بالدعم المالي السخي.. السعودية تسعى للسيطرة على الأزهر
كشف تقرير إخباري عن المساعي التي بذلتها السعودية خلال الفترة الأخيرة لتعزيز سيطرتها على مؤسسة «الأزهر» في مصر، التي تعتبر نفسها أكبر مؤسسة دينية ممثلة للسنة في العالم، لافتا إلى أن هذه المساعي اتخذت أشكل مختلفة، كان من أبرزها تقديم الدعم المالي السخي.
التقرير، الذي نشره موقع «ساسة بوست»، قال إن دعم المملكة لمؤسسة الأزهر توسع بشكل مُلفت للنظر خلال العامين الأخيرين؛ ما يطرح العديد من التساؤلات، حول فرص تحول هذا الدعم لسيطرة كاملة، من جانب السعودية على الأزهر، ومدى إمكانية تحول الأزهر إلى فاعل سياسي، في ساحة الصراعات المُقبلة.
وأوضح أن نفوذ المملكة داخل مؤسسة الأزهر، تحقق عبر قنوات متعددة؛ حيث يأتي في صدارة هذه القنوات: ضخ أموال لتمويل مشاريع كبرى داخل المؤسسة الأزهرية، خصوصًا مع الضائقة المالية التي تمر بها المؤسسة، وتعثرها في كثيرٍ من المشاريع، المعلن عن تنفيذها منذ سنوات، ولم تستكمل بعد.
ولفت التقرير، في هذا الصدد، إلى أن ولاية الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، تزامنت مع توسع مصادر تمويل السعودية لمشاريع مؤسسة الأزهر؛ حيث شملت تمويل الفضائية الرسمية للأزهر، التي اتخذت اسمًا لها «الأزهر».
تمويل المملكة للقناة يشمل، كذلك، التبرع للأزهر بقطعة أرض، بجوار المشيخة (مقر الأزهر) في منطقة الدراسة بالعاصمة المصرية القاهرة، لتتم عليها عملية بناء أستوديوهات للقناة، ولتوفير مصدر دائم لتمويل القناة.
وشملت التدفقات المالية للمملكة التعهد بإعادة تأهيل جامع الأزهر، وكذا مشيخة الأزهر الأثرية، بجانب تنظيم رحلات حج وعمرة موسمية لأعضاء «هيئة كبار العلماء» (أعلى مرجعية دينية تابعة للأزهر)، وأعداد كبيرة من شيوخ الأزهر، بما يشتمل على توفير تذاكر طيران سياحي، والإقامة داخل المملكة في فنادق مُميزة.
ويتوازى مسار الدعم المالي، مع مسارات أخرى، ترعاها المملكة أيضًا، كتنظيم لقاءات واجتماعات مشتركة، بين شيوخ الأزهر والمسؤولين الرسميين بوزارة الأوقاف السعودية، وإطلاق مبادرات للأزهر، تتولي هي رعايتها بشكل غير مُباشر.
وحسب تقرير «ساسة بوست»، تُظهر الوثائق المسربة، من وزارة الخارجية السعودية، مؤخرا، السياق الأوسع لاهتمام المملكة البالغ بمؤسسة الأزهر، وهو تدعيم استمرار القطيعة بين مؤسسة الأزهر، كممثل لأكبر كتلة سنية في العالم العربي، والشيعة وعلى رأس ممثلتهم إيران، وقطع أي طريق لمساعي بعض شيوخ الأزهر، كالشيخ الأزهري الراحل «محمود شلتوت»، في تضييق مساحة الخلاف بين الجانبين.
وتشير هذه الوثائق إلى متابعة السفير السعودي في القاهرة، «أحمد القطان»، لهذا الملف، عبر تواصله مع ممثلين عن الأزهر، من بينهم شيخ الأزهر، «أحمد الطيب» وعدد آخر من رموز التيارات الإسلامية المتنوعة، وتنسيق جهود ما أسماه السفير السعودي «التصدي لمحاولات المد الشيعي في مصر».
ويؤكد هذا الأمر ما ورد أيضًا في مضمون إحدى البرقيات المُسربة من الخارجية السعودية عن رعاية المملكة، بشكل غير مباشر، لمؤتمر صحفي، عقده الداعية السلفي «محمد حسان»، لإطلاق مبادرة تحت رعاية اﻷزهر «لمواجهة المد الشيعي، بنشر الكتب والدوريات الفقهية، وعقد الندوات والمؤتمرات، في النوادي والتجمعات الشبابية، للتحذير من هذا الخطر الطائفي».
من جانبه، علق «عباس شومان»، وكيل الأزهر، على اتساع حجم نفوذ السعودية في الأزهر، قائلا إن مؤسسة الأزهر، والسعودية، «على قلب رجل واحد لمُكافحة الإرهاب»، ونشر الإسلام الوسطي، موضحًا أن دعم المملكة ماليًّا للأزهر، يأتي في هذا السياق، خصوصًا أن «رسالتنا واحدة»، كما قال.
وأضاف شومان أن التقارب الأخير يأتي في سياق دورٍ أكبر لمؤسسة الأزهر، تدعمه مصر والمملكة معًا، مؤكدًا أن هذا الدور يشمل استعادة النفوذ العالمي للأزهر، بالمنطقة العربية، وكذلك الوقوف ضد التشيع السياسي.
وتتطابق وجهة نظر شومان مع رأي «أنور عشقي»، الجنرال السعودي السابق، ورئيس مركز الشرق للدراسات السياسية والإستراتيجية، الذي أكد أن المملكة تدعم الأزهر؛ لأن إيران أصبحت الخطر الأكبر على العالم الإسلامي من خلال نشر الفتن.
وأضاف عشقي: «تدرك المملكة جيدًا أهمية دور مؤسسة الأزهر، في التصدي للخطر الشيعي، دور ينبغي أن يتوسع في الفترة المقبلة، بما يتناسب مع الخطر الإيراني، الساعي لحرق المنطقة بأكملها».
ارسال التعليق