث خطبة تستنهض الهمم على غرار خطاباتهم التي أيدت العدوان على اليمن؛ ومن قبلها ما أفتوا به عند انطلاق ما يسمى الربيع العربي حيث دمروا بلاد المسلمين وقتلوا مئات آلاف الأبرياء دون ذنب...
اليوم فبدلا من ادانة فضائع الكيان الصهيوني وجرائمه، يلتزمون الصمت على مذابح أبناء أمة محمد الأمين صلات الله عليه وكأنهم صم بكم عمي لا يفقهون، ويشنون هجوما لاذعا على المقاومة ضد المحتل والمعتدي والغاصب، يلبسون الحق بالباطل، ويحرمون حلال الله ويحللون حرامه؛ ويفتون بأن "المقاومة شر" ويخطبون في صلواتهم الوثنية بأن المقاومة هي الشر بعينه، لابد ان نحذر وأن لا ننخرط في الحماسات الطائشة، ولا ننجر وراء دعمها حتى في القلوب والدعاء.. وكل من يدعمها خارج عن الدين.. أنه دين ملكهم الفاسق الفاجر والسفيه.. أجازوا سفك الدم اليمني، ودعوا للجهاد في العراق وسوريا في كل منبر اعتلوه، أما اليوم فهم خارج التغطية.. أليس الصبح بقريب؟!.
ارسال التعليق