العوامية: الإنتهاء من المرحلة الأولى للتهجير القسري للسكان تزامناً مع بدء عودة النازحين
بادر بعض أهالي العوامية المهجرين بدايةً من يوم الأحد الموافق ٢٠ أغسطس٢٠١٧ بشد رحالهم قافلين إلى العوامية بعد أن أثقلت كواهلهم التكاليف المادية الباهضة التي تكبدوها بعد موجة النزوح الأخيرة والتي تسببت بها القوات السعودية جرّاء القصف العنيف والأجواء العسكرية التي فرضتها وخيمت كشبح مخيف على البلدة.
السلطات السعودية وبعد الحملة العسكرية التي شنتها على العوامية طوال أكثر من ١٠٠ يوم منذ تاريخ ١٠مايو ٢٠١٧، تمكنت من دفع أكثر من ٢٧ ألف شخص من سكان العوامية إلى النزوح واللجوء للمدن المجاورة، أو بعض بلدان الجوار ذات التكاليف المعيشية المنخفضة والتي تعد أقل كلفة من السكن بشكل مؤقت في القطيف أو الدمام.
وقد خلف استعمال قوات الطوارئ الخاصة السعودية للمركبات العسكرية الثقيلة والمدفعيات الثابتة والقذائف المتفجرة بأنواعها المختلفة دماراً هائلاً علاوةً على الحرائق الناتجة عن استهداف قوات الطوارئ المتكرر للمحلات التجارية والمنازل والعمارات التي تقع على امتداد الشارع العام الممتد من العوامية وحتى صفوى، ولم تنجوا أحياء البلدة: كربلاء، الجميمة، المنيرة، شمال بكل منازلها ومحلاتها التجارية ومدارسها التعليمية حيث كانت تتمركز فيها القوات السعودية أثناء هجومها على المسوّرة ونشر موجة التدمير في مختلف أنحاء البلدة.
رغم كل هذه الآلام التي عاشتها بلدة العوامية خلال الفترة الماضية إلا أن مبادرة بعض الأهالي بالتقاطر عائدين لمنازلهم وتصويرهم الأحياء والحديث عن هدوء البلدة من أصوات الرصاص شكل عامل تشجيعٍ لباقي أهالي العوامية المهجرين للعودة لمنازلهم التي هجروها تحت وقع الرصاص, وأشعل أملاً في قلوبهم في عودة الحياة إلى مجاريها في البلدة المنكوبة.
وكشف بعض الأهالي عن أن الحصار المفروض على العوامية ما زال مستمراً من قبل القوات السعودية إلا أن الإمكانية في العودة أثناء النهار متاحة من خلال إحدى الثكنات العسكرية المتمركزة على حدود الناصرة وذلك بعد قيامهم بفحص الإثباتات الشخصية بالإضافة لتفتيش السيارة قبل السماح لراكبيها بالدخول للعوامية للعودة لمنازلهم. ذلك وقد أكد الأهالي على أن الخروج والدخول من العوامية لازال محظورا بعد حلول الظلام.
وقد أشار مصدر محلي لـ“مرآة الجزيرة” أن القوات السعودية مستعينة بمعدات إزالة قامت خلال الأيام السابقة – ورغم الإعلان عن الإنتهاء من أعمال الإزالة – بحملة تخريب وتجريف للمضائف الحسينية بالإضافة للعبث بمحتويات بعض المساجد والحسينيات. وأشار المصدر إلى استياء الأهالي من هذه الأفعال لما تمثله لهم من “تعدي مهين على مقدساتهم الدينية التي تختص بالمذهب الشيعي” حسب تعبيره.
هذا وما تزال أعمال الهدم والإزالة أو التخريب مستمرة للإستراحات والمقاهي وبعض المزارع التي تم مداهمتها في منطقة الرامس ومناطق زراعية أخرى في العوامية، خلال عمليات التمشيط المستمرة منذ الإعلان عن الإنتهاء من الحملة العسكرية في المسوّرة.
وأن عمليات التمشيط لم تقتصر على المزارع بل شملت بعض الأحياء التي نزح عنها سكانها وتركوها خاوية على عروشها في مناطق متفرقة من العوامية، وقد عمدت القوات السعودية إلى تطويقها ثم مداهمة أغلب بيوتها المهجورة الواحد تلو الآخر فيما لم تصل أي تأكيدات حتى هذه اللحظة فيما إذا كانت هذه البيوت ومحتوياتها قد تعرضت للإتلاف والتخريب أو السرقة.
وكما يوقل لنا أحد المهجرين من البلدة: “بعد كل هذه الأحداث يحاول أهالي العوامية أن يطووا فصلاً طويلاً من القهر والاضطهاد المصبوغ بدماء شهدائهم وجرحاهم” ويضيف ابنه ذو ال23 عام “مورس علينا الظلم والقمع والقتل بعد أن قررنا تقدم حركة المطالبة بالحقوق فدفعنا أغلى الأثمان من أرواح أهلنا وممتلكاتنا”.
سيعود نازحوا العوامية إليها وسيبقى أكثر من خمسة آلاف من ساكنيها مهجرين بشكل نهائي بعد أن فقدوا منازلهم في أحياء المسورة وكربلاء والمنيرة، دون أن يجدوا أراضي بديلة في بلدتهم أو مالاً وتعويضاً كافياً ليبنوا منازلهم البديلة، فيما تشير الأنباء وتصريحات بعض المسؤولين إلى خطط مماثلة مرسومة لمناطق أخرى في العوامية والقطيف، لا أحد يدري متى وكيف سنتفذ وماذا سيلحق بسكانها من المعاناة.
ارسال التعليق