السيسي يرفض طلب بن سلمان بالتدخل العسكري في ليبيا
التغيير
يتمسك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بموقفه من الأزمة المندلعة في ليبيا، ويفضل المناورات العسكرية والإعلامية على التدخل العسكري داخل البلد الذي يشهد قتالا عنيفا منذ سنوات.
وتقدم السيسي، مؤخرا، بمبادة مصرية لتسوية النزاع في ليبيا، بعد سلسلة خسائر عسكرية منيت بها قوات اللواء المتقاعد الانقلابي خليفة حفتر.
وقال مصدر دبلوماسي لـ”التغيير” إن المبادرة التي طرحها السيسي في السادس من شهر يونيو/حزيران جاءت بدفع من محمد بن سلمان بعد خسائر حفتر العسكرية أمام الجيش الليبي التابعة لحكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة وتركيا، وسط خشية من فشل المملكة والإمارات بمخططاتها في الدولة الغنية بالنفط.
وكشف المصدر – الذي فضل عدم الكشف عن هويته – النقاب عن خلافات سائدة حاليا بين السيسي وولى عهد المملكة محمد بن سلمان على خلفية التدخل العسكري. لافتا إلى أن السيسي “يناور إعلاميا لتهدئة بن سلمان”.
وذكر المصدر الدبلوماسي المصري أن الجيش المصري يرفض بقوة التدخل العسكري في ليبيا، ويفضل مواجهة التحديات في بلاده أبرزها: الإرهاب في سيناء وأزمة كورونا وأزمة سد النيل.
وأضاف: الخلافات لا زالت في مراحلها الأولى إثر الهدوء السائد حاليا في ليبيا، متوقعا أن تشهد البلدين (مصر ومملكة آل سعود) أزمة جديدة في حال كانت التطورات لصالح الحكومة الشرعية في ليبيا.
ولإثبات تصريحات الدبلوماسي الرفيع، أثبتت صور بواسطة الأقمار الصناعية مغادرة طائراتٍ مقاتلة مصرية شاركت في الاستعراض العسكري الذي أقامته مصر السبت الماضي في قاعدة سيدي براني، بمطروح شمال غربي مصر في الحدود المتاخمة لليبيا.
وكان السيسي حرص خلال العرض العسكري في قاعدة سيدي براني على تفقد مختلف الوحدات العسكرية، وأظهرت صور بثها التلفزيون المصري وجود سرب من الطائرات المقاتلة.
وأظهرت الصور اختفاء تلك الطائرات يوم الأحد 21 يونيو من قاعدة سيدي براني فيما يبدو أنه كان مجرد استعراض عسكري ولا علاقة له باستعداد الجيش المصري للتدخل عسكريا في ليبيا.
وكان السيسي أعلن في مبادرته أن “اتفاق القاهرة يهدف إلى ضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاثة في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة، وإلزام كافة الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها”.
وعلى الفور، سارعت المملكة والإمارات إلى إعلان ترحيبهما بمبادرة السيسي، تلتها بقية الدول الداعمة لحفتر -وهي والبحرين وروسيا وفرنسا- كما أعلنت الولايات المتحدة ترحيبها بالمبادرة، فيما رفضتها المبادرة حكومة الوفاق.
ووقعت الأطراف الليبية في ديسمبر/كانون الأول 2015 اتفاقا سياسيا نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، لكن حفتر سعى طوال سنوات إلى تعطيله وإسقاطه.
ورفضت حكومة الوفاق إعلان التي اعتبرها مراقبون محاولة إنقاذ فاشلة لحفتر.
ورأي مراقبون أن المبادرة لا قيمة لها، كون نظام السيسي وسيطا غير محايدا بين طرفي النزاع وليس بمقدوره التوسط في أزمة عميقة التي تشهده ليبيا.
وكشف موقع “التغيير” سابقا النقاب عن إغراءات مالية قدمها محمد بن سلمان، للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لطرح مبادرة سياسية في سبيل إنقاذ المملكة من الصحراء الليبية بعدما غرقت أيضا في الوحل اليمني.
ونقلت مصادر إعلامية عن دبلوماسي غربي، أن محمد بن سلمان قدم صفقة مالية للنظام السيسي من أجل التدخل العاجل لإنقاذ حفتر من خسائره المتتالية، وبالتالي إنقاذ “الثورة المضاد” التي تتزعمها المملكة والإمارات.
ولم يكشف المصدر – الذي فضل عدم الكشف عن هويته – عن قيمة الصفقة، لكنه أكد أنها تبلغ ملايين الدولارات التي ستقدمها المملكة للنظام السيسي في إطار دعم مواجهة أزمة كورونا العالمية.
واستدل الدبلوماسي الغربي بحديثه حول توتر علاقات آل سعود والإمارات مع السودان، وبالتالي لم يكن بمقدور دولتي التحالف سوى الاستعانة بالنظام السيسي.
وكشف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، “محمد حمدان دقلو” الشهير بـ”حميدتي”، مؤخرا، أن السودان لم يتلق، حتى الآن، مبلغ 2.5 مليار دولار تعهدت بها المملكة والإمارات لدعم البلاد في المرحلة الانتقالية. مشيرا إلى وجود خلافات سياسية قائمة.
ونقل موقع “ليبيا أوبزافر” عن مصدر موثوق رفض الكشف عن هويته قوله إن الإمارات طالبت “حميدتي” بإرسال 1200 مقاتل بشكل عاجل إلى الخطوط الأمامية الليبية لدعم قوات “خليفة حفتر” في جنوب طرابلس وغرب سرت، مهددة بقطع الدعم المالي عنه، إذا رفض.
وبدعم من دول عربية -في مقدمتها الإمارات ومصر ودول أوروبية – شنت مليشيات حفتر في 4 أبريل/نيسان 2019 هجوما تمكن من حصار العاصمة طرابلس (غرب) وإن لم يتمكن من دخولها، لكن بشكل مفاجئ وعلى مدى الأسبوعين الأخيرين، خسرت قواته كل مواقعها في غرب البلاد.
وقال مراقبون إن هزائم حفتر الأخيرة وانسحابه المتوالي من الغرب الليبي جعل الرهان عليه خاسرا، ولا سيما أن الدول الداعمة له لا تعلن صراحة عن دعمها العسكري خشية اللوم الدولي، كما أن السيسي تحديدا لن يغامر بالدفع بالجيش المصري نحو ليبيا حيث سيواجه حتما رفض جنرالاته لهذه المغامرة.
ارسال التعليق