السعودية دفعت 27 مليون دولار لشراء ولاءات في أمريكا
كشف تقرير أمريكي أمس عن تفاصيل الجهود التي تبذلها السعودية لتحسين صورتها في الولايات المتحدة الأمريكية وما قال إنها محاولات شراء التأثير في واشنطن. ونشرت ما تعرف ب"مبادرة الشفافية في التأثيرات الأجنبية" تقريرها، التي قالت فيه إن مساعي الرياض لشراء التأثير في واشنطن وصلت إلى أعلى مستوى لها مع وصول دونالد ترامب لسدة الحكم في البيت الأبيض. وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه جاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره، وقالت إنه لعب دورا محوريا في إقناع ترامب بأن يبدأ من السعودية جولته الخارجية الأولى. كما ذكر التقرير أن جزءا من الأموال السعودية كان يذهب لتمويل حملات انتخابية لسياسيين أمريكيين إضافة إلى أن جزءا من المساهمات المالية السعودية تزامنت مع حراك بالكونجرس ضد الرياض كالتصويت على قانون جاستا. وأوضح أن السعودية دفعت نحو 27 مليون دولار إلى وكلاء أجانب مسجلين في الولايات المتحدة تواصلوا مع الكونجرس والبيت الأبيض ومؤسسات إعلامية وجامعات. وكشف التقرير أن العام 2017 لوحده شهد تسجيل 29 شركة ضغط في الولايات المتحدة تعمل لصالح السعودية نفذت 2500 نشاط سياسي في الولايات المتحدة لصالح الرياض.
إلى ذلك نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقال رأي لصاحبه الكاتب والأستاذ الجامعي بجامعة نيويورك، محمد بازي، الذي تحدث من خلاله عن عودة النظام السعودي لاستغلال ثرواته النفطية لشراء ولاء الحلفاء وجعلهم ينصاعون لرغباته ويدعمونه في المنابر الدولية ويتغاضون عن تجاوزاته وجرائمه. وقال الكاتب في تقرير إخباري نشرته أمس إن المستثمرين البريطانيين كانوا ينوون مقاطعة مؤتمر "دافوس الصحراء" عقب تورط السعوديين في قتل الصحفي جمال خاشقجي، لكن تعهد حكومة بن سلمان بدفع 6 مليارات دولار في شكل استثمارات أسال لعابهم وأعادهم إلى نقطة البداية والإشادة بالسعوديين. وذكر الكاتب أنه بعد ثلاثة أيام من اعتراف المملكة العربية السعودية بأن عملاءها قتلوا الصحفي المعارض جمال خاشقجي، ترأس رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان إحدى جلسات المؤتمر الاقتصادي الذي أقيم في الرياض على الرغم من أنه عندما زار سابقا السعودية سعيا للحصول على الدعم للنهوض باقتصاد بلاده المتضرر، لم يحقق أيا من المطامع التي قدم من أجلها وعاد إلى بلاده خالي الوفاض. في المقابل، وخلال الأسبوع الماضي، اتصل ابن سلمان بخان طالباً منه حضور المؤتمر. وقد قبل خان الدعوة ولكن هذه المرة عاد إلى بلده وفي جعبته 6 مليارات دولار، قدمتها له المملكة في شكل دعم مالي. وأبان التقرير أنه منذ صعود ابن سلمان إلى السلطة، اتبع السعوديون سياسة خارجية ذات طابع عدواني وعسكري مكثف، لكنهم تبنوا أيضا تكتيكا، اعتمدوه على مدى عقود، يكمن بالأساس في استغلال ثروتهم النفطية لشراء ولاء مختلف الجهات في العالم العربي وخارجه. وفي خضم الضجة الدولية حول مقتل خاشقجي، ضغط الزعماء السعوديون بطريقة ودية على الحكومات الإسلامية، معتمدة على دعمها العلني للمملكة. وقال الكاتب إن أبرز حلفاء السعودية منذ وقت طويل في الخليج العربي، أي الإمارات العربية المتحدة والبحرين أعربتا عن دعمهما للمملكة، والأمر سيان بالنسبة لعدة حكومات عربية تعتمد على المساعدات السعودية، على غرار مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والحكومة اليمنية المخلوعة. ونوه الكاتب إلى أنه بالإضافة إلى اعتماد الرياض دبلوماسية دفتر الشيكات، تسيطر على إمبراطورية إعلامية واسعة تعمل على ترسيخ سياستها الخارجية وتعمد إلى مهاجمة منتقديها. كما يمول القادة السعوديون عددا من المعارضين ضد السياسيين في العالم الإسلامي الذين يرفضون الانصياع لسلطة المملكة، وينفقون عشرات الملايين من الدولارات لاستمالة حكومات الدول الغربية، في حين يدعمون خلايا التفكير والجامعات والمؤسسات الثقافية البارزة، بهدف مساعدتها في تشكيل صورة المملكة لدى الغرب.
وأفاد الكاتب بأن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، كان صريحاً في انتقاده للرياض، حيث قال: نحن أيضاً لدينا أشخاص لا نحبهم، لكننا لا نفكر في قتلهم.
ووضح الكاتب أن السعوديين يوظفون سيطرتهم على الحج السنوي إلى مكة المكرمة كوسيلة أخرى لمكافأة الأصدقاء وتهميش الأعداء في العالم الإسلامي. وفي كل سنة، تحدد الحكومة السعودية حصصاً لعدد الحجاج من دول العالم الذين يمكنهم الحصول على تأشيرات الحج، استناداً إلى النسبة المئوية للمسلمين في كل بلد. كما تخصص المملكة مجموعة تفضيلية من تأشيرات الحج للسياسيين والحلفاء الدوليين المفضلين. وفي الختام قال الكاتب إن حلفاء المملكة العربية السعودية والجهات التجارية التي تتعامل معها، يدركون خطر تجاوز ابن سلمان، الذي أظهر للعالم أنه يمكن أن يكون متهوراً وقاسياً. في الأثناء، تأمل الأطراف التي تصر على البقاء في ظلال نعم ولي العهد في أنه يكافئها على ولائها، لاسيما أنه نصب نفسه ملكا ليحكم لعقود قادمة المملكة العربية السعودية.
ارسال التعليق