تناقضات الأزهر
السعودية أقامت حد الله.. نفذت القصاص العادل في الإرهابيين.. إعدام القتلة خطوة رائعة من المملكة…”، بهذه الكلمات، عبر عدد من علماء الأزهر وقياداته عن تأييدهم لإعدام المعارض السعودي عالم الدين الشيخ نمر باقر النمر، و46 آخرين.
التأييد المتكرر والمعلن من الأزهر لسياسات السعودية، وتبني مواقفها في قضايا خلافية، يثير علامات استفهام، حول علاقة شيخ الأزهر أحمد الطيب بحكام المملكة، ومدى ما تتمتع به المؤسسة العريقة من استقلال.
المتابعون للشأن الأزهري، يرصدون حالة من التناقض، فبينما يحاول شيخ الأزهر أن ينأى بمؤسسته عن تدخل الجهات الحكومية، والأجهزة الأمنية، يتمسك الرجل بتأييد مطلق لسياسات آل سعود، ويتبنى مواقفهم، ويعزيهم في قتلاهم باليمن معتبرا إياهم شهداء، مما يتعارض بشدة مع مكانة الأزهر باعتباره المرجعية العليا للمسلمين السنة في العالم، على اختلافاتهم السياسية والعرقية، وكذلك باعتبار المواقف التاريخية المستقرة للأزهر التي ترفض تكفير الشيعة، وتعتبر المذهب الجعفري مذهبا فقهيا يجوز للمسلمين السنة أن يتعبدوا به.
على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، طلبت أجهزة سيادية من شيخ الأزهر إقالة مستشاره محمد عبد السلام، ومساعد مغربي الجنسية الذي لا يتولى أي منصب رسمي في المشيخة محمد السليماني، كما ترك الطيب الدكتور محمد عمارة رئيسا لتحرير مجلة الأزهر لنحو عامين بعد 30 يونيو، واتخذ موقفا حادا من وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، وصل إلى درجة القطيعة الكاملة، بسبب ما يعتبره الطيب تدخلا من الوزير في ملفات يختص الأزهر وحده بها، مثل تجديد الخطاب الديني، وتطوير المناهج الأزهرية، ومنهج التربية الدينية بوزارة التربية والتعليم.
في المقابل، يندفع أحمد الطيب لتأييد كل خطوات السعودية، والذود عن مواقفها، وتبني سياساتها في سوريا واليمن والبحرين.. يرفع الطيب صوته مرارا يحذر من خطر شيعي مزعوم، بينما لا يتصدى بكلمة لفكر وهابي منتشر بالفعل، تسيل بسببه الدماء، وتتحول به حياة الآمنين إلى جحيم.
شيخ الأزهر، أيد ما يسمى بالتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي دعت له المملكة، وشكلته من دون إخطار عدد من أعضائه، ووصف الطيب خلال لقاء له مع السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان الشهر الماضي التحالف بـ”المبارك” مؤكدا مناصرة الأزهر جامع وجامعة للمملكة في حربها ضد الإرهاب، وأن طلاب الأزهر وعلماءه يتمنون أن يكون هذا التحالف نواة لوحدة إسلامية!
وفي الحالة اليمنية، لا يكتفي شيخ الأزهر بالصمت على جرائم آل سعود، وقتلهم الأطفال والنساء والعزل، وتدمير البنية التحتية لشعب فقير، لكنه أيضا يسبغ في بيانات رسمية وصف الشهداء على قتلى آل سعود والإمارات، كما فعل مؤخرا مع مقتل العقيد السعودي عبدالله بن محمد السهيان، والضابط الإماراتي سلطان بن محمد علي الكتبي، اللذين لقيا مصرعهما في مواجهات مع الجيش اليمني وأنصار الله.
الموقع الرسمي لقناة العربية، نقل عن عدد من مشايخ الأزهر تأييدهم لإعدام الشيخ نمر النمر، فالشيخ فوزي الزفزاف عضو هيئة كبار العلماء قال إن ما فعلته السعودية هو بالإجماع تطبيق لحد الله، بينما وصف الدكتور محمد نجيب عوضين عضو مجمع البحوث الخطوة بـ”الرائعة” أما الدكتور هاني سلامة، عضو المجلس الأعلى بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة فأعلن “تأييد الاتحاد ووقوفه الراسخ والمبدئي ژمع السعودية فيما تتخذه من إجراءات رادعة لمواجهة الإرهاب والتطرف”!.*
*وبغض النظر عن الهزل في مسألة محاربة السعودية للإرهاب، إلا أن موقف الأزهر من إعدام الشيخ نمر النمر، يفجر في وجه أحمد الطيب سؤالا ملحًا: ما الذي سيجنيه الأزهر شيخا وعلماء وطلابا من التأييد والتهليل لإعدام معارض لم يكن يملك إلا الكلمة الصادقة الجريئة، ولم يرفع سلاحا أو يتورط في دم؟*
ارسال التعليق