السعودية أكثر الدول إنفاقاً للتأثير على سياسات أمريكا
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن السعودية ما زالت تضخ أموالاً كثيرة، بإطار سعيها للتأثير على السياسة الخارجية للدول بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص. وتابعت الصحيفة الأمريكية أنه وفي خطوة نادرة في واشنطن، قطعت عديد من مؤسسات الفكر والأبحاث والدراسات علاقتها المالية مع الرياض، رافضةً المال السعودي عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي، بمبنى قنصلية بلاده في إسطنبول بالثاني من أكتوبر الماضي. ولكن بعد تسعة أشهر من الجريمة، فإن الجهود السعودية للتأثير على السياسة الأمريكية تستمر بلا هوادة، ويأتي ذلك على الرغم من تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي يتهم ابن سلمان بالتورط في جريمة قتل كاتب العمود في صحيفة “واشنطن بوست” والمعارض السياسي السعودي.
وتضيف “واشنطن بوست”: منذ خريف عام 2018، حصدت جماعات الضغط والمحامون ذوو النفوذ ملايين الدولارات، لمساعدة السعودية في عملها على تطوير الطاقة النووية وشراء الأسلحة أمريكية الصنع وإطالة المساعدات الأمريكية لحرب التحالف الذي تقوده المملكة في اليمن، وهو ما تُبيّنه سجلات جماعات الضغط الأجنبية. وتعمل شركات الضغط والنفوذ الأمريكية التي تمثل الغطاء السياسي للسعودية بواشنطن.
وتتتبع “واشنطن بوست” تاريخ تشكيل جماعة الضغط السعودية داخل الـ”كابيتول هيل”، مشيرة إلى أن الأمر كان عبارة عن شبكة علاقات معقدة بُنيت خلال عقود، ورغم ذلك فإن حرب اليمن ومقتل خاشقجي أديا إلى مزيد من الضغط الذي يمارسه الكونجرس على الإدارة الأمريكية من أجل اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الرياض.
ففي الأشهر الأخيرة، انضم بعض الجمهوريين إلى الديمقراطيين، محاولين الحد من المساعدات العسكرية الأمريكية ومبيعات الأسلحة إلى السعودية، ولكن مع وجود مليارات الدولارات، ساعدت جماعاتُ الضغط السعوديةَ على احتواء الانشقاق الجمهوري. وقال بن فريمان، الذي يتتبَّع التأثير الأجنبي في مركز السياسة الدولية، وهو مركز أبحاث ذو ميل يساري: لقد خسر السعوديون بعض جماعات الضغط، العام الماضي، لكن الشركات التي لا تزال تعمل من أجلهم ذهبت إلى درجة كبيرة، طالما بقيت الإدارة في واشنطن إلى جانبهم فإنهم سيحصلون على أسلحتهم ويكون لهم دور أمريكي في اليمن، لذلك لا يوجد حتى الآن عقاب حقيقي لهم، واللوبي جزء رئيس من تحقيق ذلك. وقد عثرت السعودية على معززات جديدة بالولايات المتحدة منذ مقتل خاشقجي، ففي فبراير الماضي، استأجر صندوق الثروة السيادية -الذي يرأسه ولي العهد- شركة “كارف” للاتصالات، وهي شركة علاقات عامة في نيويورك يديرها أندرو فرانك، الذي كان يعمل بالإعلام الأمريكي في إدارة كلينتون.
وتتمثل مهمة شركة العلاقات العامة في إنشاء تمييز بين “مهمة الصندوق المستثمرة في الاستثمار والقيادة السياسية بالسعودية” والتحضير لـ “التطورات السلبية المحتملة”، وفقاً للعقد الذي تم تقديمه علناً. وقال فرانك إن شركته لا تضغط على أعضاء الكونجرس، “دورنا هو بناء الجسور، نحن على الجانب الاقتصادي ولا نقوم بالاتصال السياسي، هذه الفترة”. هذا وتعد السعودية واحدة من أعلى الدول إنفاقاً وأكثرها سعياً للتأثير على السياسة الأمريكية، حيث تحتل المرتبة الخامسة في تحليل أجراه مركز السياسة المستجيبة، والذي استعرض تدفق الأموال الأجنبية من عام 2017 إلى الوقت الحاضر.
وهناك ما يقرب من 20 شركة مسجلة، للضغط من أجل المصالح السعودية، مقارنة بأكثر من 25 شركة قبل وفاة خاشقجي، بحسب ما تظهره ملفات الضغط الأجنبية.
وتوصف جماعات الضغط السعودية بأنها شريك رئيسي في مكافحة الإرهاب، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع إيران، فقد كانت المملكة أول بلد يوقع على خطة وزير الخارجية مايك بومبيو للحلفاء، لمساعدة تجهيز ناقلات النفط بالكاميرات لمراقبة تهديدات إيران، في أعقاب إسقاط طائرة أمريكية من دون طيار في 20 يونيو.
علاقة ابن سلمان مع جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض وصهر ترامب، من مجالات الضغط السعودي في واشنطن والتي تعزز من مكانة الرياض، وهي العلاقة التي جعلت من السعودية أول بلد يزوره ترامب بعد دخوله البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة، في زيارة حصل خلالها على صفقات بـ460 مليار دولار.
وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون، قد قال أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، في مايو الماضي، إن جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض، عزله هو وغيره من كبار الدبلوماسيين عن المحادثات مع الحكام السعوديين، ومن ضمنهم ولي العهد. وقال تيلرسون في إشارة إلى كوشنر وابن سلمان: كنت على يقين بأن هناك كثيراً من التواصل بين الاثنين. وبينما صوَّت مجلس الشيوخ في ديسمبر الماضي، على إدانة ابن سلمان ومسؤوليته المباشرة عن مقتل خاشقجي، فإنه لم يتابع العقوبات المهددة.
السيناتور ميت رومني (يوتا)، المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري في عام 2012 ينتقد سياسات بلاده في بعض الأحيان، أحيا الفكرة مؤخراً حيث قال كيف نتعامل مع من أمر أو سمح بالقتل البشع لأحد كتّاب العمود والمعارض السعودي، هذا يرسل رسالة خاطئة إلى العالم، لقد حان الوقت للكونجرس والإدارة لفرض عقوبات رداً على جريمة مقتل خاشقجي.
وقال رومني في بيان: إنهاء دعم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن سيقوّض المصالح الأمنية الأمريكية بالمنطقة ويشجع إيران، لكن في الوقت نفسه، يجب علينا اتخاذ إجراء لمحاسبة المملكة على جريمة مقتل خاشقجي، والضغط على السعوديين للنهوض بحقوق الإنسان، والإصرار على أن تعمل المملكة على وقف انتشار التطرف في المنطقة.
ارسال التعليق