حقوقيون يلاحقون بن سلمان ويتهمونه بالتناقض وجنيف تطالب بالتصحيح!
في صفعة أممية جديدة، رفض مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الانتهاكات الأخيرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وطالب بالتصحيح الفوري والإفراج عن الجميع بالتزامن مع انتقادات حقوقية لملف الحريات المتدهور في المملكة، نرصدها.
انزعاج أممي!
مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعرب عن انزعاجه إزاء اعتقال عدد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يعملون في قضايا تتعلق بحقوق المرأة، في المملكة العربية السعودية خلال الأسبوعين الماضيين، فضلًا عن الأمير نواف بن طلال الرشيد.
ووفق بيان المتحدثة باسم المكتب والمفوض السامي ليز ثروسيل، الذي وصل يبدو أن ما لا يقل عن 13 ناشطًا، معظمهم من النساء، قد اعتقلوا، منذ 15 مايو، فيما أفرج عن أربع من النساء لاحقًا، موضحة أنه بالنظر إلى التخفيف الكبير لبعض القيود المفروضة على أنشطة المرأة في المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك رفع الحظر المنتظر على قيادة المرأة، أشارت “ثروسيل” إلى أنه من المحير استهداف السلطات للرجال والنساء الذين يقومون بحملات من أجل هذه التطورات الإيجابية.
وقالت: “نحث السلطات السعودية على الكشف عن مواقعهم، وضمان حقوقهم وفق الإجراءات القانونية الواجبة، ويشمل ذلك الحق في التمثيل القانوني، والحق في معرفة سبب الاعتقال وطبيعة التهم الموجهة إليهم، والحق في الوصول إلى أسرهم، والحق في الطعن في قانونية احتجازهم أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، والحق في المثول أمام المحكمة في غضون فترة زمنية معقولة، إذا ما اتهموا بارتكاب جريمة، وإذا كان احتجازهم، كما يبدو، مرتبطًا فقط بعملهم كمدافعين وناشطين في مجال حقوق الإنسان بشأن قضايا المرأة، ينبغي الإفراج عنهم فورًا”.
وفي السياق ذاته، أعربت “ثروسيل” عن القلق إزاء عمليات الاحتجاز والاختفاء التعسفية لأشخاص آخرين، دون تفسير أو مراعاة الأصول القانونية الواضحة، ومن أمثلة ذلك، نواف طلال رشيد، أمير أسرة آل رشيد، وابن الشاعر الراحل نواف طلال بن عبدالعزيز الراشد، وهو مواطن مزدوج الجنسية (قطري وسعودي)، يزعم أنه رحل من الكويت في 12 مايو ولم يسمع عنه شيء منذ ذلك الحين، ودعت السلطات إلى ضمان حقه في السلامة الجسدية والنفسية، فضلًا عن الإجراءات القانونية الواجبة.
حملة إسكات!
منظمة “هيومن رايتس ووتش“، قالت اليوم الأربعاء، إن السلطات السعودية اعتقلت ناشطَين حقوقيَّين آخرَين على الأقل، منذ 15 مايو 2018، عندما شنت حملة اعتقالات واسعة النطاق ضد نشطاء ومناصري حقوق المرأة، يخشى النشطاء السعوديون وقوع اعتقالات إضافية قبل إعلان الحكومة المتوقعِ رفعَ حظر قيادة المرأة للسيارات في يونيو.
وأشارت إلى أنه في 24 مايو، اعتقلت السلطات السعودية محمد البجادي، وهو عضو مؤسس في “الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية”، إحدى أولى المنظمات المدنية السعودية، منذ 2012، لاحقت السلطات جميع النشطاء المرتبطين بالجمعية تقريبًا، والتي حُلت وأوقفت عام 2014، وأخبر نشطاء سعوديون “هيومن رايتس ووتش” بأنه أُفرج عن المعتقل الثاني، الذي طلبت عائلته عدم الكشف عن هويته، ولم تُكشف شروط إطلاق سراحه.
وأمضى “البجادي” عدة سنوات في السجن نتيجة لنشاطه، ويقول نشطاء سعوديون إنه بعد إطلاق سراحه في نوفمبر 2015، امتنع إلى حد بعيد عن التحدث علنا، وفي آخر تغريدة له في 26 أكتوبر 2016، كتب “البجادي”: “سأتوقف عن الكتابة والمشاركة في جميع وسائل التواصل الاجتماعي لأسباب لا تخفى عليكم”.
ورصدت المنظمة اعتقال السلطات السعودية، منذ منتصف مايو، 11 مدافعة ومدافعًا بارزين عن حقوق المرأة على الأقل، فيما أطلقت السلطات لاحقًا سراح عائشة المانع، وحصة الشيخ، ومديحة العجروش، وولاء آل شبر، ممن لم تُذكر أسماؤهن في البيان الحكومي الذي اتهم المحتجزين بـ”الخيانة”، ولم يُكشف عن شروط إطلاق سراحهن، لكن من بين المحتجزين حاليًا: لجين الهذلول، وإيمان النفجان، وعزيزة اليوسف، ومحمد الربيع، وإبراهيم المديميغ، حيث قال نشطاء سعوديون لـ “هيومن رايتس ووتش”، إن “الهذلول” محتجزة بمعزل عن العالم الخارجي.
عزيزة اليوسف (60 عامًا) أستاذة متقاعدة في علوم الكمبيوتر بجامعة الملك سعود، وناشطة بارزة في الحملة الطويلة ضد نظام ولاية الرجل، ففي ظل هذا النظام، تحتاج كل امرأة إلى إذن وصيّها الذكر – أب، أخ، زوج، أو حتى ابن – لاستصدار جواز سفر، السفر إلى الخارج، الدراسة في الخارج بمنحة حكومية، الزواج، أو حتى الخروج من السجن، أما “النفجان” (39 سنة) أستاذة مساعدة في علم اللغة في جامعة الرياض، ومؤلفة لمدونة شعبية عن المجتمع والثقافة وحقوق المرأة في السعودية، كتبت عن حقوق المرأة لعدة وسائل إعلام دولية، كـ “نيويورك تايمز” و”الجارديان” في 2013، واحتجت “اليوسف” و”النفجان” على حظر القيادة عبر تصوير نفسيهما تقودان سيارتيهما قرب أقسام الشرطة في الرياض، واحتجزتا لفترة وجيزة.
كما احتجزت السلطات السعودية “الهذلول” (28 عامًا) في نوفمبر 2014، أثناء قيادتها سيارة ومحاولتها دخول السعودية من الإمارات، مع بث ذلك مباشرةً لحشد الاهتمام الدولي بالقضية، احتُجزت في مركز للأحداث 73 يومًا. وبات لديها منذ ذلك الحين شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي مع أكثر من 300 ألف متابع على “تويتر”، ذي الشعبية الواسعة في المملكة.
وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أن الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية تدعو إلى إصلاح سياسي واسع، وقدمت تفسيرات للشريعة الإسلامية تدعم الملكية الدستورية، وطالبت الحكومة بالكف عن الانتهاكات مثل الاعتقالات التعسفية، واعتقال من يمارسون حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات سلميًّا، لكن واجه أعضاؤها اتهامات غامضة مماثلة، بما فيها ذمّ السلطات، وإهانة القضاء، وتحريض الرأي العام، وإهانة كبار رجال الدين، والمشاركة في تأسيس جمعية غير مرخص لها، وانتهاك قانون جرائم المعلوماتية.
من جانبها، قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “يبدو أن الحكومة السعودية غارقة في محاولاتها إسكات المعارضة لدرجة أنها تعيد استهداف النشطاء الذين التزموا الصمت خوفًا من الانتقام، وعلى السعودية الحذر من أن موجة القمع الجديدة قد تجعل حلفاءها يشككون في مدى جديتها بشأن تغيير نهجها تجاه حقوق المرأة، وعلى ولي العهد، الذي نصّب نفسه إصلاحيًّا أمام حلفاء ومستثمرين غربيين، شكر الناشطات والنشطاء على مساهماتهم في حركة حقوق المرأة السعودية، لكن يبدو أن السلطات السعودية تعاقب حاملي لواء حقوق المرأة لترويجهم هدفًا يدّعي “بن سلمان” نفسه دعمه، وهو إنهاء التمييز ضد المرأة”.
ارسال التعليق