السعودية تقود حرباً إعلامية تضليلية لصالح حفتر
أشار بحث جديد أجراه مركز دراسات إيطالي إلى أن السعودية ومصر تقودان حرباً إعلامية تضليلية، مفادها أنّ الجنرال خليفة حفتر الذي يُهاجم طرابلس هو رجل يُحارب الإرهاب.
ونشرت نتائج البحث الذي عنوانه “حرب المعلومات في ليبيا: تقدّم حفتر عبر الإنترنت” صحيفة “أل فاتو كوتيديانو” الإيطالية، وقد أجرى البحث مركز الدراسات الدوليّة الإيطاليّ (cesi - سيسي) بالتعاون مع وكالة (كلتشر- ئي) المُتخصصة في التّواصل والإعلام الرقمي وتحليل معطيات التخاطب على شبكة الإنترنت، وشمل البحث عملية تحليل ل735 ألف مُحتوى إخباري حول التطوّرات الأخيرة في ليبيا، ليخرج بنتيجة، وهي أن 73% من هذا المحتوى باللغة العربية. كما توصَّل البحث إلى نتيجة مفادها أن 6 مواقع أنشأها مطور مصري ويديرها مواطن سعودي أنتجت 15 ألف خبر من نوع صحافة النسخ واللصق في 15 يوماً، والرسالة الأساسية لهذه المواقع الإخبارية هي أن حفتر الذي يهاجم طرابلس هو حصن منيع ضد الإرهاب. وإضافة إلى أن غالبية المحتوى حول ليبيا باللغة العربية، فقد حلل البحث المحتوى بالإنجليزية والفرنسية وخاصة الإيطالية، ووجد أن بعضها أيضاً ينشر أخباراً بنفس طريقة النسخ واللصق حول الصراع في ليبيا. وبحسب الصحيفة، فإن الاسم التقني لهذه الحرب الدعائية هو “حرب المعلومات” وتعريفه يتمثّل في سلسلة أنشطة منسقة تهدف إلى الدفع نحو أجندة معينة.
ويرى كاتب المقال “لورينزو بانيولي”، أن خليفة حفتر هو الأنشط في هذا المجال في مسعى منه للحصول على الإجماع داخلياً ودولياً. وتنقل “أل فاتو كوتيديانو” عن “لورينزو مارينوني” أحد أعضاء فريق البحث قوله: “بهذا التقرير يجب التحذير حول ما يجب التحضير له”، ويتوقّع أن الحرب الإعلامية ستتقدّم بالتوازي مع تواصل النزاع على الأرض، وسيزداد حجم المحتوى المنشور بكل اللغات. وتوصل البحث إلى أن الكلمات الأكثر تداولاً واستهلاكاً في المحتوى الخاص بليبيا، ضمن عاصفة المنشورات الإلكترونية الحالية، هي كلمة “حفتر” بالعربية واللاتينية تليها كلمة “إرهاب”، ثم يتداول بغزارة لفظ “وطني” وهو الوصف المسند إلى جيش حفتر.
ويؤكّد الباحث “مارينوني” أن هذا الجيش ليس جيش ليبيا لكن استخدام هذا الوصف باطراد كلما وقع التطرق إلى قوات حفتر “هو جزء من الحملة الإعلامية التي تجري لمصلحته”، وأحد أهم مرتكزات أسطورة “رجل برقة القوي”، الذي يقدّم نفسه على أنه “الوحيد القادر على توحيد ليبيا”. ويرى البحث أن السعودية هي الدولة الأكثر في هذا الجانب، حيث يتمّ إنتاج النسبة الكُبرى من المحتوى حول ليبيا ب34،1%، هذه المعطيات لا تعتبر مُفاجأة، بحسب الصحيفة الإيطالية، فالمملكة من أول وأهم الداعمين المُمولين لحفتر. وجاءت ثانياً من حيث نسبة المُحتوى الخاص بمجريات الوضع الليبي، والولايات المتحدة الأمريكية ب7،3% وليبيا نفسها ب 6،9%، ثم إيطاليا ب 4،9%. وفي هذا الصدد قال “مارينوني”: “نحن أمام عالمَين منفصلين؛ أحدهما باللغة العربية والثاني باللغات الأخرى، نلاحظ انسجاماً واضحاً في بعض الرسائل الموجهة من خلال المحتوى. وحول المواقع ال6 التي أنتجت 15 ألف محتوى في 15 يوماً يقول البحث: “إن المؤسستين اللتين أجرتا هذا البحث قامتا بالتركيز على مجموعة مواقع إنترنت، على غرار: البلد نيوز، والعرب اليوم، وصحيفة سبق، والشرق تايمز، وميدان الأخبار ، والأخبار العربية”. ويشير البحث إلى أن جميع هذه المواقع المفهرسة تملأ موقع جوجل بالأخبار، وقامت بإنتاج 15 ألف خبر من صنف صحافة النسخ واللصق، وهو حجم نشاط “مثير للريبة. وبحسب البحث، فإن المُشترَك الآخر بين هذه المواقع، والذي قام بتطويرها هو موقع (mubashier.com) المسجل في مصر، وهو موقع يقدّم العديد من الخدمات من الإنشاء إلى التصرف في مواقع الإنترنت. ويشير البحث إلى أن شخصاً سعودياً يُدير جميع هذه المواقع، وسابقاً تشترك أيضاً في الرقم التعريفي لخدمة (Google Analytics) وحساب (AdSense)، الأول هو أداة لمراقبة حركة زوار الموقع والثاني يمكن من الحصول على الإشهار. وبذلك تمكن المحلّلون من الوصول إلى مدير هذه المواقع أو على الأقلّ بعضها، وهو مُواطن سعوديّ.
وحذّرت صحيفة “أل فاتو كوتيديانو” الإيطاليّة من الخطر الذي برز من خلال البحث والمُتمثّل في أن مُحتوى بهذا الحجم الكبير، يحجب كَمّاً واقعياً من الإعلام التقليديّ. ويرى البحث - وَفق الصحيفة - أنّ الصراع على مواقع التّواصل أكثر شراسة، حيث ركّز على أهم “الهاشتاجات” المُتداولة حول الصراع في ليبيا، ولاحظ مُؤشرات حقيقية على تداول كبير لتغريدات تثمن الدور المؤثّر لحفتر. كما تحمل الرسائل مضموناً أنّ حفتر هو الوحيد القادر على إعادة الهدوء والنّظام في ليبيا، وهو الذي يتصدّى لتنظيم داعش والقاعدة وباقي التنظيمات الإرهابيّة، إلا أنّ نسبة هامة من الحسابات التي تنشر هذه التغريدات تستعمل تطبيقات التغريد التلقائي. وتختم “أل فاتو كوتيديانو” بأنّ التدخل في المشهد الإعلاميّ والاستقطاب ليسا جديدين في ليبيا، ولم يبدآ مع هجوم حفتر الأخير على طرابلس، لكنّ المُتورّطين سابقاً كانوا دائماً فاعلين في الصراع الليبي بما فيها الصحف والمواقع الليبية التي تعتبر ملكاً لأطراف الصراع. لكن الجديد في الموضوع هو أنّ المصدر الذي أصبح يغذي الإشاعات ويلوث المشهد الإعلاميّ يبدو أنه جاء من خارج ليبيا هذه المرة، فالمصالح والصراع حولها حالياً دوليّة أولاً، ثم عربيّة وغربيّة.
ارسال التعليق