إمام الحرم المكي للشعب السعودي: إستعدوا لمرحلة الإفلاس..لم تعد الحياة بالمجان!
يعتمد النظام السعودي تاريخيا على المؤسسة الدينية الوهابية، بالإنابة عنه في تمرير السياسيات او التغييرات التي يتم اقرارها عبر تقديمها للشعب السعودي، بطريقة تجعل من القبول بذلك واجباً دينياً.
ومنذ سبعينات القرن الماضي إبان الطفرة المالية بسبب ثورة النفط عانت السعودية وبالتالي الشعب السعودي من عدة مشاكل لم يكن من بينها الصعوبات المالية، فصفقة الحكم كما يطلق عليها في السعودية والدول الخليجية قائمة على ترك الحكم للأسر المالكة مقابل فسح مجال للوهابية في التحكم بالمجتمع السعودي وإتجاهاته الدينية والثقافية.
اليوم مع تراجع اسعار النفط ومعاناة السعودية لأول مرة من عجز مالي وعجز في الموازنة العامة والتي انعكست على الشعب الذي بدأ يتحمل أعباءً لم يعتدها من قبل، فالسعودي كان يحصل على كل شيء شبه مجاناً، لكن النظام السعودي اليوم وعلاوة على ما تم اقراره من اجراءات التقشف ورفع الدعم نسبيا عن كثير من الخدمات إلا أن الشعب السعودي ما يزال في بداية الطريق حيث يتوقع ان يتعاظم العجز ويتواصل هبوط اسعار النفط بالتزامن مع الحروب المكلفة التي تخوضها السعودية بشكل مباشر كما في اليمن او غير مباشر كما في سوريا والعراق والبحرين ولبنان وغيرها.
مؤخرا تحدثت تقارير اقتصادية ان السعودية ربما تصل لمرحلة الافلاس خلال خمسة أعوام فيما رأى صندوق النقد الدولي أن الصناديق السيادية السعودية ستتبخر خلال ثلاث الى خمس سنوات رغم انها تقدر بأكثر من 700 مليار دولار.
أمام الوضع الجديد والخطط الاقتصادية غير المضمونة التي يقودها ولي ولي العهد محمد بن سلمان فيما يعرف برؤية “السعودية 2030” وهي أشبه بالحلم منها للواقع، حيث أن الرؤية صحيحه في وفق النظرية، لكنها أشبه بالمستحيلة وفق التطبيق، فالنظام الإداري البيروقراطي السعودي، لايمكن له ان يكون قادرا على تطبيق رؤية سعودية 2030، على الإطلاق مالم يتم تحديثه أولا وهذا يحتاج الى 10 سنوات عمل إداري دؤوب كامل، وكذلك ان الثقافة السعودية المجتمعية العربية والأسيوية لايمكن لها ان تتقبل مشروع تغيير بهذا الحجم والمستوى بطريقة الجرعة المباشرة، والأهم من ذلك أن هذه الرؤية بحاجة الى ثقافة مدنية مجتمعية أصيلة لأن سياقاتها ليست التغييرات الورقية فقط وانما التغييرات الثقافية في بناء شخصية الموظف السعودي، وبسبب صعوبة المهمة وتوقعات الفشل السعودي بدأ رجال الدين القيام بدورهم في تهيئة الشعب السعودي لتقبل المعاناة القادمة.
إمام وخطيب الحرم المكي صالح بن حميد، في خطبة أمس الجمعة، كما نقلت عنه وسائل اعلامية متنوعة وجه تحذيرا للشعب وللمؤسسات وغيرها مما وصفه “داء الاسراف”، مشيرا الى أنه “يحمل آثارا وخيمة وابعادا خطيرة على اقتصاد الدول وثرواتها مما يؤدي الى خسائرها، واعلان افلاسها”.
وشمل تحذير بن حميد بخصوص الاسراف من يضعون على موائدهم صنوف المآكل، مشيرا الى أن الاسراف يفضي الى الفقر والفاقة. كما قال بن حميد في خطبته “كم من بيوت أسسها آباء مقتدرون وفي انفاقهم راشدون، فورثهم أبناء مسرفون، أطلقوا لشهواتهم العنان، فتبددت بيوتهم، وتبددت ثرواتهم، وتلك عاقبة المسرفين، ومآلات المترفين”.
كلفة الحرب التي تعاني منها السعودية اصبحت ظاهرة وغير قابلة للصمت عنها او التستير عليها فقد دعا مفتى السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الاربعاء الماضي رجال الاعمال للتبرع بالأموال لصالح جبهات القتال والمواطنين للتبرع بالدم لصالح جنود الجيش السعودي في الحدود الجنوبية الذين يواجهون هجمات قاتلة على يد الحوثيين والجيش اليمني.
ووجه ال الشيخ في حديث اذاعي الاربعاء دعوة للمواطنين الى التبرع بالدم لصالح جرحى الجيش السعودي بسبب المعارك التي يخوضونها في الحدود السعودية اليمنية.
كما دعا المفتى المؤسسات الاهلية بمختلف أشكالها إلى “بذل الاموال لاعانة الجنود السعوديين المرابطين”.
حيث لايمكن لرجل دين بمثل منصب بن حميد، في إدارة الحرم المكي، وهو منصب خاص يقره الملك شخصيا، ان يفتح مواضيع من هذا القبيل في خطبة الجمعة، بدون طلب حكومي مباشر في التطرق لمثل مواضيع الإفلاس وصعبوبة القادم والإبتعاد عن التبذير والإستعداد لشد الحزم على البطون، في ظل توقعات حكومية رسمية لمثل هذه الصورة القاتمة القادمة في ظل سياسية تعبوية إعلامية لتهيئة المجتمع السعودي، لأيام سوداء قادمة يراد ان يلعب فيها الدين والمذهب دورا رائدا، كما هو الحال في كل الأزمات التي عاشها النظام السعودي سابقا.
ارسال التعليق