هيئة الاحصاء تزوّر نسب البطالة وتخفي أكثر من 45 ألف فتاة
تناول الكاتب يوسف الأوسي في سلسلة تغريدات ما نشرته هيئة الإحصاء من بيانات سوق العمل والبطالة في “السعودية”، لافتا إلى ما اكتنفته من تزوير وتشويه للحقائق.
هذا وادعت هيئة الاحصاء انخفاض نسبة البطالة من 9.9% إلى 8%، الأمر الذي يراد منه إظهار مجهود مزيف بذل لتحقيق هذا الرقم القياسي.
واعتبر الأوسي بأنه حتى يحدث هذا الانخفاض، حصل تلاعب في أرقام العدد الكلي في قوة العمل، ما يسمح بانخفاض معدل البطالة كالتالي: وبيّن أن أرقام الاحصاء تظهر أنه في الربع الثالث من العام الماضي، 2022، بلغت نسبة البطالة لدى الإناث 20.5%، وعدد المشتغلات على رأس العمل بلغ (1417858).
في المقابل، بلغت نسبة البطالة بين الإناث في الربع الرابع من العام 2022، 15.4% وعدد المشتغلات على رأس العمل (1470561). ووفق الأوسي إن هذه الأرقام تدل على ارتفاع عدد المشتغلات من الإناث بين الفترتين الزمنيتين إلى 52703 مشتغلة جديدة.
ويظهر أن البطالة بين الإناث انخفضت، بحسب الاحصاء، من 365804 إلى 267936 ما يعني هناك 97 ألف و 868 لم تعدن عاطلات عن العمل.
ما ورد، يبرز التلاعب بالأرقام لناحية عدم واقعيتها. ما دفع الأوسي إلى التساؤل عن اختفاء 45 ألف 165 فتاة، باعتبارهن لم يعدن عاطلين عن العمل ولم يشتغلن. لافتا إلى أن نسبة 1.1% جرى تخفيض نسبة البطالة بها.
وأضاف ” أين يمكن اخفاء ٤٥,١٦٥ فتاة في المملكة للتلاعب في البطالة؟ هل توفوا؟ كورونا؟ ام لقاح؟ هل تم القبض عليهن؟ أم تم الغاء اسمائهن من كشوفات الباحثات عن العمل؟ ولا ممكن تزوجن وجلسن في البيت هل هذا مؤشر لانهيار النسوية في المملكة؟ أو سافرن سياحة؟ وهذا مؤشر لازدهار النسوية؟! هل عاد بسطاويسي إلى هيئة الاحصاء؟”.
وأشار الأوسي إلى أنه ” حسب الاحصاء فان اختفاء الفتيات كان في المناطق التالية: مكة وجدة : اختفاء 16 ألف فتاة المدينة: اختفاء 5400 فتاة نجران: 4000 فتاة مختفية القصيم وعسير: 3000 لكل منهم وباقي المناطق اختفاءات متعددة” .
وتابع ” المشكلة ان التلاعب في الأرقام مفضوح بشكل فجّ فالارقام لو كذبت فيها من ناحية، ستكشفك من ناحية أخرى لم يكن هذا أول تلاعب في الاحصاء فقد حصل في الربع الرابع 2020 وصلت البطالة الى رقم قياسي 14.9% قرر باسطاويسي اخفاء 50 ألف ذكر، و101 ألف فتاة! لتقليل البطالة وانخفضت الى 12.6%!!”.
وردا على أحد التعليقات أكد الأوسي أن الاحصاء لا يتضمن المقيمين، مؤكدا أن تزوير دخول هذا العدد ليس أمرا صعبا لاحتكار الارقام وقال ” لاحظ هذا التلاعب الربع الثالث 2020: 3 مليون و253 ألف على رأس العمل الربع الرابع 2020: 3 مليون 252 ألف على رأس العمل يعني فقدنا 1000 عامل بين الربعين تم الاحتفال بانخفاض البطالة بين هذين الربعين بمقدار 2.3.
وهم التوظيف وواقع البطالة:
وفي سياق متصل، أقدمت “الهيئة العامة للتجارة الخارجية” السعودية نهاية العام الماضي، في الوقت الذي كان يرزح حوالي مليون شاب في “السعودية” من حملة الشهادات الجامعية تحت وطأة البطالة، أقدمت على فتح الباب أمام منشآت القطاع الخاص لاستقدام موظفين عراقيين في 332 مهنة. حيث تولت منصة “قوى” استقدام الموظفين العراقيين، ممن سيشغلون وظائف مثل “مستشار سلامة طيران، ومستشار إداري، كيميائي، فلكي، بحار، طبيب في العديد من التخصصات، قاض، واستاذ جامعي في الاقتصاد والسياسة والعلوم الإنسانية”، بحسب بيان صادر عن الهيئة.
وأتى الإعلان بالرغم من مزاعم الحكومة الدائمة بعملها على توطين الوظائف، وإفساح المجالات أمام أبناء البلد للعب دور مركزي في رسم وبناء المستقبل، وذلك وفقا للشعارات المعلنة. حيث كانت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية قد زعمت، يوم 22 حزيران / يونيو 2022، “توفير 33 ألف فرصة عمل للمواطنين” عبر “توطين عدد من المهن والأنشطة”. أما في حقيقة الأمر يبدو أن النظام السعودي يتخذ إجراءات دون أن يتم دراسة أثرها على السوق، بل يجري قياسها من بوابة المصلحة السياسية وكعامل مساعد على زيادة الارتباط العراقي بـ”السعودية” على الصعيد الشعبي مما يساهم في التأثير على مواقف الحكومة العراقية والخوف من أي إجراء قد يؤثر على الجالية هناك، الأمر الذي لا يمكن استبعاده، بشكل خاص بعد كل ما يعانيه أبناء الجالية اللبنانية من تهديد لأسباب سياسية محضة دون أن يكون لهم فيها “ناقة أو جمل”.
وينتقد مواطنون الاهتمام الرسمي بالعمالة واستقطابها على حساب المواطنين، خاصة وانه عادة ما تكون العمالة مرتباتها أعلي من مرتبات الموظفين الذين يصار إلى حسم التأمينات وغيرها من رواتبهم، في حين يعاني الكثيرون من البطالة، و قد أظهرت دراسة بحثية أن نحو “مليون سعودي يبحث عن عمل من مجموع ثمانية ملايين سعودي خارج سوق العمل، أي نصف عدد القادرين على العمل. كما يعاني أصحاب الشّهادات الجامعية وبخاصّة الشباب من البطالة وتزداد المعاناة أكثر لدى النّساء”.
الدراسة أشارت إلى مدى ضعف وهشاشة رؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030 في القضاء على البطالة داخل المملكة النفطية، إذ كشفت الدراسة بالأرقام والاحصائيات ارتفاع معدل البطالة بشكل كبير (خلال السنوات الماضية)، وذلك بدلا من القضاء عليها أو الحد منها، وعلى وجه التحديد أن “رؤية 2030” هدفها التّصدي بحزم شديد لأزمة البطالة وتعتبرها من أولويّاتها نظراً لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والسّياسية والأمنية الخطيرة، إلا أن هذه الأهداف شكلية لا ترقى إلى مستوى التطبيق.
وفق أهداف الرؤية المتعلقة ببنود 2030 بالبطالة، فهي “تنقسم إلى قسمين:
أولهما عام وهو تخفيض معدل البطالة من 11.6% إلى 7%.
وثانيهما يخصّ المرأة وهو رفع مشاركتها في سوق العمل من 22% إلى 30%”، كما تلاحظ الدراسة أنّ وثيقة الرّؤية التّي تحتوي على 33 صفحة لا تتطرّق إلى البطالة إلا بسطرين.
إلى ذلك، ادعت وزارة الموارد البشرية في يونيو/حزيران 2022 “انخفاض معدل بطالة السعوديين والسعوديات للربع الأول من عام 2022م، إلى 10.1%”.
وأوضحت أن ذلك نتيجة “صدور 32 قرار توطين بشأن 35 مهنة في مختلف القطاعات ساهمت في خفض معدل البطالة”.
وزعمت الوزارة أن “أحد أهم الأرقام الإحصائية تأتي من الانخفاض الملحوظ في معدل بطالة السعوديات إلى 20.2%؛ وهو معدل غير مسبوق؛ حيث وصلت لمعدلات ما قبل 2002م، مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع نسبة مشاركتهن منذ ذلك الوقت”.
الأمر الذي أثار العديد من الناشطين على منصة تويتر ودفعهم لاستعراض بعض التجارب الشخصية، كالحديث عن انخفاض مستوى الرواتب في القطاع الخاص وخسارة العديد من الشابات والشبان لوظائفهم فيها بعد تفشي جائحة كورونا، وقلّة المعروض من الوظائف العامة والمحسوبيات والفساد في القطاع العام.
كما لفت كثيرون إلى طبيعة الأعمال المتاحة والتي يتم إشغالها من قبل أبناء الشعب سيّما الفئة الشابة منهم، على اعتبار أن الأغلب الأعم من الفرص بمقابل لا يتجاوز 3 آلاف ريال كما أنها تنحصر في الإطار الخدماتي، كالعمل بصفة نادل في المطاعم والمقاهي، أو كرجل الأمن في مجمع تجاري أو غيرها من المؤسسات.
وبالتالي يشكك كثيرون بشفافية الأرقام المنشورة على اعتبار أن العديد من الوظائف المشغولة اليوم في “السعودية” يجب تصنيف العاملين فيها فعليا ضمن خانة “العاطلين عن العمل” بالنظر إلى ضآلة مردوديتها المادية وعدم قدرتها على إعالة الأسرة أو فتح منزل، كما لغياب ضمان استمراريتها.
يذكر أن محمد بن سلمان أطلق بالكثير من الآمال عام 2016 سياسته الإقتصادية التي عرفت برؤية 2030. ضمن الأهداف الإستراتيجية لهذه الخطة، السيطرة على نسب البطالة المتنامية في “المجتمع السعودي”، وذلك بخفض معدل البطالة من 11.6 في المئة إلى 7 في المئة. تحدث ابن سلمان عند إطلاق الرؤية عن توفير 90 ألف فرصة عمل للشباب “السعودي”، كما أكد أن الرؤية تستهدف توفير مليون فرصة عمل ستعمل على استيعاب الشباب المتدرب والمؤهل وفق الخطط التي تضعها رؤية 2030. وما حصل، أنه في السنوات التي تلت إطلاق الرؤية الإقتصادية سجّلت نسبة البطالة ارتفاعاً كبيراً بلغ 15.4 في المئة، بحسب تقرير صادر عن هيئة الإحصاء السعودية حول سوق العمل في البلاد، أي ارتفعت نسبة البطالة حوالي 4 بالمئة بدلاً من أن تحقق انخفاضاً كما وعد بن سلمان خلال إعلان الرؤية.
ارسال التعليق