دعم السعودية للأزهر.. ظاهره الرحمة باطنه العذاب
يبدو أن الفكر الوهابي يسير كالنار في الهشيم داخل مؤسسات الأزهر، فكانت ولازالت المملكة العربية السعودية تحاول السيطرة عليها، وبالفعل نجحت، فلم يصدر عن المؤسسة كتاب واحد حتى الآن منذ أكثر من مائة عام.
ومازالت المؤسسة التي صدرت علم الإسلام إلى الدولة التي نزل فيها الإسلام تتحسس خطاها في ملف الخطاب الديني، وتفنيد الأفكار المتطرفة التي يبرأ منها الدين تماما، ولازال الأزهر ضعيفا في مواجهة الخطاب الديني المتشدد من قبل السلفيين، ولم تنجح أيضا في مواجهة موجة الأفكار التكفيرية التي روج لها تنظيم داعش بقوة، على رأسها فتوى حرق الأسير وجواز أكل لحمه.
كان سفير المملكة العربية السعودية في القاهرة، أحمد قطان، ذكّر عبر حسابه على تويتر بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالأمير تركي بن عبد الله، نجل العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، استعرضا الأعمال التي تنفذها مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للأعمال الإنسانية في مصر، في مقدمتها إعادة تأهيل جامع الأزهر الشريف.
وأكد عدد من علماء الأزهر أنه طوال فترة دعم السعودية للأزهر منذ سنوات بالمال، تقزم دور المؤسسة، ولم تنجح في فك طلاسم الأفكار الظلامية، موضحين أن دعوتها اليوم لدعم مشروع إعادة تطوير الأزهر، ظاهره الرحمة باطنه العذاب، فلن يأتي من وراء هذا الدعم سوى مزيد من التمكين للأفكار الوهابية والتيار السلفي الذي كره الناس في حياتهم وحرم ما أحل الله لهم.
قال الدكتور يحيى إسماعيل، عضو جبهة علماء الأزهر، إن السعودية لا تريد للأزهر النهوض من كبوته التي مازال فيها منذ مائة عام، بل تسعى لإغراق المؤسسة في مزيد من التخبط وتوغل التيار الوهابي داخله ليطول علماؤه ويقضي على أي نبتة تغرد خارج سياق أفكار الوهابيين التي تدمر المجتمع وتخلق منه سوبر تكفير على غرار تنظيم داعش.
وأضاف إسماعيل لـ«البديل» أن مصر ليست ضعيفة تستطيع أي دولة أخرى محاربتها بالسلاح، بل يريدون محاربتها بالفكر لتشويه العقول والقلوب لكي تظل تابعة فكريا، وتنتهي وسطية مؤسسة الأزهر، وتصبح الدولة التي علمت الدنيا علوم الإسلام حبيسة أفكار الوهابية المتطرفة التي ستقضي على الأخضر واليابس فيها.
وطالب إسماعيل علماء الأزهر بضرورة التصدي للهجمة الوهابية الشرسة التي تتعرض لها مؤسسة الأزهر الآن، وإلا فسنبكي كلنا كثيرا على دولة عظيمة ستتحول لأنقاض؛ نتيجة لانتشار الفكر الوهابي المتطرف.
واتفق معه الدكتور علاء أبو العزائم، شيخ مشايخ الطرق الصوفية السابق، مؤكدا أن السعودية تسعى لمحاربة كل أنواع الفكر الوسطي في أي دولة في العالم، ولذلك دعمت الإخوان والسلفيين في مصر وتونس وكل الدول العربية، فأي ذراع للإخوان يستمد قوته من دعم السعودية له بالمال والدعم السياسي والضغط على الدول من أجل السماح لهذه التيارات بالتواجد.
وأوضح أبو العزائم لـ«البديل» أن السعودية ومفتيها السابق والحالي أصدروا فتاوى لتكفير الصوفيين، ويعتبرون كل مشايخها كفارا، رغم أنهم يشهدون أنه لا إله إلا الله ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أقرب مثل على ضحالة الفكر الوهابي ومدى استعدائه لأي فكر مخالف له.
وأشار أبوالعزائم إلى أن مؤسسة الأزهر تعد الحصن الأخير الباقي للإسلام والمسلمين وأي محاولة للمساس بها سندفع ثمنه باهظا من تمكن جماعات تكفيرية تروج أفكار شاذة بعيدة عن الإسلام، بل تشوه صورته، وعلى الكل التصدي للكلام المعسول الذي يحمل بين جوانبه السم من قبل السعودية، مؤكدا أن مؤسسة الأزهر ليست في حاجة لدعم أو تمويل من أي دولة، فللأزهر دولة تتكفل به ويقوم هو على حمايتها من الفكر التكفيري.
وأكدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، أن أي محاولة لسعودة الأزهر ستكون كالقشة التي تقسم الأزهر، والانهيار الذي يتبعه زلزال سيضر بالدولة أشد ضرر، وعلى كل من يخشى على هذا البلد الوقوف كحائط صد أمام المد الوهابي.
وأضافت صالح أن دعم السعودية للأزهر لسنا في حاجة له، فمصر ليست دولة فقيرة، بل مليئة بالأموال تستطيع الإنفاق على مؤسسة الأزهر التي تعد منارة للعلم والعلماء، وإن كانت تتعرض لهزه بسيطة فهذا ليس معناه انهيارها.
ارسال التعليق