صندوق الاستثمارات السعودي يواجه تحديات جمة تجعل مهامه مستحيلة
كتبت مجلة الايكونونيست تقريرا تحليليا فنّدت فيه التحديات التي يواجهها صندوق الاستثمارات العامة السعودي والتي جعلت "مهمته مستحيلة" وفق توصيف الخبراء الاقتصاديين.
تقول المجلة أنه المهمات المنوطة بالصندوق السعودي تكاد لا تشبه أي من تلك المنوطة بالصناعية أشباهه، فهو يهدف بالدرجة الأولى إلى "تلبية طموحات سادته السياسيين" وفقا للمجلة. فهو من جهة يستثمر الكثير من اموله في مشاريع خارجية، لكنه جهة ثانية بات مسؤولا بشكل كبير عن تحقيق مشاريع "رؤية ٢٠٣٠" الداخلية، وقد صدرت لها تعليمات باستثمار ما لا يقل عن ١٥٠ مليار ريال (٤٠ مليار دولار) في الداخل كل عام.
وما يجعل مهمة الصندوق "أكثر إلحاحاً"، تقول المجلة البريطانية هو أنه بعد عام 2022 القوي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنسبة 0.9% العام الماضي ـ وهو أسوأ أداء له منذ عام 2002، بصرف النظر عن سنوات الوباء أو الأزمة المالية.
وعليه يواجه الصندوق ٣ تحديات وفقا للمجلة:
التحدّي الأول متمثّل بمعضلة التمويل.
العديد من مصادر تمويل صندوق الاستثمارات العامة سوف تتعرض للضغوط. فإن صندوق الاستثمارات العامة يتلقى حاليا معظم رأسماله من خلال تحويلات الأصول وضخ رأس المال من الحكومة. وفي 7 آذار/مارس، كشفت الحكومة السعودية عن تحويل 8% من أسهم شركة أرامكو السعودية، البالغة قيمتها نحو 164 مليار دولار، إلى الصندوق، مما ضاعف حصتها في شركة النفط الحكومية العملاقة.
كما يتلقى الصندوق أيضًا أرباحًا من الاستثمارات والممتلكات، ويمكنه الاستفادة من أسواق الديون. وجمعت 11 مليار دولار من خلال إصدار سندات في أسواق رأس المال الدولية العام الماضي، وجمعت خمسة مليارات دولار أخرى هذا العام. علاوة على ذلك، اقترض الصندوق ما لا يقل عن 12 مليار دولار من القروض طويلة الأجل في العام الماضي. وفي الماضي، تم تحويل احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية إليه أيضاً.
تقول المجلة بأن هذه المصادر غير مضمونة ومُعرّضة للضغوط، كما أنه من غير المتوقع أن يتمكن الصندوق من الاستمرار في إنفاق المزيد خاصة مع تباطؤ الطلب على النفط.
معتبرة أن الضغط على ميزانية "الحكومة" سوف تتضاعف مع الوقت. وبحلول عام 2030، سيكون ملايين السعوديين قد دخلوا سوق العمل. وانطلاقاً من أن "الدولة" توظف العديد من السكان المحليين بأجور أعلى من القطاع الخاص، حيث تشكل الرواتب 40% من إجمالي إنفاقها، فهذا سوف يضغط على ميزانيتها. ويتحدث الآن رؤساء الشركات المحلية، التي يملك صندوق الاستثمارات العامة الكثير منها جزئيا، عن خفض التكاليف. وبما أن الصندوق استغل بشغف أسواق الديون، فإن مدفوعات الفائدة آخذة في النمو. وانخفضت أموالها النقدية إلى 15 مليار دولار في نهاية سبتمبر، من حوالي 50 مليار دولار في نهاية عام 2022.
التحدي الثاني يتمثل بتعزيز عائدات المشاريع التي يدعمها الصندوق.
فإن رغبة صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز النمو في الاقتصاد السعودي تعني أيضًا أنه يستثمر في الشركات في مراحل مختلفة من التطور، مما يعقد الجهود المبذولة للحفاظ على عوائد ثابتة.
ومنذ عام 2017، عندما تم تكليف الصندوق بتنفيذ رؤية 2030، حققت استثماراته عائدًا بنحو 8% سنويًا وهو أقل بكثير من عوائد الأسهم الخاصة التي تهدف حقًا إلى تحقيقها، كما يعترف أحد المسؤولين التنفيذيين. ومثل هذه الطموحات أسمى من تلك التي تسعى إلى تحقيقها أغلب صناديق الثروة السيادية، والتي تكون أكثر تحفظا بسبب الصعوبات المتمثلة في تحقيق عوائد كبيرة بالاستعانة بممتلكات متنوعة ومثل هذه المجمعات الضخمة من الأموال. وحتى الآن، تمكن صندوق الاستثمارات العامة من اختيار الأصول التي تعد بالتنمية الاقتصادية والعوائد القوية، مع الاستفادة من الأرباح من هذه الممتلكات. ومع توسع دورها، سوف يصبح ذلك صعباً على نحو متزايد.
وتتابع الايكونوميست حول تحدّي تحقيق العوائد من مصادر مختلفة:
إن أساليب تقييم المنفعة الاقتصادية للمشاريع تتم على غرار الأسهم الخاصة، والتي تعتمد على الأداء السابق وتوقعات التدفقات النقدية المستقبلية، وهو ما يصعب تطبيقه على العديد من الشركات والمشاريع التي يستثمر فيها صندوق الاستثمارات العامة الآن.
على سبيل المثال من المتوقع أن تبلغ تكلفة مشروع نيوم حوالي 500 مليار دولار. ولكن كيف ومتى ستبدأ في تقديم تدفق نقدي ثابت؟ الإجابة تبدو غامضة.
التحدي الأخير هو جذب الاستثمار الأجنبي إلى السعودية.
تقول المجلة أنه في ظل ضعف الاستثمار الأجنبي في السعودية، يبدو أن المستثمرين الأجانب أكثر سعادة بأخذ أموال "المملكة" بدلا من وضع أموالهم الخاصة في البلاد.
ففي العام الماضي، بعد مراجعة البيانات التي وافق عليها صندوق النقد الدولي، اجتذبت السعودية 53 مليار ريال فقط من الاستثمار الأجنبي المباشر في الأرباع الثلاثة الأولى من العام، وهو مبلغ يعادل 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي. والهدف هو مضاعفة ذلك المبلغ بحلول عام 2030، مؤكدة على أنه من المرجح أن يكون انتظار الاستثمار الخارجي سيكون طويلا جداً!
ارسال التعليق